منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


LOTFI

LOTFI

طاقم المتميزين
رقم العضوية :
2
البلد/ المدينة :
الوطن العربي الجريح
المُسَــاهَمَـاتْ :
7902
نقاط التميز :
11950
التَـــسْجِيلْ :
09/06/2008
الطلاق في قانون الاسرة الجزائري ج3

الطلاق في قانون الاسرة الجزائري

الفرع الثاني : شروط رفع دعوى إثبات الطلاق

أ- الشروط الواجب توافرها في الزوجين:
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 459 ق.إ.م على أنه لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء مالم يكن حائزا لصفة و أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك
فأما الأهلية فإن القانون المدني يعرفها بأنها صلاحية الشخص لكسب الحقوق و التحمــل بالالتزامات والأهلية في الاصطلاح القانوني علــى نوعين:أهليــة وجوب وأهلية أداء.
والمقصود بالأهلية في مجال الخصومات الزوجية هو أهلية التقاضي أمام المحكمة بمعنى أنه إذا تنازع الزوجان و تخاصما خصاما شديدا فإنه لكي تنظر المحكمة في موضـوع
نزاعهما يجب أن يكون كل واحد منهما متمتعا بأهلية التقاضي و بالغا سن الرشد المدني و هو 19سنة من العمر كاملة وفقا لما نصت عليه المادة 40 ق . م و متمتعا أيضا بقواه العقلية و ألا يكون محجورا عليه لأنه لا يجوز للمحكمة أن تقبل دعوى من أو على شخص فاقد الأهلية أو ناقصها إلا بواسطة ممثله القانوني ، هذا بتطبيق القواعد العامة إلا أن مسألة الطلاق في حد ذاتها لها خصوصيتها إذ أنها حق شخصي للزوج وأن الحجر يقع على ممارسة الحقوق المالية فقط لذلك فإنه في الشرع الإسلامي يجوز للزوج المحجور عليه طلاق زوجته ، ومن ثمة وطالما لم يتعرض قانون الأسرة لهذه المسألة فلا مانع من تبني ما ذهب إليه فقهاء الشريعة الإسلامية في هذا المجال ، و تبقى مسألة اللجوء إلى القضاء مسألة إجرائية .
و الأمر نفسه فيما يخص طلاق المريض مرض الموت مما يجعلنا نعود إلى أحكام الشريعة الإسلامية في هذا المجال و لاسيما ما يتعلق منها بصحة الطلاق و إمكانية التوارث بين الزوجين إذا حدثت الوفاة خلال أو اثر مرض الموت .
لقد أجمع الفقهاء على صحة الطلاق الواقع في مرض الموت و على التوارث أتناء عدة الطلاق الرجعي و اختلفوا على مدة و زمان إمكانية التوارث أتناء عدة الطلاق البائن.
أما قانون الأسرة الجزائري فقد اكتفى بالنص في المادة 132 منه على انه : إذا توفي أحد الزوجين قبل صدور الحكم بالطلاق أو كانت الوفاة في عدة الطلاق استحق الحي منهما الإرث، دون أن يفرق بين عدة الطلاق الرجعي و عدة الطلاق البائن .
و خلاصة القول أن حكم الطلاق في مرض الموت هو طلاق صحيح شرعا و قانونا و لا يجوز الطعن فيه أو الادعاء ببطلانه و أن حق التوارث يبقى قائما لصالح الزوجين إذا مات أحدهما أتناء عدة الطلاق الرجعي، و يبقى قائما لصالح الزوجة المطلقة وحدها إذا مات مطلقها أثناء عدة الطلاق البائن أو بعدها كلما ثبت أن الزوج قد طلقها في مرض الموت بقصد حرمانها من حقها في التركة و هذا ما يسمى عند الفقهاء بطلاق الفرار الذي يستوجب معاملة المطلق بنقيض قصده.
و بمأن الطلاق هو من حقوق الزوج فإنه يجوز له توكيل غيره في إيقاعه و ينصرف هذا الأثر إلى الزوج ، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها إذ جاء فيه أنه من المقرر قانونا أن الوكالة أو الإنابة هي عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل و باسمه و أن الوكالة الخاصة الرسمية تصح للمرافعة أمام القضاء .
ومن المقرر أيضا أن الأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف ما عدا في جوانبها المادية.
و من ثمة يتعين القول أن الزوج الذي وكل والده نيابة عنه في إجراءات التقاضي في دعوى الطلاق موضوع النزاع الحالي بناءا على وكالة رسمية والتي تحدث آثارها القانونية عكس ما ذهبت إليه الطاعنة بالقول لا تصح الوكالة في مثل هذه الحالات، إلا أن ما يؤخذ على قضاة الاستئناف عدم قبول الاستئناف شكلا من دون مراعاة أحكام المادة 102 ق . إ . م بدعوى أن الطلاق نهائي و كان المفروض النظر في مسألة الاستئناف و بعد قبوله ينظر في موضوع الطلاق و يحكم بعدم الاختصاص لكون الحكم صدر نهائيا .
و بصفة عامة فإن المعمول به في حالة تقصان الأهلية هو رفع الدعوى من ولي الزوج ناقص الأهلية أو ضده ، و في حالة المنازعة في الأهلية فإنه يعود الأمر للقاضي لتقدير نقص الأهلية من عدمه و ذلك بتعيين خبير مختص لإجراء خبرة حول المسألة .
و تجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي في هذا المجال يعتبر أن القاصر يرشد بالزواج بقوة القانون وأن هذا الترشيد شرعي و آلي، بل أكثر من ذلك فهو يعتبر كنتيجة للإرادة الضمنية للآباء ، وأن الضرورة الحتمية تفرض اعتبار الترشيد كأثر للزواج ذلك أن الزوج يصبح رئيس للعائلة و عليه ينبغي أن يتمتع ببعض الحرية في ممارسة وظيفته و كذلك الزوجة فهي تتحمل أعباء الأسرة و عليه ينبغي الاعتراف لهما بحد أدنى من الاستقلالية عن الآباء .
و من ثمة فان الزوج القاصر متى تزوج أصبح أهلا لان يرفع دعوى الطلاق أو أن ترفع ضده.
في حين لم يتناول المشرع الجزائري هذه المسألة بل سكت عن ذلك و السكوت معناه الإحالة على القواعد العامة ، و مع ذلك نجد المادة 334 من قانون العقوبات الجزائري تنص على ما يلي :... و لو تجاوز السادسة عشر من عمره و لم يصبح بعد راشدا بالزواج .... و عليه إذا أخدنا بحرفية النص يمكن القــول أنالمشرع الجزائري يأخذ ضمنيا بفكرة الترشيد إلا أن الراجح أن المسالة لا تعدوا إلا أن تكون مجرد خطأ مطبعي أو سهو عندما تم الاقتباس من القانون الفرنسي.
و الرأي عندنا هو انه ينبغي على المشرع أن يتدخل لتقنين هذه المسالة ذلك أن مسالة كون الرجل أو المرأة يتحمل اعباء أسرة بأكملها و في الوقت نفسه لا يملك أن يباشر حقوقه الإجرائية من رفع الدعاوى و الدفاع عن نفسه بنفسه في حالة رفعها ضده تنطوي على نوع من التناقض.
و في الختام ينبغي التنويه إلى أن الأستاذ زودة عمر يعتبر الأهلية شرط من شروط صحة المطالبة القضائية و ليس لقبول الدعوى ذلك أن تخلفها يترتب عليه دفع شكلي في حين أن تخلف شروط قبول الدعوى يترتب عليها دفع بعدم القبول .
و أما الصفة فإن المقصود بها هو أن يكون صاحب الحق حل اعتداء هوالذي يباشر الحق في الدعوى التي ترفع من اجل تقرير هذا الحق أو حمايته.
وعليه فإن الصفة هي الوصف الذي يسحب على الأطراف فإذا رفعت الدعوى على غير ذي صفة يحكم بعدم قبول الدعوى، و المفروض أن الصفة تثبت لكل شخص تم الاعتداء على حقه غير انه قد يوجد هذا الشخص في استحالة مادية أو قانونية تمنعه من استعمال حقه في الدعوى أمام القضاء و لذلك تباشر هذه الدعوى بواسطة ممثله القانوني، في هذه الحالة تثبت للممثل القانوني ما يعرف بالصفة الإجرائية.
و نجد انه في حالة تخلف الصفة الإجرائية يترتب عليها بطلان الإجراءات كما أن زوال الصفة في الدعوى يؤدي إلى انقضائها في حين أن زوال الصفة الإجرائية يؤدي إلى انقطاعها.
و الصفة في دعاوى إثبات الطلاق معناها أن يكون أحد الزوجين الذي يرفع دعواه ضد الزوج الآخر له صفة في إقامة هذه الدعوى و تقديمها إلى المحكمة، بمعنى انه يجب لتحقيق هذا الشرط أن يكون المدعي هو الزوج أو الزوجة نفسها أو احد ممثليهما قانونا.
وتثبت الصفة في الدعوى بتقديم الزوج طالب الطلاق نسخة من عقد الزواج وفي هذا الصدد نص القانون رقم 224-63 الصادر في 29/06/1963 والخـاصبتحديد سن الزواج قد نص في المادة 05 منه على أنه : لا يجوز لأحد أن يدعي بأنه زوج وأن يطالب بما يترتب على الزواج من آثار مالم يقدم عقد زواج محرر و مسجل في سجلات الحالة المدنية .
أما في دعوى اثبات الطلاق العرفي فإنه طالما أن هذه الدعوى قد فرضت نفسها في الواقع فإنه يجب التطرق لها و عليه فالصفة تثبت لكل من الزوجين و لورثتهما في حالة الوفاة مع العلم انه في حالة كون احد الزوجين قاصرا فانه يملك الصفة الموضوعية دون الصفة الإجرائية.
و أما بالنسبة لشرط المصلحة فانه بالنسبة للزوج أو الزوجة أو الورثة في حالة الطلاق العرفي فانه من مصلحتهم إثبات وقوع الطلاق، و تظهر هذه المصلحة بصفة خاصة في دعاوى اتبات الطلاق العرفي و خاصة حالة إعادة الزوجة الزواج أو تزوج الزوج بأخت الزوجة أو برابعة، أما بالنسبة للورثة فان مصلحتهم تتمثل في ثبوت الميراث من عدمه.
ب- أداة رفع الدعوى إلى المحكمة : ترفع دعوى الطلاق أمام المحكمة وفقا للطرق المنصوص عليها بالمادة 12 من ق.إ.م و ذلك إما بإيداع عريضة مكتوبة و مؤرخة و موقعة من المدعي أو من محاميه لدى مكتب الضبط بالمحكمة ، وإما بحضور المدعي نفسه أمام المحكمة و في هذه الحالة يتولى كاتب الضبط أو أحد أعوان مكتب الضبط تحرير محضر بتصريحات المدعي الذي يوقع عليه أو يذكر أنه لا يحسن التوقيع .
ومن تحليل هذه المادة يتضح لنا أنه هناك طريقتان لرفع الدعوى أمام المحكمة وهما :
- طريقة تقديم عريضة مكتوبة حيث يقوم المدعي بتقديم عريضته مؤرخة و موقعة على نسختين إلى أمانة ضبط المحكمة ولا يطلب منه القانون أن يبين الأسباب التـي دفعـتـه
إلى الطلاق لأن الأمر يتعلق باستعمال الحق الإرادي ، و تعتبر العريضة أحد العناصر الشكلية لممارسته ويجب أن يشير فيها إلى اسمه و لقبه و عنوانه و مهنته ، وإلى اسم ولقب وعنوان ومهنة زوجته .
- طريقة التصريح الشفوي : و تكون بتصريح المدعي لدى أمانة ضبط المحكمة بإرادته مع تقديمه له جميع بياناته و بيانات خصمه .
وهنا يحرر الكاتب محضرا بطلبات المدعي و أقواله ثم يقدمه له للتوقيع عليه وان كان المدعي لا يحسن التوقيع أو لا يستطيع ذلك فلا ينبغي على الكاتب أن يضع بصمته على المحضر وإنما ينوه في آخره بأن المدعي لا يحسن التوقيع .
و في الواقع العملي نجد أنه لا أثر للطريقة الثانية فالمعمول به فقط هو الطريقة الأولى و هي تقديم عريضة مكتوبة على نسختين تتضمن كافة الشروط و تكون مرفقة بعقد الزواج و بيان عائلي ثم يدفع المدعي أو ممثله الرسم القضائي.

المطلب الثاني: تعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق .
بعد رفع الدعوى يقوم الكاتب بتسجيل القضية في السجل المخصص لذلك ويمنح لها رقما خاصا و يسلم للمدعي وصلا يحمل رقم القضية و تاريخ تسجيل الدعوى و تاريخ الجلسة الذي يجب أن يحضر فيه مرفقا بالتكليف بالحضور و الذي يعد قرينة على علم المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده ، فإذا لم يحضر بذلك التاريخ قضى القاضي بشطب الدعوى طبقا للمادة 35 من ق.إ.م
أما إذا غاب المدعى عليه فإن القاضي يفصل في القضية غيابيا في حقه بعد منحه أجلا للحضور .
و نظرا لخصوصية دعوى إثبات الطلاق العرفي و خاصة و أنها وليدة العمل القضائي و لم يرد نص صريح بشأنها فإن التطبيقات القضائية تذهب إلى عقد جلسة الصلح أولا و يتم فيها سماع كل من الزوجين حول واقعة الطلاق المدعى بها ثم فيما بعد يتم إجراء تحقيق بسماع الشهود لتأكيد الواقعة وهذا على خلاف دعوى إثبات الطلاق بالإرادة المنفردة و التـي يقــوم القاضي فيها فقط بتأجيل القضية قصد إجراء الصلح ، ومتى كان الأمر كذلك وجب التطرق أولا إلى كيفية تعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق ثم إلى كيفية تعامله مع دعوى الطلاق العرفي ، فكيف يتم ذلك ؟

الفرع الأول : تعامل قاضي الأحوال الشخصية مع دعوى الطلاق
بالإرادة المنفردة .

القاعدة العامة أن الحكم القضائي الصادر بفك الرابطة الزوجية بالإرادة المنفردة للزوج هو حكم تقريري يقتصر فيه دور القاضي على تكريس إرادة الزوج و الكشف عنها إلا أن المشرع جعل له طابع الإنشاء رغم هذه الخاصية ، و من ثمة خصه بإجراءات متميزة ينبغي إتباعها و إلا تعرض الحكم للنقض و الإبطال و تتجلى هذه الإجراءات بصفة خاصة في ضرورة إجراء الصلح، أما فيما يخص التحكيم فإن مجاله هو حالة الخصام طويل الأمد بين الزوجين مع عدم ثبوت الضرر وهذا ما تقضي به المادة 56 من ق.أ، و على هذا الأساس سوف نتعرض في هذا الفرع إلى إجراء الصلح كإجراء جوهري في جميع دعاوى الطلاق بالإضافة إلى مسألة عرض القضايا المتعلقة بالطلاق على النيابة العامة و مدى إلزامية هذا الإجراء .
أ- إجراء الصلح : تنص المادة 49 من ق. أ على ما يلي : لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي دون أن تتجاوز هذه المدة ثلاثة أشهر .
ما يلاحظ على هذه المادة أنها أكدت على عدم إمكانية الفصل في دعاوى الطلاق إلا بعد إجراء القاضي لمحاولة الصلح بين الزوجين ، وذلك في مدة أقصاها 3 أشهر ، وهذا الإجراء من النظام العام لا يجوز الاتفاق على ما يخالفه فإذا لم يحترم كان الحكم الصادر بالطلاق عرضة للنقض من المحكمة العليا و ذلك على أساس الخطأ في تطبيق القانون و هذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الذي جاء فيه : من المقرر قانونا أنه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة
الصلح من طرف القاضي ، وعند نشوز أحد الزوجين يحكم القاضي بالطلاق …… و من ثمة فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون .
و قد جاء في قرار آخر للمحكمة العليا أنه من المقرر قانونا أنه لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد محاولة الصلح من طرف القاضي و من ثمة فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خطأ في تطبيق القانون
و تجدر الإشارة إلى أنه عندما صدر قانون الإجراءات المدنية في سنة 1966 كان قد نص في المادة 17 منه على وجوب القيام بمحاولة الصلح في كل دعوى تتعلق بالأحوال الشخصية قبل الفصل في الموضوع و لا سيما إذا كانت الدعوى تهدف إلى الطلاق و انحلال عقد الزواج، كما نص على وجوب أن يحرر القاضي محضرا بما تم التصالح عليه تكون له قوة الحكم و قابليته للتنفيذ، أو يحرر محضرا بفشل محاولة الصلح و دعوة الزوجين إلى جلسة علنية للمحاكمة، و قبل ذلك كانت المادة 13 من المرسوم رقم 59/1082 الخاص باللائحة التنفيذية المكملة للأمر رقم 95/274 المتضمن تنظيم عقود الزواج المبرمة في ولايتي الساورة و الواحات تنص على أنه للقاضي بعد سماع مزاعم الزوجين أن يصرح للمدعي منهما بدعوة المدعى عليه إلى جلسة صلح، ويسمع كل واحد منهما على انفراد في مكتبه و بدون حضور الوكلاء والمحامين و لا حتى كاتب الضبط، وفي حالة فشل محاولة الصلح أو غياب المدعى عليه يثبت القاضي ذلك في محضره و يستدعي الزوجين رسميا لحضور الجلسة و يفصل في الموضوع .
وعندما عدلت المادة 17 أصبحت تنص على أنه يجوز للقاضي مصالحة الأطراف أثناء نظر الدعوى في أية مادة كانت ، و بذلك أصبحت إجراءات الصلح شاملة لجميع الدعاوى المدنية بما فيها دعاوى الزواج و الطلاق ، و أصبحت أيضا اختيارية تخضع لتقدير القاضي ولكن و بعد صدور قانون الأسرة في سنة 1984 نصت المادة 49 منه على وجوب الصلح إلا أنها أغفلت النص على وجوب تحرير محضر بالصلح أو بعدم الصلح ، وأغفلت كذلك ما يجب على القاضي أن يفعله بعد فشل محاولة الصلح أو نجاحها . إلا أن المنطق الإجرائي يقتضي أن يقوم قاضي الأحوال الشخصية باستدعاء الزوجين إلى مكتبه ليسمع مزاعم كل منهما تجاه الآخر ثم يحاول الإصلاح بينهما قدر الإمكان ، وسواء فشل في ذلك أم نجح فإنه ينبغي عليه أن يحرر محضرا بما توصل إليه يلحقه بملف الدعوى ثم يحيل الطرفين إلى حضور جلسة علنية تنعقد ضمن الجلسات المقررة للمحكمة ، وعندئذ يقع النقاش في الموضوع ليصدر فيما بعد حكمه وفقا للإجراءات العادية .
و في حالة تصالح الزوجين فإن النزاع بينهما ينتهي و ما يبقى أمام القاضي إلا الإشهاد بوقوع الصلح و هذا ما جاء في قرار المحكمة العليا إذ ذهبت إلى أنه من المقرر قانونا أن الصلح عقد ينهي به الطرفان النزاع القائم أو يتوقيان به نزاعا محتملا و ذلك بأن يتنازل كل منهما على وجه التبادل عن حقه .....
و متى تبين في قضية الحال أن قضاة المجلس لما قبلوا الإستئناف قي الحكم القاضي بالصلح المقام بين الطرفين و الذي شهدت عليه المحكمة أخطأوا في تطبيق القانون ، لأن الإستئناف لا يرفع إلا ضد الأحكام التي صدرت إثر نزاع بين الأطراف بخلاف الصلح الذي يبرم بين الأطراف الذين جعلوا حدا لهذا النزاع وأن المحكمة ينحصر دورها ف مراقبة صحة و سلامة هذا الصلح ....
و تجدر الملاحظة أن القاضي و بعد أن تصبح القضية جاهزة للحكم و قبل أن يضعها في النظر يقوم بعرض الملف على النيابة العامة وفقا لما تقضي به المادة141 من ق.إ.م فما مدى إلزامية هذا الإجراء لقاضي الدرجة الأولى؟
الفرع الثاني : شروط رفع دعوى إثبات الطلاق
.

أ- الشروط الواجب توافرها في الزوجين:
لقد نص المشرع الجزائري في المادة 459 ق.إ.م على أنه لا يجوز لأحد أن يرفع دعوى أمام القضاء مالم يكن حائزا لصفة و أهلية التقاضي و له مصلحة في ذلك
فأما الأهلية فإن القانون المدني يعرفها بأنها صلاحية الشخص لكسب الحقوق و التحمــل بالالتزامات والأهلية في الاصطلاح القانوني علــى نوعين:أهليــة وجوب وأهلية أداء.
والمقصود بالأهلية في مجال الخصومات الزوجية هو أهلية التقاضي أمام المحكمة بمعنى أنه إذا تنازع الزوجان و تخاصما خصاما شديدا فإنه لكي تنظر المحكمة في موضـوع
نزاعهما يجب أن يكون كل واحد منهما متمتعا بأهلية التقاضي و بالغا سن الرشد المدني و هو 19سنة من العمر كاملة وفقا لما نصت عليه المادة 40 ق . م و متمتعا أيضا بقواه العقلية و ألا يكون محجورا عليه لأنه لا يجوز للمحكمة أن تقبل دعوى من أو على شخص فاقد الأهلية أو ناقصها إلا بواسطة ممثله القانوني ، هذا بتطبيق القواعد العامة إلا أن مسألة الطلاق في حد ذاتها لها خصوصيتها إذ أنها حق شخصي للزوج وأن الحجر يقع على ممارسة الحقوق المالية فقط لذلك فإنه في الشرع الإسلامي يجوز للزوج المحجور عليه طلاق زوجته ، ومن ثمة وطالما لم يتعرض قانون الأسرة لهذه المسألة فلا مانع من تبني ما ذهب إليه فقهاء الشريعة الإسلامية في هذا المجال ، و تبقى مسألة اللجوء إلى القضاء مسألة إجرائية .
