منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


+4
شمس الواعظين
فرحة
عبدو 2011
لمسة أمل
8 مشترك
لمسة أمل

لمسة أمل

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
غــزة
العَمَــــــــــلْ :
طالبة جامعية
المُسَــاهَمَـاتْ :
212
نقاط التميز :
266
التَـــسْجِيلْ :
22/05/2011


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بس دقيقة

كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة إلى مدينة تبعد حوالي 330 كم ، وكانت أمامي سيدة في الستينيات من عمرها قد وصلت إلى شباك التذاكر وطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في النهاية : الناس ينتظرون ، أرجوكِ تنحّي جانباً ، فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسح لي المجال ، وقبل أن أشتري بطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة ، فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقة السفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة ، وتريد أن تنتظر الحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع ، قلتُ لها : هذا يورو وأعطها البطاقة. وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود إلى دورها بعد أن نادتها الموظفة مجدداً.







اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني ، فتوقعت أنها تريد أن تشكرني ، إلا أنها لم تفعل ، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتي وسأتوجه إلى ساحة الانطلاق ، فقالت لي بصيغة الأمر : احمل هذه... وأشارت إلى حقيبتها.







كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليس لها مثيل ، بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة ، ومن الطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.







حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ منذ ساعة وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد : أنا الذي آتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادة الآن !!! لكن السيدة منعتني وجلستْ هي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف ، فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرها اهتماماً ، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه ، وطالت التفاتتها دون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي ، حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتها التي لا أراها لكنني أشعر بها ، فالتفتُ إليها.







عندها تبسمتْ قائلة : كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.







- صبري على ماذا ؟







- على قلة ذوقي ، أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.







- لا أظنك تعرفين ، وليس مهماً أن تعرفي.







- حسناً ، سأقول لك لاحقاً ، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.







- الأمر لا يستحق ، لا تشغلي بالك.







- عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لك اليورو ، فهل تشتريها أم أعرضها على غيرك ؟







- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي ؟







- إنها حكمة ، أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.







- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة ؟







- لا ، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه ، ثم إن اليورو الواحد يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.







أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها ، لا زالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر، وأنفها الدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي ، مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة ، لكنني لن أسألها عن شيء، أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لا زالت في بدايتها.







أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفال عندما نعطيهم بعض النقود وقالت : أنا الآن متقاعدة ، كنت أعمل مدرّسة لمادة الفلسفة ، جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار ، أنفقتُ كل ما كان معي وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي، إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ مني يورو واحد زيادة ، فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة ، ولم أكن أدري أنه ممنوع ، أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك ، حيث دفعت عني دون أن أطلب منك ، الموضوع ليس مادياً ، ستقول لي بأن المبلغ بسيط ، سأقول لك أنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير.







قاطعتُ المرأة مبتسماً : أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك ، لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ ؟ أين الحكمة ؟







- " بَسْ دقيقة ".







- سأنتظر دقيقة.







- لا، لا، لا تنتظر .. " بَسْ دقيقة "... هذه هي الحكمة.







- ما فهمت شيئاً.







- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال ؟







- ربما.







- سأشرح لك : " بس دقيقة " ، لا تنسَ هذه الكلمة.







في كل أمر تريد أن تتخذ فيه قراراً ، عندما تفكر به وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقة إضافية ، ستين ثانية.







هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلال ستين ثانية ؟ في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغير أمور كثيرة ، ولكن بشرط.







- وما هو الشرط ؟







- أن تتجرد عن نفسك ، وتُفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانية والمثل الأخلاقية دفعة واحدة ، وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز،







فمثلاً : إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة وعندما تتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً ، أو جزء منه ، وعندها قد تغير قرارك تجاهه.







إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذه الدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبته وتسامحه نهائياً.







دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوة مصيرية في حياتك لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة ، في حين أنها قد تكون كارثية.







دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداً عن هواك.







دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك ، وإن كنت من المسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم...







هل تعلم أن كل ما شرحته لك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة ؟







- صحيح ، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو.







- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر ، والآن أشكرك كل الشكرعلى ما فعلته لأجلي.







أعطتني اليورو ، تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة ،



لأنتبه إلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة : هل تعلم أنه كان بالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي ،



فالآخرون لم يكونوا ليدروا ما هي مشكلتي ،



وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب واحد يورو من أحد..







- حسناً ، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟







- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.







علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعدي وهي تمسك بيدي قائلة: اجلس ، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً !!!







وأنا أقول لها : " بس دقيقة " ، " بس دقيقة "...







لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة ، كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة ، حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة عندما وصلنا إلى مدينتها في منتصف الطريق تقريباً.







قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها كي يأتي إلى المحطة ليأخذها ، ثم التفتتْ إليّ قائلة : على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد.



فأعطيتها جوالي لتتصل.



المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع ساعة تقريباً استلمتُ رسالتين على الجوال ، الأولى تفيد بأن هناك من دفع لي رصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو،والثانية منها تقول فيها: كان عندي رصيد في هاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك فأجزيكَ على حسن فعلتك.



إن شئت احتفظ برقمي ، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك.



فرددتُ عليها برسالة قلت فيها : عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبية لكنني لم أتجرأ أن أقولها لك ، أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية ، أشكركِ على الحكمة واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير.







" بس دقيقة "...







حكمة أعرضها للبيع ، فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير الكثير من الساعات دون فائدة ؟
 
عبدو 2011

عبدو 2011

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
الجزائر
المُسَــاهَمَـاتْ :
239
نقاط التميز :
446
التَـــسْجِيلْ :
25/01/2011
كبيرة عييت نقراها
 
لمسة أمل

لمسة أمل

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
غــزة
العَمَــــــــــلْ :
طالبة جامعية
المُسَــاهَمَـاتْ :
212
نقاط التميز :
266
التَـــسْجِيلْ :
22/05/2011
عبدو 2011 كتب:
كبيرة عييت نقراها


ممكن تكون كبيرة اخي الكريم بس معقول ما استفدت شي منها ؟...
شكرا لمرورك الطيب ورأيك الخاص ...
دمت في رعاية الله وحفظه

 
فرحة

فرحة

طاقم مستشاري المنتدى
رقم العضوية :
5
البلد/ المدينة :
ارض الله الواسعة
العَمَــــــــــلْ :
طبيبة عامة
المُسَــاهَمَـاتْ :
4207
نقاط التميز :
5075
التَـــسْجِيلْ :
11/06/2008
" بس دقيقة " 728666

حكمة رائعة
بارك الله فيك

....بس دقيقة ...
 
لمسة أمل

لمسة أمل

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
غــزة
العَمَــــــــــلْ :
طالبة جامعية
المُسَــاهَمَـاتْ :
212
نقاط التميز :
266
التَـــسْجِيلْ :
22/05/2011
وبارك فيك اختي الغالية فرحة
شكرا لك علي مرورك الطيب الذي اسعدني


دمت في رعاية الله وحفظه
 
شمس الواعظين

شمس الواعظين

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
algerie
المُسَــاهَمَـاتْ :
116
نقاط التميز :
197
التَـــسْجِيلْ :
31/08/2011
" بس دقيقة " 2645610321
m22
مشكورة إستفدت الكثير خصوصا أني عشت موقف مساءا

((اعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير.))
 
لمسة أمل

لمسة أمل

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
غــزة
العَمَــــــــــلْ :
طالبة جامعية
المُسَــاهَمَـاتْ :
212
نقاط التميز :
266
التَـــسْجِيلْ :
22/05/2011
اهلا بك اخي ...الحمد لله انك استفدت منها ..^_^
شكرا لك علي المرور الطيب


دمت في رعاية الله
 
amine-350

amine-350

عضو نشيط
المُسَــاهَمَـاتْ :
306
نقاط التميز :
386
التَـــسْجِيلْ :
08/04/2010
خلي غدوة الصباح انشاء الله كي نريح ندخل نقرأ الموضوع مليح ونعطيك الرد المناسب ..ضرك راني رايح نرقد راني تعبان راهي قريب منتصف الليل ...عذرا اخي
 
youyou4dz

youyou4dz

عضو مساهم
رقم العضوية :
22912
البلد/ المدينة :
biskra
العَمَــــــــــلْ :
طالب bac 2012
المُسَــاهَمَـاتْ :
126
نقاط التميز :
169
التَـــسْجِيلْ :
12/08/2011
طويلة ياسر خويا
مشكوور على العموم
 
avatar

ازمة عمل

عضو متميز
رقم العضوية :
6763
البلد/ المدينة :
المُسَــاهَمَـاتْ :
2162
نقاط التميز :
2601
التَـــسْجِيلْ :
02/12/2010
سلام

بس دقيقة ...

علمتني الكثير

في دقيقة

هدات بادلي في دقيقة

اعطتني دفعة

بس دقيقة

تستحق القراءة

 
youyou4dz

youyou4dz

عضو مساهم
رقم العضوية :
22912
البلد/ المدينة :
biskra
العَمَــــــــــلْ :
طالب bac 2012
المُسَــاهَمَـاتْ :
126
نقاط التميز :
169
التَـــسْجِيلْ :
12/08/2011
درك نقراها خويا
 
youyou4dz

youyou4dz

عضو مساهم
رقم العضوية :
22912
البلد/ المدينة :
biskra
العَمَــــــــــلْ :
طالب bac 2012
المُسَــاهَمَـاتْ :
126
نقاط التميز :
169
التَـــسْجِيلْ :
12/08/2011
قصة رائعة
فعلا نحنا بحاجة دائما للتأني ولدقيقة للتفكير لحتى نتجنب الندم

مشكور
 
BAYLASSAN

BAYLASSAN

عضو نشيط
رقم العضوية :
22477
البلد/ المدينة :
ALGERIE TEBESSA
المُسَــاهَمَـاتْ :
717
نقاط التميز :
617
التَـــسْجِيلْ :
05/08/2011
إشتريتها منك بقدر الوقت الذي قرأت فيه القصة

وبقدر الفائدة التسي إستفدتها منها

وبقدر الأصدقاء االذين سأرسلها لهم وطبعا للأمانة سأخبرهم بكاتبها وأنه من منتدى وادي العرب

وبقدر الدقائق التي سأتوقف لأفكر فيها مليا قبل أخذ أي قرار

فهل تبيعيني إياها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 
تقييم المساهمة: 100% (1)
إقتباسرد

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى