حكيمة
عضو جديد
- البلد/ المدينة :
- biskra
- العَمَــــــــــلْ :
- طالبة ماجستير
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 45
- نقاط التميز :
- 112
- التَـــسْجِيلْ :
- 27/03/2011
عنوان البحث: السلطة والحكم في المنظمة ( الحكم الراشد) من إعدادي الخاص لا تنسوني بالدعاء
مقدمة:
تسعى الدول إلى تحقيق أفضل حالة من الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي وسيادة القانون، ويتجلى ذلك بالأخذ بالكثير من الأمور التي سعت وتسعى من أجلها في إظهارها وتعزيزها مع الأخذ بزمام المبادرة الحكومية عليها لتطبع بطابع مميز وفق مستجدات وضرورات تتغير وتتحول وفقا للمعيار الافتراضي لتحقيق الاستقرار السياسي والإقتصادي والاجتماعي والقانوني.
إذ يمكن النظر للحكم على أنه ممارسة للسلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون بلد ما على جميع المستويات، ويتكون الحكم من الآليات والعمليات والمؤسسات التي يعبر من خلالها المواطنون والمجموعات عن مصالحهم ويمارسون فيها حقوقهم القانونية ويوفون على التزاماتهم، ويحلون خلافاتهم عن طريق الوساطة. والحكم الراشد هو الحكم الذي يتسم، من بين جملة أمور أخرى، بالمشاركة والشفافية والمسائلة، ويكون فعالا ومنصفا ويعزز سيادة القانون، ويكفل الحكم الراشد وضع الأولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، على أساس توافق الآراء واسع النطاق في المجتمع، تسمع فيه أصوات الفئات الأكثر ضعفا وفقرا في صنع القرارات المتعلقة بتوزيع موارد التنمية.
من هذا المنطلق تبرز أهمية الحكم الراشد، ليتبادر إلى أذهاننا التساؤل التالي:
ما هو واقع الحكـم الراشـد في المنظمة؟
وللإجابة على هذا التساؤل، يمكن طرح التساؤلات الفرعية التالية:
ما المقصود بالحكم الراشد في المنظمة؟
هل هناك إصلاحات قانونية تعزز الحكم الراشد؟
هل للحكم الراشد مسؤولية اتجاه المجتمع؟
هل تدرك وتطبق المؤسسة حوكمة الشركات؟
ما هي العلاقة بين الحكم الراشد والتنمية المستدامة؟
ويمكن الإجابة على التساؤلات بتقديم الفرضيات التي نراها إجابات محتملة لها، وهي:
الحكم الراشد هو التطبيق الجيد للحكم في المؤسسة، ونلمس ذلك من خلال تطبيق الديموقراطية، والشفافية دون أن ننسى سيادة القانون.
هناك علاقة طردية بين الحكم الراشد والتنمية المستدامة.
أن الفساد الإداري من أهم معوقات التنمية المستدامة.
التنمية والحكم الراشد في الجزائر غير مطبق تطبيقا جيدا.
أهمـية البحـث:
تعد دراسة الحكم الراشد من الدراسات الهامة، وذلك للإعتبارات التالية:
أن الحكم الراشد يعد من أولويات الاهتمام السياسي والإقتصادي والإجتماعي، الأمر الذي يستلزم دراسة المبادئ والمعايير التي تساعد وتساهم في الإرتقاء بمستوى الأداء في المؤسسة.
أن هذا الموضوع لم يتم تناوله من قبل بالدراسة والبحث، حيث لم يسبق القيام بدراسات لاختبار وتدعيم إمكانية تطبيق الحوكمة الشركات في المؤسسات.وإن كانت هناك دراسات فهي غير منشورة ومعلن عنها بغية الإستفادة منها.
لم يحظى الحكم الراشد باهتمام المؤسسات في الأقطار النامية ومنها الجزائر على الرغم مما تواجهه تواجهه تلك المؤسسات من مشاكل متعلقة بالسلطة والحكم مما يشكل عائقا لأداء نشاطاتها، وعليه الأخذ بتلك المبادئ والمعايير التي تقوم عليها حوكمة الشركات من شأنها إيجاد الحلول المناسبة لتك المشاكل وتحسين مستوى الأداء، الأمر الذي يترتب عليه أن يحظى الحكم الراشد بالإهتمام المتزايد من قبل تلك المؤسسات.
أهـداف البحـث:
تهدف هذه الدراسة إلى:
مراجعة المفاهيم المتعلقة بالحكم الراشد.
التعرّف على ما إذا كانت هناك تدخلات للدولة وإهتمامها بموضوع الحكم الراشد وتعزيزه.
تحديد فيما إذا للحكم الراشد في المؤسسات مسؤولية اتجاه المجتمع.
التطرق إلى مفهوم حوكمة الشركات وتطبيقاتها في المؤسسة.
تحديد إمكانية ومجالات الإستفادة من تطبيق مبادئ ومعايير الحكم الراشد بالموسسة، وذلك للمساهمة في في زيادة فعالية الحكم وترشيده وحل المشاكل المرتبطة به.
التعرّف على ما إذا كانت هناك علاقة بين الحكم الراشد والتنمية المستدامة، وتبيان نوع العلاقة بينهما.
منهـج البحـث:
لقد قمنا في عملنا هذا باتباع المنهج المنهج الوصفي التحليلي، بإعتباره أكثر ملائمة لطبيعة الموضوع، لأنه يقوم على جمع المعلومات والمعطيات، والتحليلي على تحليلها للوصول إلى نتائج موضوعية.
ولمعالجة هذا الموضوع قمنا بتقسيم البحث حسب الخطة التالية:
فصل واحد يتاول نظرة علمة حول الحكم الراشد، حيث تناولنا من خلاله التعرض إلى:
ماهية الحكم الراشد: تناولنا فيه: مفهوم الحكم الراشد، الإصلاحات القانونية وأثرها في تعزيز الحكم الراشد، آليات الحكم الراشد، الحكم الراشد والمسؤولية الإجتماعية للمؤسسات.
ماهية حوكمة الشركات: مفهوم حوكمة الشركات، التطبيقات النظرية لها، تطبيق حوكمة الشركات، مبادئ حوكمة الشركات.
الحكم الراشد والتنمية المستدامة: تعريف التنمية المستدامة، مؤشرات التنمية المستدامة، علاقة الحكم الراشد بالتنمية المستدامة، الفساد الإداري والسياسي أهم معوقات التنمية في الدول النامية.
الفهرس:
مقدمـــة............................................................................................................................أ
الفصـل الأول: نظـرة عامة حول الحكـم الراشـد
I. ماهيـة الحكـم الراشـد........................................................................................................................06
I. 1 مفـهوم الحكـم الراشـد.....................................................................................................
I. 2 الإصلاحات القانونية وأثرها في تعزيز الحكم الراشـد...............................................................................08
I. 3 آليـات الحكـم الراشـد.......................................................................................................................11
I. 4 الحكـم الراشـد والمسؤوليـة الاجتماعيـة للمؤسسـات..............................................................................
II. ماهيـة حوكمـة الشركـات....................................................................................................................
II. 1 مفهـوم حوكمـة الشركـات................................................................................................................
II. 2 التطبيقـات النظريـة لحوكمـة الشركـات...............................................................................................
II. 3 تطبيـق حوكمـة الشركـات................................................................................................................
II. 4 مبـادئ حوكمـة الشركـات.................................................................................................................
III. الحكـم الراشـد والتنميـة المستدامـة........................................................................................................
III. 1 تعريـف التنميـة المستدامــة...............................................................................................................
III. 2 مؤشـرات التنميـة المستدامـة.............................................................................................................
III. 3 علاقـة الحكـم الراشـد بالتنميـة المستدامـة.............................................................................................
III. 4 الفسـاد الإداري والسيـاسي أهـم معوقـات التنميـة فـي الـدول الناميـة.............................................................
III. 5 واقـع التنميـة والحكـم الراشـد فـي الجزائـر..............................................................................................
نظرة عامة حول الحكم الراشد
I. ماهية الحكم الراشد
I. 1 مفهوم الحكم الراشد:
لقد أختلفت تعاريف الحكم الراشد بإختلاف أفكار ووجهات نظر الدارسين له، فليس هناك تعريف واحد للحكم الراشد متفق عليه، لذلك فإن إعطاء بعض التعاريف المعروفة للحكم الراشد يعد أمرا ضروريا للإحاطة به، وأول تعريف له كان من اللغة الفرنسية في القرن الثالث عشر كمرادف لمصطلح" الحوكمة" ثم كمصطلح قانوني (1978) ليستعمل في نطاق واسع معبرا عن " تكاليف التسيير " (1679)، وبناءا على أساس هذا التعريف ليس هناك شك أو إختلاف حول الأصل الفرنسي للكلمة.
كلمة الحاكمية أصلها أنجليزي فهو مصطلح قديم، أعيد إستعماله من قبل البنك الدولي في منتصف الثمانينات حيث أصبح من الإهتمامات الكبرى في الخطابات السياسية وخاصة في معاجم تحاليل التنمية، ويمكن شرحه بأنه طريقة تسيير، أعمال وشؤون الدولة.
أما البنك الدولي فقد عرفه سنة 1992 على أنه" الطريقة التي يمارس بها السلطة لأجل تسيير الموارد الإقتصادية والإجتماعية لأي بلد بغية التنمية"، كما يعتبر الحكم الراشد على أنه مرادف للتسيير الإقتصادي الفعال والأمثل، وللإجابة على مختلف الإنتقادات الخاصة بالمجموعات الدولية للتنمية التي تتهم وتشكك في الإصلاحات الهيكلية المسيرة بطريقة علوية، أي من الأعلى نحو الأسفل والتي أدت إلى فراغ مؤسساتي بدل تعبئة القدرات الخلاقة الترقوية الذاتية للمجتمع الذي يزخر بها. وهكذا نجد أن لجنة المساعدة التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية "OCDE" قد أنشأت فريق عمل حول التنمية التشاركية والحاكمية الجيدة بحيث ربطت بين الحاكمية الجيدة والتنمية التشاركية، وكذلك حقوق الأنسان والديموقراطية،
كماقامت بتعيين وتدقيق وتعريف إحترام القوانين وتسيير القطاع العام ومحاربة الرشوة وتخفيض النفقات العسكرية الفائضة والمبالغ فيها على إعتبار أن ذلك م أبعاد الحكم الراشد وكان ذلك سنة 1995.
كما يقصد بالحاكمية "GOUVERNANCE" أسلوب وطريقة الحكم والقيادة، تسيير شؤون منظمة قد تكون دولة، مجموعة من الدول، منطقة، مجموعات محلية، مؤسسات عمومية أو خاصة، فالحاكمية ترتكز على أشكال التنسيق، التشاور، المشاركة والشفافية في القرار.
إن مفهوم الحاكمية يطرح ضمن إشكالية واسعة من الفعالية والنجاعة في العمل العمومي، وتهتم بالعلاقة بين السلطة والحكم.
فمفهوم الحاكمية يرتكز على ثلاث أسس رئيسية:
• الأساس الأول يتعلق بوجود أزمة في طريق الحكم (crise de gouvernabilitè ) فقدان مركزية هيأة الدولة وضعف الفعالية والنجاعة في الفعل أو العمل العمومي.
• الأساس الثاني يظهر أن هذه الأزمة تعكس فشل أو ضعف الأشكال التقليدية في العمل العمومي.
• الأساس الثالث يتعلق بظهور شكل جديد للحكم أكثر مواءمة للمعطيات الحالية.
ودائما في دور المحفز صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يدافعان اليوم على مبادئ الحكم الراشد كأساس للسياسات الإقتصادية، ويعتبر الحكم الراشد ضمانا لتوفير الشروط الملائمة للحصول على نمو هام يستفيد منه المحتاجين يضمن التطور الجتماعي للبلدان ذات الدخل المنخفض فالحكم الراشد لا يمكن أن يكون إلا في كنف السلم الإجتماعي والإستقرار السياسي وترقية حقوق الإنسان وبسط قوة القانون.
I. 2 الإصلاحات القانونية وأثرها في تعزيز الحكم الراشد
تمتلك الدول وسائل تمنح من خلالها للرأي العام والمجتمع الدولي عموما أحقية إمعان النظر في مدى توافر الأولويات مما يهيئ مجالا رحبا لإقامة مؤسسات أكثر قدرة على المتابعة والاستمرارية وفق إطار قانوني ثابت من حوله الكثير من التغيرات الدولية التي تدور حوله وتعود إليه وتستقر عنده، ويدخل ضمن المحددات الثابتة لمفهوم الحكم الراشد أو الحكم الصالح الذي يمس عمل السلطة السياسية لإدارة شؤون البلاد وعلى جميع المستويات لتحقيق مصلحة الجميع وفق القانون وعلى أساس سيادته فيها، ويأتي معنى الحكم الراشد في تحقيق الغاية المثالية التي تهدف إليها سلطة الدولة من خلال الكثير من الإصلاحات الدستورية وفق أسس اقتصادية أو اجتماعية، أو سياسية أو قانونية لما نلمسها من واقع عمل السلطة القابضة على السلطة التي تعمل على إيجاد القرار المناسب في الوقت المناسب.
يتبع توفر صلاحية الحكم من عدمه بارتباطات جوهرية تمثل الهيكلية الوظيفية لعمل السلطة داخل الدولة وفق معايير ثابتة أهمها تحقيق المصلحة العامة، وتوفير الأجواء المناسبة لإبداء الرأي وخلق مساحة واسعة لحرية الإعلام.
ويمكن أن نتنبه إلى عدة صيغ وتفاعلات ذات مساس وتأثير في مدى توفر الحكم الراشد من عدمه ومنها صيغ التفاعلات القانونية.
حيث يرى الأمين العام " كوفي عنان " أن " الحكم الصالح هو العامل الأهم الذي يمكن من محاربة الفقر وتعزيز التنمية "، وعلى هذا يسعى نموذج التنمية المستدامة والمرتكزة على منظومة الحكم الصالح إلى توسعة خيارات جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الفئات الأكثر تهميشا مثل النساء والفقراء، مع الإهتمام في نفس الوقت بحق الأجيال القادمة في حياة كريمة، لكن مع التشديد على تحقيق قدر أكبر من الدمج بين المجالات الإقتصادية والسياسية والاجتماعية في إطار قانوني واحد، وعلى مشاركة أكبر للقوى الفاعلة كما أن مقاربة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الواردة في تقارير التنمية الإنسانية العربية المتعاقبة، تقوم على دمج أهداف الحكم الراشد مع نموذج التنمية البشرية المستدامة.
كما جاء في تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام ( 2002 ) على أنه نسق من المؤسسات المجتمعية، المعبرة عن الناس تعبيرا سليما، تربط بينها شبكة متينة من علاقات الضبط والمسائلة بواسطة المؤسسات، وفي النهاية بواسطة الناس.
الحكم الراشد يتطلب عدم استبعاد أي عنصر من النشاط الإنساني في خدمة التنمية وأصبح هذا الحكم يشكل أحد الأحداث الملاحظة في التطور الحديث، بحيث أصبحت السلطة السياسية تحقق مكاسب أكبر من قبل في خدمة هذا الهدف ومن أجله لذلك فهي تعطي التضمينات والوعود، وتعمل ببعضها أو بجميعها في بعض الأحيان كي توفر أساسيات ولبنات الحكم الراشد أو بديات متواضعة له كحد أدنى في المسار الصحيح.
إلا أنه نجد محددات للحكم الراشد والمتمثلة في:
هناك مدرستان لمفهوم الحكم الراشد، الأولى ترى أنه يعبر عن نوعية نظام الحكم وأسلوب صنع السياسة، التي تشتمل على نفس القواعد الأساسية المألوفة للديمقراطية، مثل سيادة القانون، التعددية السياسية والاجتماعية والتسامح والتعبير الحر، حريات وحقوق المواطنة، وبالتالي فهو أقرب إلى كونه مجرد " صياغة حديثة لمبادئ مستقرة ".
أما المدرسة الثانية فتعتبر المفهوم عنوانا لمنظومة أساليب وخطوات الإصلاح السياسي والاجتماعي ككل، مثل اعتماد آليات المحاسبة في مواجهة السلطات العامة. والمطالبة بتوفير مظاهر الشفافية في مؤسسات صنع القرار، وتقييم نوعية الحكم من زاوية الالتزام بسيادة القانون وقدرته على تعزيز
الفرص والميل إلى المشاركة، واحترام حقوق الإنسان ومكافحة الفساد. أي أنه محاولة لوضع تعريف لمفاهيم كلية ومؤسسات وأطر سياسية معقدة، مثل البرلمان والحكومة.
ومن خلال نظرة بسيطة إلى كلا المدرستين نجد أن الاتفاق فيما بينهما أكثر توافرا من الاختلاف من خلال مبدأ سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والمشاركة وغيرها من الأمور وبالتالي فهذا يدل على مدى تقارب مدرستي الحكم الراشد من بعضها في نقاط جوهرية وإنكارهما لبعض الأمور الهامشية التي لا تؤثر في هيكلة الحكم الراشد أو معيار تحققه على أرض الواقع، فضلا عن هاتين المدرستين فإن المنظمات الدولية قد وضعت معايير تنتسب في بعضها إلى المدرسة الأولى أو الثانية أو كليهما في التمييز بين الحكم الراشد في العملية السياسية، فقد وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNPD" معايير وهي( المشاركة، حكم القانون، الشفافية، حسن الاستجابة، التوافق، المساواة في تكافؤ الفرص، المحاسبة، وأخيرا الرؤية الإستراتيجية.
بالإضافة إلى منظمة التعاون الإقتصادية للتنمية"OECD" بدورها وضعت معايير لبيان مدى إمكانية إقامة الحكم الراشد، استنادا إلى هذه المعايير وهي ( دولة القانون، إدارة القطاع العام للسيطرة على الفساد، خفض النفقات العسكرية ).
في حين وضع البنك الدولي "WB" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معيارين وهما: التضمينية والمساءلة.
ومن هذا نستطيع القول أن هناك مجموعة من المعايير القانونية المعبرة في واقع الأمر عن إشكالية واضحة في البناء السياسي أو الأولي لهيكلة الحكم الراشد علي أساس مدي توفر هذه المحددات أو المعايير في الواقع القانوني لسلطة الدولة،ولذلك يمكن القول إن هذه المحددات هي الأساس أو المقياس القانوني لمدى أهلية الحكم الراشد من خلال توفرها مجتمعة بصورة عملية ليست نصا جامدا في صلب الدستور تنتظر التفعيل والعمل، بل يجب أن تكون فاعلة في الواقعين القانوني و السياسي حتى يمكن أن نحكم على عمل السلطة السياسية بأنه يمتلك مقومات الحكم الراشد من خلال بيان الآتي :
1. – علاقة السلطة السياسية بالقانون .
2. – الفعالية القانونية للمؤسسات التشريعية و التنفيذية.
3. – النظام القضائي.
I. 3 آليات الحكم الراشد
تتباين آليات الحكم الراشد أو معاييره بتباين الجهات والمصالح ، فالبنك الدولي يركز على ما يحفز النمو
والإنفتاح اللإقتصادي، في حين أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يحفز على الإنفتاح السياسي، لكن في العموم يمكن تحديد أبرزها كالآتي:
I. 3 -1 الشفافية: وهي أهم خصائص الحكم الراشد، وتعني إتاحة كل المعلومات وسهولة تبادلها بأن تكون متاحة لكافة المؤسسات ولجميع الأطراف المعنية، وأن تكون الحسابات االعامة متاحة بصورة مباشرة، وأن تتوفر معلومات كافية وشاملة ومنظمة عن عمل المؤسسة وأدائها لكي يسهل رقابتها ومتابعتها، إذن الشفافية هي تدفق المعلومات الإقتصادية والإجتماعية والشفافية والسياسية الشاملة في الوقت المناسب وبطريقة يمكن الإعمتاد عليها، وتتلخص الشفافية بالمكونات التالية:
• الحصول على المعلومة.
• العلاقة السبيية بين المعلومة والموضوع المراد مراقتبه.
• الدقة في الحصول على المعلومة.
وعليه يجب على الدولة أن تصدر قوانين تهتم بحرية المعلومات وتسمح للجمهور ولوسائل الإعلام المختلفة بالحصول على جميع الوثائق والمتعلقة بعمل الحكومة والتشريعات والسجلات المختلفة، ومن الصعب تخيل وجود حكم راشد ووجود حكومة فاعلة ومتجاوبة مع شعبها دون وجود قطاع إعلامي متميز وقوي ويتسم بالمهنية والإستقلالية.
I. 3-2 المشاركة: وهي تضمن لجميع أفراد المجتمع المشاركة الفعالة في إتخاذ القرار والتي تضمن حرية الرأي والتعبير، والمعايير الأساسية لحقوق الإنسان، كما يرتبط مبدأ المشاركة بمفهوم الشفافية، فمعرفة المعلومات وحدها لا تفي بالغرض، بل لابد أن تكون هناك آليات يكون الشعب قادر على إتخاذها ليؤثر في صنع القرار وأن يصنع المسؤولين تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة، وعلى الدول أن تعطي لأفراد المجتمع الحق في المشاركة في صياغة القوانبن واللوائح والأنظمة واستشارتهم في شؤون الحياة العامة اوإعطائهم حق الإعتراف وحق إجراء الإستفتاء على القوانين وغيرها من الأمور بكل نزاهة وسهولة وشفافية.
I. 3-3 حكم القانون ( سيادة القانون ): أي تطبيقه على الجميع دون إستثناء والإلتزام به دون تقديم المصالح الخاصة على العامة، كما يعني أن الجميع حكاما ومسؤولين ومواطنين يخضعون للقوانين ولا شيء يسمو على القانون، ويجب أن تطبق الأحكام والنصوص القانونية بصورة عادلة وبدون تميز بين أفراد المجتمع وأن توافق هذه القوانين معاييرحقوق الإنسان وتكون ضمانة ولحريات الإنسان الطبيعية،وستناقش هذه المادة العلمية مفهوم سيادة القانون كأحد خصائص الحاكمية الرشيدة بأسلوب علمي ومتخصص.
I. 3-4 المسائلة: هي أن يكون جميع المسؤولين والحكام ومتخذي القرار في الدولة أو القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني، خاضعين لمبدأ المحاسبة أمام الرأي العام ومؤسساته دون إستثناء، وتعد آلية المسائلة أهم سبل تحقيق التنمية المستدامة وتأخذ ثلاث أشكال وهي:
• المسائل التشريعية: هي أهم المساءلات في النظام الديموقراطي، لأن البرلمان يلعب دورا مهما في تنفيذ سباسات الحكومة والرقابة عليها.
• المساءلة التنفيذية: خضوع الجهاز التنفيذي نفسه للمحاسبة عبر سبل الإدارة.
• المساءلة القضائية: تشكل ركن أساسي من أركان ضبط عمل الجهاز الحكومي، حيث تلعب دورا بارزا في أسلوب الحكم الراشد عن طريق مراقبة مراقبة تسيير عمل التنفيذ وتوجيه التهم للموظفين
I. 3-5 الإجماع: هو أن جميع المصالح المتعلقة بالمجتمع قد تصطدم بخلافات تحتاج إلى إتخاذ قرار حازم في مسألة معينة، فيجب تغليب رأي المجموعة تحقيقا للنفع العام للوطن ولأفراد المجتمع.
I. 3-6 المساواة: وتعني خضوع جميع أفراد المجتمع للمساواة وعدم التمييز في إطار الحكم الراشد، فهم متساوون بالحقوق والحريات والكرامة.
I. 3-7 الكفاءة: عبر الكفاءة والفاعلية في إدارة المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني هي التي تضمن إستمرارية تحقيق التقدم والإزدهار والتطلع دائما إلى تعزيز مفهوم التنمية والتنمية المستدامة، وهي التي تعمل على الإلتزام بتوظيف الموارد الوطنية بالصورة السليمة والواضحة لكل أفراد المجتمع.
I. 3-8 العدل: والمقصود هنا العدل الإجتماعي بحيث يكون لجميع أفراد المجتمع (نساءا وأطفالا ورجالا وشيوخا) الفرصة لتحسين أوضاعهم الإجتماعية والتطلع دائما لتحسين لأوضاع الفئات المحرومة والمهمشة وضمان أمنهم الإجتماعي والعمل على توفير إحتياجاتهم الأساسية.
I. 3-9 الرؤية الإستراتيجية: فحسب مفهوم الحكم الراشد، فإن الرؤية تتحدد بمفهوم التنمية بالشراكة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص من خلال خطط بعيدة المدى لتطوير العمل المجتمعي من جهة وأفراده من جهة أخرى والعمل ع ى التنمية البشرية وحتى يتم تحقيق النتائج الإيجابية في رسم الخطط ضمن إطار الحكم الراشد فيجب الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الداخلية والخارجية ودراسة المخاطر ومحاولة وضع الحلول.
I. 3-10 اللامركزية: إن تفعيل مبدأ توزيع السلطات على أفراد المجتمع من خلال التوزيعات الجغرافية للدولة، بهدف إدارة شؤونها والحفاظ على حقوق الأفراد داخلها تشكل بعدا عميقا في تحقيق مفهوم الحكم الراشد فيشعر الفرد أنه صاحب القرار ويعتمد على نفسه من أجل تحقيق الذات من جهة، وأنه تحت المراقبة الشعبية من جهة أخرى.
كما يعتبر البعض بأن أفراد المجتمع في أي منطقة من مناطق الدولة هم الأقدر على رسم السياسات التي تحكم علاقاتهم بالسلطة وهم الأقدر على تحديد الأهداف وصياغتها والعمل لتحقيق مفهوم المشاركة من أجل تحقيقها والوصول إلى التنمية المنشودة بما يتلائم مع احتياجاتكم.
وبالتالي فالسياسات التي يرسمها الحكم الراشد يجب أن تكون منهجية وتلبي مصالح المواطنين عامة، وتحقيق لهم التمتع بكافة الحقوق والحريات دونما أي تمييز وعلى قدم المساواة، وذلك يتم من خلال توفير
آليات مناسبة تعمل على تقييم السياسات وتصحيحها والتصدي لإساءة استخدام السلطة والنفوذ وإهدار المال العام، ويوجب الاحترام لسيادة القانون، وضمان الشفافية وحرية تداول المعلومات والوثائق الحكومية ضمن المساءلة والمحاسبة للقائمين على الشأن العام من خلال بيئة تقوم على التعددية وحرية الرأي.
I. 4 الحكم الراشد والمسؤولية الإجتماعية للمؤسسات:
يهدف الحكم الراشد إلى تحقيق الاستفادة من السياسات الاجتماعية عبر أسلوب المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، وكذا خصخصة المصالح العمومية فالمسؤولية الاجتماعية لمؤسسات مستمدة من طابعها الاختياري المرن والشامل بما يسمح ويشجع كل مؤسسة أيا كان حجم ونطاق أعمالها بأن تنتهج ما تراه مناسبا وملائما من الاجراءات والممارسات وفق امكانياتها وقدراتها المادية وبما يتجاوب مع حقائق السوق ومتطلباته، وهذا الأسلوب شبيه بالحكم الراشد، وهكذا نجد أن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد كوفي عنان طرح في إطار الملتقى الاقتصادي في دافوس بسويسرا خلال جانفي 1999, وأما أعضاء الملتقى ما عرف بشعار " توجيه قوى الأسواق من أجل دعم المثل العالمية"، وبمقتضاه ظهر عهد جديد، وتم الاجماع على ذلك من طرف ممثلي قطاع الأعمال والمال والتجارة في العالم بحيث يقوم على أساس تكريس احترام عناصر المشاريع التجارية لمدونات ثلاث من الصكوك الدولية: الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في سنة1984، إعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية في عام 1998، وإلان ريو الصادر عن مؤتمر الأرض في عام 1991, وتتلخص هذه المبادئ في تسعة عناصر مبدئية رئيسية وهي:
احترام ودعم حقوق الانسان المعلنة عالميا.
احترام حق التنظيم والمفاوضة الجماعية.
كفالة عدم ضلوع المؤسسات المنظمة إلى الاتفاق العالمي في انهاك حقوق الانسان.
القضاء على أشكال العمل الجبري والقهري.
القضاء الفعلي على عمل الأطفال.
القضاء على التمييز بين الاستخدام والمهنة.
دعم التدابير الاحترازية في مواجهة التحديات التي تتعرض لها البيئة.
اتخاذ تدابير لتشجيع الإحساس بالمزيد من المسؤولية في المجال البيئي.
تشجيع تطوير ونشر التقنيات البيئية غير الضارة بالإنسان.
فيظهر جليا أن هناك تكاملا بين الحكم الراشد وهذه المسؤولية، والتي تعرف بأنها الإدماج الطوعي من طرف المؤسسات للاهتمامات الاجتماعية والبيئية في أنشطتها التجارية وعلاقاتها مع شركائها، وإن تطوير هذا المفهوم قد استنبط عبر الأخذ بعين الاعتبار لعودة الوعي المتزايد،من أن النجاح التجاري المستديم لم يكن الوصول إليه وفقط عبر تعظيم الربح في الأجل القصير ولكن وكذلك عبر تبني سلوكات مسؤولة.
وإذا ما توسعنا في الطرح التاريخي لتطوير مفهوم الحكم االراشد، فسنجد أن البنك الدولي عام 1997 وخلال الأزمة الآسيوية يعترف أن السوق لا يمكنها ضمان تخصيص أمثل للموارد وكذلك ضبط الآثار الحساسة للعولمة والكوكبية، وقد توصلنا أخيرا إلى ما يعرف بمذهب الحاكمية العالمية والذي بمقتضاه يكون هناك افتراض ينطلق من أن التطبيقات التقليدية للحكومة للقائمة على التعاون الدولي بين الدول والأمم لا يسمح أكثر بحلول المشاكل الناجمة عن العولمة، يتعلق الأمر إذن بتعريف هيكل قيم عالمية وكونية والتي تستقي مما يعرف بالممارسات الجيدة سواء على المستوى الأعمال أو على مستوى الحكومات، وكذلك المنظمات العالمية باستخدام مفهوم الحاكمية لمعالجة المسائل السياسية، وهي المسائل التي لا توجد لها في الحقيقة أية وصاية كما أن هناك من ينتقد اللجوء إلى الممارسات الجيدة لأنها لا تعبر عن الحقيقة المراد الوصول إليها.
بناءا على ما سبق ذكره، يمكن القول أن تطور مفهوم الحاكمية والحكم الراشد قد جاء من منبع محيط المؤسسة الخاصة من حيث أنماط التنسيق والشراكة المختلفة للسوق، ومن محيط المؤسسة تم الاتجاه نحو المحيط السياسي بمعنى تحويل أشكال النشاط العمومي وكذلك العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني.
أزمة الحكم الراشد في المجتمع الدولي هو مما لاشك فيه أن مفهوم الحكم الراشد يقوم على فرضية أزمة الحاكمية في المجتمع الدولي والتي تتميز بثلاث مظاهر أم لنقل وقفات تكمن في التالي ذكره:
• للسلطات العمومية دوما احتكار للمسؤولية فاحكم الراشد يشكل إجابة ممكنة لأجل إيجاد صيغة توافقية بين السياسة والاقتصاد والاجتماع عبر اقتراح أشكال جديدة للضبط والتعديل وبالتالي التصحيح.
• هناك أعوان من كل طبيعة ومن كل الفئات يطالبون أن يكونوا مشاركين في عملية القرار وهم في نفس الوقت في وضعية اقتراح حلول جديدة للمشاكل الجماعية، فالحاكمية تضع النقاط على الحروف بخصوص تنقل المسؤوليات التحدث وتتم بين الدولة والمجتمع المدني وكذلك السوق.
• أي عون لا يملك لوحده المعارف والوسائل اللازمة لأجل الحل الانفرادي للمشاكل التي تطرح، فهناك عمليات التقاء ومفاوضة أصبحت ضرورية بين المتدخلين حتى وإن كانوا متنافرين وغير متجانسين، لأن الحاكمية تستلزم المشاركة والمفاوضة والتنسيق، وعلى هذا االأساس فقد كانت هناك مناظرات بخصوص الحكم الراشد في الألفية الثالثة، فإن التحول الخاص بالاقتصاد الكلاسيكي المبني على أساس الطاقة المادة قد اتجه نحو اقتصاد جديد يسير على أساس الطاقة الإعلام، بحيث يحول ويظهر القيمة المبذولة والمنشأة من طرف المؤسسات، وهناك كذلك ضرورة التحكم أكثر في التحولات السارية المفعول وكذا القيام باسراع والتسريع في الاستلزامات، فهناك مفاهيم تبدو أكثر من ضرورة وتبعا لمحيطات وفضاءات أكثر فأكثر تعقيدا إضافة إلى حقيقة غير ملموسة مما يستلزم طرح سؤال محوري كالتالي: كيف يمكن تعظيم قدرات المؤسسات حتى تتمكن من انتاج أكبر قيمة مضافة ذات طابع اجتماعي والمجتمع والدولة، التي لا يمكن أن تكون إلا قوية تحت كل الظروف؟.
II. ماهية حوكمة الشركات:
II. 1 مفهوم حوكمة الشركات: تعاظم الاهتمام بمفهوم حوكمة الشركات" corporate Governance" في العديد من الإقتصادات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، وخاصة في أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدتها عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وروسيا في عقد التسعينات من القرن العشرين، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي مؤخرا من تداعيات الإنهيارات المالية والمحاسبية لعدد من أقطاب الشركات العالمية خلال عام 2002.
كما يعتبر مفهوم حوكمة الشركات من أحدث وأهم المفاهيم التي بدأت تلمس أحد أهم أشكال المنشآت في العصر الراهن ونقصد بها الشركات المساهمة، ولأهمية هذا الموضوع نلاحظ أن هناك سباقا عالميا محموما لترسيخ نظريات وقوانين للحوكمة، لتكون موافقة لخصائص العولمة في جانب ومتلائمة مع خصائص البلد المنظم في جانب آخر، بل أن مفهوم الحوكمة كنظام وكممارسات أضحى حجر الأساس لتوسيع الخصخصة وجذب الإستمارات وهذا ما دعا الدول المختلفة شرقا وغربا لإصدار التقارير العميقة حول كافة أشكال
الممارسات المتعلقة بالحوكمة، كما أدلى البنك الدولي ومنظمات دولية أخرى بدلوهم بتشجيع عقد المؤتمرات وحلقات النقاش حول أنظمة وممارسات الحوكمة على المستوى العالمي.
ويمكن القول أن حوكمة الشركات هي مجموعة النظم والإجراءات والآليات التي تصمم وتطبق من أجل حكم المؤسسات والشركات عموما والشركات المساهمة على وجه الخصوص، الشركة المساهمة على سبيل المثال تحكم من قبل ثلاثة أطراف: الجمعية العمومية ومجلس الإدارة والإدارة العمومية أو الإدارة التنفيذية.
وعليه فإن حوكمة الشركة كعلم حديث يولي كل طرف على حده ثم الأطراف كلها مجتمعة ما يستحقه من تنظيمات وإجراءات وتوصيات وتعليمات حتى تمارس هذه الأطراف حاكميتها على أصول أو بالأصول.
إذا فماهية مفهوم حوكمة الشركات معنية بإيجاد وتنظيم التطبيقات والممارسات السليمة للقائمين على إدارة الشركة بما يحافظ على حقوق حملة الأسهم وحملة السندات والعاملين بالشركة وأصحاب المصالح وغيرهم، وذلك من خلال تحري تنفيذ صيغ العلاقات التعاقدية التي تربط بينهم، وباستخدام الأدوات المالية والمحاسبية السليمة وفقا لمعايير الإفصاح والشفافية الواجبة.
وللأهمية الجوهرية لحوكمة الشركات في تقدم الإقتصادات والمجتمعات فقد اهتمت عدد من الدول المتقدمة والناشئة بترسيخ القواعد والتطبيقات الجيدة لها لاستقرار الأسواق بتلك الإقتصادات. ففي خلال عام 2002، قامت عدد من الدول ببعض الخطوات الهامة في سبيل تدعيم فاعليات حوكمة الشركات بها، ومنها على سبيل المثال.
الولايات المتحدة: قامت بورصة نيويورك (NYSE) باقتراح قواعد للقيد تلزم الشركات بتحديد مديرين مستقلين لحضور اجتماع مجلس الإدارة، كما قامت الرابطة القومية لديري الشركات National Assocaition of corporate Directors بتشكيل لجنة لمتابعة مخاطر لشركات لتدعيم المديرين المستقلين والمراجعة الدورية للمخاطر المحتملة.
اليابان: أعلنت بورصة طوكيو (TSE) إنها ستقوم بوضع دليل للتطبيقات الجيدة لحوكمة الشركات لتهتدي بها المؤسسات اليابانية، وذلك في سبيل الإعداد لمعايير محلية يابانية، وخاصة في ظل توقع بدأ سريان العمل بالقانون التجاري الياباني في 2003.
المفوضية الأوروبية: أناطت إلى فريق عال المستوى ببروكسل مهمة تطوير وتوحيد الإطار التشريعي لقانون الشركات، لتدعيم الإفصاح، وحماية المستثمرين.
أمريكا اللاتينية: اجتمع عدد من المهتمين بحوكمة الشركات في سبعة دول في سان باولو للاتفاق على تفعيل مشاركتهم في رابطة مؤسسات حوكمة الشركات بأمريكا اللاتينية Latin American Instites of corporate Governance.
تتمثل حوكمة الشركات في مجموعة أجهزة مؤسساتية وسلوكية لمسيريها، بدءا من بنيوية المهام ومسمياتها وصولا إلى الأسهم وقرارات التعديل الخاصة بها. بحث يمكن تعريف الحوكمة كمناجمنت المناجمنت.
II. 2 التطبيقات النظرية لحوكمة الشركات:
هناك تطبيقان نظريان هما أصل حوكمة الشركات:
يتعلق الأمر من جهة بتحليل قيمة الملاك أو المساهمين والمسيرين ومن جهة أخرى لدراسة التقارير بين المساهمين والمديرين في إطار نظرية الوكالة.
II. 2 - 1 سلطة المساهمين والمسيرين: تحليل توزيع السلطة بين المساهمين والمسيرين يكشف عن نظام توازني، مرة لصالح أهداف المساهمين ومرة أخرى لصالح أهداف المسيرين، كما أظهرا G.Means و A.Berle* أن لدى المسيرين سلطة يتمتعون بها، إذ أن المساهم يعتبر مشارك بسيط برأس المال في هذه الحالة فالأهداف المراد تحقيقها هي الأهداف المتعلقة بالمسيرين لأنها ذات أهمية بالغة مقارنة مع أهداف المساهمين، غير أنه منذ سنة 1990 نلتمس رجوع ملحوظ لأهمية المساهمين، فالمساهمين الرئيسيين والأساسيين في المؤسسة نجدهم متطلبين أكثر فأكثر ويتمنون فرض آرائهم خاصة من حيث نسبة المردودية المطلوبة.
إذا حسب ما تم عرضه فإننا نلاحظ عبر الأزمنة هناك غلبة للمسيرين على المساهمين ثم الغلبة للمساهمين على المسيرين وذلك ما يسمى بالاقتصاد المورث.
II. 2 – 2 نظرية الوكالة: M.C Jenes وW.H Meckling ** يعتبران أن الشركة الوهمية القانونية التي تستعمل لعمليات مركبة التي فيها صراعات، حيث هناك صراعات بين الأفراد ( المساهمين، المسيرين ).
علاقة الوكالة في إطار حوكمة الشركات تتضح من خلال الشكل التالي:
الشكل رقم(01): علاقة الوكالة في إطار حوكمة الشركات.
الأهداف الخاصة ( المساهمين ) الرئيس
Incomplétude
عقود ممثل السلطة
تضارب في المعلومات
الأهداف الخاصة (المسيرين) العامل
المصدر: Michel Darbelet. Laurent Izard.Michel Scaramnzza, op.cit.p:382.
الإطار التحليلي يسمح بتمييز العديد من العناصر:
السلطة ترجع في الأساس للمساهمين الرئيسيين.
أهداف المساهمين يمكن أن تختلف عن أهداف المسيرين.
العقود المتفق عليها بين المساهم الرئيسي والعامل غير تامة( نتكلم عن عدم إتمام العقد).لأنه لا يمكن التنبؤ بكل الحالات والقرارات التي يجب أن يأخذ بها المسيرين.
هناك عدم تناظر في المعلومات، المسيرين في الميدان مجهزين بمعلومات أحسن من التي يتلقاها المساهمين.
هدف حوكمة الشركات إذا هو:
• تقريب أهداف المشاركة( المساهمين والمسيرين)، حيث يدعوا المسيرين إلى تحقيق أهداف المساهمين.
• تطوير الشفافية ومكافحة عدم التماثل في المعلومات ( المعلومة لدى المساهم ليست المعلومة نفسها لدى المسير).
II. 3 تطبيق حوكمة الشركات:
يمكن تمييز ثلاث مظاهر فيما يتعلق بتطبيق حوكمة الشركات:
أولا معالجة تطوير الأنظمة.
ثانيا إضافة تطبيقات جديدة لتسيير الشركات.
ثالثا رغبة الشركات في تطبيق الحوكمة.
II. 3-1 تطور الإطار القانوني والتنظيمي للحوكمة:
تطوير التنظيم مرتبط بسوء التوظيف والملاحظ في تنظيم السلطة داخل الشركات والأعمال، التي أصبحت حدث مالي في الألفينيات.
في فرنسا: القانون" تنظيمات إقتصادية جديدة "NRE الصادر في 15 ماي 2001، تهدف إلى:
• تحسين الشفافية والمعلومة.
• تحسين توازن السلطات وآليات الرقابة.
بالإضافة إلى قانون الأمن المالي بفرنسا في 01 أوت 2003 يدعم ضمان المساهمين بـ:
• إنشاء سلطة الأسواق المالية تجمع بين لجنة عمليات البورصة ومجلس الأسواق المالية، وتدعيم المراقبة المؤسساتية للمعاملات المالية.
• تدعيم إستقلالية المحاسبين الخارجيين المسند إليهم مراقبة أرصدة الحسابات ( يمنع أن يكون الفرد مراقب وعضو في المجلس في آن واحد)، مع توفير جميع حاجيات المحاسب، إذا فبالتوازي مع تطور التنظيم، فالشركات تعمل على تحسين حوكمتها.
في الولايات المتحدة الأمريكية: القانون Sarbanes Oxley، أنتخب بعد الفضيحة المالية وكانت النتائج كالآتي:
• تدخل أكثر للمسيرين الذين يجب عليهم أن يشهدوا شخصيا على رصيد حسابات مؤسساتهم.
• منح مسؤولية أكبر للمسيرين.
• دور مهم لمراقبي الحسابات المستند إليهم التأكد من أرصدة الحسابات.
II. 3- 2 التطبيقات الجديدة للمنظمات:
MEDEF (حركة المؤسسات الفرنسية)، AFEP(المؤسسات الفرنسية للشركات الخاصة)، IFA(معهد تكوين الإداريين)، يعرضون تحسينات متعددة لأجل حوكمة أفضل وشفافية أكثر نذكر على سبيل المثال بعض المطالب لـ MEDEF المطبقة من طرف عدد متزايد من المؤسسات وأهم النقاط تمثلت فيما يلي:
فيما يتعلق بسلطات مجلس الإدارة،" القانون الداخلي للمجلس الإداري يوجب تحديد المبدأ الذي يتم وفقه كل عملية تغيير مهمة التي ليست ضمن الإستراتيجية المعلنة من طرف المؤسسة، تجعل الهدف الموافقة المسبقة للمجلس الإداري.
إستقلالية الإداريين تعرف على أنها: " يعد الإداري مستقل حين لا تكون له أية علاقة مع المؤسسة أو مجموعته أو إدارته التي يمكنها أن تدفعه إلى ممارسة حريته في الحكم، حصة الإداريين المستقلين يجب أن تحمل بسرعة إلى نصف أعضاء المجلس في المؤسسة من الرأسمال الموزع.
إدا فالتطبيقات الجديدة للتنظيمات تظهر في المؤسسات الاجتماعية، وهذه التطبيقات تهدف إلى :
• تنظيم الرقابة ( مراقبة تنفيذ أهداف مؤسسة تجارية خارجيا وداخليا ).
• تنظيم القوة ( رقم الأعمال، استقلالية المدراء ).
• جزاء / أجور عمل المسيرين.
II. 4 مبادئ حوكمة الشركات:
مبادئ حوكمة الشركات هي:
• حماية حقوق حملة الأسهم.
• معاملة عادلة لحملة الأسهم.
• حماية دور أصحاب المصالح.
• الإفصاح والشفافية.
• تحقيق عدالة مسؤوليات مجلس الإدارة.
والقضايا التي تحيط بمبادئ حوكمة الشركات:
• الضوابط الداخلية، والمدققين الداخلين.
• استقلال كيان مراجعي الحسابات الخارجين وجودة ما تقدمه من عمليات مراجعة الحسابات.
• الرقابة وإدارة المخاطر.
• الإشراف على إعداد البيانات المالية للكيان.
• استعراض ترتيبات التعويض لكبير الموظفين التنفيذيين وغيرهم من كبار المسؤولين التنفيذيين.
• الموارد المتاحة للمديرين في أداء واجباتهم.
• الطريقة التي يتم ترشيح الأفراد لشغل مناصب في المجلس.
• سياسة توزيع الأرباح.
وتتلخص مبادئ الحكم الراشد في الشكل الآتي:
الشكل رقم (02): يبين مبادئ الحكم الراشد.
المصدر: http://ar.educdz.com
III. الحكم الراشد والتنمية المستدامة:
III. 1 تعريف التنمية المستدامة: شهد العالم العربي إنطلاقة برامجه للتنمية منذ الإعلان العربي عن البيئة والتنمية الصادرة عن المؤتمر الوزاري الأول حول الإعتبارات البيئية في التنمية الذي عقد في تونس أكتوبر 1986 والبيان العربي عن البيئة والتنمية وآفاق المستقبل الصادر بالقاهرة في سبتمبر 1991.
والملاحظ أن كثير من مجالات النشر والبحث المرتبط بالتنمية المستدامة كانت تحمل الكثير من التركيز على الدول النامية وأن معظم الدراسات ومنذ البداية وحتى السنوات الأخيرة في تلك الدول تناولت التنمية المستدامة باتجاه يرتبط بالحوار يرتبط بالحوار حول النمو والمشاكل البيئية المرتبطة بالاقتصاد، إلى أن جاء تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002 حيث ركز على التنمية المستدامة من زاوية التمكين
السياسي، إذ يعتبر أن التنمية المستدامة هي تنمية ديموقراطية تهدف إلى بناء نظام إجتماعي عادل، وإلى الرفع القدرات البشرية عبر زيادة المشاركة الفاعلة والفعالة للمواطنين وعبر تمكين الفئات المهمشة، وتوسيع خيارات المواطنين وإمكاناتهم المرتبطة ارتباطا محوريا بالقدرات والفرص المتاحة التي تتضمن الحرية بمعناها الواسع، واكتساب المعرفة وتمكين الإطار المؤسساتي.
وقد اكتسب تعريف هيئة براند تلاند للتنمية المستدامة شهرة دولية في الوسط الاقتصادي منذ بداية 1987 محاولة لتعريف التنمية المستدامة، بأنها عملية التأكد أن قدراتنا لتلبية احتياجاتنا في الحاضر لا تؤثر سلبيا في قدرات أجيال المستقبل لتلبية احتياجاتهم، وقد عرفها أيضا: بأنها عملية التفاعل بين ثلاثة أنظمة: نظام حيوي، نظام اقتصادي، نظام إجتماعي.
كما تركز الاستراتيجيات المرتبطة بقياس الإستدامة على قياس الترابط بين مجموعة العلاقات والتي تمثل الاقتصاد واستخدام الطاقة والعوامل البيئية والاجتماعية في هيكل إستدامي طويل المدى، ولقياس الكفاءة والتلاحم بين مختلف الأنظمة، فإن مؤشرات الإستدامة ليشمل العديد من الجوانب الواسعة مثل الاقتصاد والبيئة وثقافة وحضارة المجتمع ودور السياسة والحكومة واستخدام الموارد والتعليم والصحة والجودة والسكن، وأعداد السكان والأمن والرفاهية والمواصلات، ومن الأمثلة للمؤشرات في الجوانب الاقتصادية: توزيع الفرص الوظيفية وعدالة توزيع الدخل والتدريب، بينما تشمل المؤشرات المرتبطة باستخدام الموارد: إستهلاك الطاقة، إستعمال المواد الخطرة وأساليب استخدام المياه، ومن المؤشرات المرتبطة بالثقافة، والحضارة الاجتماعية: العناية بالأطفال ومقدار النشاطات التطوعية في البرامج والنشاطات المستدامة.
كما تضمن التنمية المستدامة عدالتها بأبعادها الثلاثة:
الوطنية: بين مختلف الطبقات الإجتماعية والمناطق.
العالمية: فيما يخص التوزيع بين الدول الفقيرة والدول الغنية.
كما تتطلب تحقيق تنمية مستدامة توافقا منظوميا كما يلي:
نظام سياسي: يضمن مشاركة فعالة للموطنين في إتخاذ القرار.
نظام اقتصادي: يمكن تحقيق فائض ويعتمد على الذات.
نظام إنتاجي: يلتزم بالبعد البيئي في مشروعاته.
نظام تكنولوجي: يمكن بحث حلول لما يواجهه من مشكلات.
نظام دولي: يعزز التعاون وتبادل الخبرات في مشروع التنمية.
نظام إداري: مرن يملك القدرة على القدرة على التصحيح الذاتي.
نظام تعليمي: يدرب على تأصيل البعد البيئي في كل أنشطة الحياة عامة والتنمية المستدامة خاصة.
بحيث تعمل هذه النظم بشكل منظومي متناغم ومتزامن من أجل هدف رئيسي تنجح معا في تحقيقه.
III. 2 مؤشرات التنمية المستدامة:
يمكننا تحديد العديد من المؤشرات أهمها:
التمكين: وذلك بتوسيع قدرات الموظفين وخياراتهم عن طريق تقوية أشكال المشاركة ومستوياتها عبر الإنتخابات العامة لمؤسسات الحكم، وعبر تفعيل دور الأحزاب السياسية وضمان تعددها وتنافسها وعبر ضمان حرية العمل النقابي واستقلالية المجتمع المدني.
التعاون: فيه تضمن لمفهوم الإنتماء والإندماج والتضمينية كمصدر أساسي لإشباع الذاتي الفردي، حيث التعاون هو التفاعل الاجتماعي الضروري.
العدالة في التوزيع: وتشمل الإمكانات والفرص وليست فقط الدخل كحق الجميع في الحصول على التعليم.
الاستدامة: وتتضمن القدرة على تلبية حاجات الجيل الحالي من دون التأثير سلبا في حياة الأجيال اللاحقة، وحقها في العيش الكريم.
الأمان الشخصي: ويتضمن الحق في الحياة بعيدا عن أية تهديدات أو أمراض معدية أو قمع أو تهجير.
III. 3 علاقة الحكم الراشد بالتنمية المستدامة:
تعمل الحكومات وفي إطار تطبيق سياستها لمفهوم الحكم الراشد من منطلق علاقتها بالتنمية على توسيع إدارة المشاركة العامة لأفراد المجتمع مع التركيز على فئة الشباب القادرة على تنمية مفهوم الشراكة من أجل الإصلاح والذي عادة ما يحمل شعار التنمية والنهوض بالمجتمعات ومن أجل ذلك كله فلابد من تعزيز دور الشباب في صياغة القرارات واتخاذها.
وقد كان لصندوق النقد الدولي بتعريفه للحكم الراشد بعدا تقنيا لمفهوم التنمية وعلاقتها بالحكم الراشد من خلال التركيز على النواحي الاقتصادية من الحكم وتحديد مظاهر حسابات الحكومة وإدارة الأموال والموارد العامة في الدولة واستقلال البيئة التنظيمية لنشاطات القطاع الخاص.
إن الحكم الراشد مرتبط ارتباطا وثيقا وهو ضروري لاتمام عملية التنمية وخصوصا التنمية المستدامة ويمكن أن تحدد عناصر الحكم الراشد وعلاقته بالتنمية من خلال المرتكزات التالية:
• ديموقراطية حقيقية مبنية على مفهوم المشاركة في إدارة الدولة والمعتمدة على التمثيل لكافة فئات المجتمع وتعتمد أساسا المحاسبة لأي حكومة.
• احترام المعايير الدولية والمحلية لحقوق الإنسان وخصائصها المبنية على المساواة وعدم التمييز وعدم قابلية هذه الحقوق للتجزئة أو الإنتقاص.
• التشجيع على دعم مؤسسات المجتمع القائمة والتشجيع على تسهيل إجراءات تكوينها وتفعيل دورها في الحياة العامة.
• احترام سيادة القانون وتعزيز مفهوم استقلال القضاء وتحديد معايير المح
مقدمة:
تسعى الدول إلى تحقيق أفضل حالة من الإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي وسيادة القانون، ويتجلى ذلك بالأخذ بالكثير من الأمور التي سعت وتسعى من أجلها في إظهارها وتعزيزها مع الأخذ بزمام المبادرة الحكومية عليها لتطبع بطابع مميز وفق مستجدات وضرورات تتغير وتتحول وفقا للمعيار الافتراضي لتحقيق الاستقرار السياسي والإقتصادي والاجتماعي والقانوني.
إذ يمكن النظر للحكم على أنه ممارسة للسلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون بلد ما على جميع المستويات، ويتكون الحكم من الآليات والعمليات والمؤسسات التي يعبر من خلالها المواطنون والمجموعات عن مصالحهم ويمارسون فيها حقوقهم القانونية ويوفون على التزاماتهم، ويحلون خلافاتهم عن طريق الوساطة. والحكم الراشد هو الحكم الذي يتسم، من بين جملة أمور أخرى، بالمشاركة والشفافية والمسائلة، ويكون فعالا ومنصفا ويعزز سيادة القانون، ويكفل الحكم الراشد وضع الأولويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، على أساس توافق الآراء واسع النطاق في المجتمع، تسمع فيه أصوات الفئات الأكثر ضعفا وفقرا في صنع القرارات المتعلقة بتوزيع موارد التنمية.
من هذا المنطلق تبرز أهمية الحكم الراشد، ليتبادر إلى أذهاننا التساؤل التالي:
ما هو واقع الحكـم الراشـد في المنظمة؟
وللإجابة على هذا التساؤل، يمكن طرح التساؤلات الفرعية التالية:
ما المقصود بالحكم الراشد في المنظمة؟
هل هناك إصلاحات قانونية تعزز الحكم الراشد؟
هل للحكم الراشد مسؤولية اتجاه المجتمع؟
هل تدرك وتطبق المؤسسة حوكمة الشركات؟
ما هي العلاقة بين الحكم الراشد والتنمية المستدامة؟
ويمكن الإجابة على التساؤلات بتقديم الفرضيات التي نراها إجابات محتملة لها، وهي:
الحكم الراشد هو التطبيق الجيد للحكم في المؤسسة، ونلمس ذلك من خلال تطبيق الديموقراطية، والشفافية دون أن ننسى سيادة القانون.
هناك علاقة طردية بين الحكم الراشد والتنمية المستدامة.
أن الفساد الإداري من أهم معوقات التنمية المستدامة.
التنمية والحكم الراشد في الجزائر غير مطبق تطبيقا جيدا.
أهمـية البحـث:
تعد دراسة الحكم الراشد من الدراسات الهامة، وذلك للإعتبارات التالية:
أن الحكم الراشد يعد من أولويات الاهتمام السياسي والإقتصادي والإجتماعي، الأمر الذي يستلزم دراسة المبادئ والمعايير التي تساعد وتساهم في الإرتقاء بمستوى الأداء في المؤسسة.
أن هذا الموضوع لم يتم تناوله من قبل بالدراسة والبحث، حيث لم يسبق القيام بدراسات لاختبار وتدعيم إمكانية تطبيق الحوكمة الشركات في المؤسسات.وإن كانت هناك دراسات فهي غير منشورة ومعلن عنها بغية الإستفادة منها.
لم يحظى الحكم الراشد باهتمام المؤسسات في الأقطار النامية ومنها الجزائر على الرغم مما تواجهه تواجهه تلك المؤسسات من مشاكل متعلقة بالسلطة والحكم مما يشكل عائقا لأداء نشاطاتها، وعليه الأخذ بتلك المبادئ والمعايير التي تقوم عليها حوكمة الشركات من شأنها إيجاد الحلول المناسبة لتك المشاكل وتحسين مستوى الأداء، الأمر الذي يترتب عليه أن يحظى الحكم الراشد بالإهتمام المتزايد من قبل تلك المؤسسات.
أهـداف البحـث:
تهدف هذه الدراسة إلى:
مراجعة المفاهيم المتعلقة بالحكم الراشد.
التعرّف على ما إذا كانت هناك تدخلات للدولة وإهتمامها بموضوع الحكم الراشد وتعزيزه.
تحديد فيما إذا للحكم الراشد في المؤسسات مسؤولية اتجاه المجتمع.
التطرق إلى مفهوم حوكمة الشركات وتطبيقاتها في المؤسسة.
تحديد إمكانية ومجالات الإستفادة من تطبيق مبادئ ومعايير الحكم الراشد بالموسسة، وذلك للمساهمة في في زيادة فعالية الحكم وترشيده وحل المشاكل المرتبطة به.
التعرّف على ما إذا كانت هناك علاقة بين الحكم الراشد والتنمية المستدامة، وتبيان نوع العلاقة بينهما.
منهـج البحـث:
لقد قمنا في عملنا هذا باتباع المنهج المنهج الوصفي التحليلي، بإعتباره أكثر ملائمة لطبيعة الموضوع، لأنه يقوم على جمع المعلومات والمعطيات، والتحليلي على تحليلها للوصول إلى نتائج موضوعية.
ولمعالجة هذا الموضوع قمنا بتقسيم البحث حسب الخطة التالية:
فصل واحد يتاول نظرة علمة حول الحكم الراشد، حيث تناولنا من خلاله التعرض إلى:
ماهية الحكم الراشد: تناولنا فيه: مفهوم الحكم الراشد، الإصلاحات القانونية وأثرها في تعزيز الحكم الراشد، آليات الحكم الراشد، الحكم الراشد والمسؤولية الإجتماعية للمؤسسات.
ماهية حوكمة الشركات: مفهوم حوكمة الشركات، التطبيقات النظرية لها، تطبيق حوكمة الشركات، مبادئ حوكمة الشركات.
الحكم الراشد والتنمية المستدامة: تعريف التنمية المستدامة، مؤشرات التنمية المستدامة، علاقة الحكم الراشد بالتنمية المستدامة، الفساد الإداري والسياسي أهم معوقات التنمية في الدول النامية.
الفهرس:
مقدمـــة............................................................................................................................أ
الفصـل الأول: نظـرة عامة حول الحكـم الراشـد
I. ماهيـة الحكـم الراشـد........................................................................................................................06
I. 1 مفـهوم الحكـم الراشـد.....................................................................................................
I. 2 الإصلاحات القانونية وأثرها في تعزيز الحكم الراشـد...............................................................................08
I. 3 آليـات الحكـم الراشـد.......................................................................................................................11
I. 4 الحكـم الراشـد والمسؤوليـة الاجتماعيـة للمؤسسـات..............................................................................
II. ماهيـة حوكمـة الشركـات....................................................................................................................
II. 1 مفهـوم حوكمـة الشركـات................................................................................................................
II. 2 التطبيقـات النظريـة لحوكمـة الشركـات...............................................................................................
II. 3 تطبيـق حوكمـة الشركـات................................................................................................................
II. 4 مبـادئ حوكمـة الشركـات.................................................................................................................
III. الحكـم الراشـد والتنميـة المستدامـة........................................................................................................
III. 1 تعريـف التنميـة المستدامــة...............................................................................................................
III. 2 مؤشـرات التنميـة المستدامـة.............................................................................................................
III. 3 علاقـة الحكـم الراشـد بالتنميـة المستدامـة.............................................................................................
III. 4 الفسـاد الإداري والسيـاسي أهـم معوقـات التنميـة فـي الـدول الناميـة.............................................................
III. 5 واقـع التنميـة والحكـم الراشـد فـي الجزائـر..............................................................................................
نظرة عامة حول الحكم الراشد
I. ماهية الحكم الراشد
I. 1 مفهوم الحكم الراشد:
لقد أختلفت تعاريف الحكم الراشد بإختلاف أفكار ووجهات نظر الدارسين له، فليس هناك تعريف واحد للحكم الراشد متفق عليه، لذلك فإن إعطاء بعض التعاريف المعروفة للحكم الراشد يعد أمرا ضروريا للإحاطة به، وأول تعريف له كان من اللغة الفرنسية في القرن الثالث عشر كمرادف لمصطلح" الحوكمة" ثم كمصطلح قانوني (1978) ليستعمل في نطاق واسع معبرا عن " تكاليف التسيير " (1679)، وبناءا على أساس هذا التعريف ليس هناك شك أو إختلاف حول الأصل الفرنسي للكلمة.
كلمة الحاكمية أصلها أنجليزي فهو مصطلح قديم، أعيد إستعماله من قبل البنك الدولي في منتصف الثمانينات حيث أصبح من الإهتمامات الكبرى في الخطابات السياسية وخاصة في معاجم تحاليل التنمية، ويمكن شرحه بأنه طريقة تسيير، أعمال وشؤون الدولة.
أما البنك الدولي فقد عرفه سنة 1992 على أنه" الطريقة التي يمارس بها السلطة لأجل تسيير الموارد الإقتصادية والإجتماعية لأي بلد بغية التنمية"، كما يعتبر الحكم الراشد على أنه مرادف للتسيير الإقتصادي الفعال والأمثل، وللإجابة على مختلف الإنتقادات الخاصة بالمجموعات الدولية للتنمية التي تتهم وتشكك في الإصلاحات الهيكلية المسيرة بطريقة علوية، أي من الأعلى نحو الأسفل والتي أدت إلى فراغ مؤسساتي بدل تعبئة القدرات الخلاقة الترقوية الذاتية للمجتمع الذي يزخر بها. وهكذا نجد أن لجنة المساعدة التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية "OCDE" قد أنشأت فريق عمل حول التنمية التشاركية والحاكمية الجيدة بحيث ربطت بين الحاكمية الجيدة والتنمية التشاركية، وكذلك حقوق الأنسان والديموقراطية،
كماقامت بتعيين وتدقيق وتعريف إحترام القوانين وتسيير القطاع العام ومحاربة الرشوة وتخفيض النفقات العسكرية الفائضة والمبالغ فيها على إعتبار أن ذلك م أبعاد الحكم الراشد وكان ذلك سنة 1995.
كما يقصد بالحاكمية "GOUVERNANCE" أسلوب وطريقة الحكم والقيادة، تسيير شؤون منظمة قد تكون دولة، مجموعة من الدول، منطقة، مجموعات محلية، مؤسسات عمومية أو خاصة، فالحاكمية ترتكز على أشكال التنسيق، التشاور، المشاركة والشفافية في القرار.
إن مفهوم الحاكمية يطرح ضمن إشكالية واسعة من الفعالية والنجاعة في العمل العمومي، وتهتم بالعلاقة بين السلطة والحكم.
فمفهوم الحاكمية يرتكز على ثلاث أسس رئيسية:
• الأساس الأول يتعلق بوجود أزمة في طريق الحكم (crise de gouvernabilitè ) فقدان مركزية هيأة الدولة وضعف الفعالية والنجاعة في الفعل أو العمل العمومي.
• الأساس الثاني يظهر أن هذه الأزمة تعكس فشل أو ضعف الأشكال التقليدية في العمل العمومي.
• الأساس الثالث يتعلق بظهور شكل جديد للحكم أكثر مواءمة للمعطيات الحالية.
ودائما في دور المحفز صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يدافعان اليوم على مبادئ الحكم الراشد كأساس للسياسات الإقتصادية، ويعتبر الحكم الراشد ضمانا لتوفير الشروط الملائمة للحصول على نمو هام يستفيد منه المحتاجين يضمن التطور الجتماعي للبلدان ذات الدخل المنخفض فالحكم الراشد لا يمكن أن يكون إلا في كنف السلم الإجتماعي والإستقرار السياسي وترقية حقوق الإنسان وبسط قوة القانون.
I. 2 الإصلاحات القانونية وأثرها في تعزيز الحكم الراشد
تمتلك الدول وسائل تمنح من خلالها للرأي العام والمجتمع الدولي عموما أحقية إمعان النظر في مدى توافر الأولويات مما يهيئ مجالا رحبا لإقامة مؤسسات أكثر قدرة على المتابعة والاستمرارية وفق إطار قانوني ثابت من حوله الكثير من التغيرات الدولية التي تدور حوله وتعود إليه وتستقر عنده، ويدخل ضمن المحددات الثابتة لمفهوم الحكم الراشد أو الحكم الصالح الذي يمس عمل السلطة السياسية لإدارة شؤون البلاد وعلى جميع المستويات لتحقيق مصلحة الجميع وفق القانون وعلى أساس سيادته فيها، ويأتي معنى الحكم الراشد في تحقيق الغاية المثالية التي تهدف إليها سلطة الدولة من خلال الكثير من الإصلاحات الدستورية وفق أسس اقتصادية أو اجتماعية، أو سياسية أو قانونية لما نلمسها من واقع عمل السلطة القابضة على السلطة التي تعمل على إيجاد القرار المناسب في الوقت المناسب.
يتبع توفر صلاحية الحكم من عدمه بارتباطات جوهرية تمثل الهيكلية الوظيفية لعمل السلطة داخل الدولة وفق معايير ثابتة أهمها تحقيق المصلحة العامة، وتوفير الأجواء المناسبة لإبداء الرأي وخلق مساحة واسعة لحرية الإعلام.
ويمكن أن نتنبه إلى عدة صيغ وتفاعلات ذات مساس وتأثير في مدى توفر الحكم الراشد من عدمه ومنها صيغ التفاعلات القانونية.
حيث يرى الأمين العام " كوفي عنان " أن " الحكم الصالح هو العامل الأهم الذي يمكن من محاربة الفقر وتعزيز التنمية "، وعلى هذا يسعى نموذج التنمية المستدامة والمرتكزة على منظومة الحكم الصالح إلى توسعة خيارات جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الفئات الأكثر تهميشا مثل النساء والفقراء، مع الإهتمام في نفس الوقت بحق الأجيال القادمة في حياة كريمة، لكن مع التشديد على تحقيق قدر أكبر من الدمج بين المجالات الإقتصادية والسياسية والاجتماعية في إطار قانوني واحد، وعلى مشاركة أكبر للقوى الفاعلة كما أن مقاربة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الواردة في تقارير التنمية الإنسانية العربية المتعاقبة، تقوم على دمج أهداف الحكم الراشد مع نموذج التنمية البشرية المستدامة.
كما جاء في تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام ( 2002 ) على أنه نسق من المؤسسات المجتمعية، المعبرة عن الناس تعبيرا سليما، تربط بينها شبكة متينة من علاقات الضبط والمسائلة بواسطة المؤسسات، وفي النهاية بواسطة الناس.
الحكم الراشد يتطلب عدم استبعاد أي عنصر من النشاط الإنساني في خدمة التنمية وأصبح هذا الحكم يشكل أحد الأحداث الملاحظة في التطور الحديث، بحيث أصبحت السلطة السياسية تحقق مكاسب أكبر من قبل في خدمة هذا الهدف ومن أجله لذلك فهي تعطي التضمينات والوعود، وتعمل ببعضها أو بجميعها في بعض الأحيان كي توفر أساسيات ولبنات الحكم الراشد أو بديات متواضعة له كحد أدنى في المسار الصحيح.
إلا أنه نجد محددات للحكم الراشد والمتمثلة في:
هناك مدرستان لمفهوم الحكم الراشد، الأولى ترى أنه يعبر عن نوعية نظام الحكم وأسلوب صنع السياسة، التي تشتمل على نفس القواعد الأساسية المألوفة للديمقراطية، مثل سيادة القانون، التعددية السياسية والاجتماعية والتسامح والتعبير الحر، حريات وحقوق المواطنة، وبالتالي فهو أقرب إلى كونه مجرد " صياغة حديثة لمبادئ مستقرة ".
أما المدرسة الثانية فتعتبر المفهوم عنوانا لمنظومة أساليب وخطوات الإصلاح السياسي والاجتماعي ككل، مثل اعتماد آليات المحاسبة في مواجهة السلطات العامة. والمطالبة بتوفير مظاهر الشفافية في مؤسسات صنع القرار، وتقييم نوعية الحكم من زاوية الالتزام بسيادة القانون وقدرته على تعزيز
الفرص والميل إلى المشاركة، واحترام حقوق الإنسان ومكافحة الفساد. أي أنه محاولة لوضع تعريف لمفاهيم كلية ومؤسسات وأطر سياسية معقدة، مثل البرلمان والحكومة.
ومن خلال نظرة بسيطة إلى كلا المدرستين نجد أن الاتفاق فيما بينهما أكثر توافرا من الاختلاف من خلال مبدأ سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والمشاركة وغيرها من الأمور وبالتالي فهذا يدل على مدى تقارب مدرستي الحكم الراشد من بعضها في نقاط جوهرية وإنكارهما لبعض الأمور الهامشية التي لا تؤثر في هيكلة الحكم الراشد أو معيار تحققه على أرض الواقع، فضلا عن هاتين المدرستين فإن المنظمات الدولية قد وضعت معايير تنتسب في بعضها إلى المدرسة الأولى أو الثانية أو كليهما في التمييز بين الحكم الراشد في العملية السياسية، فقد وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "UNPD" معايير وهي( المشاركة، حكم القانون، الشفافية، حسن الاستجابة، التوافق، المساواة في تكافؤ الفرص، المحاسبة، وأخيرا الرؤية الإستراتيجية.
بالإضافة إلى منظمة التعاون الإقتصادية للتنمية"OECD" بدورها وضعت معايير لبيان مدى إمكانية إقامة الحكم الراشد، استنادا إلى هذه المعايير وهي ( دولة القانون، إدارة القطاع العام للسيطرة على الفساد، خفض النفقات العسكرية ).
في حين وضع البنك الدولي "WB" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معيارين وهما: التضمينية والمساءلة.
ومن هذا نستطيع القول أن هناك مجموعة من المعايير القانونية المعبرة في واقع الأمر عن إشكالية واضحة في البناء السياسي أو الأولي لهيكلة الحكم الراشد علي أساس مدي توفر هذه المحددات أو المعايير في الواقع القانوني لسلطة الدولة،ولذلك يمكن القول إن هذه المحددات هي الأساس أو المقياس القانوني لمدى أهلية الحكم الراشد من خلال توفرها مجتمعة بصورة عملية ليست نصا جامدا في صلب الدستور تنتظر التفعيل والعمل، بل يجب أن تكون فاعلة في الواقعين القانوني و السياسي حتى يمكن أن نحكم على عمل السلطة السياسية بأنه يمتلك مقومات الحكم الراشد من خلال بيان الآتي :
1. – علاقة السلطة السياسية بالقانون .
2. – الفعالية القانونية للمؤسسات التشريعية و التنفيذية.
3. – النظام القضائي.
I. 3 آليات الحكم الراشد
تتباين آليات الحكم الراشد أو معاييره بتباين الجهات والمصالح ، فالبنك الدولي يركز على ما يحفز النمو
والإنفتاح اللإقتصادي، في حين أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يحفز على الإنفتاح السياسي، لكن في العموم يمكن تحديد أبرزها كالآتي:
I. 3 -1 الشفافية: وهي أهم خصائص الحكم الراشد، وتعني إتاحة كل المعلومات وسهولة تبادلها بأن تكون متاحة لكافة المؤسسات ولجميع الأطراف المعنية، وأن تكون الحسابات االعامة متاحة بصورة مباشرة، وأن تتوفر معلومات كافية وشاملة ومنظمة عن عمل المؤسسة وأدائها لكي يسهل رقابتها ومتابعتها، إذن الشفافية هي تدفق المعلومات الإقتصادية والإجتماعية والشفافية والسياسية الشاملة في الوقت المناسب وبطريقة يمكن الإعمتاد عليها، وتتلخص الشفافية بالمكونات التالية:
• الحصول على المعلومة.
• العلاقة السبيية بين المعلومة والموضوع المراد مراقتبه.
• الدقة في الحصول على المعلومة.
وعليه يجب على الدولة أن تصدر قوانين تهتم بحرية المعلومات وتسمح للجمهور ولوسائل الإعلام المختلفة بالحصول على جميع الوثائق والمتعلقة بعمل الحكومة والتشريعات والسجلات المختلفة، ومن الصعب تخيل وجود حكم راشد ووجود حكومة فاعلة ومتجاوبة مع شعبها دون وجود قطاع إعلامي متميز وقوي ويتسم بالمهنية والإستقلالية.
I. 3-2 المشاركة: وهي تضمن لجميع أفراد المجتمع المشاركة الفعالة في إتخاذ القرار والتي تضمن حرية الرأي والتعبير، والمعايير الأساسية لحقوق الإنسان، كما يرتبط مبدأ المشاركة بمفهوم الشفافية، فمعرفة المعلومات وحدها لا تفي بالغرض، بل لابد أن تكون هناك آليات يكون الشعب قادر على إتخاذها ليؤثر في صنع القرار وأن يصنع المسؤولين تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة، وعلى الدول أن تعطي لأفراد المجتمع الحق في المشاركة في صياغة القوانبن واللوائح والأنظمة واستشارتهم في شؤون الحياة العامة اوإعطائهم حق الإعتراف وحق إجراء الإستفتاء على القوانين وغيرها من الأمور بكل نزاهة وسهولة وشفافية.
I. 3-3 حكم القانون ( سيادة القانون ): أي تطبيقه على الجميع دون إستثناء والإلتزام به دون تقديم المصالح الخاصة على العامة، كما يعني أن الجميع حكاما ومسؤولين ومواطنين يخضعون للقوانين ولا شيء يسمو على القانون، ويجب أن تطبق الأحكام والنصوص القانونية بصورة عادلة وبدون تميز بين أفراد المجتمع وأن توافق هذه القوانين معاييرحقوق الإنسان وتكون ضمانة ولحريات الإنسان الطبيعية،وستناقش هذه المادة العلمية مفهوم سيادة القانون كأحد خصائص الحاكمية الرشيدة بأسلوب علمي ومتخصص.
I. 3-4 المسائلة: هي أن يكون جميع المسؤولين والحكام ومتخذي القرار في الدولة أو القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني، خاضعين لمبدأ المحاسبة أمام الرأي العام ومؤسساته دون إستثناء، وتعد آلية المسائلة أهم سبل تحقيق التنمية المستدامة وتأخذ ثلاث أشكال وهي:
• المسائل التشريعية: هي أهم المساءلات في النظام الديموقراطي، لأن البرلمان يلعب دورا مهما في تنفيذ سباسات الحكومة والرقابة عليها.
• المساءلة التنفيذية: خضوع الجهاز التنفيذي نفسه للمحاسبة عبر سبل الإدارة.
• المساءلة القضائية: تشكل ركن أساسي من أركان ضبط عمل الجهاز الحكومي، حيث تلعب دورا بارزا في أسلوب الحكم الراشد عن طريق مراقبة مراقبة تسيير عمل التنفيذ وتوجيه التهم للموظفين
I. 3-5 الإجماع: هو أن جميع المصالح المتعلقة بالمجتمع قد تصطدم بخلافات تحتاج إلى إتخاذ قرار حازم في مسألة معينة، فيجب تغليب رأي المجموعة تحقيقا للنفع العام للوطن ولأفراد المجتمع.
I. 3-6 المساواة: وتعني خضوع جميع أفراد المجتمع للمساواة وعدم التمييز في إطار الحكم الراشد، فهم متساوون بالحقوق والحريات والكرامة.
I. 3-7 الكفاءة: عبر الكفاءة والفاعلية في إدارة المؤسسات العامة ومؤسسات المجتمع المدني هي التي تضمن إستمرارية تحقيق التقدم والإزدهار والتطلع دائما إلى تعزيز مفهوم التنمية والتنمية المستدامة، وهي التي تعمل على الإلتزام بتوظيف الموارد الوطنية بالصورة السليمة والواضحة لكل أفراد المجتمع.
I. 3-8 العدل: والمقصود هنا العدل الإجتماعي بحيث يكون لجميع أفراد المجتمع (نساءا وأطفالا ورجالا وشيوخا) الفرصة لتحسين أوضاعهم الإجتماعية والتطلع دائما لتحسين لأوضاع الفئات المحرومة والمهمشة وضمان أمنهم الإجتماعي والعمل على توفير إحتياجاتهم الأساسية.
I. 3-9 الرؤية الإستراتيجية: فحسب مفهوم الحكم الراشد، فإن الرؤية تتحدد بمفهوم التنمية بالشراكة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص من خلال خطط بعيدة المدى لتطوير العمل المجتمعي من جهة وأفراده من جهة أخرى والعمل ع ى التنمية البشرية وحتى يتم تحقيق النتائج الإيجابية في رسم الخطط ضمن إطار الحكم الراشد فيجب الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الداخلية والخارجية ودراسة المخاطر ومحاولة وضع الحلول.
I. 3-10 اللامركزية: إن تفعيل مبدأ توزيع السلطات على أفراد المجتمع من خلال التوزيعات الجغرافية للدولة، بهدف إدارة شؤونها والحفاظ على حقوق الأفراد داخلها تشكل بعدا عميقا في تحقيق مفهوم الحكم الراشد فيشعر الفرد أنه صاحب القرار ويعتمد على نفسه من أجل تحقيق الذات من جهة، وأنه تحت المراقبة الشعبية من جهة أخرى.
كما يعتبر البعض بأن أفراد المجتمع في أي منطقة من مناطق الدولة هم الأقدر على رسم السياسات التي تحكم علاقاتهم بالسلطة وهم الأقدر على تحديد الأهداف وصياغتها والعمل لتحقيق مفهوم المشاركة من أجل تحقيقها والوصول إلى التنمية المنشودة بما يتلائم مع احتياجاتكم.
وبالتالي فالسياسات التي يرسمها الحكم الراشد يجب أن تكون منهجية وتلبي مصالح المواطنين عامة، وتحقيق لهم التمتع بكافة الحقوق والحريات دونما أي تمييز وعلى قدم المساواة، وذلك يتم من خلال توفير
آليات مناسبة تعمل على تقييم السياسات وتصحيحها والتصدي لإساءة استخدام السلطة والنفوذ وإهدار المال العام، ويوجب الاحترام لسيادة القانون، وضمان الشفافية وحرية تداول المعلومات والوثائق الحكومية ضمن المساءلة والمحاسبة للقائمين على الشأن العام من خلال بيئة تقوم على التعددية وحرية الرأي.
I. 4 الحكم الراشد والمسؤولية الإجتماعية للمؤسسات:
يهدف الحكم الراشد إلى تحقيق الاستفادة من السياسات الاجتماعية عبر أسلوب المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات، وكذا خصخصة المصالح العمومية فالمسؤولية الاجتماعية لمؤسسات مستمدة من طابعها الاختياري المرن والشامل بما يسمح ويشجع كل مؤسسة أيا كان حجم ونطاق أعمالها بأن تنتهج ما تراه مناسبا وملائما من الاجراءات والممارسات وفق امكانياتها وقدراتها المادية وبما يتجاوب مع حقائق السوق ومتطلباته، وهذا الأسلوب شبيه بالحكم الراشد، وهكذا نجد أن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد كوفي عنان طرح في إطار الملتقى الاقتصادي في دافوس بسويسرا خلال جانفي 1999, وأما أعضاء الملتقى ما عرف بشعار " توجيه قوى الأسواق من أجل دعم المثل العالمية"، وبمقتضاه ظهر عهد جديد، وتم الاجماع على ذلك من طرف ممثلي قطاع الأعمال والمال والتجارة في العالم بحيث يقوم على أساس تكريس احترام عناصر المشاريع التجارية لمدونات ثلاث من الصكوك الدولية: الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في سنة1984، إعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية في عام 1998، وإلان ريو الصادر عن مؤتمر الأرض في عام 1991, وتتلخص هذه المبادئ في تسعة عناصر مبدئية رئيسية وهي:
احترام ودعم حقوق الانسان المعلنة عالميا.
احترام حق التنظيم والمفاوضة الجماعية.
كفالة عدم ضلوع المؤسسات المنظمة إلى الاتفاق العالمي في انهاك حقوق الانسان.
القضاء على أشكال العمل الجبري والقهري.
القضاء الفعلي على عمل الأطفال.
القضاء على التمييز بين الاستخدام والمهنة.
دعم التدابير الاحترازية في مواجهة التحديات التي تتعرض لها البيئة.
اتخاذ تدابير لتشجيع الإحساس بالمزيد من المسؤولية في المجال البيئي.
تشجيع تطوير ونشر التقنيات البيئية غير الضارة بالإنسان.
فيظهر جليا أن هناك تكاملا بين الحكم الراشد وهذه المسؤولية، والتي تعرف بأنها الإدماج الطوعي من طرف المؤسسات للاهتمامات الاجتماعية والبيئية في أنشطتها التجارية وعلاقاتها مع شركائها، وإن تطوير هذا المفهوم قد استنبط عبر الأخذ بعين الاعتبار لعودة الوعي المتزايد،من أن النجاح التجاري المستديم لم يكن الوصول إليه وفقط عبر تعظيم الربح في الأجل القصير ولكن وكذلك عبر تبني سلوكات مسؤولة.
وإذا ما توسعنا في الطرح التاريخي لتطوير مفهوم الحكم االراشد، فسنجد أن البنك الدولي عام 1997 وخلال الأزمة الآسيوية يعترف أن السوق لا يمكنها ضمان تخصيص أمثل للموارد وكذلك ضبط الآثار الحساسة للعولمة والكوكبية، وقد توصلنا أخيرا إلى ما يعرف بمذهب الحاكمية العالمية والذي بمقتضاه يكون هناك افتراض ينطلق من أن التطبيقات التقليدية للحكومة للقائمة على التعاون الدولي بين الدول والأمم لا يسمح أكثر بحلول المشاكل الناجمة عن العولمة، يتعلق الأمر إذن بتعريف هيكل قيم عالمية وكونية والتي تستقي مما يعرف بالممارسات الجيدة سواء على المستوى الأعمال أو على مستوى الحكومات، وكذلك المنظمات العالمية باستخدام مفهوم الحاكمية لمعالجة المسائل السياسية، وهي المسائل التي لا توجد لها في الحقيقة أية وصاية كما أن هناك من ينتقد اللجوء إلى الممارسات الجيدة لأنها لا تعبر عن الحقيقة المراد الوصول إليها.
بناءا على ما سبق ذكره، يمكن القول أن تطور مفهوم الحاكمية والحكم الراشد قد جاء من منبع محيط المؤسسة الخاصة من حيث أنماط التنسيق والشراكة المختلفة للسوق، ومن محيط المؤسسة تم الاتجاه نحو المحيط السياسي بمعنى تحويل أشكال النشاط العمومي وكذلك العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني.
أزمة الحكم الراشد في المجتمع الدولي هو مما لاشك فيه أن مفهوم الحكم الراشد يقوم على فرضية أزمة الحاكمية في المجتمع الدولي والتي تتميز بثلاث مظاهر أم لنقل وقفات تكمن في التالي ذكره:
• للسلطات العمومية دوما احتكار للمسؤولية فاحكم الراشد يشكل إجابة ممكنة لأجل إيجاد صيغة توافقية بين السياسة والاقتصاد والاجتماع عبر اقتراح أشكال جديدة للضبط والتعديل وبالتالي التصحيح.
• هناك أعوان من كل طبيعة ومن كل الفئات يطالبون أن يكونوا مشاركين في عملية القرار وهم في نفس الوقت في وضعية اقتراح حلول جديدة للمشاكل الجماعية، فالحاكمية تضع النقاط على الحروف بخصوص تنقل المسؤوليات التحدث وتتم بين الدولة والمجتمع المدني وكذلك السوق.
• أي عون لا يملك لوحده المعارف والوسائل اللازمة لأجل الحل الانفرادي للمشاكل التي تطرح، فهناك عمليات التقاء ومفاوضة أصبحت ضرورية بين المتدخلين حتى وإن كانوا متنافرين وغير متجانسين، لأن الحاكمية تستلزم المشاركة والمفاوضة والتنسيق، وعلى هذا االأساس فقد كانت هناك مناظرات بخصوص الحكم الراشد في الألفية الثالثة، فإن التحول الخاص بالاقتصاد الكلاسيكي المبني على أساس الطاقة المادة قد اتجه نحو اقتصاد جديد يسير على أساس الطاقة الإعلام، بحيث يحول ويظهر القيمة المبذولة والمنشأة من طرف المؤسسات، وهناك كذلك ضرورة التحكم أكثر في التحولات السارية المفعول وكذا القيام باسراع والتسريع في الاستلزامات، فهناك مفاهيم تبدو أكثر من ضرورة وتبعا لمحيطات وفضاءات أكثر فأكثر تعقيدا إضافة إلى حقيقة غير ملموسة مما يستلزم طرح سؤال محوري كالتالي: كيف يمكن تعظيم قدرات المؤسسات حتى تتمكن من انتاج أكبر قيمة مضافة ذات طابع اجتماعي والمجتمع والدولة، التي لا يمكن أن تكون إلا قوية تحت كل الظروف؟.
II. ماهية حوكمة الشركات:
II. 1 مفهوم حوكمة الشركات: تعاظم الاهتمام بمفهوم حوكمة الشركات" corporate Governance" في العديد من الإقتصادات المتقدمة والناشئة خلال العقود القليلة الماضية، وخاصة في أعقاب الانهيارات الاقتصادية والأزمات المالية التي شهدتها عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وروسيا في عقد التسعينات من القرن العشرين، وكذلك ما شهده الاقتصاد الأمريكي مؤخرا من تداعيات الإنهيارات المالية والمحاسبية لعدد من أقطاب الشركات العالمية خلال عام 2002.
كما يعتبر مفهوم حوكمة الشركات من أحدث وأهم المفاهيم التي بدأت تلمس أحد أهم أشكال المنشآت في العصر الراهن ونقصد بها الشركات المساهمة، ولأهمية هذا الموضوع نلاحظ أن هناك سباقا عالميا محموما لترسيخ نظريات وقوانين للحوكمة، لتكون موافقة لخصائص العولمة في جانب ومتلائمة مع خصائص البلد المنظم في جانب آخر، بل أن مفهوم الحوكمة كنظام وكممارسات أضحى حجر الأساس لتوسيع الخصخصة وجذب الإستمارات وهذا ما دعا الدول المختلفة شرقا وغربا لإصدار التقارير العميقة حول كافة أشكال
الممارسات المتعلقة بالحوكمة، كما أدلى البنك الدولي ومنظمات دولية أخرى بدلوهم بتشجيع عقد المؤتمرات وحلقات النقاش حول أنظمة وممارسات الحوكمة على المستوى العالمي.
ويمكن القول أن حوكمة الشركات هي مجموعة النظم والإجراءات والآليات التي تصمم وتطبق من أجل حكم المؤسسات والشركات عموما والشركات المساهمة على وجه الخصوص، الشركة المساهمة على سبيل المثال تحكم من قبل ثلاثة أطراف: الجمعية العمومية ومجلس الإدارة والإدارة العمومية أو الإدارة التنفيذية.
وعليه فإن حوكمة الشركة كعلم حديث يولي كل طرف على حده ثم الأطراف كلها مجتمعة ما يستحقه من تنظيمات وإجراءات وتوصيات وتعليمات حتى تمارس هذه الأطراف حاكميتها على أصول أو بالأصول.
إذا فماهية مفهوم حوكمة الشركات معنية بإيجاد وتنظيم التطبيقات والممارسات السليمة للقائمين على إدارة الشركة بما يحافظ على حقوق حملة الأسهم وحملة السندات والعاملين بالشركة وأصحاب المصالح وغيرهم، وذلك من خلال تحري تنفيذ صيغ العلاقات التعاقدية التي تربط بينهم، وباستخدام الأدوات المالية والمحاسبية السليمة وفقا لمعايير الإفصاح والشفافية الواجبة.
وللأهمية الجوهرية لحوكمة الشركات في تقدم الإقتصادات والمجتمعات فقد اهتمت عدد من الدول المتقدمة والناشئة بترسيخ القواعد والتطبيقات الجيدة لها لاستقرار الأسواق بتلك الإقتصادات. ففي خلال عام 2002، قامت عدد من الدول ببعض الخطوات الهامة في سبيل تدعيم فاعليات حوكمة الشركات بها، ومنها على سبيل المثال.
الولايات المتحدة: قامت بورصة نيويورك (NYSE) باقتراح قواعد للقيد تلزم الشركات بتحديد مديرين مستقلين لحضور اجتماع مجلس الإدارة، كما قامت الرابطة القومية لديري الشركات National Assocaition of corporate Directors بتشكيل لجنة لمتابعة مخاطر لشركات لتدعيم المديرين المستقلين والمراجعة الدورية للمخاطر المحتملة.
اليابان: أعلنت بورصة طوكيو (TSE) إنها ستقوم بوضع دليل للتطبيقات الجيدة لحوكمة الشركات لتهتدي بها المؤسسات اليابانية، وذلك في سبيل الإعداد لمعايير محلية يابانية، وخاصة في ظل توقع بدأ سريان العمل بالقانون التجاري الياباني في 2003.
المفوضية الأوروبية: أناطت إلى فريق عال المستوى ببروكسل مهمة تطوير وتوحيد الإطار التشريعي لقانون الشركات، لتدعيم الإفصاح، وحماية المستثمرين.
أمريكا اللاتينية: اجتمع عدد من المهتمين بحوكمة الشركات في سبعة دول في سان باولو للاتفاق على تفعيل مشاركتهم في رابطة مؤسسات حوكمة الشركات بأمريكا اللاتينية Latin American Instites of corporate Governance.
تتمثل حوكمة الشركات في مجموعة أجهزة مؤسساتية وسلوكية لمسيريها، بدءا من بنيوية المهام ومسمياتها وصولا إلى الأسهم وقرارات التعديل الخاصة بها. بحث يمكن تعريف الحوكمة كمناجمنت المناجمنت.
II. 2 التطبيقات النظرية لحوكمة الشركات:
هناك تطبيقان نظريان هما أصل حوكمة الشركات:
يتعلق الأمر من جهة بتحليل قيمة الملاك أو المساهمين والمسيرين ومن جهة أخرى لدراسة التقارير بين المساهمين والمديرين في إطار نظرية الوكالة.
II. 2 - 1 سلطة المساهمين والمسيرين: تحليل توزيع السلطة بين المساهمين والمسيرين يكشف عن نظام توازني، مرة لصالح أهداف المساهمين ومرة أخرى لصالح أهداف المسيرين، كما أظهرا G.Means و A.Berle* أن لدى المسيرين سلطة يتمتعون بها، إذ أن المساهم يعتبر مشارك بسيط برأس المال في هذه الحالة فالأهداف المراد تحقيقها هي الأهداف المتعلقة بالمسيرين لأنها ذات أهمية بالغة مقارنة مع أهداف المساهمين، غير أنه منذ سنة 1990 نلتمس رجوع ملحوظ لأهمية المساهمين، فالمساهمين الرئيسيين والأساسيين في المؤسسة نجدهم متطلبين أكثر فأكثر ويتمنون فرض آرائهم خاصة من حيث نسبة المردودية المطلوبة.
إذا حسب ما تم عرضه فإننا نلاحظ عبر الأزمنة هناك غلبة للمسيرين على المساهمين ثم الغلبة للمساهمين على المسيرين وذلك ما يسمى بالاقتصاد المورث.
II. 2 – 2 نظرية الوكالة: M.C Jenes وW.H Meckling ** يعتبران أن الشركة الوهمية القانونية التي تستعمل لعمليات مركبة التي فيها صراعات، حيث هناك صراعات بين الأفراد ( المساهمين، المسيرين ).
علاقة الوكالة في إطار حوكمة الشركات تتضح من خلال الشكل التالي:
الشكل رقم(01): علاقة الوكالة في إطار حوكمة الشركات.
الأهداف الخاصة ( المساهمين ) الرئيس
Incomplétude
عقود ممثل السلطة
تضارب في المعلومات
الأهداف الخاصة (المسيرين) العامل
المصدر: Michel Darbelet. Laurent Izard.Michel Scaramnzza, op.cit.p:382.
الإطار التحليلي يسمح بتمييز العديد من العناصر:
السلطة ترجع في الأساس للمساهمين الرئيسيين.
أهداف المساهمين يمكن أن تختلف عن أهداف المسيرين.
العقود المتفق عليها بين المساهم الرئيسي والعامل غير تامة( نتكلم عن عدم إتمام العقد).لأنه لا يمكن التنبؤ بكل الحالات والقرارات التي يجب أن يأخذ بها المسيرين.
هناك عدم تناظر في المعلومات، المسيرين في الميدان مجهزين بمعلومات أحسن من التي يتلقاها المساهمين.
هدف حوكمة الشركات إذا هو:
• تقريب أهداف المشاركة( المساهمين والمسيرين)، حيث يدعوا المسيرين إلى تحقيق أهداف المساهمين.
• تطوير الشفافية ومكافحة عدم التماثل في المعلومات ( المعلومة لدى المساهم ليست المعلومة نفسها لدى المسير).
II. 3 تطبيق حوكمة الشركات:
يمكن تمييز ثلاث مظاهر فيما يتعلق بتطبيق حوكمة الشركات:
أولا معالجة تطوير الأنظمة.
ثانيا إضافة تطبيقات جديدة لتسيير الشركات.
ثالثا رغبة الشركات في تطبيق الحوكمة.
II. 3-1 تطور الإطار القانوني والتنظيمي للحوكمة:
تطوير التنظيم مرتبط بسوء التوظيف والملاحظ في تنظيم السلطة داخل الشركات والأعمال، التي أصبحت حدث مالي في الألفينيات.
في فرنسا: القانون" تنظيمات إقتصادية جديدة "NRE الصادر في 15 ماي 2001، تهدف إلى:
• تحسين الشفافية والمعلومة.
• تحسين توازن السلطات وآليات الرقابة.
بالإضافة إلى قانون الأمن المالي بفرنسا في 01 أوت 2003 يدعم ضمان المساهمين بـ:
• إنشاء سلطة الأسواق المالية تجمع بين لجنة عمليات البورصة ومجلس الأسواق المالية، وتدعيم المراقبة المؤسساتية للمعاملات المالية.
• تدعيم إستقلالية المحاسبين الخارجيين المسند إليهم مراقبة أرصدة الحسابات ( يمنع أن يكون الفرد مراقب وعضو في المجلس في آن واحد)، مع توفير جميع حاجيات المحاسب، إذا فبالتوازي مع تطور التنظيم، فالشركات تعمل على تحسين حوكمتها.
في الولايات المتحدة الأمريكية: القانون Sarbanes Oxley، أنتخب بعد الفضيحة المالية وكانت النتائج كالآتي:
• تدخل أكثر للمسيرين الذين يجب عليهم أن يشهدوا شخصيا على رصيد حسابات مؤسساتهم.
• منح مسؤولية أكبر للمسيرين.
• دور مهم لمراقبي الحسابات المستند إليهم التأكد من أرصدة الحسابات.
II. 3- 2 التطبيقات الجديدة للمنظمات:
MEDEF (حركة المؤسسات الفرنسية)، AFEP(المؤسسات الفرنسية للشركات الخاصة)، IFA(معهد تكوين الإداريين)، يعرضون تحسينات متعددة لأجل حوكمة أفضل وشفافية أكثر نذكر على سبيل المثال بعض المطالب لـ MEDEF المطبقة من طرف عدد متزايد من المؤسسات وأهم النقاط تمثلت فيما يلي:
فيما يتعلق بسلطات مجلس الإدارة،" القانون الداخلي للمجلس الإداري يوجب تحديد المبدأ الذي يتم وفقه كل عملية تغيير مهمة التي ليست ضمن الإستراتيجية المعلنة من طرف المؤسسة، تجعل الهدف الموافقة المسبقة للمجلس الإداري.
إستقلالية الإداريين تعرف على أنها: " يعد الإداري مستقل حين لا تكون له أية علاقة مع المؤسسة أو مجموعته أو إدارته التي يمكنها أن تدفعه إلى ممارسة حريته في الحكم، حصة الإداريين المستقلين يجب أن تحمل بسرعة إلى نصف أعضاء المجلس في المؤسسة من الرأسمال الموزع.
إدا فالتطبيقات الجديدة للتنظيمات تظهر في المؤسسات الاجتماعية، وهذه التطبيقات تهدف إلى :
• تنظيم الرقابة ( مراقبة تنفيذ أهداف مؤسسة تجارية خارجيا وداخليا ).
• تنظيم القوة ( رقم الأعمال، استقلالية المدراء ).
• جزاء / أجور عمل المسيرين.
II. 4 مبادئ حوكمة الشركات:
مبادئ حوكمة الشركات هي:
• حماية حقوق حملة الأسهم.
• معاملة عادلة لحملة الأسهم.
• حماية دور أصحاب المصالح.
• الإفصاح والشفافية.
• تحقيق عدالة مسؤوليات مجلس الإدارة.
والقضايا التي تحيط بمبادئ حوكمة الشركات:
• الضوابط الداخلية، والمدققين الداخلين.
• استقلال كيان مراجعي الحسابات الخارجين وجودة ما تقدمه من عمليات مراجعة الحسابات.
• الرقابة وإدارة المخاطر.
• الإشراف على إعداد البيانات المالية للكيان.
• استعراض ترتيبات التعويض لكبير الموظفين التنفيذيين وغيرهم من كبار المسؤولين التنفيذيين.
• الموارد المتاحة للمديرين في أداء واجباتهم.
• الطريقة التي يتم ترشيح الأفراد لشغل مناصب في المجلس.
• سياسة توزيع الأرباح.
وتتلخص مبادئ الحكم الراشد في الشكل الآتي:
الشكل رقم (02): يبين مبادئ الحكم الراشد.
المصدر: http://ar.educdz.com
III. الحكم الراشد والتنمية المستدامة:
III. 1 تعريف التنمية المستدامة: شهد العالم العربي إنطلاقة برامجه للتنمية منذ الإعلان العربي عن البيئة والتنمية الصادرة عن المؤتمر الوزاري الأول حول الإعتبارات البيئية في التنمية الذي عقد في تونس أكتوبر 1986 والبيان العربي عن البيئة والتنمية وآفاق المستقبل الصادر بالقاهرة في سبتمبر 1991.
والملاحظ أن كثير من مجالات النشر والبحث المرتبط بالتنمية المستدامة كانت تحمل الكثير من التركيز على الدول النامية وأن معظم الدراسات ومنذ البداية وحتى السنوات الأخيرة في تلك الدول تناولت التنمية المستدامة باتجاه يرتبط بالحوار يرتبط بالحوار حول النمو والمشاكل البيئية المرتبطة بالاقتصاد، إلى أن جاء تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2002 حيث ركز على التنمية المستدامة من زاوية التمكين
السياسي، إذ يعتبر أن التنمية المستدامة هي تنمية ديموقراطية تهدف إلى بناء نظام إجتماعي عادل، وإلى الرفع القدرات البشرية عبر زيادة المشاركة الفاعلة والفعالة للمواطنين وعبر تمكين الفئات المهمشة، وتوسيع خيارات المواطنين وإمكاناتهم المرتبطة ارتباطا محوريا بالقدرات والفرص المتاحة التي تتضمن الحرية بمعناها الواسع، واكتساب المعرفة وتمكين الإطار المؤسساتي.
وقد اكتسب تعريف هيئة براند تلاند للتنمية المستدامة شهرة دولية في الوسط الاقتصادي منذ بداية 1987 محاولة لتعريف التنمية المستدامة، بأنها عملية التأكد أن قدراتنا لتلبية احتياجاتنا في الحاضر لا تؤثر سلبيا في قدرات أجيال المستقبل لتلبية احتياجاتهم، وقد عرفها أيضا: بأنها عملية التفاعل بين ثلاثة أنظمة: نظام حيوي، نظام اقتصادي، نظام إجتماعي.
كما تركز الاستراتيجيات المرتبطة بقياس الإستدامة على قياس الترابط بين مجموعة العلاقات والتي تمثل الاقتصاد واستخدام الطاقة والعوامل البيئية والاجتماعية في هيكل إستدامي طويل المدى، ولقياس الكفاءة والتلاحم بين مختلف الأنظمة، فإن مؤشرات الإستدامة ليشمل العديد من الجوانب الواسعة مثل الاقتصاد والبيئة وثقافة وحضارة المجتمع ودور السياسة والحكومة واستخدام الموارد والتعليم والصحة والجودة والسكن، وأعداد السكان والأمن والرفاهية والمواصلات، ومن الأمثلة للمؤشرات في الجوانب الاقتصادية: توزيع الفرص الوظيفية وعدالة توزيع الدخل والتدريب، بينما تشمل المؤشرات المرتبطة باستخدام الموارد: إستهلاك الطاقة، إستعمال المواد الخطرة وأساليب استخدام المياه، ومن المؤشرات المرتبطة بالثقافة، والحضارة الاجتماعية: العناية بالأطفال ومقدار النشاطات التطوعية في البرامج والنشاطات المستدامة.
كما تضمن التنمية المستدامة عدالتها بأبعادها الثلاثة:
الوطنية: بين مختلف الطبقات الإجتماعية والمناطق.
العالمية: فيما يخص التوزيع بين الدول الفقيرة والدول الغنية.
كما تتطلب تحقيق تنمية مستدامة توافقا منظوميا كما يلي:
نظام سياسي: يضمن مشاركة فعالة للموطنين في إتخاذ القرار.
نظام اقتصادي: يمكن تحقيق فائض ويعتمد على الذات.
نظام إنتاجي: يلتزم بالبعد البيئي في مشروعاته.
نظام تكنولوجي: يمكن بحث حلول لما يواجهه من مشكلات.
نظام دولي: يعزز التعاون وتبادل الخبرات في مشروع التنمية.
نظام إداري: مرن يملك القدرة على القدرة على التصحيح الذاتي.
نظام تعليمي: يدرب على تأصيل البعد البيئي في كل أنشطة الحياة عامة والتنمية المستدامة خاصة.
بحيث تعمل هذه النظم بشكل منظومي متناغم ومتزامن من أجل هدف رئيسي تنجح معا في تحقيقه.
III. 2 مؤشرات التنمية المستدامة:
يمكننا تحديد العديد من المؤشرات أهمها:
التمكين: وذلك بتوسيع قدرات الموظفين وخياراتهم عن طريق تقوية أشكال المشاركة ومستوياتها عبر الإنتخابات العامة لمؤسسات الحكم، وعبر تفعيل دور الأحزاب السياسية وضمان تعددها وتنافسها وعبر ضمان حرية العمل النقابي واستقلالية المجتمع المدني.
التعاون: فيه تضمن لمفهوم الإنتماء والإندماج والتضمينية كمصدر أساسي لإشباع الذاتي الفردي، حيث التعاون هو التفاعل الاجتماعي الضروري.
العدالة في التوزيع: وتشمل الإمكانات والفرص وليست فقط الدخل كحق الجميع في الحصول على التعليم.
الاستدامة: وتتضمن القدرة على تلبية حاجات الجيل الحالي من دون التأثير سلبا في حياة الأجيال اللاحقة، وحقها في العيش الكريم.
الأمان الشخصي: ويتضمن الحق في الحياة بعيدا عن أية تهديدات أو أمراض معدية أو قمع أو تهجير.
III. 3 علاقة الحكم الراشد بالتنمية المستدامة:
تعمل الحكومات وفي إطار تطبيق سياستها لمفهوم الحكم الراشد من منطلق علاقتها بالتنمية على توسيع إدارة المشاركة العامة لأفراد المجتمع مع التركيز على فئة الشباب القادرة على تنمية مفهوم الشراكة من أجل الإصلاح والذي عادة ما يحمل شعار التنمية والنهوض بالمجتمعات ومن أجل ذلك كله فلابد من تعزيز دور الشباب في صياغة القرارات واتخاذها.
وقد كان لصندوق النقد الدولي بتعريفه للحكم الراشد بعدا تقنيا لمفهوم التنمية وعلاقتها بالحكم الراشد من خلال التركيز على النواحي الاقتصادية من الحكم وتحديد مظاهر حسابات الحكومة وإدارة الأموال والموارد العامة في الدولة واستقلال البيئة التنظيمية لنشاطات القطاع الخاص.
إن الحكم الراشد مرتبط ارتباطا وثيقا وهو ضروري لاتمام عملية التنمية وخصوصا التنمية المستدامة ويمكن أن تحدد عناصر الحكم الراشد وعلاقته بالتنمية من خلال المرتكزات التالية:
• ديموقراطية حقيقية مبنية على مفهوم المشاركة في إدارة الدولة والمعتمدة على التمثيل لكافة فئات المجتمع وتعتمد أساسا المحاسبة لأي حكومة.
• احترام المعايير الدولية والمحلية لحقوق الإنسان وخصائصها المبنية على المساواة وعدم التمييز وعدم قابلية هذه الحقوق للتجزئة أو الإنتقاص.
• التشجيع على دعم مؤسسات المجتمع القائمة والتشجيع على تسهيل إجراءات تكوينها وتفعيل دورها في الحياة العامة.
• احترام سيادة القانون وتعزيز مفهوم استقلال القضاء وتحديد معايير المح