فطيمة
عضو محترف
- رقم العضوية :
- 6494
- البلد/ المدينة :
- بسكرة
- العَمَــــــــــلْ :
- استاذة في اللغة العربية
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3622
- نقاط التميز :
- 4317
- التَـــسْجِيلْ :
- 18/10/2010
سماتي محمد بن العابد•• أثر جزائري عميق -1 - |
لنكنْ
جديرين بأنفسنا ولْنتذكرْ أحد الذين رحلوا بصمت تاركين لنا تراثا من العلم
والأدب وفصولا مؤثّرة من النّضال المستميت· كانَ كاتبا وثائرا، صحفيا
وفنانا، عاشقا للجمال مولعا بالحرية· انتصر على القيد والاستبداد بروحه
المنطلقة، وعلى ظلام السجون بعقله المستنير· لم يهادنْ في حق ولم يساومْ في
مبدأ· لم يقبل بأنصاف الحلول· عشق وطنه حدّ الجنون وزرع في رماد اليأس
وردة أمانيه وانتظر بصبر صباحات الربيع الواعدة ليشهد تفتحها·
عاش عيشة
البسطاء مغتنيا بدينه زاهدا في دنياه؛ بيت متواضع في فندق ''بن عزوز''، حي
''الزلايقة'' بقسنطينة، لا يتناول من الأكل إلا ما يسدّ الرّمقَ، لا يلبس
إلا ما يغطي جسده النّحيل· كان ينتعل صندالة خفيفة في أغلب فصول السنة· إذا
رأيته قلتَ: ''هذا حفنة من اللّحم والعظم لا يملأ عينا ولا يلفتُ نظرا''،
لكنك إذا اقتربت منه وجدت أمامك رجلا قويا بأفكاره صلبا بمواقفه·
إنه سماتي محمد بن العابد رحمه الله···
ولد
بمدينة ''أولاد جلال'' 1890 بين عائلة محافظة متشبعة بالعلم والأخلاق، في
فترة حالكة من القرن التاسع عشر، وهي فترة دامت حوالي 30 عاما؛ من 1890 إلى
,1920 عانى فيها الجزائريون بسبب قسوة الاستعمار معاناة شديدة مهدت لبزوغ
عهد العظماء ورجال المستقبل من أمثال عبد الحميد بن باديس، مصالي الحاج،
محمد البشير الإبراهيمي، فرحات عباس، العربي التبسي، محمد الأمين العمودي،
محمد السعيد الزاهري، الطيب العقبي، إبراهيم أبو اليقظان، أحمد توفيق
المدني، وأخيرا محمد بن العابد سماتي·
كانت دراسته الأولى بأولاد جلال،
لكن ينابيع هذه المدينة لم تطفئ ظمأ الفتى الشغوف بالعلم والمعرفة، فتطلع
إلى عالم أرحب· مكثَ يبحث عن ضالته إلى أن تناهت إليه شهرة الشيخ عبد
الحميد بن باديس بقسنطينة· استشار والده في الرحيل فسكت الوالد لأنه يعرف
عناد ولده، وبدأت الرحلة·
هناك في قسنطينة تعرّف الوافد القروي على بعض
الطلبة الباديسيين، فانضم إليهم لتشهد حياته تحولا عميقا· لازم محمد بن
العابد دروس الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي اهتم به اهتماما بالغا لما رأى
فيه من النجابة والذكاء ما يستحق أن يقربه إليه·
حذا التلميذ حذو أستاذه فتوسعت مداركه وزاد علمه بالدين واللغة، لكنه لم يفقد عشقه للفن وميوله الجارف للثورة·
اكتملت
شخصيته الإبداعية والثورية ونضجت رؤيته للحياة والفكر والمعرفة وقضايا
البلد فافتكّ مكانته بين الكبار وعندما واتته الفرصة اختار أن يشق الطريق
الصعب· وهكذا خاض محمد بن العابد غمار المعركة الوطنية بكل تشعباتها·