RITAJ
عضو متميز
- رقم العضوية :
- 12689
- البلد/ المدينة :
- biskra
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2950
- نقاط التميز :
- 3208
- التَـــسْجِيلْ :
- 21/02/2011
الظلـــــــــــم
أقر الله عز وجل بوقوع الظلم بين الناس في الدنيا . وقد نجد أن كلمة الظلم قد وردت في القران الكريم والسنة النبوية بغير المعنى المتعارف عليه ، كأن تأتي بمعنى ظلم الإنسان لنفسه بالشرك والكفر أو بعدم إتباع أوامر الله عز وجل . فكلمة الظلم وكلمة العدل هما وجهان لعملة واحدة . فان تحدثنا عن الظلم فإننا نتحدث عن العدل .
قال تعالى : (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) سورة البقرة الآية (229) .
ومن ذلك الحديث الشريف ( ألا أن الظلم ثلاثة : فظلم لا يكفر ، وظلم لا يترك ، وظلم مغفور لا يطلب ) .
فأما الظلم الذي لا يكفر فالشرك بالله . قال تعالى : (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ) سورة النساء الآية (48) . وأما الظلم الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضاً . وأما الظلم المغفور الذي لا يطلب فظلم العبد نفسه .
إن الله تعالى قد أمر عبادة بان يعدلوا في أقوالهم وأفعالهم ويقصدوا إلى الأحسن من كل الأمور فيفضلوه على غيره . فالإنسان الحر هو الذي يقول الحق مهما كلفه قول الحق .
قال تعالى : (وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ) سورة الشورى الآية (15) .
وقوله تعالى : (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) سورة الأنعام الآية (152) .
أي إذا قلتم قولا في حكم أو شهادة أو خبر أو نحو ذلك فلا تميلوا عن العدل والصدق بل تحروا ذلك دون مراعاة لصلة من صلات الجنس أو اللون أو القرابة أو المصاهرة .
وقال تعالى : (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ) سورة النحل الآية (90) .
وقد ورد العديد من الأحاديث التي ينهى الرسول فيها عن ظلم الإنسان لأخاه الإنسان .
فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) .
وقال : ( اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة ) .
وقال : ( من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم انه ظالم خرج من الاسلام ) .
إن الله تعالى لا يغفل عن ظالم أبداً فقد قال في كتابه الكريم : ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) سورة إبراهيم الآية (42) . كما وعدنا أيضاً بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام حين قال : (ما من عبد ظلم فشخص ببصره إلى السماء إلا قال الله عز وجل لبيك عبدي حقاً لأنصرنك ولو بعد حين ) .
ومن الأحاديث النبوية التي نهى فيها الرسول عن التعدي على حقوق المسلمين قوله : (من إقتطع من إمريء مسلم أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة) . فقال له رجل : يا سول الله ولو كان شيئاً يسيراً . قال : (ولو كان قضيب من آراك ) .
وكانت جميع هذه التعاليم فاعلةً في نفوس المسلمين مؤثرة بحيث إندمجت رعيتهم الصالحة بحكمهم الصالح .
فمن مأثوراتهم أن أفضل الأزمنة ثواباً أيام العدل . وأن العدل ميزان الله تعالى في الأرض وبه يؤخذ للضعيف من القوي والمحق من المبطل . ومن تراثهم إن عدل السلطان أنفع من خصب الزمان .
وقد قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجه : ( يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم ) .
ومما يروى عن أبي الدرداء أنه قال : (إياك ودمعة اليتيم ودعوة المظلوم فإنها تسري في الليل والناس نيام).
وعن أبي سفيان قال : ( إني لأستحي أن أظلم من لا يجد علي ناصراً إلا الله ).
ومن طريف ما يروى عن علي بن الفضل أن بكى يوماً فقيل له : ما يبكيك؟ قال : ( أبكي على من ظلمني إذا وقف غداً بين يدي الله تعالى ولم تكن له حجه ) .
وفي العدل كذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام : (عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنه ). وقال : ( لعمل الإمام العادل في رعيته يوماً واحداً أفضل من عمل العابد في أهله مائة عام ).
وقال : ( ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء ) .
وقد أمر الله تعالى داود في القران الكريم أن يحكم بين الناس بالحق ولا يتبع الهوى .
قال تعالى : (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ) سورة ص الآية (22) .
والنبي كان يشعر شعوراً عميقاً بالصراط الدقيق الذي يسير عليه القاضي في أحكامه . فبينما نراه يقول : ( إن الله مع القاضي ما لم يجر ، فإذا جار برأ الله منه ولزمه الشيطان ) .
وقد قال : ( إنما أنا بشر وانكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له بنحو ما أسمع ، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من نار ) .
وقال الله تعالى : (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) سورة المائدة الآية (45) .
ومن أحاديث الرسول قوله : ( من حكم بين إثنين تحاكما إليه وإرتضياه ولم يقضي بينهما بالحق فعليه لعنة الله ) .
ولهذا كان العديد من الثقات القادرين على القضاء بين الناس يترددون في القبول عندما يعرض عليهم أولي الأمر عملاً من أعماله .