mohamed2600
طاقم المشرفين
- رقم العضوية :
- 33151
- البلد/ المدينة :
- medea
- العَمَــــــــــلْ :
- تاجر
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 8699
- نقاط التميز :
- 11811
- التَـــسْجِيلْ :
- 27/01/2012
كَانَ سَيِّدُنَا أَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْبَلاءُ، مِنَ الأَنْبِيَاءِ الأَغْنِيَاءِ،
يَسْكُنُ فِي قَرْيَةٍ لَهُ اسْمُهَا "الْبَثَنِيَّةُ" وَهِيَ إِحْدَى قُرَى حَوْرَانَ فِي أَرْضِ الشَّامِ بَيْنَ مَدِينَةِ دِمْشَقَ وَأَذْرِعَاتٍ فِي الأَرْدُنَّ،
وَقَدْ ءَاتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الأَمْلاكَ الْوَاسِعَةَ وَالأَرَاضِيَ الْخَصْبَةَ وَالْصِّحَّةَ وَالْمَالَ وَكَثْرَةَ الأَوْلادِ،
وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ شَاكِرًا لأِنْعُمِ اللَّهِ، مُوَاسِيًا لِعِبَادِ اللَّهِ، بَرًّا رَحِيمًا بِالْمَسَاكِينِ، يَكْفَلُ الأَيْتَامَ وَالأَرَامِلَ،
وَيُكْرِمُ الضَّيْفَ وَيَصِلُ الْمُنْقَطِعَ.
ثُمَّ إِنَّهُ أَصَابَهُ بَلاءٌ شَدِيدٌ وَعَنَاءٌ عَظِيمٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِنَّهُ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ، إِنَّمَا ابْتِلاءٌ مِنْ رَبِّهِ لَهُ لِيَعْظُمَ ثَوَابُهُ وَأَجْرُهُ،
فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ".
وَهَكَذَا صَارَ النَّاسُ إِذَا ذَكَرُوا بَلاءَ سَيِّدِنَا أَيُّوبَ وَصَبْرَهُ عَلَى مَرِّ السِّنِينَ مَعَ كَوْنِهِ أَفْضَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ،
عَوَّدُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى الشَّدَائِدِ كَمَا فَعَلَ سَيِّدُنَا أَيُّوبُ.
إِذْ إِنَّهُ ابْتُلِيَ كَمَا قِيلَ بِأَنْ جَاءَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى أَمْوَالِهِ فَأَحْرَقَتْهَا وَفَتَكَتْ بِأَغْنَامِهِ وَإِبِلِهِ وَعَبِيدِهِ، وَخَرَّبَتْ أَرَاضِيَهُ،
فَلَمَّا رَأَى سَيِّدُنَا أَيُّوبُ مَا حَلَّ بِهِ لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى
بَلْ قَالَ: "لِلَّهِ مَا أَعْطَى وَلِلَّهِ مَا أَخَذَ فَهُوَ مَالِكُ الْمُلْكِ، وَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى كُلِّ حَالٍ".
وَعَادَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى أَفَاعِيلِهَا وَفَسَادِهَا فَسُلِّطَتْ عَلَى أَوْلادِ سَيِّدِنَا أَيُّوبَ الَّذِينَ كَانُوا فِي قَصْرِ أَبِيهِمْ يَنْعَمُونَ بِرِزْقِ اللَّهِ تَعَالَى فَتَزَلْزَلَ الْقَصْرُ بِهِمْ،
حَتَّى تَصَدَّعَتْ جُدْرَانُهُ وَوَقَعَتْ حِيطَانُهُ، وَقُتِلُوا جَمِيعًا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
وَبَلَغَ سَيِّدَنَا أَيُّوبَ الْخَبَرُ فَبَكَى لَكِنَّهُ لَمْ يُقَابِلِ الْمُصِيبَةَ إِلاَّ بِالصَّبْرِ.
امْتَلأَ إِبْلِيسُ وَأَعْوَانُهُ غَيْظًا مِمَّا صَدَرَ مِنْ سَيِّدِنَا أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ صَبْرٍ وَتَسْلِيمٍ لِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ.
وَأُصِيبَ سَيِّدُنَا أَيُّوبُ بِأَمْرَاضٍ شَدِيدَةٍ عَدِيدَةٍ،
لَكِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ الدُّودُ كَمَا يَذْكُرُ بَعْضُ النَّاسِ الْجُهَّالِ،
وَإِنَّمَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْمَرَضُ وَالْبَلاءُ حَتَّى جَفَاهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلاَّ الْقِلَّةُ الْقَلِيلَةُ،
لَكِنَّ زَوْجَتَهُ بَقِيَتْ تَخْدِمُهُ وَتُحْسِنُ إِلَيْهِ ذَاكِرَةً فَضْلَهُ وَإِحْسَانَهُ لَهَا أَيَّامَ الرَّخَاءِ.
ثُمَّ طَالَتْ مُدَّةُ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَىْءٌ مِنَ الأَمْوَالِ الْبَتَّةَ.
وَكَانَ يَزُورُهُ اثْنَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَارْتَدَّ أَحَدُهُمَا وَكَفَرَ،
فَسَأَلَ سَيِّدُنَا أَيُّوبُ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ: وَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ أَنَّ اللَّهَ لا يَبْتَلِي الأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ، وَأَنَّكَ لَسْتَ نَبِيًّا فَاعْتَقَدَ ذَلِكَ.
فَحَزِنَ سَيِّدُنَا أَيُّوبُ لِهَذَا الأَمْرِ وَتَأَلَّمَ لاِرْتِدَادِ صَاحِبِهِ عَنِ الإِسْلامِ
فَدَعَا اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَهُ وَيُذْهِبَ عَنْهُ الْبَلاءَ كَيْ لا يَرْتَدَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِسَبَبِ طُولِ بَلائِهِ.
رَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّهِ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ الْبَلاءَ بَعْدَ مُرُورِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَامًا،
كَانَ فِيهَا سَيِّدُنَا أَيُّوبُ صَابِرًا شَاكِرًا ذَاكِرًا مَعَ شِدَّةِ بَلائِهِ،
وَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَضْرِبَ الأَرْضَ بِرِجْلِهِ فَضَرَبَهَا فَنَبَعَتْ عَيْنَانِ شَرِبَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَتَعَافَى بَاطِنُهُ وَاغْتَسَلَ بِالأُخْرَى فَتَعَافَى ظَاهِرُهُ،
وَأَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ مَا كَانَ يَجِدُهُ مِنَ الأَلَمِ وَالأَذَى وَالسَّقَمِ وَالْمَرَضِ،
وَأَبْدَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ صِحَّةً ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَجَمَالاً تَامًّا
وَلَمَّا اغْتَسَلَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ الْمُبَارَكِ أَعَادَ اللَّهُ لَحْمَ أَيُّوبَ وَشَعَرَهُ وَبَشَرَهُ عَلَى أَحْسَنِ مَا كَانَ،
وَأَنْزَلَ لَهُ ثَوْبَيْنِ مِنَ السَّمَاءِ أَبْيَضَيْنِ، الْتَحَفَ بِأَحَدِهِمَا مِنْ وَسَطِهِ، وَوَضَعَ الآخَرَ عَلَى كَتِفَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي إِلَى مَنْزِلِهِ،
وَأَبْطَأَ عَلَى زَوْجَتِهِ حَتَّى لَقِيَتْهُ مِنْ دُونِ أَنْ تَعْرِفَهُ فَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ
وَقَالَتْ: "يَرْحَمُكَ اللَّهُ، هَلْ رَأَيْتَ نَبِيَّ اللَّهِ الْمُبْتَلَى وَقَدْ كَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِكَ حِينَ كَانَ صَحِيحًا؟"
قَالَ: "أَنَا هُوَ"،
وَرَدَّ اللَّهُ إِلَى زَوْجَةِ سَيِّدِنَا أَيُّوبَ شَبَابَهَا وَنَضَارَتَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ ذَكَرًا عِوَضًا عَنِ الَّذِينَ مَاتُوا سَابِقًا،
وَأَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ وَصَبَّتْ فِي بَيْدَرِ قَمْحِهِ ذَهَبًا حَتَّى امْتَلأَ،
ثُمَّ أَقْبَلَتْ سَحَابَةٌ أُخْرَى إِلَى بَيْدَرِ شَعِيرِهِ وَحُبُوبِهِ فَسَكَبَتْ عَلَيْهِ فِضَّةً حَتَّى امْتَلأَ.
ثُمَّ حَدَثَتْ لَهُ مُعْجِزَةٌ أُخْرَى إِذْ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى سَحَابَةً عَلَى قَدْرِ قَوَاعِدِ دَارِهِ فَأَمْطَرَتْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا جَرَادًا مِنْ ذَهَبٍ.
وَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ عَنْ سَيِّدِنَا أَيُّوبَ الشِّدَّةَ وَكَشَفَ مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ رَحْمَةً مِنْهُ وَرَأْفَةً وَإِحْسَانًا،
وَجَعَلَ قِصَّتَهُ ذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ، تُصَبِّرُ مَنِ ابْتُلِيَ فِي جَسَدِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ،
فَلَهُ أُسْوَةٌ فِي نَبِيِّ اللَّهِ أَيُّوبَ الَّذِي ابْتُلِيَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَصَبَرَ وَاحْتَسَبَ حَتَّى فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَعَاشَ سَيِّدُنَا أَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعِينَ عَامًا يَدْعُو إِلَى دِينِ الإِسْلامِ،
وَلَمَّا مَاتَ غَيَّرَ الْكُفَّارُ الدِّينَ وَعَبَدُوا الأَصْنَامَ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى.
[list=1][*]