منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


avatar

djoudi hachemi

عضو متميز
رقم العضوية :
2696
البلد/ المدينة :
setif
المُسَــاهَمَـاتْ :
1665
نقاط التميز :
2554
التَـــسْجِيلْ :
07/10/2010
السلام عليكم

أولادنا في رمضان

الأطفال بهجة العمر وزينة الحياة الدنيا ، والرصيد الباقي للمرء
بعد موته إن أحسن تربيتهم وتنشئتهم ( أو ولد صالح يدعو له ) ،
ورمضان فرصة عظيمة لها آثارها على نفوس أطفالنا إن أحسنا
استغلالها والإفادة منها بما ينعكس على سلوكهم في شؤون الحياة كلها .

فالصوم مسؤولية جسيمة تتطلب قدراً من الجهد والمشقة والصبر وقوة
الإرادة ، إضافة إلى أنه فريضة رتب الشارع الثوب على فعلها والعقاب على تركها ،
مما يحتم على الأبوين ضرروة تعويد الأبناء على أداء هذه الفريضة ، وتحبيبهم فيها
، واستثمار هذه الفرصة الاستثمار الأمثل لغرس القيم والسلوكيات الجميلة في
نفوسهم ، وإضافة عدد من المهارات والتجارب لديهم .

فكيف نجعل من لحظات الصيام سعادة في قلوب أولادنا ، وكيف يصبح
رمضان فرحة ينتظرونها بفارغ الصبر ، وكيف نستثمر هذا الشهر في غرس المعاني
التربوية والإيمانية في نفوسهم ؟! .

من المهم جداً أن يرى الطفل ويسمع من حوله مظاهر الحفاوة والابتهاج
بهذا الشهر الكريم ، فينشأ ويكبر وهو يشاهد هذه السعادة الغامرة والفرحة الكبيرة
من والديه وإخوانه كلما هبت نسائم شهر رمضان ، وتظل هذه الذكريات السارة محفورة
في ذاكرته لا تبليها مرور الأيام ولا تمحوها كر الشهور والأعوام ، ولو رجع أحدنا
بذاكرته إلى الوراء عدة سنوات ليتذكر البدايات الأولى التي عاش فيها تجربة الصوم
لوجدها من أكثر السنين متعة وإثارة .

ولعل من المناسب أن يحضر الوالدان للأطفال بعض الهدايا واللعب في
بداية الشهر ، لتحمل معها معنى عظيماً ، وهو أن هذا الشهر يأتي ويأتي معه الخير
فيحبونه ويترقبونه بكل شوق وشغف .

من الأمور المهمة أيضاً تعويد الطفل على الصوم والتدرج معه في ذلك
، فلا ينبغي أن ندع أطفالنا يكبرون ثم نباغتهم بالأمر بالصوم من دون أن يستعدوا
له فيشق ذلك عليهم ، بل لا بد من إعدادهم وتهيئتهم .

وطاقة الطفل وتحمله تزداد يوما بعد يوم ، فقد يكون في هذا العام
غير قادر على الصيام ولا حرج في ذلك ولا إثم فهو لم يبلغ سن التكليف بعد ، كما
أنه ليس بالضرورة أن يصوم الطفل الشهر كله في البداية ، أو يصوم اليوم كاملاً
إلى نهايته ، بل يمكن أن نبدأ معه بشكل متدرج كأن يصوم للظهر ثم للعصر ، ولا حرج
إن كان بمقدوره تحمل الجوع مع تناول بعض الماء وهكذا حتى يعتاد الصيام .

ولا بد مع ذلك من التلطف مع الطفل ، وتنمية جانب الاحتساب عنده ،
عن طريق بيان ما أعده الله للصائمين ، وألا يفهم أن القضية جوع وعطش ، بل هو
عبادة وطاعة ، وفوق ذلك ثواب عظيم ، وجزاء كبير .

ومن المهم أيضاً أن تقترن هذه التجربة بالمكافآت والجوائز
التشجيعية في نهاية يوم الصوم ، أو في نهاية الشهر الكريم ، ويمكن أن يفتح باب
المنافسة بين الأطفال كأن يقال لهم : " من يصوم أكثر له جائزة أكبر
" ، من يصلي التراويح إلى نهايتها له كذا وكذا ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن
الطفل عادة يحب المكافأة السريعة ، وهو ما يدفعه ويجعله يستمر فيما يقوم به من
تكاليف ، إلى أن تصبح تلك التكاليف سلوكاً وجزءاً من حياته ، ولنا في صحابة رسول
الله - صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة ، فقد كانوا يُعوِّدون أبناءهم منذ نعومة
أظفارهم على الصيام ، وكانوا في المقابل يقدمون لهم الألعاب والدمى يتلهَّون بها
عن الجوع والعطش .

إن إقبال الأطفال على مشاركة والديهم في الصيام يحمل معنى تربوياً
هاماً ، فهو يغرس الثقة في نفس الطفل ، وينمي لديه الشعور بإثبات الذات ،
والإحساس بالمسؤولية ، عندما يحس بأنه يقوم بأعمال لا يمارسها إلا الكبار ، ولعل
هذا الشعور هو ما يفسر لنا الإصرار والحماس الذي يدفع بعض الأطفال لأن يصوم هذا
الشهر كاملاً مع صغر سنه ، وهو أمر له أثره الإيجابي على سلوكيات أبناءنا
وعباداتهم ومعاملاتهم ، لأنه يجعل من شهر الصوم نقطة بداية لتحملهم المسؤولية في
بقية الشهور والعبادات والمعاملات .

رمضان أيضاً فرصة عظيمة لغرس المعاني الإيمانية في نفوس أطفالنا
كالصبر وتحمل الجوع والعطش ، ومراقبة الله تعالى عندما يمسكون عن الأكل والشرب
مع إمكانهم أن يفعلوا ذلك بعيداً عن أعين الناس ، والتعلق بالمساجد والتراويح
وحب القرآن عن طريق إقامة المسابقات في ختمه وحفظ جزء منه والإقبال على تلاوته ،
والجود والكرم حين يعطي الوالدان صغيرهما مبلغاً من المال ليضعه في يد سائل أو
محتاج .

يجب أن يشعر الأطفال أنه لا مكان للكسل والخمول في هذا الشهر ، وأن
الأوقات فيه غالية ثمينة لا ينبغي أن تضيع فيما لا فائدة فيه فضلاً عما يعود
بالضرر عليه ، ولذا فإن من الجريمة في حق أطفالنا أن نتركهم ضحية للمحطات
والقنوات التي تغرس فيهم القيم والسلوكيات المنحرفة عن طريق ما تبثه من برامج
وأفلام وترفيه غير برئ ، تحت مبرر أنها قنوات موجهه للأطفال ، وقد لا تدرك
المرأة أن المخاطر التي تتهدد الطفل وأخلاقه من جراء عكوفه على هذه القنوات قد
لا تقل – إن لم تكن أعظم - عن المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها فيما لو أخلي
سبيله وذهب إلى خارج البيت .

رمضان أيضاً فرصة لتنمية الذوق الغذائي السليم لدى أبناءنا ،
والابتعاد عن العادات السيئة التي جلبتها لنا الحضارة المعاصرة وفيها من الضرر
ما يفوق النفع ، ولذا ينبغي أن نكون قدوة لأطفالنا في أكلنا وشربنا لأن عاداتنا
وممارساتنا الغذائية ستنعكس على الطفل بلا شك .

وأخيراً فإن رمضان فرصة عظيمة ينبغي أن نستفيد في تربية أبنائنا
وبناتنا ، ولن يتأتى ذلك إلا بوضع الخطط وإعداد البرامج لكي يخرج الطفل من هذا
الشهر الكريم وقد اكتسب شيئاً جديداً وخلقاً حميداً ، والله من رواء القصد .
 
عائشة-محمد

عائشة-محمد

طاقم المتميزين
رقم العضوية :
37614
المُسَــاهَمَـاتْ :
5951
نقاط التميز :
5376
التَـــسْجِيلْ :
06/03/2012
بارك الله فيك
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى