الهامل الهامل
عضو مساهم
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 51
- نقاط التميز :
- 74
- التَـــسْجِيلْ :
- 17/09/2010
بلدة الهامل تقع إلى الجنوب من مدينة بوسعادة ،على المرتفعات المتاخمة لأولاد نائل .تحيط بها من كل الجهات جبال تشكل ما يشبه الحصن . ويجري أسفلها واد كثير الينابيع ، عذب الماء ، تزين ضفافه بساتين صغيرة ، فيها من شتى أنواع الثمار المعروفة بالمنطقة. ينبع وادي الهامل من كهف الطيور غربي الهامل ، بموازاة طريق الجلفة . ويصب بمعذر بوسعادة. أما مساحاتها الفلاحية فلا تفي بحاجة السكان ، ولا تنتج إلا ما لا يكاد يسد الرمق .وسكانها يزاولون حرفا بسيطة ، تعتمد في معظمها على الزراعة وتربية المواشي ، وتضطرهم الحال في أغلب الأحيان إلى الهجرة سعيا وراء رزقهم. ولأن معظم أهل البلدة كانوا من حفظة القرآن الكريم ، المتفقهين في الدين ، أمكنهم أن يحترفوا تعليم كتاب الله العزيز ، وتدريس الفقه ، وإمامة الناس في الصلاة . وهو ماجعل الكثير منهم يختلطون بأهل البوادي والحواضر القريبة و النائية. لقد اختلفت الروايات في تسمية البلدة بالهامل ، شأن أغلب القرى الجزائرية ، التي يكتنف تسميتها شيء من الغموض ، وشيء من القدسية ، وشيء من الأسطورة كما يحلو للبعض أن يسميها . ونورد هنا بعضا مما تبادر إلى أذهان الأوائل في تسميتها بهذا الإسم يمكن أن تكون قد أخذت تسميتها من كونها تعيد الهمل من الناس إلى الجادة ، وتعيد من تشعبت بهم السبل إلى سبيل الرشاد ، في منطقة نأت عن الحواضر ، وابتعدت عن ينابيع العلم .لأن أساسها الأول مسجد للصلاة ، ولتعليم القرآن و الدين لأبناء القبائل المحيطة " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين " فصلت 33 كما يمكن أن تكون التسمية من كون هذه القرية مهملة في وهدة تحفها الجبال من كل جهة ، بحيث لا يهتدي إليها إلا القاصدون ، ولا يقف عندها إلا الوافدون .وبالفعل فهي بمنأى عن طريق القوافل المتنقلة إلى الجلفة عن طريق بوسعادة .ولولا أنها معقل علمي ، ومعلم حضاري ماعرفها غير أبنائها ، وأهل الناحية المتاخمة لها ، ويحضرني بالمناسبة قول الشيخ سيدي محمد المكي بن عزوز في واحدة من قصائده لبلد الأشراف وهو الهامل سمي بذا لعل الأصل الكامل فأبدل الكاف اختشاء العين بالهاء فا لحظه قرير العين أو هامل أهلوه في حب النبي هاموا بوادي العشق عالي الرتب أو بلد الهامل أي يفيد دنيا ودينا حائرا يريد أما عمارة المكان ؛ فإن الغالب في التسميات الأولى للحواضر في وطننا أن يكتنفها ما يدخله الصوفية في عالم الكرامة ، وما يراه معاصرون من قبيل الأسطورة ، ولا نملك إلا أن نسلم لما بلغنا بالتواتر ، لأن الروايات الشفوية مصدر من مصادر الخبر إن عدمنا الأثر الكتابي القديم الذي يؤرخ للحادثة كيف ما كان .وبلدة الهامل واحدة من هذه الحواضر التي تناقل الرواة حادثة نشأتها على الصورة التي سنوردها حسب ما استقيناها من مصادر نراها موثوقة. إن الرواة يوردون قصتين ؛ أولاهما : إن حجاجا نزلوا بعين الماء المسماة اليوم " عين التوتة " فوجدوا غير بعيد منها جملا ضالا ... وأخذت أحدهم سنة من النوم ، فرأى جده في المنام يقول له " يا عامر لا تفرط في الجمل الهامل " فقام من لحظته ، لينبئ رفقته أنه ينوي المكوث بهذا المكان ، فمن شاء أن يبقى معه فليفعل ، ومن هنا سمي سيدي أحمد المكان بالهامل ، والجبل الذي تتوسده القرية عمران ، هذا ما رواه مرجع فرنسي قديم بعض الشيء استند فيه إلى أحد الرواة من أهل المنطقة . والرواية الثانية – وهي الأكثر تداولا – تقول : إن جماعة من الحجاج الأشراف ، الزهاد العلماء كانوا في طريق عودتهم من البقاع المقدسة ، يغدون السير إلى موطنهم بجبال عمور ؛ مقر سكناهم فداهمهم الليل في هذا المكان الذي كانت به عين ماء تؤمها القبائل المجاورة ، لتستقي منها ، فصلوا العشاء وغرزوا عصيهم ، وناموا .ولما صلوا صبح اليوم الموالي وجد اثنان منهم أن عصويهما صارتا غصنين لشجرتي توت ، مما أنبأهما أن عليهما أن يلقيا عصا الترحال بهذا المكان ، فأقاما فيه ، على حين واصل غيرهما المسير ، وبقيا ينتظران الفأل الذي استقر رأيهما أن يكون فيه ما يؤذن بتسمية المكان . فسمعا مناديا ينادي بأعلى جبل عمران ؛ الذي تتوسده القرية ؛ :" يا من رأى جملا هاملا." لعله كان ينشد جمله الذي أضله فاستقر رأيهما على أن تسمى القرية الهامل. وهذان الحاجان الشريفان الوليان هما : سيدي أحمد بن عبدالرحيم وابن أخيه سيدي عبدالرحيم أعتبر الجحاج ما حدث أمرا إلهيا وإذنا ربانيا لهما بالاستقرار وعمارة المكان ورفع الجميع أيديهم إلى السماء متضرعين إلى الله بالدعاء راغبين إليه في أن يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا عامرا بالدين و العلم. وما تزال شجرات التوت تعمر المكان وتضلل عين الماء التي نزل بها الحجاج ، شاهدا حيا على أن هذه القصة –في الجزء الأكبر منها على الأقل ليست من نسج الخيال وإلا بماذا نفسر وجود شجرات التوت في مكان يندر فيه تواجد هذا النوع من الشجر ، ولا عرف مثل هذا الشجر في الموطن الأصلي لسكان الهامل . ويضاف إلى الرواية انهم دعوا بأن تكون خالية من السوق . وإن صحت ،فقد استجاب لهم ربهم ،فلم تقم بالبلدة سوق منذ تأسيسها إلى اليوم ،رغم تعدد المحاولات . قد استجاب الله دعاء هذا النفر من الحجاج الأتقياء ، الذين نزلوا هذا المكان ،لأن هذه القرية عمرت بالدين ،منذ ذلك الوقت ،ببناء أول مرفق ديني يستقطب الناس ،وهو المسجد،الذي بنوه بجوار العين ،لتعليم أبنائهم ومن حولهم ،كما سبقت الإشارة إليه. كما أن هذا ما يؤكده سكان البلدة ،من الواقع الذي كانت عليه الحال آنذاك . لأنه إذا كان من معاني الدين العلم والاستقامة ،فإن المأثور أن هذه البلدة أنجبت رجالا ؛ منهم من ذاع صيته ،وعرف مكانه ،ومنهم من عاش –على علمه- مغمورا لا تعرفه إلا قلة ممن كانوا يرتادون دروسه ،ومنهم عدد كبير كانوا يحفظون كتاب الله ،ويعرفون ما تيسر من فقه الشريعة ،هؤلاء ضربوا في الأرض يعلمون الناس كتاب الله ومبادئ دينه ،متأسين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم من تعلم القرآن وعلمه" . وقد بلغ من حفظهم للقرآن أن قال غير واحد :" إذا كنت مارا في أزقة البلدة وأنت تتلو القرآن الكريم ، فنسيت الآية التي تتلو فإن أول من يلقاك يذكرك ويفتح عليك " ويوضح هذا أيضا أن لهذه البقعة سابقة في العناية بكتاب الله ، وعلوم الدين ،ولغة القرآن ؛ عرفوها منذ تأسيس حاضرتهم هذه. | |||
صورة قديمة للهامل الدشرة امامها البساتين وخلفها جبل عمران | |||
| |||
وادي الهامل تزين ضفافه البساتين | |||
شجرات التوت وفي الخلف المسجد العتيق | |||
شجرات التوت تعمر المكان وتضلل عين الماء التي نزل بها الحجاج | |||