لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى

1. 

عن عائشة رضي الله عنها، أن قريشاً أهمهم شأن المرآة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامه بن زيد، حب رسول الله، فكلمه أسامه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟!] ثم قام فاختطب، ثم قال [إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها] متفق عليه .

مع هذه الإشراقة الوضاءة، من حياة سيد البشر وفخر ربيعة ومضر سيدنا وحبيبنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يضرب لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في تطبيق مبدأ العدالة والمساواة.. فكل المسلمين في نظر الشريعة سواء.. لا تفريق ولا تمييز بين القوي والضعيف.. والغني والفقير.. والشريف والوضيع.. لا يراعى الغني لغناه، ولا يحابى الشريف لشرفه ومنزلته.. فالناس في ميزان الدين سواسية كأسنان المشط ..

وهكذا يأتي المصطفى صلي الله عليه وسلم على قواعد الجاهلية فيدكها من أساسها.. ويقتلعها من جذورها، ويقرر مبدأ الحق، والعدل والمساواة بين جميع الطبقات قائلاً [لا فرق بين عربي وأعجمي وأحمر وأبيض إلا بتقوى الله سبحانه].

ها هي امرأة من علية القوم ليست من أشراف مكة فحسب.. بل من أشراف قريش.. تسرق على عهد النبي.. ويخشى عليها قومها وعشيرتها أن يصل أمرها إلي رسول الله فيقيم عليها الحد.. ويقطع يدها تحقيقاً لمبدأ العدالة والمساواة.. ويهتمون لشأنها ويعتريهم الكرب والغم.. فهي من الأشراف من الوجهاء... يقولون لا نجاة ولا خلاص لهذه المرأة إلا أن نجد شفيعاً لها عند رسول الله .. من يقدر علي هذا؟ فيقولون لا يستطيع على هذا الأمر إلا حب رسول الله صلي الله عليه وسلم.. أسامة بن زيد ... وبالفعل يأتي أسامة إلي رسول الله.. فيكلمه في شأن هذه المرأة.. فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يتلون وجهه، وتحمر عيناه، وتثور في نفسه دوافع الغيرة على حدود الله.. فيقول لأسامه أتشفع في حد من حدود الله؟؟ مستنكراً مستعظماً، ثم يقف خطيباً في الناس يبين لهم أن هلاك الأمم السابقة إنما كان بسبب قاعدة الكيل بمكيالين.. ىفيقول قولته المشهورة [إنما أهلك الذين من قبلكم.. أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه.. وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد].

إن دين الإسلام دين الحق والعدل والمساواة.. لا يرضى بهذا المبدأ الجائر الظالم مبدأ التفرقة بين الناس والتميز بين العناصر.. فهذا شريف يكرم ويعظم لشرفه.. وهذا ضعيف يزدرى ويهان لقلة شأنه.. فهذا هو مبدأ الجاهلية تقسيم الناس إلى فئات وطبقات، سادة وعبيد، أشراف وضعفاء، أفاضل وخدم، لكل فئة قانون لكل جماعة نظام، لكل دولة مكيال.

لقد حطم دين الإسلام هذه النظم البالية، والقوانين الجائرة، وأقام الناس جميعاً على قانون واحد، يشمل الصغير والكبير، والعظيم والحقير، السادة والعبيد، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}. يغضب صلوات ربي وسلامه عليه لهذه الشفاعة.. ويقول: كلمته الذهبية [وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها]. وحاشاها أن تسرق، وحاشاها أن تأتي فعلاً قبيحاً.. أو تأتي منكراً.. ولكنه المثال الذي يضربه المصطفى صلى الله عليه وسلم على أن رسالة الإسلام إنما هي دعوة العدل، ودعوة الإنسانية والمساواة، لا محاباة، لا مجامله.

هذا ديننا إنه المثل الأعلى.. والنموذج الكامل الذي ينبغي أن تبنى عليه النظم وتساس به الأمم، لأنها شريعة الله...
نسأل الله العافية وحسن الختام..

[list=1][*]

شكككككككككككككككككككككككككككككككرا

شكرااااااااا اخي