touati14
عضو مساهم
- البلد/ المدينة :
- tiaret
- العَمَــــــــــلْ :
- طالب ثانوية
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 117
- نقاط التميز :
- 306
- التَـــسْجِيلْ :
- 17/07/2014
على قارعة الحياة صادفها و القلم ، فخاطبها متسائلًا : لماذا تكتبين ؟
رمقته بابتسامة و أجابتْ : الكتابة هي بوح صامت بكلّ ما يختلج في دواخلنا ، هي التصريح بما خبأناه في قلوبنًا دهرًا لننزفه حرفًا يهمله البعض و يُعجب به البعض الآخر.
خاطبها متسائلًا : أليس غريبا أن يُعجب الآخرون بآلامنا و أحزاننا و نفرح نحن بإعجابهم و البسمة ترافق وجوهنا ؟
اجابته : حتمًا ، بعض آلامنا تصنع أمجادنا ، نحن لا نكتب أفراحنا ، و لا نبوح بعظيم إنجازاتنا ، فتلك أمور يكتبها الآخرون عنّا.
البوح نزيف جراحٍ أبتْ أن تندمل ، و صوت صراخ حبسناه في دواخلنا كي لا يهزّ عرش أحزاننا.
البوح أنين يكاد يخنق أرواحنا ، و الكتابة هي المنفذ الوحيد لمن طال به الألم و لم يجد متّسعا للحديث و لَا حتى مستقرًا للدموع ، لذلك نحن لا نكتب إلا خيباتنا ، فنرسمها حروفًا جذابة تلفت القارئ .
-أليس للسعادة نصيبٌ من الكتابة ؟
-بلى ، و لكن مهما حاولنا صياغة أفراحنا نجد الحرف عاجزًا عن التعبير ، ذلك ان السعادة لحظاتٌ نعيشها ، و مهما طالت بدَتْ لنا قصيرة الأمد ، لذلك نعجز عن كتابتها و إن فعلنا تكون حروفنا فيها باهتة و إن كلّلها الأمل .
بينما الحزن يعيش فينا و نعيش فيه ، و مهما كانت أحزاننا قصيرة الأمد خِلناها مأساة تقتصّ منّا كلّ فرحٍ باسمٍ و سلسلة عذاب لا تنتهي ، فنعيش كلّ حزن بدل المرّة ألف مرّة ، لنخطّ أحزاننا و خيباتنا حروفًا ماسيّة و إن رافقتْ الدموع معظم سطورها.
صمتتْ قليلًا ثم واصلتْ : كَم يلزمنا من الوعي حتى ندرك أنّ الحظ السيء ليس لعنة ترافقنا ، و أنّ الحظ الجيد لا يعني بالضرورة أنّنا "مباركون" .
كَم يلزمنا من السعادة حتى نقتنع بأنّ اللحظات الجميلة لا تصنعنا و لا تترك فينا أثرًا دائما ، و كَم يلزمنا من الصدمات حتى ندرك بأنّ خيباتنا هي ما يصقل إيماننا و صلابتنا و يصنع أمجادنا.
-حتمًا مَن سيسمع كلامكِ سيظنّ بكِ أحد الظنين ؛ إمّا مجنونة شربتْ من كؤوس الحزن حتى ثملتْ ، فتخدّر إحساسها بالواقع وتجمّدت السعادة في عروقها فأدمنتْ الألم حتى قدّسته.
و إمّا طفلة عابثة لم تعرف من الهمّ شيئا غير ضياع ألعابها ، فبكتْ رحيل دميتها عنها و اعتقدتْ أنّ ذلك هو العذاب ذاته.
و إمّا طفلة عابثة لم تعرف من الهمّ شيئا غير ضياع ألعابها ، فبكتْ رحيل دميتها عنها و اعتقدتْ أنّ ذلك هو العذاب ذاته.
-الحقيقة أنّني بين هذين الإحتمالين ؛ فلا أنا مدمنة حزن أعماها الألم حتى تاهتْ عن درب السعادة و استكانتْ للعذاب ، و لَا أنا طفلة تخاف الظلام لاعتقادها بأنّه يحبس الشمس و يغتال ضحكتها.
أطرق يفكّر ثمّ سألها قائلًا : بأيّ شيء نقيس الحزن يا تُرى ؟ بحجم المشكلة التي سبّبته ، أم بقدرة تحمّل الشخص الذي يعيشه ؟
أجابته: كلاهما لا يصلح لذلك ، لأنّ المشكلة البسيطة في نظرنا قد لا تكون هيّنة في نظر صاحبها ، و كون الشخص صلبًا و قادرا على تحمّل الصعاب لا يعني بأنّ مشاكله هيّنة.
في الحزن لَا يجب أن نعتدّ بالحدث أوبالشخص ، بل بأثر ذلك الحدث على ذلك الشخص.
سألها في حيرة : أيّ فلسفة تملكين حول النهايات الحزينة ؟
-لا أجيد أبدا رصّ كلمات الأمل و لا رسم حروفٍ باسمة ، لكنّني أحاول المضي بعد كلّ خيبة و بعد كلّ انكسار ، كي لا أسمح للسواد بأن يخترق قلبي.
واصلتْ بعد لحظة صمتٍ : تعجبني النهايات التعيسة في القصص و الروايات ، و تروق لي الدموع التي تنذرف عند آخر سطر للحكاية لتختمها ، ذلك أنّ النهايات الحزينة أقرب للواقع ، أما حروف الأمل التي ترتسم في النهاية ما هي إلا أحلام كاتب عجز عن تغيير واقعه المرّ فاكتفى بكتابة نهاية أجمل له في قصصه و رواياته كي تناسب أحلامه.
أطلق تنهيدة تختصر وجعه ثم قال : ليت بوسعنا تغيير الواقع بجرّة قلم.
و مضى يجرّ أملًا و الخيبة تترصّده.