منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


badoo

badoo

طاقم المشرفين
رقم العضوية :
8379
البلد/ المدينة :
باتنة
العَمَــــــــــلْ :
طالب
المُسَــاهَمَـاتْ :
3574
نقاط التميز :
4206
التَـــسْجِيلْ :
26/12/2010
ثقافة الجزائر قبل الاستقلال I354656209_4633_6



ثقــافة الجزائر قبل الاستقـــلال

ثقافة الجزائر قبل الاستقلال 11910288516732


لا يمكنني الإدعاء، بأنني سأفي الحديث حقه من الإحاطة في موضوع ثقافتنا في الماضي، ولا حتى في عهود الأمس القريب، فذلك فوق إمكاناتي الراهنة، وأمره يحتاج إلى مراجع كثيرة، وجهد كبير..

ولعل أبرز من تصدى إلى هذا الجانب، وأجاد فيه هو الدكتور بلقاسم سعد اللَّه، في مجلداته حول تاريخ الثقافة الجزائرية.. وفي كتبه الأخرى في نفس الموضوع.
إن ما أريده فقط، هو الإشارة إلى أن ثقافتنا خلال الثورة المسلحة.. وفي فترة عهد الاستعمار الفرنسي أي طيلة قرن وثلاثين سنة، كانت فارضة وجودها، سائدة بمعالمها ومعانيها، متمتعة بقوتها وحيويتها، مقتدرة بصمودها وتحدياتها، مما خيب كل مؤامرات المستعمرين، وأعجز كل محاولاتهم التخريبية لإبادتها، أو تذويبها في ثقافتهم، أو مسخها وتشويهها.
وظلت الثقافة العربية الإسلامية دائماً هي منبع الشعب الجزائري، الذي ارتوت منه كل ملاحمه، وبطولاته عبر تاريخه الطويل الحافل بالصراعات والانتصارات...
بالطبع -كان هناك القمع والحرمان، والفقر والجهل والإغراء والترهيب... وكل أساليب محو الشخصية، وتدميرها وتخريبها.. ولكن مقابل ذلك، كان الشعب الجزائري بفضل أصالة ثقافته، وقوة مصادرها الحضارية.. متماسكاً في وحدته متشبثاً بلغته وعقيدته، متحلياً بقيمه وتقاليده السامية، ضمن خصاله العربية النبيلة، وأخلاقه الإسلامية الفاضلة.
كان رجال الثقافة وأقطابها هم الذين قادوا معارك الجهاد ضد الدخلاء، ابتداء من الأمير عبد القادر الجزائري ووالده الشيخ محي الدين.. مروراً بعشرات الثورات والانتفاضات.. إلى حركة الأمير خالد في مطلع القرن العشرين.
وعندما انطلقت الحركة الوطنية السياسية في بداية هذا القرن، كانت حصانتها الأساسية وسلاحها الأول هو الثقافة الوطنية. فأسست الجمعيات الثقافية المنبثقة عن حزب الشعب، وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.. والكشافة الإسلامية الجزائرية.. وافتتحت المدارس الحرة، والنوادي، وظهرت الجمعيات الرياضية الخاصة، وكذلك الجمعيات المسرحية، والفنية، والأدبية.. وكانت كل الجمعيات الوطنية، واضحة المبادئ والأهداف، حثيثة النشاط السري والعلني، وثيقة الصلة بالجماهير.. يحدوها أمل واحد، وهو النضال من أجل الوصول إلى الحرية والاستقلال.
وطيلة عهد حكم الاستعمار، كانت الصناعات الحرفية التقليدية منتشرة داخل كل أحياء المدن والأرياف والقرى والبوادي في الجزائر، وقد استطاع الشعب بواسطتها أن يستغني عن كل منتوجات الأجانب، من ألبسة وأدوات عمل وأثاث منزلي ووسائل نقل وكل ما له مساس بحاجات المواطنين حتى الكماليات منها.
وكانت الأراضي الصعبة والضيقة التابعة لأبناء الوطن، فوق قمم الجبال أو داخل بعض الواحات الصحراوية النائية، مزدهرة بزراعاتها القليلة، وأنعامها ودواجنها، حافظة لكرامة أهلها من الفلاحين، مؤمنة لهم عيش الكفاف والعفاف، لأنها كانت مدعومة بالتعاون والجهد، محصنة بكل أساليب الرعاية الثقافية الغنية بتجاربها وقيمها الإنسانية الموروثة عن الأجداد عبر عشرات القرون.
ولعل كل الجزائريين، والمطلعين العرب، يعرفون عملية ما يسمى في الجزائر بـ "التويزة" وكيف كانت تبرز حقيقة التآزر والتعاون والتضامن في أجمل وأروع الصور.. حيث أن أي مواطن كان إذا عزم أمره على بناء منزل، أو عزق أرض أو حرثها وزراعتها أو إحاطة بستانه بالأسوار الطوبية. أو جني الثمار، وجمع الغلال.. أو أي عمل صعب فما عليه سوى أن يخبر أهل حيه أو جيرانه بأنه عازم على إقامة "تويزة" -وهي تعني العمل الجماعي الصعب -في يوم كذا.. وإذا بالمتطوعين يهرعون إليه من كل حدب وصوب حتى من خارج حدود قريته، أو مدينته، وممن لا يعرفونه وكأن المشاركة في عمل التويزة، هو أمر واجب، وشيء مقدس فيساعدونه بجهدهم وخبرتهم، وينجزون العمل الذي كان يمكن أن يستغرق شهراً أو أكثر، في يومين أو ثلاثة.
ومن الطريف أن المشاركين في "التويزة" يرفضون أن يأتيهم طعامهم من مكان خارج عملهم، بل يقوم بعضهم بطبخه في عين المكان، ضمن قدرة كبيرة أو عدة قدور ويتناولونه في جو من المرح، والغناء، والسعادة..
كان من النادر أن تجد جزائرياً لا يمتلك في ذاكرته حصيلة معتبرة من القصص والأشعار الشعبية الرقيقة، ومن الحكم والأمثال الشعبية الهادفة، ذلك لأنه يتلقاها من أجداده ووالديه منذ طفولته الأولى، ويستمر على سماعها واستيعابها في الشارع، وفي السوق، وحيث اتجه.
أما الشعراء الشعبيون ونطلق عليهم "أصحاب الشعر الملحون" أي غير الفصيح، فكانوا يعدون بالمئات ومع الأسف أغلبهم ضاعت أشعارهم بعد موتهم لأن أغلبهم كانوا أميين، ولم تسجل قصائدهم.. هنا أريد أن أسجل اسم واحد منهم، كان اسمه: بعطوش الإبراهيمي، وكان بدوياً وشاعراً فحلاً، وفارساً شجاعاً، يذكرنا بامرئ القيس، كان يلقي قصائده الفخرية والوطنية على نفس واحد، وبنبرة تثير الدهشة والإعجاب، وكانت القصيدة الواحدة من قصائده تتجاوز المئة بيت، ولكنه لم يكن ليتلعثم أو يتردد.. كانت ذاكرته جبارة.. ومات، وماتت قصائده معه..!
وكانت الصحف والمجلات -رغم خطورة مهنتها، وقساوة ظروفها، وحساسية نشرها.. كانت تتحدى العراقيل ويتحمل أصحابها أفدح المصاعب، وأقسى المصائب لتواصل إشراقاتها المتقطعة، ونضالها الدائب ولو من خلف قضبان السجون...
ولعل أغلب المثقفين العرب يذكرون كفاح الشيخ الصحفي والشاعر والمؤرخ أبي اليقظان إبراهيم، الذي أصدر بمفرده عشر صحف ما بين العقدين الثاني والثالث لهذا القرن وكيف تحمل السجون والأذى من أجل ذلك.
وغيره العشرات من أمثال عمر راسم، والطيب العقبي، وعبد الحميد بن باديس أمام النهضة الجزائرية.. وعندما نلتفت إلى الجوانب السلوكية الاجتماعية والأخلاقية في الشخصية الثقافية للشعب العربي في الجزائر... نجد أن العلاقات الأخوية المبنية على التراحم، والتسامح، والصدق، كانت هي العلاقات السائدة والشاملة... وكان المواطنون.. أفراداً وجماعات -يتنافسون، ويتسابقون في البرهنة على اتصافهم بخصال الشهامة والشجاعة والنخوة، والكرم والفروسية والنجدة... وكان أقدس شيء عندهم، هو موضوع الشرف خاصة إذا تعلق الأمر بالمرأة أو الأبناء.. إنه الفصل الوحيد بين الموت والحياة.. إذ.. لا حياة دون شرف...
كان الأميون.. وما أكثرهم في عهد الاستعمار "سجل التاريخ أن فرنسا عندما دخلت الجزائر سنة 1830 -كان عدد الأميين في الجزائر، أقل بكثير مما هم في فرنسا.. وعندما استقلت الجزائر سنة 1962 -كان عدد الأميين من الجزائريين يفوق 90% من المواطنين...!"
- كان الأميون، وما أكثرهم... مدركين لجهلهم، متواضعين خجولين بين قوم عشيرتهم، وفي علاقاتهم الحذرة مع غيرهم يخاطبون المتعلم مهما كان مستواه بسيطاً بكل إكبار واحترام وتقدير، وقليل جداً.. ما كان الإنسان يصادف في طريقه جاهلاً يجهل أنه جاهل..!؟
- كان الحرف العربي شقيقاً لقطعة الخبز، محبوبان مقدسان، عند كل أفراد الشعب، ومن المحرمات أن يلقى بأحدهم في الأرض أو فوق قارعة الطريق... أو داخل قمامة الفضلات.. فالخبز هو غذاء الجسد والحرف هو غذاء الروح، ومن الجريمة رميهما، دون إيداعهما مكاناً أميناً منعزلاً...
- الاحتفالات الدينية، والتاريخية والوطنية، والموسمية، وحتى الأسطورية العريقة، كانت تحيا من طرف المواطنين كلهم، وتعد لها المحافل، وتقام الزينات والعراس، ويشارك الجميع في الابتهاج بها مما يثير حنق الأجانب.. خاصة مناسبات عيد الفطر والأضحى، والمولد النبوي، ويوم عاشوراء، والهجرة ومنتصف شعبان، وكل شهر رمضان، وبعض الذكريات الانتصارية ضد المستعمرين في العصر الحديث، وفي الماضي مثل غزوة بدر وفتوح مكة...!
ومن الجدير هنا.. الإشارة إلى جامعة الزيتونة بتونس، وجامعة القرويين بفاس، والجامع الأزهر بالقاهرة، إن هذه المراكز العلمية والثقافية الهامة كان لها أعظم الأثر في تزويد الكثير من الجزائريين بالعلم والمعرفة.. وبالاتصال المباشر، برواد الاصلاح والثورة مما قيض للجزائر نخبة معتبرة من رجال النهضة والتطور...
وفي الوقت نفسه، لا يجب أن ننكر دور بعض الوطنيين من الثوريين التقدميين الذين تخرجوا من معاهد الغرب الأوروبي وكان لهم نعم الأثر في إحياء الشخصية الوطنية المعاصرة، وتدعيمها رغم افتقارهم أحياناً، لفهم ومعارف الحضارة العربية الإسلامية، وتقديرها حق قدرها..

