بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين



كانت النساء قبل الإسلام يعشن فترة تبرج الجاهلية، فالمرأة تخرج من بيتها قد بدا شعرها ونحرها وصدرها وذراعاها، لا تتحاشى من شيء.




فلما جاء الإسلام، ونزل الحجاب بادرن إلى التستر، فانتقلن من التبرج إلى الستر، ولا شك أنها مرحلة صعبة؛ لأنها تستلزم تكاليف جديدة.


تحكي عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سرعة استجابة المؤمنات لهذا الأمر فتقول:
يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ؛ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ
{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}
شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. رواه البخاري.



إني أتعجب الآن، كيف تنتقل نساء المؤمنين من الستر، إلى شيء من التبرج، وهو في الحقيقة مقدمة لتبرج أكبر منه؛ لأن الشيء يبدأ صغيرًا، ثم يكبر، ولا يمكن أن يقع دفعة واحدة، ومن يقرأ قصة نزع الحجاب في بعض الدول العربية يرى ذلك بوضوح.


ما الذي يحمل المرأة على أن تضع مكياجًا كاملاً على وجهها؟
حتى يخيل إليك أنها ذاهبة إلى عرس، مع أنها في مكان عمل.



ما الذي يحملها على إظهار شعرها، وشيء من نحرها؟!


ما الذي يحملها على لبس عباءة لو خلعتها، وبقيت بملابسها لكان ذلك أستر لها؟!


لماذا تنتقل من حال الستر إلى التبرج، الذي نهاهن الله عن فعله، بقوله:
{ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}؟!


أفهم أن النفس تميل إلى حب الجمال، وأن تظهر بمظهر يلفت النظر، ولكن إذا كانت القضية تتعلق بالرجل مع المرأة، فليس هنا مجرد إعجاب، بل يقود إلى ما بعده، والنظر بريد القلب، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم:
(([size=21]كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى . مدرك ذلك لا محالة . فالعينان زناهما النظر . والأذنان زناهما الاستماع . واللسان زناه الكلام . واليد زناها البطش . والرجل زناها الخطا . والقلب يهوى ويتمنى . ويصدق ذلك الفرج ويكذبه )) رواه مسلم.[/size]


وإني لأفهم أن تسفر بعض النساء عن وجوههن؛ لأنه محل نزاع قوي بين أهل العلم، وكثيرًا ما تحتاج إلى كشفه لأمور تتعلق بها، وأنه يتوجب على الرجل غض بصره، إلا عند الحاجة لمعاملة أو غيرها، ولكني لا أفهم قصة تلك المساحيق، التي تقلب جلد المرأة رأسًا على عقب.


يا نساء المؤمنين:
أي شيء أحب إليكن، أن تكوني أمة الله، تسمعين وتطيعين،
أو أن تكوني أمة الهوى والنفس والشيطان..


ليست الحرية أن نلبس ما نشاء، كلا ولكنها أن نفهم بعقولنا حقيقة الحياة، والحكمة من وجودنا، وأن ندرك نتائج أفعالنا.


إن الحرية في نظر الكثيرين هي أن ألا يعوق تنفيذ رغباتك عائق ما..



لكن هذه الرغبات هي في الحقيقة قيد جديد؛ لأنها قادتك إلى ما تشاء هي، وألغت عقلك.

إن العقل قيد، ولهذا سمي عقلاً؛ لأنه يحجز صاحبه عن كثير من التصرفات غير اللائقة، ولكنه قيد محمود، ولا يمكن أن يكون الشخص حرًا مطلقًا، إلا إذا كان مجنونًا..


وأخيرًا هذه عبرة من امرأة سوداء مريضة، ليس فيها ما يطلبه الرجال، ومع ذلك، كانت حريصة على التستر..


عن عطاء أن ابن عباس قال له: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى.
قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي, فقال:
((إن شئت صبرت ولك الجنة, وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك)).
فقالت: أصبر, قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها.
متفق عليه.


استطاعت أن تصبر على المرض، ولكنها لم تطق الصبر على التكشف.


الجنة سلعة غالية، ولن تكون من نصيب إلا من باع نفسه لله، ورضي بما جاء عنه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.


مصدر الرسالة : منابر الدعوة