عبد النور خبابة
عضو جديد
- البلد/ المدينة :
- برج بوعريريج
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2
- نقاط التميز :
- 37
- التَـــسْجِيلْ :
- 20/06/2011
هذا
هو منهج الأولين ، وهذا هو نهجهم – رحمهم الله - ، إذ الحر في ميزانهم هو ذاك
الرجل الذي يحفظ الود ، ويرعى حق الصحبة ،
وإن كانت في عمر السنين لحظة واحدة ، ولا ينسى الفضل لأهله ، وإن قلّ حجمه ، أو خف
وزنه ، بل تراه يحرص على أن ينسب الفضل لأهله ، ولا يكفر بساعات الصفاء واللقاء ،
ولا بأيام التزاور والتواصل ، غايته أن يقيم العدل، ولو على نفسه ، ممتثلاً أمر
ربه: " ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى "
.
فالأحرار
هم الذين لا يحملون حقداً ، ولا يفجرون عند الخصومة ، ولا يستغلون معلومة بسبب
معرفة سابقة ، ولا يبيحون سراً لأصدقاء الأمس ، ولا يصرمون وداً لأقل الخصومات،
ولا ينقلب الأصحاب في ميزانهم إلى أعداء ، مهما بلغت شدة الخصومة .
فالأحرار
لا يعرفون طريق الغمز ، ولا يسلكون دروب اللمز ، يصونون ألسنتهم من الوقوع في مثل
هذه المزالق التي لا تليق بالأحرار .
***
وقد
ثبت بما لا يدع مجالاً للشك ، أن الذين تنزلق أقدامهم في مثل هذه المزالق ، أنهم
ليسوا أحراراً أبداً ، وقد شهد بذلك الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حين بين
أن من علامات المنافق ، الفجور عند الخصومة ، بمعنى أنه لا يراعي عند الغضب
والخصومة ، حرمة صحبة ، ولا ساعات التواصل والأخوة .
الأحرار .. قوم لا تنقلب حسنات الأمس
في ميزانهم إلى سيئات ، ولا صفاؤه إلى شحناء وبغضاء ، ولا حبه إلى كراهية مطلقة
وحقد دفين .
الأحرار .. هم الذين لا يجعلون من
صديق الأمس - بسبب خلاف في الرأي ، أو سوء في الفهم ، أو خلاف في غرض من أغراض
الدنيا – لا يجعلون منه هدفاً ، يصوبون نحوه كل سهام البغي والظلم والعدوان ، فلا
يدعون سهماً في جعبة إبليس إلا وقذفوه به ، غير نادمين أو آسفين .
***
الذين يفعلون هذا ليسوا أحراراً ، وإن
كانوا في ميزان البعض كباراً ، بأموالهم ومناصبهم ، وشهاداتهم الورقية ، وألقابهم
العلمية ، فهم كبار بملابسهم وزيهم ، غير أنهم الصغار في نفوسهم ، الصغار في
فعالهم ، الصغار في طباعهم ، ولو كانوا كباراً حقاً ، لصدق فيهم قول الشاعر :
لا يحمل الحقد من تعلو به
الرتب
ولا ينال
العلا من طبعه الغضب
وقبل ذلك ، فإن الأحرار تسمو بهم
أخلاقهم ، وتعلو بهم هممهم ، وتزكو بهم أنفاسهم، وتمنعهم من هذه الأفعال الشنيعة
خصالهم الحميدة ، ومنابتهم الكريمة .
وإن كان هذا العقوق الأخلاقي ،
والنكران الإيماني ، لا يليق بالعامة من الناس ، فإنه في الخاصة منهم أكثر شناعة وفضاعة ..!!
فلا يليق بالعلماء الأحرار أن يغمزوا
ويلمزوا ؟!
أو أن يحقدوا ويدفنوا ؟!
أو أن يفتروا ويكذبوا ؟!
أو أن يغيروا الحقائق ، ويقلبوا
الموازين ؟!
أو أن يشهروا بأحد أو جماعة .. كانت
بينهم بالأمس علاقة كريمة ، وصحبة جليلة ، ليس انتصاراً لحق اكتشف مؤخراً ، بل هو
الحقد وحب الانتقام لا غير ..
ساءني جداً أن يكون في علماء اليوم من
يحمل نفوس العبيد ، وقلوب الشانئين ، الذين يغيرون مبادئهم كما يغيرون ملابسهم .
***
ولا تنس أبداً إن كنت تريد أن تكون
حراً : " أن الحر من راع وداد لحظة !!
" .
بقلم أ عبد النور خبابة