منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


جلال الدين النوري

جلال الدين النوري

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
تنس
العَمَــــــــــلْ :
عامل حرفي
المُسَــاهَمَـاتْ :
69
نقاط التميز :
233
التَـــسْجِيلْ :
11/09/2013
امتاز النظام الإسلامي في مساندة الفقراء والمحتاجين والإنفاق على أوجه الخير المختلفة، بوجود حوافزَ إيمانية وقِيَم أصيلة، تدفع الإنسان إلى البذل والعطاء، وتقديم كل ما لديه من أموال وممتلكات في سبيل الله؛ لكي يجدَ ثوابها في الآخرة، وكانت القِيَم التي أرساها الإسلام تؤدي دورها في هذا المجال؛ كصلة الرحم، وإكرام الضيف، وتعاضُد أهل الحي مع بعضهم البعض، من المبادئ الإسلامية الأصيلة التي تجعل المسلمين كالجسد الواحد، وكالبنيان المرصوص.

تشتمل الأعمال الخيرية التطوعية بشكل عام على الأوقاف والصدقات والهبات، وتعدّ الأوقاف الإسلامية من أبرز الأدوات الخيرية التطوعية التي توفر موردًا ماليًّا مستمرًّا على مدار التاريخ الإسلامي حتى وقتنا الحاضر، والوقف بحد ذاته هو مصدر هام ومورد مالي كبير للفقراء والمحتاجين.

وللعمل الخيري الإسلامي آثار إيجابية مختلفة على المجتمع بكافة قطاعاته الحكومية والخاصة، ولعل من أبرز هذه الآثار تحقيقَ الاستقرار والتوازن الاقتصادي في المجتمع؛ مما يؤدي إلى إيجاد بيئة استثمارية آمنة تؤدي إلى النهوض بالمجتمع في كافة المجالات، الأمر الذي أصبح معه العملُ الخيري يمثل عملًا منظمًا وعِلمًا قائمًا بذاته يُدرَّس في أرقى الجامعات العالمية، ولم يعُدْ يُنظَر إليه بسلبية، باعتباره مجرد عملية لجمع تبرعات.

وقد رغَّب الإسلامُ في الوقف، وجعل له جزءًا متميزًا لا ينقطع بموت صاحبه؛ وذلك لبقاء أثره ودوام نفعه، وصُورُ الحث على تأسيس الأوقاف في الكتاب والسنَّة عديدة، وهي الآيات والأحاديث التي تدعو إلى البذل والإنفاق في سبيل الله؛ قال - تعالى -: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92].


وتُعَدُّ الأوقاف الكثيرة والمتعددة في المجتمعات الإسلامية مفخرةً للنظام الإسلامي، وتطورت في صورة لا نظير لها في أمم الأرض؛ فقد شهدت نموًّا كبيرًا إلى أن باتت ذات أثر رئيس في كفاية ذوي الحاجات؛ حيث لم يترك المسلمون على مر العصور حاجةً من حاجات المجتمع إلا أوقف عليها الخيِّرون منهم جزءًا من أموالهم، فأصبح الفقراء والمحرومون ممن يعيشون في كنف المجتمع الإسلامي يجدون في هذه الخيرات الموقوفة ملجأً ومأوًى يُبعِد عنهم شبح الجوع والعُرْي، وكانت هذه الخيرات والمنافع متاحة للمسلمين، ومَن يعيش في كَنَفهم من أهل الذمة، ومن يدخُل بلاد المسلمين بأمان من الأمم الأخرى.

وفي ظل الظروف الراهنة، في هذا العصر، تجدَّد الاهتمام بالوقف، وتركَّز البحث والتفكير حول نظامه وأحكامه بحثًا عن أفضل الطرق لتطوير أعماله، ومضاعفة الاستفادة من خيراته، فضلًا عن أن المحافظة على أموال الوقف وتنميته تبقى ضرورة شرعية؛ بهدف استمرارية تقديم المنافع للمستفيدين منه؛ لذلك أَوْلَتِ الكثير من الدول الإسلامية في العصر الحاضر اهتمامًا كبيرًا بالأوقاف في شتى المجالات، ومنها المملكة العربية السعودية؛ حيث برزت العنايةُ بالوقف فيها بشكل ظاهر، وأُنشئت وزارة خاصة تُعنى بشؤون الأوقاف، وتنظيم أمورها، وازدادت المؤسسات الخيرية الوقفية التي تهدف إلى البر والإحسان، والتي قام على تأسيسها رجالُ أعمال في حياتهم، ويتبرعون لها بالأموال التي تدفعها بعد ذلك إلى الاستمرار لتصبح صدقة جارية لهؤلاء بعد وفاتهم.

وقد ساهمت هذه الأوقاف في الارتقاء بالفكر الوقفي؛ ليساهم في تنمية المجتمع وتطوير قدرات أفراده، حتى أصبحنا نرى من الأوقاف من يتبنى مشاريع تطوير القدرات والتدريب وبرامج التوعية، ولعلَّ آخرها ما تناقلته وسائل الإعلام من تبنّي مؤسسة محمد الراجحي لمشروع جمعية الأسر المنتجة التطوعية الخيرية (كفاف)، وتعاون لتدريب وتوظيف الأسر المحتاجة، ومن قبله مشروع "بناء النزيل" لتأهيل 1400 نزيل في المجالات الاجتماعية والتربوية والنفسية في إصلاحية الحائر.

إن تعدُّد مجالات الوقف يمثِّلُ صور التكافل الاجتماعي، ويعتبر الدرع الحصين ضد أي اختلالات أو فوضى اجتماعية واقتصادية وأمنية، فقد كانت الأوقافُ الإسلامية تخفِّف عن كاهل الدولة عبئًا كبيرًا في مجال الإنفاق الصحي والعسكري، وحتى أوقاف الخدمات والمرافق العامة، ولا شك أن ذلك يدفع الدولة إلى بذل المزيد من الجهود في مجال المشروعات العامة الإنتاجية التي تزيد من معدلات النمو الاقتصادي، وتحقِّق المزيد من فرص العمل والتشغيل، وبالتالي المزيد من الاستقرار الاقتصادي.
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى