منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أحمد بلقمري

أحمد بلقمري

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
برج بوعريريج/ الجزائر
العَمَــــــــــلْ :
مستشار التوجيه و التقييم و الإدماج المهنيين
المُسَــاهَمَـاتْ :
173
نقاط التميز :
292
التَـــسْجِيلْ :
07/09/2011
القصّة الكاملة مسعود الصّغير
مسعود الصّغير
[center]القصّة الكاملة مسعود الصّغير ImagesCA17SU2E
[/center]
من الخلف إلى الأمام، هكذا قال مسعود الصّغير لمحافظ الشّرطة.. و انتكس، لم يخف المحافظ امتعاضه من مسعود لكنه امتلك أعصابه و سيطر على دماغه الذي كاد ينفجر. أحسّ مسعود بذلك فأخفى رأسه بين رجليه...

بائع اللّبن يضرب أخماسا لأسداس كلّما تعرّض لغشّ منتجي الحليب، كان يعلم أنهم يخلطون الحليب بالماء لكنه كان يقول وكيلهم ربّي، من الماء إلى الماء... كانت سعدية تساعده في عدّ النقود المعدنية فالطبيب كان قد طلب منه أن لا يلامس المعادن.. الحساسيّة ذلك المرض اللّعين يكاد يأتي على آخر معاقل القوّة في بدنه الذي بدأ يهترئ..
في المخفر لا يزال مسعود مصرّا على إنكار التهم الموجّهة إليه.. من سرق؟. كان السّؤال الذي ضاعف من جرعة التحقيق المكثف الذي جعل مسعود يخرج عن صوابه أخيرا و يعترف: أنا، أنا من سرقت الحاج بوزيد. صاح الضابط: جيّد، مرحى !. أرأيت، الآن صرت أكثر اتزانا و هدوءا !.. خذوه.
في المزرعة بقيت سعدية تطلق العنان لعقلها الفضولي الباحث عن جواب لكلّ أسئلتها، من سرق؟، كيف فعل ذلك، و الأبواب كلّها موصدة، و الخزائن مغلقة؟.. ردّ الحاج بوزيد الذّي وصل من بعيد موقفا تلك الحيرة: لا تحمّلي عقلك ما لا يطيق، إنّه مسعود الصّغير يا بنيتي، لقد اعترف و قد أخبرني الضّابط بذلك.
- مسعود !، أنا لا أصدّق ذلك !، مسعود الصغير لا يسرق يا جدّي، أنا متأكدة من ذلك. لا بدّ أنّهم أجبروه على ذلك، أنت تعرف أنّ رجال الشّرطة يفعلون ذلك مع المتهمين. إلاّ مسعود يا جدّي.. إلاّ مسعود الصّغير.
- وهل نعرف أحسن من رجال الشّرطة؟!.
- أرجوك يا جدّي لا تتعب نفسك في تصديق ترهات رجال الشّرطة، مسعود الصّغير رجل ثقة و لا يفعل ذلك أبدا، ستبدي لك الأيام ما كنت تجهله يا جدّي أعدك بذلك، سوف أقوم بالتحرّي عن هوية السّارق بنفسي، و سوف أحصل على الحقيقة الكاملة.
- لا، لا أريدك أن تفعلي ذلك.. يكفي أن تساعديني في عدّ النّقود يا بنيّتي، دعي المهمّة لرجال الشّرطة فهم يعرفون كيف يقومون بذلك.
أصرّت سعدية على تتبّع خيوط القضيّة حتى تنكشف تفاصيلها، راحت تحاول جمع الأدلّة الممكنة، و أوّل دليل حصلت عليه هو أنّ السّارق لا يعرف الحاج بوزيد و لا أّي فرد من أفراد العائلة الكبيرة. كان مؤشرا جيّدا يبعث على التفاؤل.. استبعاد معرفة السّارق للعائلة يعني أن مسعود الّصغير ليس متّهما، لكنّ الدّليل الثاني الذّي حصلت عليه سعديّة في أقلّ من نصف ساعة عاد ليورّط مسعود من جديد، المفتاح الذّي فتحت به الخزانة التي كانت تحوي المال لم يكن يعرف مكانه سوى ثلاثة أشخاص: الحاج بوزيد، سعدية و مسعود الصغير لأنّه كلّف ليلة حدوث الّسرقة بحراسة المكان، لقد تذكّرت سعدية أنّ الحاج بوزيد طلب من مسعود أن يساعده في فتح قفل الخزانة الذّي بدأ يصدأ، فاستطاع مسعود في لمح من البصر أن يفتح الخزانة و يطلق ضحكة حمقاء مدوّية( هههه، لقد كبرت يا الحاج...).
.. بدت الحيرة على وجه سعديّة التي قرّرت أن تعثر على السّارق في أقرب وقت ممكن، كان يجب على سعديّة التّريّث قبل إطلاق أيّ حكم، التحقيق في مثل هذه القضايا لابدّ أن يحظى بالسّريّة الكاملة. من سرق؟.. هل تواطأ مسعود الصّغير مع أحدهم؟، هل خطّط مسعود للسّرقة منذ مدّة؟، هل مسعود الصّغير سارق حقّا؟.. هناك فرضيّة واحدة لو تجد لها سعديّة إجابة ستحلّ خيوط القضية بسرعة البرق. من أخبر رجال الشّرطة بحدوث السّرقة؟. أولى الأجوبة كانت في فائدة مسعود.. الحاج بوزيد لم يبلغ رجال الشرطة بالسّرقة، بل كان آخر من علم بذلك !، مسعود الصّغير لم يبلّغ هو الآخر عن السّرقة !، من قام بذلك؟!!. هذه الأسئلة و أخرى كانت قد احتلت عقل سعديّة لساعات، فالحيرة ارتسمت على وجهها و القلق احتلّ هدوءها.. كلّ الشّكوك كانت متّجهة صوب مسعود الصّغير، لكنّ صالح العايب شقيقه الأصغر أزال بعض اللّبس في خيوط القضيّة حين جاء يجرّ رجله العرجاء نحو المزرعة، دقّ الباب الخلفي لبيت الحاج بوزيد، فتحت سعدية الباب كأنّما كانت في انتظاره، و بسرعة بادرت لسؤاله:
- أين أنت يا صالح، لم نرك منذ مدّة؟، هل رأيت مسعود الصّغير؟..
عقدت الدّهشة لسان صالح العايب، تلكّأ، وبدأ يتعتع في كلامه، قائلا:
- أنا هنا في القرية، أبحث عن بقرات للحاج، لقد أوصاني بذلك..
كانت سعديّة تحاول إقناع نفسها بفرضيّة عودة السّارق إلى مسرح الجريمة، كانت كلّما نظرت إلى وجه صالح تتأكدّ شكوكها.. قال صالح العايب:
- مسعود الصّغير أخذته الشّرطة، قالت لي أمّي بأنّه سرقكم، أخي مسعود لا يسرق يا سعدية..
- ومن سرق في رأيك يا صالح؟..
- لا أدري، لكنّه ليس أخي مسعود لأنّني رأيته ليلتها مع الحاج متّجهين نحو الجامع لأداء صلاة المغرب..
- ماذا قلت؟!!.
- نعم، لقد رأيت مسعود برفقة الحاج ليلتها ذاهبين لأداء الصّلاة، و لأنّني لا أصلّي طلب منّي الحاج أن أنتبه و أراقب محيط المحلّ.
عادت سعديّة بذاكرتها للوراء، تذكّرت يوم أمسكوا صالح العايب سارقا لحليّ والدتها، يومها كان صغيرا و تعرّض لعقاب شديد، هل عاد صالح بعد كلّ هذه السّنوات لينتقم.. كادت سعديّة أن تصارح العايب بذلك لكنّها فكّرت في حيلة أخرى تجعله يبوح بالحقيقة.. قالت له:
- أنا لا أتكلم عن المحلّ، أنا أتكلّم عن سرقة منزلنا، ثمّ قل لي:
- ما الذي تريده، لماذا جئت إلى هنا في هذا الوقت؟.
- أبحث عن الحاج بوزيد، عندي كلام معه.
- أريد أن أسألك سؤالا خاصّا نوعا ما يا صالح.
كاد صالح يطير من الفرح، اعتقد بأنّ سعدية ستصارحه بحبّها له بعد أن رفضت علبة الشيكولاطة التي أهداها لها في إحدى المرّات، قال صالح و عينيه تفيضان بالحبّ و الوله:
- أخيرا يا سعديّة، أخيرا.. يااااااااااه. أشعر بأنّني أسعد رجل على هذه الأرض، متى سنتزوّج؟.
- أيّ زواج أيّها المعتوه، أريد أن أسألك: هل ما زلت حاقدا على جدّي منذ حادثة السّرقة يوم كنت طفلا؟.
امتعض صالح من كلام سعديّة، قطّب حاجبيه، صعّر خدّه لها، و قال:
- لا، لا أنا لا أفكّر في ذلك، كان ذلك منذ زمن بعيد... لقد جئت لأطلب نقودي التّي أدين بها للحاج، أفكّر في تغيير نشاط تجارتي، لن أبيع الحليب بعد اليوم.. أفكّر في الرّحيل عن هذه القرية.
- و هل تملك المال الكافي لفعل ذلك؟.
- سأتدبّر أمري، ثمّ إنّني أدين للحاج بمبلغ لا بأس به، كما أدين لكثيرين بمبالغ من المال، سأبيع مسكني أيضا و الشاحنة.
- هل تهزأ بي يا صالح؟!، المال الذّي تدين به لجدّي لا يتعدّى بعض الدّنانير و أنا مذ عرفتك و أنت على هذه الحال بائسا كادحا، هل ستصبح غنيّا الآن بعد حصولك على أموال جدّي.
- نعم.
- إذا أنت سارق المال يا صالح و ليس مسعود الصّغير.
حاول صالح العايب أن يتجنّب الحديث إلى سعديّة بعدما أفحمته بهذا الكلام، لكنّه ردّ عليها و هو يتأهّب لمغادرة المكان:
- عليّ أن أذهب الآن، يبدو أنّ الحاج لن يأتي.
- لقد ذهب الحاج ليودع شكوى بك لدى رجال الشّرطة سألحق به الآن لأنّني سجّلت كلّ ما دار بيننا من حديث، لقد وقعت بين أيدينا أيّها اللّص.
عرف صالح العايب أنّه وقع فريسة لذكاء سعديّة فراح يترجّاها طالبا منها العفو، واعدا إيّاها بإرجاع المال المسروق، متوسّلا:
- الرّحمة يا سعديّة، الرّحمة يا سعديّة...
- تمت -
قلم: أحمد بلقمري
 
تقييم المساهمة: 100% (1)
إقتباسرد
خديجة القرني

خديجة القرني

عضو نشيط
رقم العضوية :
24765
البلد/ المدينة :
باتنة
العَمَــــــــــلْ :
مُعَلِّمّة
المُسَــاهَمَـاتْ :
621
نقاط التميز :
624
التَـــسْجِيلْ :
29/09/2011
القصّة الكاملة مسعود الصّغير PqM07707 ننتظر المزيد منك
 
أحمد بلقمري

أحمد بلقمري

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
برج بوعريريج/ الجزائر
العَمَــــــــــلْ :
مستشار التوجيه و التقييم و الإدماج المهنيين
المُسَــاهَمَـاتْ :
173
نقاط التميز :
292
التَـــسْجِيلْ :
07/09/2011
خديجة القرني كتب:
القصّة الكاملة مسعود الصّغير PqM07707 ننتظر المزيد منك


شكرا لك أختي خديجة.. لن أبخل عليكم بنصوصي ما دمت بينكم.. مودّتي
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى