المتفائلة
طاقم المشرفين
- رقم العضوية :
- 25848
- البلد/ المدينة :
- الجزائر.ولاية يشار
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 1656
- نقاط التميز :
- 2236
- التَـــسْجِيلْ :
- 19/10/2011
رؤية لتقوية الدور الاجتماعي للأسرة
الأسرة ظاهرة اجتماعية عالمية الزمان والمكان، وقد اهتمت بها الديانات السماوية، والفلسفات الوضعية، والعلماء، والمفكرون، والأدباء، وهي أهم وحدة في بناء المجتمع قديماً وحديثا، ولها وظائف عدة من أهمها:
1- توفير إشباعات الفرد المادية والجنسية والروحية والنفسية.
2 - التنشئة الاجتماعية: ونقل ثقافة المجتمع من الجيل السابق إلى الجيل اللاحق، وإيجاد الشخصية المتوازنة.
3 - امتصاص توترات الحياة، ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى قواعد بناء الأسرة تقوم على السكينة، والمودة والرحمة، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}.
4 - الضبط الاجتماعي، فالأسرة من أقوى المؤسسات على حمل أفرادها على الالتزام بقيم المجتمع، وعاداته وتقاليده وأعرافه، والمحافظة على الأمن والاستقرار في الحياة العامة.
ورغم الأهمية العظمى لدور الأسرة في حياة المجتمع، وأنها خط الدفاع الأول ضد الانحرافات بأنواعها المختلفة، الفكرية والأمنية، والسلوكية، والصحية، فقد لوحظ أن وظائف الأسرة أخذت تتناقص يوما بعد يوم لأسباب عدة، يأتي في مقدمتها الإعلام، والعمالة، والسفر، والرفاهية، وغياب الوالدين أو أحدهما، وعدم الاهتمام بتربية الأطفال، كما لوحظ تناقص دور الأسرة في مكافحة الجريمة، ومقاومة الأمراض الاجتماعية والنفسية المختلفة، ولعل أهم الأخطاء التي وقعت فيها بعض الدول، ولا تزال تعض أصابع الندم بسببها، أنها فرطت في الأسرة، وعملت على إضعافها بحجة الحرية مرة، وبحجة حقوق المرأة مرة أخرى، ولهذا يصرخ كثير من المصلحين رجالاً ونساء من أجل عودة الأسرة، وتقوية دورها الاجتماعي، ففي عودتها عودة لاستقرار المجتمع، وعودة للاستقرار النفسي والعاطفي لأعضائها وخاصة الأطفال.
وإذا أردنا بناء استراتيجية فعالة لتقوية دور الأسرة فإن تلك الإستراتيجية يجب أن ترتكز على المنطلقات التالية:
1 - الفطرة التي فطر الله المخلوقات عليها، فاجتماع الذكر والأنثى وتزاوجهما هو السبيل الوحيد لاستمرار حياة الكائنات وتكاثرها، وحتى في الكائنات غير البشرية نجد أن هناك شيئاً من تقسيم العمل بين كثير من الأنواع، فالعناية بالصغار غالباً ما تكون من وظائف الأنثى التي تحمل، وتلد، وترضع، نرى ذلك في الإبل، والأغنام، وكثير من أنواع الطيور، ورغم أن الله كرم البشر بالعقل والشرائع المنزلة من السماء فإنهم يشتركون مع تلك الكائنات في الجوانب الفطرية.
2 - التراث الإنساني المتعلق بالأسرة ودورها في حياة الامم والشعوب، فلا يوجد حضارة لم تول الأسرة وتنظيماتها اهتماماً خاصاً.
3 - تعاليم الديانات السماوية والفكر والفلسفات الإصلاحية، وقد حظيت الأسرة باهتمام كبير في الشرائع السماوية، وتحدث عنها كبار الفلاسفة والمفكرين في العصور المختلفة.