والخلاصة أن الثقافة العربية الجزائرية كانت قبل الاستقلال -بكل جوانبها- قائمة بدورها العفوي والطبيعي على أحسن ما يرام.. وكانت هي المناعة والحصانة ضد كل الدسائس... وكانت أعظم تعبير عن شخصية الشعب الجزائري المستقلة، رغم غياب الاستقلال في ذلك الوقت.




 
avatar

PassWord-ms

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
alger
المُسَــاهَمَـاتْ :
62
نقاط التميز :
55
التَـــسْجِيلْ :
25/05/2011
:تحية:
:يعطيك العافية:
 
badoo

badoo

طاقم المشرفين
رقم العضوية :
8379
البلد/ المدينة :
باتنة
العَمَــــــــــلْ :
طالب
المُسَــاهَمَـاتْ :
3574
نقاط التميز :
4206
التَـــسْجِيلْ :
26/12/2010

ســــلام

شرفتني وانرت المتصفح "*"PassWord-ms "*"

تقديري واحترامي الكبير
 
المحترف

المحترف

عضو محترف
رقم العضوية :
14615
البلد/ المدينة :
Algerie /Biskra/Zeribet El Oued
العَمَــــــــــلْ :
m i m s p
المُسَــاهَمَـاتْ :
3836
نقاط التميز :
2933
التَـــسْجِيلْ :
08/04/2011
ثقافة الجزائر قبل الاستقلال 871175 ثقافة الجزائر قبل الاستقلال 871175 ثقافة الجزائر قبل الاستقلال 871175 ثقافة الجزائر قبل الاستقلال 871175
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى