الفارس الملثم
طاقم الكتاب الحصريين
- البلد/ المدينة :
- barika
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3599
- نقاط التميز :
- 7496
- التَـــسْجِيلْ :
- 01/01/2013
في المرائب مآرب
قبل كنت سليما لا أشتكي ولا أبكي’ ليس بي سقم ولا ألم’ فلما شارفت الثلاثينركبت البحر’ فاستهواني موجه الأجاج واستغواني هرجه اللجاج...
وهكذا حتى أصبحت كل حواسي ذات وَلَه وشغف .. أكسر الأمواج بذراع وأختطف الخطا قفزا من ساحة لأخرى ومن قصر إلى أعلى البروج’ وكان قريني يزيّن لي كل قبيح ’ فأخاله وأحسبه هو الصلاح والمليح ..
وجرّت الأيام بعضها فتطاحنت السنوات مع أعوامها هذه من بنات أعمامها وتلك من بنات خالاتها’ وما كنتُ أنا إلا محطة للعبور ’ وهما ساعة زمن ..
شُلت يداي فلا كسر ولا تكسير ’ قيّدت رجلاي فأنى لي بعد أن أحث السير..
ثقُل السمع وضعف البصر لطفك بي يا عليم يا بصير’ واشتعل الرأس شيبا ولا أدري أمن جرمي هو أم أنني فعلا بين أهلي ومن أحب أمسيت غريبا..؟ هشّ العظم واتسعت مواطن الإثم وأضحيت عاجزا تمام العجز عن مسابقة الغزلان
حينها تيقنت يقينا أن في المرائب مآرب , وما كنت بذي علم من ذي قبل...
في بيتنا طبخ وفي بيوتهم نفخ وسلخ ...
في ديارنا أُلفة مألوفة أليفة قلوب متآلفة وصلح وتسامح’ وفي ديارهم غنجهية من الغجرية بألوانها تسلّحوا وبقرونهم تناطحوا
في مساكننا مودة وخالص الحب’ وفي سكناهم أف وتأفف وتفث ونفث وأفواه لا تنطق إلا سوء الظن والأدب..
أما وإن تكرّمت فزرت فشرفت حمانا في باديتنا ....
لوجدت ماء قربنا عذبا دون عذاب.
لوجدت قصعة الثريد يتربع فوقها ملك القديد...
لوجدت الأُنس وراحة البال وطمأنينة النفس...
لوجدت من اللسان الصدق ومن الإنسان الوفاء والعهد والرفق..
لوجدت بالليل نار خيامنا تهابها خوفا الرياح والعواصف وفي قلب خيامنا قناديل تنير السبيل لكل من هفا قلبه حتى الصباح حيث كل منا فيما يشغله يشتغل’ وعن الجمع والتجمع وسفاسف الكلام لا يُقبل ’ وعن القيل والقال تراه صائما لا يتحلل....
هذا ما عندنا ولم يزل ’ فما عندهم أيها السائل ..؟
أنا أعلم ولكن لن أجيب حتى تغوصوا البحار وتقطعون تذاكر الأسفار وتمتحنون أصناف الدواب التي فوق الأسوار أين ضاع حق الجوار....
ثم بعدها تركبون مختلف عربات الحياة بدءا من محطة القطار إلى ساحات وبرج المطار ...
وإني ها هنا في إنتظاركم ليلا نهارا’ وقتها تفتح سجلات الماضي والحاضر ويشتد لهب الحوار’ حينئذ نطفئ القناديل فقد إتضح اللُّبس وطلع النهار’ وصدق من قال: قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار
إبراهيم تايحي