مجيد
طاقم المتميزين
- رقم العضوية :
- 273
- البلد/ المدينة :
- سعيدة
- العَمَــــــــــلْ :
- تلميذ في الثانوية
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2326
- نقاط التميز :
- 3821
- التَـــسْجِيلْ :
- 03/08/2009
الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات
أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده
وكماله واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود
قائلها إلى الجنات وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات
المعجزات والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات
وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
أما بعد :
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}
قَال شَيْخ الإسْلام أحمد بن تيمية رَحمه الله: قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 8 - 10]، الهداية محلها القلب، وهذه الأعضاء الثلاثة التي هى دائمة الحركة والكسب، إما للإنسان،
وإما عليه، بخلاف ما يتحرك من داخل فإنه لا يتعلق به ثواب ولا عقاب، وبخلاف بقية الأعضاء الظاهرة، فإن السكون أغلب، وحركتها قليلة بالنسبة إلى هذه،
وهذه الثلاثة التي يروى عن عيسى ابن مريم عليه السلام أنه قال: من كان صمته فكرًا، ونطقه ذكرًا، ونظره عبرة.
وفي حديث عند ابن أبي حاتم في صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان كثير الصمت، دائم الفكر، متواصل الأحزان، فالصمت والفكر للسان والقلب،
وأما الحزن فليس المراد به الحزن الذي هو الألم على فوت مطلوب أو حصول مكروه فإن ذلك منهي عنه، ولم يكن من حاله، وإنما أراد به الاهتمام والتيقظ لما يستقبله من الأمور، وهذا مشترك بين القلب والعين.
وفيه أيضًا في الصحيحين حديث ابن عباس أنه كان إذا قام من الليل يصلى ينظر إلى السماء، ويقرأ الآيات العشر من أواخر سورة آل عمران، فيجمع بين الذكر والنظر والفكر، فالنظر، أى: نظر القلب ونظر العين،
والذكر أيضًا لابد مع ذكر اللسان من ذكر القلب.
ولما كان النظر مبدأ، والذكر منتهى؛ لأن النظر يتقدم الإدراك، والعلم والذكر يتأخر عن الإدراك والعلم؛ ولهذا كان المتكلمة في النظر المقتضى للعلم، وكان المتصوفة في الذكر المقرر للعلم قدم آلة النظر على آلة الذكر،
وختم بهداية الملك الجامع الذي هو الناظر الذاكر.
وذكر سبحانه اللسان والشفتين؛ لأنهما العضوان الناطقان: فأما الهواء والحلق والنطع واللهوات والأسنان فمتصلة حركة بعضها مرتبطة بحركة البعض بمنزلة غيرها من أجزاء الحنك، فأما اللسان والشفتان فمنفصلة.
ثم الشفتان لما كانا النهاية حملا الحروف الجوامع: الباء، والفاء، والميم، والواو.
فأما الباء والفاء فهما الحرفان السببيان، فإن الباء أبدًا تفيد الإلصاق والسبب، وكذلك الفاء تفيد التعقيب والسبب؛ وبالأسباب تجتمع الأمور بعضها ببعض.
وأما الميم والواو فلهما الجمع والإحاطة، ألا ترى أن الميم ضمير لجمع المخاطبين في الأنواع الخمسة: ضميرى الرفع والنصب المتصلين والمنفصلين، وضمير الخفض في مثل قوله: [أنتم] و[علمتم] و[إياكم] و[علمكم] و[بكم]،
وضمير لجمع الغائبين في الأنواع الخمسة أيضًا.
والمضمر أيا كان، إما متكلم، أو مخاطَب، أو غائب، واحد أو اثنان أو جمع، مرفوع أو منصوب أو مجرور. فقد أحاطت بالجميع مطلقًا.
أما الجمع المطلق فبنفسها، وأما الجمع المقدر باثنين فبزيادة علم التثنية، وهو الألف في مثل أنتما وعلمتما، وكذلك الباقى.
ولهذا زيدت الواو في الجمع المطلق فقيل: عليهموا، وأنتموا، كما زيدت الألف في التثنية، ومن حذفها حذفها تخفيفًا؛ ولأن ترك العلامة علامة، فصارت الميم مشتركة، ثم الفارق الألف أو عدمها مع الواو.
وأما الواو فلها جموع الضمائر الغائبة في مثل قالوا ونحوها، وأما المتصلة مثل إياكم وهم، فعلى اللغتين، فلما صارت الواو تمام المضمر المرفوع المنفصل، والياء تمام المؤنث، صارت للمؤنث مطلقًا في جميع أحواله؛ لأنه تلو المذكر،
والمفرد مذكره ومؤنثه قبل المثنى والمجموع، فإن المفرد قبل المركب، ثم الألف صارت علم التثنية مطلقًا في المظهر والمضمر كما أن الواو علم لجمع المذكر، وجعل الياء علمى النصب والجر في المظهر من المثنى والمجموع؛
لأن المظهر قبل المضمر وأقوى منه، فكانت أحق أن تكون فيه من الألف، فحين ما كان أقوى كانت الواو، وحين ما كان أوسط كان الياء.
وأما الجموع الظاهرة، فالواو هى علم الجمع المذكر الصحيح، كما أن الألف علم التثنية؛ ولهذا ينطق بها حيث لا إعراب، لكن في حال النصب والخفض قلبتا يائين لأجل الفرق، وذلك لأن الأسماء الظاهرة لها الغيبة دون الخطاب
في جميع العربية؛ وذلك لأن الواو أقوى حروف العلة، والضمة بعضها، وهى أقوى الحركات، لما فيها من الجمع، وكونها آخرًا، فجعلت للجمع والألف أخف حروف العلة، فجعلت للاثنين؛ لأن الياء كانت قد صارت للمؤنث في المفرد
المرفوع الذي هو الأصل في قولك...[بياض بالأصل]، وجاءت الميم في مثل: اللهم إشعار بجميع الأسماء؛ وذلك لأن حرف الشفة لما كان جامعًا للقوة من مبدأ مخارج الحروف إلى منتهاها بمنزلة الخاتم الآخر،
الذي حوى ما في المتقدم وزيادة كان جامعًا لقوى الحروف، فجعل جامعًا للأسماء مظهرها ومضمرها وجامعًا بين المفردات والجمل، فالواو والفاء عاطفان، والفاء رابطة جملة بجملة.
ولما كانت النون قريبة من الفيهة فهى أنفية، جعلت لجمع المؤنث ؛
لأنه دون جمع المذكر، وثنى العينين والشفتين؛ لأن العينين هما ربيئة القلب، وليس من الأعضاء أشد ارتباطًا بالقلب من العينين؛ ولهذا جمع بينهما في قوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: 110]، {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]،
{وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب:10]، {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} [النازعات:8، 9]، ولأن كليهما له النظر، فنظر القلب الظاهر بالعينين والباطن به وحده، وكذلك اللسان هو الذكر والشفتان أنثاه.
أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده
وكماله واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود
قائلها إلى الجنات وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات
المعجزات والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات
وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا
أما بعد :
فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار
تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}
قَال شَيْخ الإسْلام أحمد بن تيمية رَحمه الله: قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 8 - 10]، الهداية محلها القلب، وهذه الأعضاء الثلاثة التي هى دائمة الحركة والكسب، إما للإنسان،
وإما عليه، بخلاف ما يتحرك من داخل فإنه لا يتعلق به ثواب ولا عقاب، وبخلاف بقية الأعضاء الظاهرة، فإن السكون أغلب، وحركتها قليلة بالنسبة إلى هذه،
وهذه الثلاثة التي يروى عن عيسى ابن مريم عليه السلام أنه قال: من كان صمته فكرًا، ونطقه ذكرًا، ونظره عبرة.
وفي حديث عند ابن أبي حاتم في صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان كثير الصمت، دائم الفكر، متواصل الأحزان، فالصمت والفكر للسان والقلب،
وأما الحزن فليس المراد به الحزن الذي هو الألم على فوت مطلوب أو حصول مكروه فإن ذلك منهي عنه، ولم يكن من حاله، وإنما أراد به الاهتمام والتيقظ لما يستقبله من الأمور، وهذا مشترك بين القلب والعين.
وفيه أيضًا في الصحيحين حديث ابن عباس أنه كان إذا قام من الليل يصلى ينظر إلى السماء، ويقرأ الآيات العشر من أواخر سورة آل عمران، فيجمع بين الذكر والنظر والفكر، فالنظر، أى: نظر القلب ونظر العين،
والذكر أيضًا لابد مع ذكر اللسان من ذكر القلب.
ولما كان النظر مبدأ، والذكر منتهى؛ لأن النظر يتقدم الإدراك، والعلم والذكر يتأخر عن الإدراك والعلم؛ ولهذا كان المتكلمة في النظر المقتضى للعلم، وكان المتصوفة في الذكر المقرر للعلم قدم آلة النظر على آلة الذكر،
وختم بهداية الملك الجامع الذي هو الناظر الذاكر.