و الأمر نفسه فيما يخص طلاق المريض مرض الموت مما يجعلنا نعود إلى أحكام الشريعة الإسلامية في هذا المجال و لاسيما ما يتعلق منها بصحة الطلاق و إمكانية التوارث بين الزوجين إذا حدثت الوفاة خلال أو اثر مرض الموت .
لقد أجمع الفقهاء على صحة الطلاق الواقع في مرض الموت و على التوارث أتناء عدة الطلاق الرجعي و اختلفوا على مدة و زمان إمكانية التوارث أتناء عدة الطلاق البائن.
أما قانون الأسرة الجزائري فقد اكتفى بالنص في المادة 132 منه على انه : إذا توفي أحد الزوجين قبل صدور الحكم بالطلاق أو كانت الوفاة في عدة الطلاق استحق الحي منهما الإرث، دون أن يفرق بين عدة الطلاق الرجعي و عدة الطلاق البائن .
و خلاصة القول أن حكم الطلاق في مرض الموت هو طلاق صحيح شرعا و قانونا و لا يجوز الطعن فيه أو الادعاء ببطلانه و أن حق التوارث يبقى قائما لصالح الزوجين إذا مات أحدهما أتناء عدة الطلاق الرجعي، و يبقى قائما لصالح الزوجة المطلقة وحدها إذا مات مطلقها أثناء عدة الطلاق البائن أو بعدها كلما ثبت أن الزوج قد طلقها في مرض الموت بقصد حرمانها من حقها في التركة و هذا ما يسمى عند الفقهاء بطلاق الفرار الذي يستوجب معاملة المطلق بنقيض قصده.
و بمأن الطلاق هو من حقوق الزوج فإنه يجوز له توكيل غيره في إيقاعه و ينصرف هذا الأثر إلى الزوج ، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها إذ جاء فيه أنه من المقرر قانونا أن الوكالة أو الإنابة هي عقد بمقتضاه يفوض شخص شخصا آخر للقيام بعمل شيء لحساب الموكل و باسمه و أن الوكالة الخاصة الرسمية تصح للمرافعة أمام القضاء .
ومن المقرر أيضا أن الأحكام بالطلاق غير قابلة للاستئناف ما عدا في جوانبها المادية.
و من ثمة يتعين القول أن الزوج الذي وكل والده نيابة عنه في إجراءات التقاضي في دعوى الطلاق موضوع النزاع الحالي بناءا على وكالة رسمية والتي تحدث آثارها القانونية عكس ما ذهبت إليه الطاعنة بالقول لا تصح الوكالة في مثل هذه الحالات، إلا أن ما يؤخذ على قضاة الاستئناف عدم قبول الاستئناف شكلا من دون مراعاة أحكام المادة 102 ق . إ . م بدعوى أن الطلاق نهائي و كان المفروض النظر في مسألة الاستئناف و بعد قبوله ينظر في موضوع الطلاق و يحكم بعدم الاختصاص لكون الحكم صدر نهائيا .
و بصفة عامة فإن المعمول به في حالة تقصان الأهلية هو رفع الدعوى من ولي الزوج ناقص الأهلية أو ضده ، و في حالة المنازعة في الأهلية فإنه يعود الأمر للقاضي لتقدير نقص الأهلية من عدمه و ذلك بتعيين خبير مختص لإجراء خبرة حول المسألة .
و تجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي في هذا المجال يعتبر أن القاصر يرشد بالزواج بقوة القانون وأن هذا الترشيد شرعي و آلي، بل أكثر من ذلك فهو يعتبر كنتيجة للإرادة الضمنية للآباء ، وأن الضرورة الحتمية تفرض اعتبار الترشيد كأثر للزواج ذلك أن الزوج يصبح رئيس للعائلة و عليه ينبغي أن يتمتع ببعض الحرية في ممارسة وظيفته و كذلك الزوجة فهي تتحمل أعباء الأسرة و عليه ينبغي الاعتراف لهما بحد أدنى من الاستقلالية عن الآباء .
و من ثمة فان الزوج القاصر متى تزوج أصبح أهلا لان يرفع دعوى الطلاق أو أن ترفع ضده.
في حين لم يتناول المشرع الجزائري هذه المسألة بل سكت عن ذلك و السكوت معناه الإحالة على القواعد العامة ، و مع ذلك نجد المادة 334 من قانون العقوبات الجزائري تنص على ما يلي :... و لو تجاوز السادسة عشر من عمره و لم يصبح بعد راشدا بالزواج .... و عليه إذا أخدنا بحرفية النص يمكن القــول أنالمشرع الجزائري يأخذ ضمنيا بفكرة الترشيد إلا أن الراجح أن المسالة لا تعدوا إلا أن تكون مجرد خطأ مطبعي أو سهو عندما تم الاقتباس من القانون الفرنسي.
و الرأي عندنا هو انه ينبغي على المشرع أن يتدخل لتقنين هذه المسالة ذلك أن مسالة كون الرجل أو المرأة يتحمل اعباء أسرة بأكملها و في الوقت نفسه لا يملك أن يباشر حقوقه الإجرائية من رفع الدعاوى و الدفاع عن نفسه بنفسه في حالة رفعها ضده تنطوي على نوع من التناقض.
و في الختام ينبغي التنويه إلى أن الأستاذ زودة عمر يعتبر الأهلية شرط من شروط صحة المطالبة القضائية و ليس لقبول الدعوى ذلك أن تخلفها يترتب عليه دفع شكلي في حين أن تخلف شروط قبول الدعوى يترتب عليها دفع بعدم القبول .
و أما الصفة فإن المقصود بها هو أن يكون صاحب الحق حل اعتداء هوالذي يباشر الحق في الدعوى التي ترفع من اجل تقرير هذا الحق أو حمايته.
وعليه فإن الصفة هي الوصف الذي يسحب على الأطراف فإذا رفعت الدعوى على غير ذي صفة يحكم بعدم قبول الدعوى، و المفروض أن الصفة تثبت لكل شخص تم الاعتداء على حقه غير انه قد يوجد هذا الشخص في استحالة مادية أو قانونية تمنعه من استعمال حقه في الدعوى أمام القضاء و لذلك تباشر هذه الدعوى بواسطة ممثله القانوني، في هذه الحالة تثبت للممثل القانوني ما يعرف بالصفة الإجرائية.
و نجد انه في حالة تخلف الصفة الإجرائية يترتب عليها بطلان الإجراءات كما أن زوال الصفة في الدعوى يؤدي إلى انقضائها في حين أن زوال الصفة الإجرائية يؤدي إلى انقطاعها.
و الصفة في دعاوى إثبات الطلاق معناها أن يكون أحد الزوجين الذي يرفع دعواه ضد الزوج الآخر له صفة في إقامة هذه الدعوى و تقديمها إلى المحكمة، بمعنى انه يجب لتحقيق هذا الشرط أن يكون المدعي هو الزوج أو الزوجة نفسها أو احد ممثليهما قانونا.
وتثبت الصفة في الدعوى بتقديم الزوج طالب الطلاق نسخة من عقد الزواج وفي هذا الصدد نص القانون رقم 224-63 الصادر في 29/06/1963 والخـاصبتحديد سن الزواج قد نص في المادة 05 منه على أنه : لا يجوز لأحد أن يدعي بأنه زوج وأن يطالب بما يترتب على الزواج من آثار مالم يقدم عقد زواج محرر و مسجل في سجلات الحالة المدنية .
أما في دعوى اثبات الطلاق العرفي فإنه طالما أن هذه الدعوى قد فرضت نفسها في الواقع فإنه يجب التطرق لها و عليه فالصفة تثبت لكل من الزوجين و لورثتهما في حالة الوفاة مع العلم انه في حالة كون احد الزوجين قاصرا فانه يملك الصفة الموضوعية دون الصفة الإجرائية.
و أما بالنسبة لشرط المصلحة فانه بالنسبة للزوج أو الزوجة أو الورثة في حالة الطلاق العرفي فانه من مصلحتهم إثبات وقوع الطلاق، و تظهر هذه المصلحة بصفة خاصة في دعاوى اتبات الطلاق العرفي و خاصة حالة إعادة الزوجة الزواج أو تزوج الزوج بأخت الزوجة أو برابعة، أما بالنسبة للورثة فان مصلحتهم تتمثل في ثبوت الميراث من عدمه.
