منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


moussa 007

moussa 007

عضو نشيط
البلد/ المدينة :
tipaza
العَمَــــــــــلْ :
Les hommes d'affaires
المُسَــاهَمَـاتْ :
608
نقاط التميز :
1460
التَـــسْجِيلْ :
11/11/2011
إذا أراد الله عز وجل بعبدٍ خيرًا بصره
بعيوب نفسه، فمن كانت بصيرته نافذة لم تخفَ عليه عيوبه، فإذا عرف العيوب أمكنه
العلاج، ولكن أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم، يرى أحدهم القذى في عين أخيه ولا يرى
الجذع في عين نفسه، فمن أراد أن يعرف عيوب نفسه فله أربعة طرق:
الطريق الأول : أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس، مطلع على
خفايا الآفات، ويتبع إشارته في مجاهدته - وهذا شأن التلميذ مع أستاذه، فيعرِّفه
أستاذه عيوب نفسه، ويعرِّفه طريق علاجه.

الطريق
الثاني:
أن يطلب صديقًا بصيرًا متدينًا، يلاحظ أحواله وأفعاله، فما كره من
أخلاقه وأفعاله وعيوبه ينبهه عليه، فهكذا يفعل الأكابر من أئمة الدين . كان عمر رضي
الله عنه يقول : رحم الله امرءًا أهدى إليَّ عيوبي . وكان يسأل حذيفة ويقول له :
أنت صاحب سِرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين، فهل ترى عليَّ شيئًا من
آثار النفاق .
فهو على جلالة قدره وعلو منصبه هكذا كانت تهمته لنفسه رضي الله
عنه ، فكل من كان أوفر عقلاً وأعلى منصبًا كان أقل إعجابًا وأعظم اتهامًا وفرحًا
بتنبيه غيره على عيوبه، وقد آل الأمر في أمثالنا إلى أن أبغض الخلق إلينا من ينصحنا
ويعرفنا عيوبنا، ويكاد هذا أن يكون مفصحًا عن ضعف الإيمان؛ فإن الأخلاق السيئة حيات
وعقارب لداغة، فلو نبهنا منبه على أن تحت ثوبنا عقربًا لتقلدنا منه منّةً وفرحنا
به، واشتغلنا بإزالة العقرب وقتلها، وإنما نكايتها على البدن ولا يدوم ألمها يومًا
فما دونه، ونكاية الأخلاق الرديئة على صميم القلب أخشى أن تدوم بعد الموت أبد
الآباد، ثم إنا لا نفرح بمن ينبهنا عليها بإزالتها، بل نشتغل بمقابلة الناصح بمثل
مقالته، فنقول له: وأنت أيضًا تصنع كيت وكيت، وتشغلنا العداوة معه عن الانتفاع
بنصحه، ويشبه أن يكون ذلك من قساوة القلب التي أثمرتها كثرة الذنوب، وأصل كل ذلك
ضعف الإيمان، فنسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ويبصرنا بعيوبنا، ويشغلنا
بمداواتها، ويوفقنا للقيام بشكر من يطلعنا على مساوينا، بمنِّه وفضله.

الطريق الثالث: أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من ألسنة أعدائه، فإن
عين السخط تبدى المساويا . و لعل انتفاع الإنسان بعدوٍ مشاحن يذكر عيوبه أكثر من
انتفاعه بصديق مداهن يثني عليه ويمدحه ويخفى عنه عيوبه، إلا أن الطبع مجبول على
تكذيب العدو وحمل ما يقول على الحسد، ولكن البصير لا يخلو عن الانتفاع بقول أعدائه،
فإن مساويه لابد وأن تنتشر على ألسنتهم.

الطريق
الرابع:
أن يخالط الناس، فكل ما رآه مذمومًا فيما بين الخلق فليطالب نفسه به
وينسبها إليه، فإن المؤمن مرآة المؤمن فيرى من عيوب غيره عيوب نفسه، ويعلم أن
الطابع متقاربة في اتباع الهوى، فما يتصف به غيره فلا ينفك هو عن أصله أو عن أعظم
منه أو عن شيء منه، فليتفقد نفسه ويطهرها عن كل ما يذمه من غيره، وناهيك بهذا
تأديبًا، فلو ترك الناس كل ما يكرهونه من غيرهم لاستغنوا عن المؤدب.

وهذا
كله من حيل من فقد شيخًا مربيًا ناصحًا في الدين، وإلا فمن وجده فقد وجد الطبيب
فليلازمه، فإنه يخلصه من مرضه.
......................
 
تقييم المساهمة: 100% (1)
إقتباسرد
ابو الحارث الاثري

ابو الحارث الاثري

طاقم المتميزين
رقم العضوية :
22906
البلد/ المدينة :
الجزائر وهران
المُسَــاهَمَـاتْ :
26158
نقاط التميز :
24766
التَـــسْجِيلْ :
12/08/2011
اجملت وابدعت يااخي الطيب موسى على تالك النصائح الغالية
كثر الله من امثالك
 
ابو الحارث الاثري

ابو الحارث الاثري

طاقم المتميزين
رقم العضوية :
22906
البلد/ المدينة :
الجزائر وهران
المُسَــاهَمَـاتْ :
26158
نقاط التميز :
24766
التَـــسْجِيلْ :
12/08/2011
طريقة معرفة عيوب النفس 663727460
moussa 007 كتب:
إذا أراد الله عز وجل بعبدٍ خيرًا بصره
بعيوب نفسه، فمن كانت بصيرته نافذة لم تخفَ عليه عيوبه، فإذا عرف العيوب أمكنه
العلاج، ولكن أكثر الخلق جاهلون بعيوب أنفسهم، يرى أحدهم القذى في عين أخيه ولا يرى
الجذع في عين نفسه، فمن أراد أن يعرف عيوب نفسه فله أربعة طرق:
الطريق الأول : أن يجلس بين يدي شيخ بصير بعيوب النفس، مطلع على
خفايا الآفات، ويتبع إشارته في مجاهدته - وهذا شأن التلميذ مع أستاذه، فيعرِّفه
أستاذه عيوب نفسه، ويعرِّفه طريق علاجه.

الطريق
الثاني:
أن يطلب صديقًا بصيرًا متدينًا، يلاحظ أحواله وأفعاله، فما كره من
أخلاقه وأفعاله وعيوبه ينبهه عليه، فهكذا يفعل الأكابر من أئمة الدين . كان عمر رضي
الله عنه يقول : رحم الله امرءًا أهدى إليَّ عيوبي . وكان يسأل حذيفة ويقول له :
أنت صاحب سِرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين، فهل ترى عليَّ شيئًا من
آثار النفاق .
فهو على جلالة قدره وعلو منصبه هكذا كانت تهمته لنفسه رضي الله
عنه ، فكل من كان أوفر عقلاً وأعلى منصبًا كان أقل إعجابًا وأعظم اتهامًا وفرحًا
بتنبيه غيره على عيوبه، وقد آل الأمر في أمثالنا إلى أن أبغض الخلق إلينا من ينصحنا
ويعرفنا عيوبنا، ويكاد هذا أن يكون مفصحًا عن ضعف الإيمان؛ فإن الأخلاق السيئة حيات
وعقارب لداغة، فلو نبهنا منبه على أن تحت ثوبنا عقربًا لتقلدنا منه منّةً وفرحنا
به، واشتغلنا بإزالة العقرب وقتلها، وإنما نكايتها على البدن ولا يدوم ألمها يومًا
فما دونه، ونكاية الأخلاق الرديئة على صميم القلب أخشى أن تدوم بعد الموت أبد
الآباد، ثم إنا لا نفرح بمن ينبهنا عليها بإزالتها، بل نشتغل بمقابلة الناصح بمثل
مقالته، فنقول له: وأنت أيضًا تصنع كيت وكيت، وتشغلنا العداوة معه عن الانتفاع
بنصحه، ويشبه أن يكون ذلك من قساوة القلب التي أثمرتها كثرة الذنوب، وأصل كل ذلك
ضعف الإيمان، فنسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ويبصرنا بعيوبنا، ويشغلنا
بمداواتها، ويوفقنا للقيام بشكر من يطلعنا على مساوينا، بمنِّه وفضله.

الطريق الثالث: أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من ألسنة أعدائه، فإن
عين السخط تبدى المساويا . و لعل انتفاع الإنسان بعدوٍ مشاحن يذكر عيوبه أكثر من
انتفاعه بصديق مداهن يثني عليه ويمدحه ويخفى عنه عيوبه، إلا أن الطبع مجبول على
تكذيب العدو وحمل ما يقول على الحسد، ولكن البصير لا يخلو عن الانتفاع بقول أعدائه،
فإن مساويه لابد وأن تنتشر على ألسنتهم.

الطريق
الرابع:
أن يخالط الناس، فكل ما رآه مذمومًا فيما بين الخلق فليطالب نفسه به
وينسبها إليه، فإن المؤمن مرآة المؤمن فيرى من عيوب غيره عيوب نفسه، ويعلم أن
الطابع متقاربة في اتباع الهوى، فما يتصف به غيره فلا ينفك هو عن أصله أو عن أعظم
منه أو عن شيء منه، فليتفقد نفسه ويطهرها عن كل ما يذمه من غيره، وناهيك بهذا
تأديبًا، فلو ترك الناس كل ما يكرهونه من غيرهم لاستغنوا عن المؤدب.

وهذا
كله من حيل من فقد شيخًا مربيًا ناصحًا في الدين، وإلا فمن وجده فقد وجد الطبيب
فليلازمه، فإنه يخلصه من مرضه.
......................
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى