DJABER
طاقم أعضاء الشرف
- رقم العضوية :
- 196
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 1671
- نقاط التميز :
- 2279
- التَـــسْجِيلْ :
- 08/06/2009
من المؤكد حاجتنا نحن الكبار إلى التربية ليست اقل من حاجة أطفالنا لها
بل يجب أن تسبق تربيتنا تربيتهم .. و من أسف أنّنا لا نتعلم من براءتهم فنصلح من أنفسنا
وقد نُعلّمهم من أخطائِنا فيفسدون.
وإذا كنا - نحنُ الكبارَ - نرعى أبناءنا بكل قوانا، فإنّهم بالمقابل يرعون عواطفنا الأبوية بكلّ ضعفهم..
و سعادتنا عندما نعطيهم، ليست بأقل من سعادتهم حين يأخذون..
وإذا كنّا نهديهم الأشياء في الدنيا، فإنّهم يهدوننا الدّعوات الباقيات الصالحات إذا صِرنا تحت الثرى..
و إن كان أطفالنا سيغدون - بإذن الله - ألسنة صدقٍ تشفع لنا يوم الحساب، بشرطٍ واحد
هو: أنْ نحسنَ تربيتهم، كما أحسنّا تغذيتهم..
إن الطفل أمانة الله بأيدينا .. ولا حفاظ على هذه الأمانة إلا بالتربية الحسنة..
فالاستثمارُ في تربية الأطفال هو أنجح وأسرع استثمار لأي مجتمعٍ يخطّط لمستقبل زاهر ..
وإذا كانت الأمم تحيا بالتجديد ، فإنّ هذا التجديد لا يقومُ إلا على حسنِ تربية النشء الجديد ..
فإذا كانت التربية قيداً من جانب، فهي فسحةٌ و متعة لا نظير لها من جانب آخر فلا حرم الله أحدا من هذه النعمة القيّمة.
وأنا أؤمن بقوة التربية، وبدقّة نتائجها، وإنّ ثقتي بحصادها لا تقِلُّ عن ثقتي بحصاد الزرع بعد طول انتظار
والتربية هي عمل واعٍ ،متقن ،هدفه تنمية الفطرة لبناء الإنسان المتوازن فكريّاً وروحيّاً وخلقياً وجسدياً.. ا
لإنسان الصالحِ في ذاته، المصلحِ لأمّته.
فهي إذن فَـنٌ وعلمٌ ووعيٌ وجهاد، فالمربي الناجح مثله مثل البستاني الماهر الفنّان يبدع في إبراز جمال حديقته
وإنّ الوالد الصالح هو الذي يُحسن تربية ولده، حتّى يكون أفضلَ منه ..
وتحتاجُ التربية إلى تكاملِ وتواصلِ كلّ الجهود، إذ يشتركُ الأبوان في البيت، والمعلم في المدرسة
،والإمام في المسجد، في صناعة الإنسانِ ..
كما تنطلقُ العملية التربوية ابتداءً من اللحظة الأولى من عمر الإنسان، بتبليغ الوليد مبادئ الإسلام
بسُنّة الأذانِ في أُذنه وفي هذا الأذان إشعارٌ بأنّ الطفل قد اكتملت إنسانيته،
و إعلان للمربي أن مهمته التربويّة قد بدأت من هنا... من هذه اللحظة ،
ولما كانت وظيفةُ الإنسان هي أكرم وظيفة، فقد امتدّت مرحلة طفولته ، فكان الطفل الإنساني أطولَ الأحياء طفولة ً،
يَحسُنَ تدريبُهُ وإعدادهُ للمستقبل ، وذلك في حضن الأسرة ، فأنفاس الأمّ ضروريّةٌ في إنضاج الطفل ،
وضرباتُ قلبها ضروريةٌ لتعليمه نظام الحياة و إرادة الحياة .
يقول الشّاعر الكاتب جلال الدين الرومي:
( إذا احتضنت الأمّ طفلَها لِترضعَهُ، فليس لدى الطفل وقتٌ ليسألها عن إقامة البرهان على أمومتها )..
فدور الأمّ في التربية أكبرُ من دور الأب أو المعلم، وهي على أداء هذا الدور أكثر صبرا ..
وأعبثُ في البيـت مستبسـلاً فأَيَّ إناءٍ أصبتُ انكسرْ
أَطيشُ, فيضجَرُ بي والدي وليس يُلّمُّ بأُمّي الضَّجَرْ
فالبيت الذي يخلو من الأم الواعية الصالحة هو بيتٌ يتيم.أما البيت الذي يكون الأبُ سقفَه،
والأم قلبه، ويغشاه الحب والرحمة والوعي والإيمان، فهو البيت الذي يخرّج إنسانا صالحا للمجتمع..