وذكر سبحانه اللسان والشفتين؛ لأنهما العضوان الناطقان: فأما الهواء والحلق والنطع واللهوات والأسنان فمتصلة حركة بعضها مرتبطة بحركة البعض بمنزلة غيرها من أجزاء الحنك، فأما اللسان والشفتان فمنفصلة.
ثم الشفتان لما كانا النهاية حملا الحروف الجوامع: الباء، والفاء، والميم، والواو.
فأما الباء والفاء فهما الحرفان السببيان، فإن الباء أبدًا تفيد الإلصاق والسبب، وكذلك الفاء تفيد التعقيب والسبب؛ وبالأسباب تجتمع الأمور بعضها ببعض.
وأما الميم والواو فلهما الجمع والإحاطة، ألا ترى أن الميم ضمير لجمع المخاطبين في الأنواع الخمسة: ضميرى الرفع والنصب المتصلين والمنفصلين، وضمير الخفض في مثل قوله: [أنتم] و[علمتم] و[إياكم] و[علمكم] و[بكم]،
وضمير لجمع الغائبين في الأنواع الخمسة أيضًا.
والمضمر أيا كان، إما متكلم، أو مخاطَب، أو غائب، واحد أو اثنان أو جمع، مرفوع أو منصوب أو مجرور. فقد أحاطت بالجميع مطلقًا.
أما الجمع المطلق فبنفسها، وأما الجمع المقدر باثنين فبزيادة علم التثنية، وهو الألف في مثل أنتما وعلمتما، وكذلك الباقى.
ولهذا زيدت الواو في الجمع المطلق فقيل: عليهموا، وأنتموا، كما زيدت الألف في التثنية، ومن حذفها حذفها تخفيفًا؛ ولأن ترك العلامة علامة، فصارت الميم مشتركة، ثم الفارق الألف أو عدمها مع الواو.
وأما الواو فلها جموع الضمائر الغائبة في مثل قالوا ونحوها، وأما المتصلة مثل إياكم وهم، فعلى اللغتين، فلما صارت الواو تمام المضمر المرفوع المنفصل، والياء تمام المؤنث، صارت للمؤنث مطلقًا في جميع أحواله؛ لأنه تلو المذكر،
والمفرد مذكره ومؤنثه قبل المثنى والمجموع، فإن المفرد قبل المركب، ثم الألف صارت علم التثنية مطلقًا في المظهر والمضمر كما أن الواو علم لجمع المذكر، وجعل الياء علمى النصب والجر في المظهر من المثنى والمجموع؛
لأن المظهر قبل المضمر وأقوى منه، فكانت أحق أن تكون فيه من الألف، فحين ما كان أقوى كانت الواو، وحين ما كان أوسط كان الياء.
وأما الجموع الظاهرة، فالواو هى علم الجمع المذكر الصحيح، كما أن الألف علم التثنية؛ ولهذا ينطق بها حيث لا إعراب، لكن في حال النصب والخفض قلبتا يائين لأجل الفرق، وذلك لأن الأسماء الظاهرة لها الغيبة دون الخطاب
في جميع العربية؛ وذلك لأن الواو أقوى حروف العلة، والضمة بعضها، وهى أقوى الحركات، لما فيها من الجمع، وكونها آخرًا، فجعلت للجمع والألف أخف حروف العلة، فجعلت للاثنين؛ لأن الياء كانت قد صارت للمؤنث في المفرد
المرفوع الذي هو الأصل في قولك...[بياض بالأصل]، وجاءت الميم في مثل: اللهم إشعار بجميع الأسماء؛ وذلك لأن حرف الشفة لما كان جامعًا للقوة من مبدأ مخارج الحروف إلى منتهاها بمنزلة الخاتم الآخر،
الذي حوى ما في المتقدم وزيادة كان جامعًا لقوى الحروف، فجعل جامعًا للأسماء مظهرها ومضمرها وجامعًا بين المفردات والجمل، فالواو والفاء عاطفان، والفاء رابطة جملة بجملة.
ولما كانت النون قريبة من الفيهة فهى أنفية، جعلت لجمع المؤنث ؛
لأنه دون جمع المذكر، وثنى العينين والشفتين؛ لأن العينين هما ربيئة القلب، وليس من الأعضاء أشد ارتباطًا بالقلب من العينين؛ ولهذا جمع بينهما في قوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} [الأنعام: 110]، {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]،
{وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب:10]، {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ} [النازعات:8، 9]، ولأن كليهما له النظر، فنظر القلب الظاهر بالعينين والباطن به وحده، وكذلك اللسان هو الذكر والشفتان أنثاه.