ب- أداة رفع الدعوى إلى المحكمة : ترفع دعوى الطلاق أمام المحكمة وفقا للطرق المنصوص عليها بالمادة 12 من ق.إ.م و ذلك إما بإيداع عريضة مكتوبة و مؤرخة و موقعة من المدعي أو من محاميه لدى مكتب الضبط بالمحكمة ، وإما بحضور المدعي نفسه أمام المحكمة و في هذه الحالة يتولى كاتب الضبط أو أحد أعوان مكتب الضبط تحرير محضر بتصريحات المدعي الذي يوقع عليه أو يذكر أنه لا يحسن التوقيع .
ومن تحليل هذه المادة يتضح لنا أنه هناك طريقتان لرفع الدعوى أمام المحكمة وهما :
- طريقة تقديم عريضة مكتوبة حيث يقوم المدعي بتقديم عريضته مؤرخة و موقعة على نسختين إلى أمانة ضبط المحكمة ولا يطلب منه القانون أن يبين الأسباب التـي دفعـتـه
إلى الطلاق لأن الأمر يتعلق باستعمال الحق الإرادي ، و تعتبر العريضة أحد العناصر الشكلية لممارسته ويجب أن يشير فيها إلى اسمه و لقبه و عنوانه و مهنته ، وإلى اسم ولقب وعنوان ومهنة زوجته .
- طريقة التصريح الشفوي : و تكون بتصريح المدعي لدى أمانة ضبط المحكمة بإرادته مع تقديمه له جميع بياناته و بيانات خصمه .
وهنا يحرر الكاتب محضرا بطلبات المدعي و أقواله ثم يقدمه له للتوقيع عليه وان كان المدعي لا يحسن التوقيع أو لا يستطيع ذلك فلا ينبغي على الكاتب أن يضع بصمته على المحضر وإنما ينوه في آخره بأن المدعي لا يحسن التوقيع .
و في الواقع العملي نجد أنه لا أثر للطريقة الثانية فالمعمول به فقط هو الطريقة الأولى و هي تقديم عريضة مكتوبة على نسختين تتضمن كافة الشروط و تكون مرفقة بعقد الزواج و بيان عائلي ثم يدفع المدعي أو ممثله الرسم القضائي.

المطلب الثاني: تعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق .
بعد رفع الدعوى يقوم الكاتب بتسجيل القضية في السجل المخصص لذلك ويمنح لها رقما خاصا و يسلم للمدعي وصلا يحمل رقم القضية و تاريخ تسجيل الدعوى و تاريخ الجلسة الذي يجب أن يحضر فيه مرفقا بالتكليف بالحضور و الذي يعد قرينة على علم المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده ، فإذا لم يحضر بذلك التاريخ قضى القاضي بشطب الدعوى طبقا للمادة 35 من ق.إ.م
أما إذا غاب المدعى عليه فإن القاضي يفصل في القضية غيابيا في حقه بعد منحه أجلا للحضور .
و نظرا لخصوصية دعوى إثبات الطلاق العرفي و خاصة و أنها وليدة العمل القضائي و لم يرد نص صريح بشأنها فإن التطبيقات القضائية تذهب إلى عقد جلسة الصلح أولا و يتم فيها سماع كل من الزوجين حول واقعة الطلاق المدعى بها ثم فيما بعد يتم إجراء تحقيق بسماع الشهود لتأكيد الواقعة وهذا على خلاف دعوى إثبات الطلاق بالإرادة المنفردة و التـي يقــوم القاضي فيها فقط بتأجيل القضية قصد إجراء الصلح ، ومتى كان الأمر كذلك وجب التطرق أولا إلى كيفية تعامل القاضي مع دعوى إثبات الطلاق ثم إلى كيفية تعامله مع دعوى الطلاق العرفي ، فكيف يتم ذلك ؟
الطلاق في قانون الاسرة الجزائري ج3
 
تقييم المساهمة: 100% (1)
إقتباسرد
منار الاسلام

منار الاسلام

عضو متميز
رقم العضوية :
955
البلد/ المدينة :
الجزائر
العَمَــــــــــلْ :
ماكث في البيت
المُسَــاهَمَـاتْ :
1869
نقاط التميز :
1907
التَـــسْجِيلْ :
16/08/2010
شكرا لك اخي توفيق على الموضوع المفيد
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى