فطيمة
عضو محترف
- رقم العضوية :
- 6494
- البلد/ المدينة :
- بسكرة
- العَمَــــــــــلْ :
- استاذة في اللغة العربية
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3622
- نقاط التميز :
- 4317
- التَـــسْجِيلْ :
- 18/10/2010
مسجـــــــــد الخَيْـــــــف
الخيف بفتح الـخاء وسكون الياء: ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء, ومنه سمي مسجد الخيف , ويقع في سفح جبل منى الجنوبي قريبا من الجمرة الصغرى, وقد صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- والأنبياء من قبله, , وقد كان هذا المسجد موضع اهتمام وعناية أمراء المسلمين على مر التاريخ, وتمت توسعته وعمارته في سنة (1407هـ - 1987م) وبه أربع منائر وهو مكيف بـ (410)
وحدة تكييف, كما يساعد على تلطيف الهواء في المسجد (1100) مروحة, ويليه
مجمع دورات مياه ضخم جداً يوجد به أكثر من ألف دورة مياه, وثلاثة آلاف
صنبور للوضوء .
يقع مسجد الخيف
في منى وأجريت له ترميمات عديدة على مر العصور وردت عنها أخبار في المصادر
التاريخية المختلفة كما قام عدد من الباحثين المعاصرين بدراسة بعضها.
مسجد الخيف في المصادر:
يقول مؤرخ مكة الشهير أبو الوليد الازرقي من علماء القرن الثالث الهجري في
كتابه المعروف ( أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار) الذي حققه رشدي الصالح
ملحس: حدثني جدي قال: حدثنا مروان بن معاوية عن الأشعث ابن سوار عن عكرمة
عن ابن عباس قال: صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا كلهم مخطمون بالليف قال مروان بن معاوية : يعني رواحلهم.
اما الفاكهي وهو أيضا من علماء القرن الثالث الهجري فقد أورد في (أخبار مكة
في قديم الدهر وحديثه) والذي حققه الشيخ عبدالملك بن عبدالله بن دهيش ,
فقد أورد أن مسجد الخيف " قد صلى فيه سبعون نبياً كلهم يؤم الخيف".
كما أورد الفاكهي ايضا أن الزهري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل : موعدك خيف بني كنانة " .
وجاء في كتاب ( معجم ما استعجم ) لصاحبه أبي عبيد , عبدالله بن عبدالعزيز
البكري الأندلسي المتوفي سنة 487هـ والذي حققه مصطفى السقا , أن الخيف بفتح أوله , وإسكان ثانيه , على وزن فعل : أسم يقع مضافاً إلى مواضع كثيرة , ولا يكون خيفاً إلا بين جبلين .
وقيل: الخيف : ارتفاع وهبوط في سفح جبل أوغلظ . وأشهرها خيف منى , ومسجد الخيف قال الاحوص فيه :
وقد وعدتك الخيف ذا الشرى من منى وتلك المنى لو أننا نستطيعها
صور للمسجد قديما
المسجد الآن
وهو خيف بني كنانة , الذي ورد في الحديث , رواه الزهري , عن علي بن حسين ,
عن عمرو بن عثمان , عن اسامة بن زبير . قال قلت : يارسول الله , أين تنزل
غدا في حجتك ؟ قال: هل ترك لنا عقيل منزلا ؟ نحن نازلون بخيف بنى كنانة .
أما الإمام الحافظ محمد بن موسى الحازمي المتوفي سنة 584هـ فقد أورد في
كتابه " الأماكن " والذي أعده للنشر الشيخ حمد الجاسر – رحمه الله – أن : الخيف بفتح الخاء وسكون الياء -: خيف بن كنانة بمنى , حيث نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال : أن الخيف " ما كان مجنبا عن طريق الماء يميناً وشمالاً متسعاً " .
أما المؤرخ المعاصر العلامة عاتق بن غيث البلادي فيقول في معجمه الشهير خيف
: بفتح أوله , سكون ثانيه , وآخره فاء , قال ياقوت: والخيف : ما أنحدر من
غلظ الجبل وأرتفع عن مسيل الماء , ومنه سمي مسجد الخيف من منى , وقال ابن جنى : أصل الخيف الأختلاف , وذلك أنه ما انحدر من الجبل فليس شرفا ولا حضيضاً فهو مخالف
لهما, ومنه : الناس اخياف أي مختلفون . ويقول البلادي : قال القاضي عياض :
خيف بني كنانة هو المحصب , كذا فسر في حديث عبدالرزاق , وهو بطحاء مكة
وقيل: مبتدأ الابطح وهو الحقيقة لأن أصله ما أنحدر من الجبل وأرتفع عن
المسيل , وقال الزهري :الخيف
الوادي , وقال الحازمي : خيف بني كنانة بمنى نزله رسول الله صلى الله عليه
وسلم , والخيف : ما كان مجنباً عن طريق الماء يميناً وشمالاً متسعاً .
ويحدد البلادي موقع مسجد الخيف اليوم , في قوله : خيف منى : معروف اليوم بمسجد الخيف في سفح جبل منى الجنوبي من الشمال .
الخيف في اللغة:الخيف (بفتح الخاء وتسكين الياء) وجمعها على أخياف وتحمل في
اللغة معاني عدة. كما جاء في (لسان العرب) لابن منظور من مواليد سنة 630هـ
توفى عام 711هـ أن الخيف :" ما ارتفع من موضع مجرى السيل ومسيل الماء وانحدر عن غلظ الجبل ، والجمع أخياف قال قيس بن ذريح :
فغيقة فالاخياف ، أخياف ظبيه بها من لبينى مخرف ومرابع
ومنه قيل مسجد الخيف بمنى لأنه في خيف الجبل".
كما قال ابن منظور في نفس المصدر : وخيف مكة موضع فيها عند منى ، سمى بذلك لانحداره عن الغلظ وارتفاعه عن السيل".
يقول ابن منظور أنه في الحديث : " نحن نازلون غداً بخيف بنى كنانه يعني المحصب". " ومسجد منى يسمى مسجد الخيف لأنه في سفح جبلها".
يقول ابن منظور : " أخيف القوم وأخافوا ، إذا نزلوا الخيف خيف منى أو أتوه".
وواضح أن منها اشتق اسم مسجد الخيف لأنه يقع على خيف الجبل في منى على يسار المتجه إلى مكة المكرمة.
مسجد الخيف في دراسة تاريخية حديثة:
وفي دراسة جادة قام بها المؤرخ السعودي المعروف الدكتور عدنان بن محمد فايز
الحارثي الأستاذ بجامعة أم القرى بمكة المكرمة وعميد شؤون المكتبات بها
حالياً ونشرت في مجلة " العصور" وهي مجلة علمية محكمة نصف سنوية تعنى
بنشر البحوث التاريخية والآثارية والحضارية ، تحدث الدكتور الحارثي عن
عمارة مسجد الخيف ننقل شيئا منها هنا بتصرف:
يقول الحارثي أن المصادر التاريخية لا تتضمن أي نصوص تقدم تاريخاً دقيقاً لإنشاء مسجد الخيف
، فأضحى من كتب عن تاريخه غير قادر على تحديد سنة بنائه. إلا أن الحارثي
يبين أن في بعض هذه النصوص إشارات إلى وجود هذا المسجد منذ فترة مبكرة من
صدر الإسلام قد تصل إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ أن هناك أحاديث
نبوية صحيحة وأحداث تعود لتلك الفترة ورد فيها ذكر لـ "مسجد الخيف".
كما نقل الدكتور الحارثي عن الازرقي في ( أخبار مكة وما جاء فيها من
الآثار) وعن الفاكهي في (أخبار مكة) إذ يقول : " ومعروف أن هذا المسجد
ذُكر في أخبار وردت بعد عصر النبي صلى الله عليه وسلم وتعود لعصري الخلفاء
الراشدين وبني أمية". يقول د. الحارثي : " ومن ذلك ما ذكره عمر بن دينار
أنه شاهد محمد بن الحنفية رضي الله عنه يصلي في مسجد الخيف بمنى ، ويستطرد قائلاً: " وعندما حاصر الحجاج بن يوسف الثقفي عبدالله بن
الزبير وأنصاره في مكة المكرمة ، جعل منى ملاذاً لمن أراد من أهل مكة
المكرمة ، وجعل ولايتها – منى – للحارث بن خالد بن العاص المخزومي فكان
يصلي بالناس في مسجد الخيف.
أما بالنسبة للعصر العباسي فإن الحارثي يقول أن أقدم خبر يرد عن هذا المسجد
يعود إلى سنة 227هـ/841م حيث أمر في تلك السنة الخليفة العباسي هارون
الواثق بالله بترميم عدد من المنشآت بمكة ومنها مسجد
الخيف. وذكرت الدراسة أنه من أبرز الأعمال التي مرت على المسجد في تلك
الفترة أيضاً ما أمر به الخليفة المتوكل على الله العباسي سنة 240هـ/854م ،
من هدم المسجد وإعادة بنائه من جديد علاوةً على بناء ضفيرة سميكة خلفه لرد
سيل الجبل ( فصار ما ينحدر من السيل يتسرب في أصل الضفيرة من خارجها ويخرج
إلى الشارع الأعظم بمنى ولا يدخل المسجد). والضفيرة ، لفظ معماري يطلق على
البناء بحجارة بدون كلس ولا طين. ثم يذكر الدكتور الحارثي بعض التعميرات
والتجديدات التي شهدها مسجد الخيف
بعد ذلك في فترات تاريخية مختلفة ذكرتها المصادر والمراجع التاريخية
المختلفة من هذه المصادر كتاب " إبراهيم رفعت باشا الموسوم ( مرآة
الحرمين). وكتاب محمد طاهر الكردي ، ( التاريخ القويم لمكة وبيت الله
الكريم)
ثم يتحدث الدكتور الحارثي بإسهاب عن عمارة السلطان قايتباي لمسجد الخيف عام 874هـ/1469م فقال عن هذا السلطان أنه " عرف بحبه للعمارة وعنايته
الزائدة بها وأن عصره قد شهد الكثير من العمائر" وقال أن عمارة السلطان
قايتباي لمسجد الخيف
تعد من أبرز أعماله في مكة المكرمة " إذ قدر لها أن تبقى حتى العصر
الحديث ولا تعدو التجديدات التي شهدها المبنى في العصر العثماني من كونها
من الترميمات التي تهدف إلى المحافظة على المبنى ، ولم تغير الكثير من
مكوناته ومعالمه المعمارية والزخرفيه ".
وتذكر هذه الدراسة القيمة إشارة السنجاري للأعمال التي تمت في هذا المسجد
عامي 1072هـ/1661م و 1092هـ/1681م ضمن أعمال الترميم الدورية التي تتم عادة
للمنشآت في مكة المكرمة في ذلك العصر ، وأن ذلك ما نبه إليه النابلسي
أثناء زيارته للمسجد بعد ذلك سنة 1105هـ/1694م حيث ذكر أنه من عماره
السلطان قايتباي.
كما تذكر الدراسة أن ترميمات أخرى جرت للمسجد في سنتي 1232هـ/1816م و
1235هـ/1819م كانت ترميمات بسيطة شملت بالاضافة للمسجد منشآت أخرى في مكة
المكرمة كما تشير إلى ذلك وثيقتان عثمانيتان.
وتقدم الدراسة وصفاً معمارياً لبناء قايتباي للمسجد فتذكر تخطيطه وتصف
واجهاته وجدرانه وأطواله وتذكر مدخله الرئيس وما قال عنه مؤرخ مكة ابن فهد :
من أنه " بوابة عظيمة مرتفعة معقود بالرخام الأصفر المشهر بالرخام
الأبيض". وتذكر الدراسة أنه للمسجد رواق واحد يشغل القسم الغربي من المسجد
وهذا الرواق يتكون من أربعة بوائك ، والبائكة مجموعة من الأعمدة تسير على
خط مستقيم.
أما عن صحن المسجد فقد حددت الدراسة مساحته وأبعاده على النحو التالي :
الضلع الشرقي 105 أمتار
الضلع الشمالي 127.5 متر
الضلع الغربي 105 أمتار
الضلع الجنوبي 112.5 متر
وكان للمسجد مئذنتان ، أولهما تعلو كتلة المدخل الرئيس , وتصف الدراسة هذه المآذن وصفاً دقيقاً مفصلاً.
كما تبين الدراسة أن قايتباي زود المسجد بسبيل كبير أسهب ابن فهد في وصفه
قائلاً: أنه بني ملاصقاً للمسجد على يمين الداخل من بوابته الرئيسة ، وأن
له أربع شبابيك موزع كل منها على واجهة. أما عن خامات البناء ، فإن ابن فهد
يذكر استخدام الحجارة في بناء المسجد
.