أما أهداف تلك الإستراتيجية لتقوية دور الأسرة فإنها تتمثل في الآتي:
الهدف الرئيس هو قيام الأسرة بدورها الاجتماعي، وأن تكون مؤسسة اجتماعية فاعلة للقيام بوظائفها المختلفة، وتهيئة المناخ المناسب لأعضائها من حيث توفر السكينة والمودة والرحمة، والسلام، وامتصاص توترات الحياة، وإخراج جيل سليم عقلياً، وروحيا، وجسمياً، وهذا يحتاج إلى العناية بوضع الأسرة بأبعاده الثلاثة:
1 - البعد البنائي القائم على التنشئة الصحيحة، وتحصين أفراد الأسرة ضد الأمراض الاجتماعية مثلما يحصن الجسم ضد الأمراض العضوية، وتتم تقوية مناعته، وأهم جانب في هذا البعد هو تقوية الوازع الديني ومراقبة الله في جميع المواقف، وتقوية الضمير الأخلاقي والمراقبة الذاتية لتصرفات الفرد.
2 - البعد الوقائي: بتجنيب الأسرة وأفرادها كل ما يمكن أن يؤثر عليهم سلباً، ويحدث شروخاً في حياة أفرادها.
3 - البعد العلاجي، من خلال معالجة أي خلل يطرأ في حياة الأسرة، ومساعدتها على تجاوز مشكلاتها، مثل الفقر، ووجود مدمن في ا لأسرة، وغياب أحد الوالدين أو كليهما عن البيت.
ولبلوغ تلك الأهداف لابد من استخدام مجموعة من الوسائل ومن أهمها:
- التنشئة الأسرية السليمة، القائمة على التوازن الروحي والجسدي والمادي.
- التعليم المدرسي والعناية بقضايا الأسرة والمجتمع من خلاله.
- المساجد والمؤسسات الدينية يجب أن تقوم بدور بارز في هذا الجانب.
- الإعلام من خلال بث ما يفيد الأسر، والابتعاد عن كل ما يفسدها.
- العناية بمراكز وأندية الأحياء والقرى، وتقويتها، وبنائها بطريقة تخدم الأسرة.
- المرأة هي عمود الأسرة، وأهم عنصر فيها ولهذا تجب العناية بها وبتعليمها، والتركيز على دورها الأمومي، وإلحاقها بدورات تعليمية وتدريبية لتقوم بهذا الدور بيسر وسهولة وكفاءة، وملء وقت فراغ المرأة بما يفيدها ويفيد أسرتها ومجتمعها.
- تطبيق فكرة عمل المرأة بنصف راتب وبنصف دوام لتتفرغ أكثر لأسرتها، ولفتح المجال لأعداد أكثر من الموظفات.
- إيجاد أندية نسائية لقضاء أوقات فراغ الأمهات مع أبنائهن الصغار، وتعليمهن بعض الحرف والمهارات المفيدة، وأن تكون تلك الأندية مهيأة وملائمة للقيام بالدور الاجتماعي الأسري البناء.
- الأب باعتباره رئيس الأسرة يجب أن يضطلع بمسؤولياته، وأن يخصص لأسرته الوقت والجهد الكافيين، ويجب مساعدته وتوعيته وتعريفه بدوره وكيفية القيام به بطرق صحيحة وسليمة.
- النظرة إلى أن الرجل والمرأة يكمل كل منهما الآخر، وأنهما وجهان لعملة واحدة، وأن العلاقة بينهما علاقة تكاملية تقوم على المودة والرحمة والتعاون، وأن الله خلق كلاً منهما في صورة تختلف عن الآخر ليقوم بوظائف وأدوار في الحياة تناسب تركيبته العضوية والنفسية.
- يجب أن تسود الحياة الأسرية أجواء من المحبة والمودة، ويجب إشباع عواطف أفرادها كل بما يناسبه، حتى تقوى لحمة الأسرة، ويزيد التقارب بين أفرادها، ويجب الابتعاد عن العنف والإكراه الذي يولد العصيان والعناد، ويؤدي إلى انحراف الشباب والشابات، فالعناد كما يقال يورث الكفر، ومن لا يجد الحب والعطف والحنان داخل أسرته بحث عنه في مكان آخر.
وقد يقوده ذلك إلى طريق الزلل والانحراف والضياع، وهو أمر لا أعتقد أن رب أسرة عاقل يوده لأحد من أبنائه وبناته، أو لشريك حياته والله الموفق.
أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمام، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلم الاجتماع بالخدمة الاجتماعية
منقوول