الفارس الملثم
طاقم الكتاب الحصريين
- البلد/ المدينة :
- barika
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3599
- نقاط التميز :
- 7496
- التَـــسْجِيلْ :
- 01/01/2013
....ويسألونك عن الأمل...؟
رمتني الأقدار ذات مساء بين خيام قوم جائعا خائفا ...مشتت الفكر عار من غير سلاح
وأشاروا لكبيرهم بقولهم : هذا الذي وفد بين ضلوعه قلب مباح...
لم أكن على قدر من التمييز ..فمن هذا الذي يعنون...؟ لا ريب أنه ذو حكمة بين القوم
وكان الجميع حتى كبيرهم في يحدقون, فجأة سرت في مفاصلي رعشة وكستني رهبة
بالكاد ابتلعت ريقي.. وبالكاد أيضا ما ثبت قدماي بدسر من صنع يداي , يمنت وإذا الأبصار شطري مثبتة, وشمالا أبصرت حيث الأعناق نحوي مشرئبة ...
عدت أو حاولت العودة إلى الوراء لم أستطع – وكأن العمر أوقفني- ورائي جدار صلب متين رص من البشر , نظرت إلى أعلى وإذا بالغربيب السود وأشباهها من البوم صفا متراصا حجب عن نظري ضياء الشمس ... تسمرت مكاني ..التزمت الصمت , وكأني أنتظر حكم هذا الكبير
وصدق حدسي..........
ها نحن قد أعطيناك رداء الحكمة أيها الأمل المنتظر , هل لك أن تتقدم مني لألبسك إياه , وعلى مقدمة رأسك أضع هذه اللؤلؤة ..إنها فريدة من نوعها بين القبائل ..حافظ عليها إن كنت أهلا
وما أراك إلا كذلك ...........
خلت أنني أحلم بل أنا أحلم حقا ..فمن أنا حتى أحضي بهذا التبجيل.....؟
سيدي الكبير:قد كرمتموني ورفعتم مقامي , ومن على ناصيتي لمعت لؤلؤتكم نورا وإشعاعا
وأنا لا زلت بينكم نكرة ..وما ضمكم إياي لحماكم إلا عربون على مدى ثقتكم وحسن سريرتكم بي .. ولا أدري هل أوفق لرد جميلكم هذا الذي غمرتموني به...؟
وأشار بيده كبير قومه – دلالة على الرضا – وقال
ما كرمناك ورفعنا مقامك إلا لكونك جديرا بهذا , ونأمل أن تنير درب التائهين الحائرين من بني جلدتي ومن نصبوني عليهم كبيرا بعد الله تعالى
أنعمت علي بعد الله وإني لشاكر لكم ذلك, بيد أنني يا سيدي الكبير – ولكي تكونوا على علم مسبق- أخشى ألا أكون عند حسن ظنكم بي , فأنا امرؤ كقطعة خشب خاوية ميتة في عمق البحر , تتقاذفها أمواج بين مد وجزر , على شاطئ لم تستقر..
لا عليك حينما أعود بعد راحتي واستجمامي وأتعافى من غمي وآلامي أعرف كيف أعيد لتلك القطعة بهاءها ورونقها
سيدي ألا تسمح بأن أذكرك بصدر بيت من شعر عنترة...؟
هات ما عندك..؟
يقول عنترة : هلا سألت الخيل يا ابنة مالك .... , ولك الشطر الثاني من البيت سيدي
ابتسم وحدق في مليا وقال: لا تفقد الأمل واعتصم بالله ..
به أعصتم وعليه أتوكل سيدي.. غير أن الحياة مسرح وأبطالها وضحاياها دمى تحركهم أيادي خفية....
أجل أما أنا لا أرضى مطلقا أن أكون إحدى هاته الدمى فلي قراري ولي اختياري..
أما أنا سيدي فإني أرى الطقس مواتيا وكأننا في إحدى عواصم مدن ما وراء البحر .
وما ذلك..؟
نعم الفرق بيننا .هو أن هناك الصفاء والنقاء والهناء .كل في طريقه , عكس ما هو عليه الحال هنا...
تفاءل لا تتشاءم وأملأ صدرك عطفا وودا وحنانا تجد ما تصبو إليه وصدق قول القائل : ازرع لغيرك تجني ثمار خيرك.......؟
نعم أحاول فعل ذلك.....
أتعبناك اليوم معنا أيها الفارس , لك العذر في أن ترتاح
وما الطيف إلا ما تريه الخواطر.
ماذا قلت ؟ أعد هذا القول...؟
لا شيئ سيدي الكبير فقط تذكرت هذا القول وهو ليس لي
لا بأس عليك ..ستريك الأيام القادمة ما يثلج صدرك ويزيل همك , وينير دربك...
إن شاء الله ..استودعك الله سيدي....
ويكمل الفارس حرث مساحة فكره شقا ورشقا , وهو على يقين أن شجرة الأمل اصفرت جذورها كما غارت مياهها , وقد نبت حولها المضر من الأعشاب , فأنى له أن يعيد لها الحياة بعدما سيطرت أسود وأشبال وشدت الحراسة حولها...
وبظل شجرة استظل مسندا ظهره لجذعها ولسان حاله يقول: ..ويسألونك عن الأمل.....
إبراهيم تايحي
