منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


the mj

the mj

عضو مساهم
البلد/ المدينة :
زريبة الوادي
العَمَــــــــــلْ :
طالب
المُسَــاهَمَـاتْ :
214
نقاط التميز :
450
التَـــسْجِيلْ :
12/01/2011
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - الكتابة في تدوين ما ينزل من القرآن ،
واتخذ لذلك كتاباً من الصحابة ، فكان القرآن يكتب كله بين يدي رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - على الرِّقاع والأضلاع والحجارة والسعف ( أغصان
النخيل ) ، وكانت الآية من القرآن تنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- فيأمر كاتب الوحي بكتابتها في موضع كذا من سورة كذا ، واستمر الأمر على
هذه الحال حتى وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقبض رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - إلا والقرآن محفوظ مكتوب لا ينقصه إلا الجمع في مصحف
واحد .
أما السنة فلم يكن شأنها كذلك حيث إنها لم تدون جميعها تدوينًا رسميًا في
عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما دُون القرآن ، ولم يأمر النبي - صلى
الله عليه وسلم - أصحابه بذلك .
وقد ذكر العلماء أسباباً عديدة لعدم تدوين السنة في العهد النبوي : منها أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - عاش بين أصحابه بعد البعثة ثلاثًا وعشرين
سنة ، فكان تدوين كل كلماته وأقواله وأفعاله وكتابتها فيه من العسر والمشقة
الشيء الكثير ، لما يحتاجه ذلك من تفرغ كثير من الصحابة لهذا العمل الجليل
، ونحن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا جميعا يحسنون الكتابة بل
كان الكاتبون منهم أفراداً قلائل ، وكان تركيز هؤلاء الكتبة من الصحابة على
كتابة القرآن دون غيره من السنة حتى يؤدوه لمن بعدهم تامًا مضبوطًا لا
يُنْقص منه حرف .
ومن الأسباب أيضاً الخوف من حدوث اللبس عند عامة المسلمين فيختلط القرآن
بغيره من الحديث ، وخصوصاً في تلك الفترة المبكرة التي لم يكتمل فيها نزول
الوحي ، وكان القرآن ينزل فيها مفرقاً حسب الوقائع والأحداث ، إضافة إلى أن
العرب كانوا أمة أمية ، وكانوا يعتمدون على الذاكرة فيما يودون حفظه
واستظهاره ، ولذلك عُرفوا بقوة الذاكرة وسرعة الحفظ ، وكان نزول القرآن
مفرقاً على آيات وسور صغيرة أدعى للتفرغ لحفظه واستذكاره والاحتفاظ به في
صدورهم ، أما السنة فكانت كثيرة الوقائع متشعبة النواحي شاملة لأعمال
الرسول وأقواله منذ بدء الرسالة إلى أن توفاه الله عز وجل ، فلو دونت كما
دون القرآن ، للزم أن ينكبَّ الصحابة على حفظ السنة مع حفظ القرآن ، وفيه
من الحرج والمشقة ما فيه ، فكان لا بد من توفرهم - في تلك الفترة - على
كتاب الله حفظاً ودراسة وتفهما .
كل ذلك وغيره - مما توسع العلماء في بيانه - كان من أسرار عدم تدوين السنة
في العهد النبوي ، وبهذا نفهم سر النهي عن كتابتها في الحديث الوارد في
صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري عندما قال عليه الصلاة والسلام : ( لا تكتبوا
عني ، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه ) .
وهذا لا يعني أبداً أن السنة لم يكتب منها شيء في عهد الرسول صلى الله عليه
وسلم ، فقد وردت آثار صحيحة تدل على أنه قد وقع كتابة شيء من السنة في
العصر النبوي ، ولكن هذا التدوين والكتابة كان بصفة خاصة ، ولم يكن عاماً
بحيث تتداول هذه الكتب بين الناس ، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -
أصحابه في فتح مكة أن يكتبوا لأبي شاة ، وكتب - صلى الله عليه وسلم - كتباً
إلى الملوك والأمراء يدعوهم فيها إلى الإسلام ، كما ثبت أن بعض الصحابة
كانت لهم صحف خاصة يدونون فيها بعض ما سمعوه من رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص التي كان يسميها بالصادقة ، وكانت
عند علي رضي الله عنه صحيفة فيها أحكام الدية وفكاك الأسير ، كما ثبت أن
النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب لبعض أمرائه وعمَّاله كتبًا حددَّ لهم
فيها الأنصبة ومقادير الزكاة والجزية والديات ، إلى غير ذلك من القضايا
المتعددة التي تدل على وقوع الكتابة في عهده عليه الصلاة والسلام .
إذاً فقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تدون السنة تدويناً كاملاً كما دون القرآن .
ثم جاء عهد الخلفاء الراشدين ، فلم يدونوا الحديث في الصحف كراهة أن يتخذها
الناس مصاحف يضاهون بها صحف القرآن ، وأحجموا عن كتابة السنة وتدوينها مدة
خلافتهم ، حتى إن عمر رضي الله عنه فكر في أول الأمر في جمع السنة فاستفتى
أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فأشاروا عليه بأن يكتبها ،
فطفق عمر يستخير الله فيها شهراً ثم أصبح يوماً وقد عزم الله له فقال : "
إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً ،
فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني- والله - لا ألبس كتاب الله بشيء
أبداً " ، وكان هذا الرأي من عمر متناسباً مع حالة الناس في ذلك الوقت ،
فإن عهدهم بالقرآن لا يزال حديثاً ، وخصوصاً من دخل في الإسلام من أهل
الآفاق ، ولو أن السنة دونت ووزعت على الأمصار وتناولها الناس بالحفظ
والدراسة لزاحمت القرآن ، ولم يؤمن أن تلتبس به على كثير منهم ، ولم يكن في
هذا الرأي تضييع للأحاديث فقد كان الناس لا يزالون بخير ، ولا تزال
ملكاتهم قوية وحوافظهم قادرة على حفظ السنن وأدائها أداءً أميناً ، وقد
تتابع الخلفاء على سنة عمر رضي الله عنه ، فلم يعرف عنهم أنهم دونوا السنن
أو أمروا الناس بذلك .
وهكذا انقضى عصر الصحابة ولم يُدَوَّن من السنة إلا القليل ، حتى جاء
الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز فأمر بجمع الحديث لدواع اقتضت ذلك ، بعد
حفظ الأمة لكتاب ربها ، وأمنها عليه أن يشتبه بغيره من السنن .
 
تاج الإسلام

تاج الإسلام

عضو نشيط
البلد/ المدينة :
بسكرة
المُسَــاهَمَـاتْ :
1034
نقاط التميز :
1924
التَـــسْجِيلْ :
28/03/2011
:مميز:
 
نور الحياء

نور الحياء

عضو متميز
رقم العضوية :
13850
البلد/ المدينة :
بسكرة
العَمَــــــــــلْ :
طالبة
المُسَــاهَمَـاتْ :
2022
نقاط التميز :
2162
التَـــسْجِيلْ :
21/03/2011

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى