منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الفقيرة لعفو ربها

الفقيرة لعفو ربها

عضو نشيط
رقم العضوية :
7169
البلد/ المدينة :
أرض الجود
المُسَــاهَمَـاتْ :
455
نقاط التميز :
622
التَـــسْجِيلْ :
07/12/2010
[color=indigo]زوجان متزوجان منذ ستين سنة كانا خلالها يتصارحان حول كل شيء ويسعدان بقضاء كل الوقت
في الكلام أو خدمة أحدهما الآخر ولم تكن بينهما أسرار، لكن الزوجة العجوز كانت تحتفظ بصندوق
فوق أحد الأرفف وحذرت زوجها مرارا من فتحه أو سؤالها عن محتواه ولأن الزوج كان يحترم رغبات
زوجته فإنه لم يأبه بأمر الصندوق إلى أن كان يوم أنهك فيه المرض الزوجة وقال الطبيب إن أيامها
باتت معدودة.



وبدأ الزوج الحزين يتأهب لمرحلة الترمل، ويضع حاجيات زوجته في حقائب ليحتفظ بها كذكريات، ثم
وقعت عينه على الصندوق فحمله وتوجه به إلى السرير حيث ترقد زوجته المريضة التي ما أن رأت
الصندوق حتى ابتسمت في حنو وقالت له: لا بأس بإمكانك فتح الصندوق.



فتح الرجل الصندوق ووجد بداخله دميتين من القماش وإبر النسج المعروفة بالكروشيه وتحت كل
ذلك مبلغ من المال، فسألها عن تلك الأشياء فقالت العجوز هامسة: عندما تزوجتك أبلغتني
جدتي أن سر الزواج الناجح يكمن في تفادي الجدل والنقاروالنقير، ونصحتني بأنه كلما غضبت منك،
أكتم غضبي وأقوم بصنع دمية من القماش مستخدمة الإبر.



هنا كاد الرجل أن يشرق بدموعه :دميتان فقط؟ يعني لم تغضب مني طوال ستين سنة سوى
مرتين؟



ورغم حزنه على كون زوجته في فراش الموت فقد أحس بالسعادة؛ لأنه فهم أنه لم يغضبها سوى
مرتين، ثم سألها: حسنا، عرفنا سر الدميتين ولكن ماذا عن هذا المال؟،
أجابته زوجته: هذا هو المبلغ الذي جمعته من بيع الدمى.



فمن منا أغمضَ عينهُ قليلاً عنْ عيوبَ الآخرين وأخطائهم كي لا يجرح مشاعرهمْ؟ و من منا وضع
عيوب الآخرين تحت المجهر كي يخفي عيوب نفسه؟




يقول ابن الوردي:
تجنبْ أصدقاءَكَ أو تغافَلْ
لهـمْ تظفرْ بودهم المبينِ

وإنْ يتكدروا يوما فَـعُذْرا
فإن القومَ منْ ماءٍ وطينِ




وفي الصحيحين في حديث أم زرع:
"قَالَتِ الْخَامِسَة: زَوْجي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلاَ يَسْأَلُ عَما عَهِدَ".



يقول ابن حجر:
يحتمل المدح بمعنى: أنه شديد الكرم، كثير التغاضي، لا يتفقد ما ذهب من ماله، وإذا جاء بشيء
لبيته لا يسأل عنه بعد ذلك، أو لا يلتفت إلى ما يرى في البيت من المعايب، بل يسامح ويغضي.




قال الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله -:
"تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"
وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور.




وقال الحسن البصري - رحمه الله -:
" ما زال التغافل من فعل الكرام".



وقال الامام الحسن - رضي الله عنه -:
"ما استقصى كريم قط؛ قال الله تعالى:
{عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ}
(التحريم:3).



وقال عمرو المكي - رحمه الله -:
"من المروءة التغافل عن زلل الإخوان"
.




وقال الشافعي - رحمه الله -:
"الكيس العاقل هو الفطن المتغافل".




وقال جعفر - رحمه الله -:
‏"عظموا أقدراكم بالتغافل"
.‏



وقال بعض العارفين:
"تناسَ مساوئ الإخوان تستدِم ودّهم‏".




قال الشاعر:
أحبُ من الأخوانِ كل مواتيِ
وكلَ غضيضُ الطرفِ عن هفواتِ



وقال أخر:
ويغضُ طرفاً عن إساءةِ من أساءَ
ويحلمُ عند جهلِ الصاحبِ



وقال ثالث:
ليس الغبي بسيدٍ في قومه
لكن سيد قومه المتغابي




واختم بهذه القصة التي تقول إن رجلٌا تركَ زوجتهُ وأولادهُ مِن أجلِ وطنه قاصداً أرض معركة تدور
رحاها علىَ أطراف البلاد وبعد انتهاء الحرب وأثناء طريق العودة أُخبَرَ الرجل أن زوجتهُ مرضت بالجدري
في غيابهِ فتشوه وجهها كثيراً جرّاء ذلك، تلقى الرجل الخبرَ بصمتٍ وحزنٍ عميقينِ شديدينِ.



وفي اليوم التالي شاهدهُ رفاقهُ مغمض العينين فرثوا لحالهِ، وعلموا حينها أنهُ لم يعد يبصر، رافقوه
إلى منزلهِ, وأكمل بعد ذلكَ حياتهُ مع زوجتهُ وأولادهُ بشكلٍ طبيعي، وبعد ما يقاربَ خمسةَ عشرَ
سنةٍ توفيت زوجتهُ، وحينها تفاجأ كلّ من حولهُ بأنهُ عادَ مبصراً بشكلٍ طبيعي، وأدركوا أنهُ أغمضَ
عينيهِ طيلة تلكَ الفترة كي لا يجرح مشاعر زوجتِه عند رؤيتُه لها.



/


.[إن الاستمتاع بالحياة الزوجية يتطلب وضع صغائر الأمور في حجمها الحقيقي دون تضخيم ولهذا
على كل واحد منهما تقبل الطرف الأخر والتغاضي عما لا يعجبه فيه من صفات أو طبائع.


فلنتغاضى قليلا حتى تسير الحياة سعيدة هانئة لا تكدرها صغائر ولتلتئم على الحب والسعادة
فكثرة العتاب تفرق الأحباب والأصدقاء
/color]
 
الفقيرة لعفو ربها

الفقيرة لعفو ربها

عضو نشيط
رقم العضوية :
7169
البلد/ المدينة :
أرض الجود
المُسَــاهَمَـاتْ :
455
نقاط التميز :
622
التَـــسْجِيلْ :
07/12/2010
أرجو أن تغمض عينيك عن عيوب غيرك وتحاول أن تهتم بعيوبك وتصلحها

فلا أحد خالي من العيوب والمطلوب منا أن نتوب لكي لا نحصد الذنوب

تقبلوا تحياتي
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى