الفرع الثاني: التزامات الدائن المرتهن:
رتب المشرع على عاتق الدائن المرتهن في المادة 968 من القانون المدني
التزامات على عاتق الدائن المرتهن و هي القيام بصيانة العقار و بالنفقات
اللازمة لحفظه و دفع ما يستحق سنويا على العقار من ضرائب و تكاليف و أن
يستنزل من الثمار التي يحصلها قيمة ما أنفق أو يستوفي هذه القيمة من ثمن
العقار ولم تحمله صراحة الالتزامات الأخرى الواردة في الأحكام العامة
المشتركة للرهن الحيازي مع العلم أن الرهن العقاري يعد نوع من أنواع الرهن
الحيازي و لا يخرج عن أحكامه لذلك نرى أن سكوت المشرع عن تقريرها كان درءا
للتكرار على أساس أن الأحكام العامة للرهن الحيازي هي الشريعة العامة لجميع
أنواعه.
أولا: التزام الراهن بالمحافظة على العقار المرهون:
حيث تنص المادة 968 من القانون المدني:" يجب على الدائن المرتهن أن يقوم
بصيانة العقار و بالنفقات اللازمة لحفظه, و أن يدفع ما يستحقه سنويا على
العقار من ضرائب و تكاليف..". و تنص المادة 955 من القانون المدني:" إذا
استلم الدائن المرتهن الشيء المرهون فعليه أن يبذل في حفظه و صيانته من
العناية ما يبذله الشخص المعتاد...".
و ينشأ هذا الالتزام من وقت انتقال حيازة العقار إلى المرتهن, و إذا كان
العقار قد سلم لأجنبي و هو العدل فان الالتزام يقع على هذا الأخير(1).
و يدخل في مفهوم المحافظة على العقار القيام بالنفقات اللازمة لحفظه و دفع
الضرائب و التكاليف المستحقة سنويا على العقار, و هو ما سنتطرق له تباعا
بالإضافة لأساس هذا الالتزام و طبيعته في النقاط التالية:
1- القيام بالنفقات اللازمة لحفظه:
تقضي حيازة العقار المرهون المحافظة عليه, صيانته و دفع المصروفات التي
تقتضيها أعمال المحافظة عليه و صيانته من التلف كالإصلاحات أو مصاريف
الترميم و هي مصاريف ينفقها المرتهن و يكون له حق الرجوع على الراهن بأن
يخصمها من الثمار أو من ثمن العقار في المرتبة التي يخولها له القانون.
و يجري التساؤل عن الأعمال التي يقوم بها الدائن المرتهن و تكون غير ضرورية
لحفظ العقار و صيانته هل تقع نفقاتها على عاتق الراهن أم تبقى على عاتق
الدائن المرتهن؟
(1) د/ سمير عبد السيد تناغو – نفس المرجع السابق- بند 138- ص374.
الواقع أن الدائن المرتهن يلتزم بالأعمال الضرورية لحفظ العقار و صيانته
فإذا قام بعمل غير ضروري لذلك وجب أن يتحمل نفقته و ألا يعود على الراهن
بشيء إلا أن الأمر يختلف, إذا أدت الأعمال غير الضرورية التي يقوم بها
المرتهن إلى إدخال تحسينات على العقار المرهون, ففي هذه الحالة يحق للمرتهن
محاسبة الراهن على النفقات التي استلزمتها أعمال التحسين في حدود ما زاد
في قيمة العقار المرهون بسبب هذه النفقات الاستناد لقاعدة الاثراء بلا سبب,
و إذا نتج عن هذه التحسينات زيادة في غلة العقار المرهون وجب محاسبة
المرتهن عليها لأنه أخذ ما يقابل هذه التحسينات و هي مصاريف نافعة فليس
للدائن المرتهن عليها حق الامتياز إنما له أن يستردها بمقتضى حقه في الحبس
المقرر في المادة 200 من القانون المدني, أما النفقات الكمالية فلا يسترد
منها شيئا(1) و يرجع تقدير ما يعتبر مصاريف ضرورية و ما يعتبر نافعة و ما
يعتبر كمالية للقاضي و ذلك وفقا لطبيعة العقار.
- دفع الضرائب و التكاليف المستحقة سنويا على العقار:
إن دفع ما يتوجب على العقار من ضرائب و رسوم يدخل في إطار المحافظة عليه,
لأن عدم دفع هذه الضرائب قد يؤدي لبيع العقار بالمزاد العلني لاستيفاء
الضرائب و الرسوم المستحقة عنه لخزينة الدولة من ثمنه و بالتالي خروجه من
ذمة الراهن فهذه الحقوق و إن كانت تنشأ بعد نشأة حق الرهن إلا أنها تتقدم
عليه فهي من حقوق الامتياز الخاصة العقارية التي لا يجب بشأنها الشهر و مع
ذلك فهي تتقدم على سائر الحقوق المقيدة على العقار.
و للدائن المرتهن استرداد ما دفعه من غلة العقار أو من ثمنه على النحو الذي نصت عليه المادة 968 من القانون المدني.
غير أنه للدائن المرتهن أن يتحلل من التزاماته المتقدمة إذا هو تخلى عن حق
الرهن و هذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 968 من القانون المدني
بنصها:" يجوز للدائن أن يتحلل من هذه الالتزامات إذا هو تخلى عن حق الرهن".
3- أساس الالتزام بالمحافظة:
الراهن لا ينقل للمرتهن ملكية العقار بل ينقل له الحيازة فقط و بصفة مؤقتة و
احتفاظ الراهن بالملكية مع نقل الحيازة للمرتهن يؤدي بذاته إلى ضرورة قيام
المرتهن بالمحافظة على العقار الموجود في حيازته حماية لحق المرتهن في
الملكية(2).
بينما هناك من يرى أن أساس الالتزام أنه ناشئ عن التزام الدائن المرتهن برد
العقار المرهون إلى الراهن عند انقضاء الدين بالحالة التي كان عليها آن
التسليم له من الراهن مما يقتضي العناية و المحافظة عليه(3).
(1)أ/ حسين عبد اللطيف حمدان- نفس المرجع السابق- بند 149-ص 212.
(2) د/ سمير عبد السيد تناغو – نفس المرجع السابق- بند 138- ص375.
(3) أ/ حسن عبد اللطيف حمدان- نفس المرجع السابق- بند 149-ص208.
- طبيعة هذه الالتزام:
إن التزام الدائن المرتهن هو التزام بعمل المطلوب منه فيه أن يبذل عناية
الرجل العادي في المحافظة على العقار المرهون حسب نص المادة 955 من القانون
المدني" إذا تسلم الدائن المرتهن الشيء المرهون فعليه أن يبذل في حفظه و
صيانته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد...". و حسب نص المادة 172 من
القانون المدني التي تنص على أنه:" في الالتزام بعمل إذا كان المطلوب من
المدين أن يحافظ على الشيء أو يقوم بإدارته أو أن يتوخى الحيطة في تنفيذ
التزامه فان المدين يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل
ما يبذله الشخص العادي و لو لم يتحقق الغرض المقصود...".
و بذلك فان المشرع قد نص صراحة على أن العناية المطلوبة من الدائن المرتهن
في المحافظة على العقار المرهون هي عناية الرجل العادي (م 955 من القانون
المدني) و التزم الدائن المرتهن على هذا النحو هو التزام يبذل عناية لا
بتحقيق نتيجة فإذا لم يقصر المرتهن في بذل عناية الرجل العادي في المحافظة
على الشيء و لكنه هلك مع ذلك أو تلف فلا مسؤولية عليه(1).
ولكن المشرع ألقى على عاتقه في هذه الحالة أن يثبت أن الهلاك أو التلف
راجع لسبب أجنبي و الواقع أن الهلاك أو التلف إذا لم يرجع إلى تقصير الدائن
المرتهن فهو يرجع حتما لسبب أجنبي كقوة قاهرة أو خطأ الراهن.
إلا أن هناك جانب من الفقه اعتبر أن التزام المرتهن التزاما بتحقيق نتيجة, و
قد أورد الأستاذ الدكتور سمير عبد السيد تتاغو رأيا للأستاذ الدكتور شمس
الدين الوكيل فهو يرى" وجوب مراعاة الحيطة في الرجوع إلى النصوص, للاستدلال
منها على تحديد نطاق تقسيم الالتزامات إلى بذل عناية أو تحصيل نتيجة, فلا
يكفي أن يرد نص في القانون يقرر أن المدين ملتزم ببذل عناية معينة للقول
بأنه غير ضامن لتحقيق النتيجة التي تؤدي إليها هذه العناية عادة, و إنما
يجب الاستناد إلى معيار آخر, و هو الراجح بين الفقهاء المروجين لهذا
التقسيم, قوامه أن العبرة بمدى احتمال وقوع النتيجة, و مدى سيطرة المدين
عليها و قدرته على تحقيقها, فان كانت العناية المطلوبة منه تؤدي إلى الغاية
منها كنا بصدد التزام بتحصيل نتيجة المثال الحي الذي يصدق عليه المعيار
المتقدم هو التزام الدائن المرتهن المقرر في نص المادة 1103". و تقابل
المادة 1103 المادة 955 من القانون المدني الجزائري.
إلا أننا نرى أن التزام المرتهن لا يكون التزاما بنتيجة إلا إذا كان تحمل
فيه الدائن تبعية الحادث المفاجئ أو القوة القاهرة بأن يوجد اتفاق يجعل
المرتهن مسؤول عن الهلاك في جميع الأحوال و هو اتفاق جائز قانونا في هذه
الحالة يصبح التزام المرتهن التزاما بتحقيق نتيجة.
(1) د/ سمير عبد السيد تناغو – نفس المرجع السابق- بند 138- ص379.
أما إذا أخل الدائن المرتهن بالتزامه و لم ينفذه كان للمدين أن يطلب
التعويض أو يطلب من القاضي أن يضع العقار تحت الحراسة و له أن يطلب التعويض
و الحراسة معا حسب جسامة الخطأ و ما عليه نص المادة 958 من القانون
المدني.
و يدخل في العناية المطلوبة من الدائن المرتهن أن يخطر الراهن بما يهدد
العقار المرهون من هلاك أو تلف أو نقص في القيمة حتى يستطيع الراهن أن يكون
ملما بحالة العقار و يجوز للراهن في هذه الحالة أن يسترد العقار المعرض
للتلف على أن يقدم للدائن تأمينا آخر كافيا.
ثانيا: استثمار العقار المرهون:
تنص المادة 956 من القانون المدني" ليس للدائن أن ينتفع بالشيء المرهون دون
مقابل, و عليه أن يستثمره استثمارا كاملا ما لم يتفق على غير ذلك.
و ما يحصل عليه الدائن من صافي الريع و ما استفاده من استعمال الشيء يخصم
من المبلغ المضمون بالرهن و لو لم يكن قد حل أجله, على أن يكون الخصم أولا
من قيمة ما أنفقه في المحافظة و الإصلاحات على الشيء ثم من المصاريف ثم من
أجل الدين".
و من ذلك نجد الترابط بين المادتين 956 و المادة 968 من القانون المدني
التي تنص" ..على أن يستنزل من الثمار التي يحصلها قيمة ما أنفق أو يستوفي
هذه القيمة من ثمن العقار في المرتبة التي يخولها له القانون...".
و في معنى التحصيل الاستثمار و الاستغلال للعقار لجني الثمار.
فالرهن الحيازي يعتبر بمثابة وسيلة من وسائل الوفاء التدريجي للالتزام بحيث
يغني الدائن المرتهن من الالتجاء إلى إجراء البيع الجبري, و نتيجة لهذا
الاعتبار وضع عبئ الالتزام باستثمار الشيء المرهون على عاتق الدائن المرتهن
لكون هذا الأخير تحت حيازة الدائن المرتهن.
1- كيفية الاستثمار:
و يكون استثمار العقار المرهون استثمارا كاملا على الوجه الذي يصلح له
بالطريقة المألوفة لاستثماره فلا يجوز تغييرها إلا برضى الراهن بذلك و يبذل
في ذلك عناية الرجل العادي.
فاستغلال الأراضي الزراعية استغلالا معتادا يكون بزرعها بالمحصولات العادية
كالقطن و القمح.. و ما إلى ذلك, أو بتأجيرها إلى من يقوم بزراعتها .و
استغلال حدائق الفاكهة يكون بزراعتها فاكهة أو بتأجيرها لهذا الغرض و
استغلال المنازل و البيوت يكون بسكناها أو بتأجيرها للسكن, و لا يجوز
تحويلها إلى فندق أو مصنع إلا برضى الراهن(1)
(1) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري-بند 564- ص 946.
و بما أن للدائن المرتهن مصلحة في استغلال العقار المرهون باعتبار أنه
يستوفي حقه من غلة العقار, فلا يستحق له أجرا عند هذا الاستغلال, إلا إذا
اتفق مع الراهن على غير ذلك, أما إذا كان العقار المرهون في يد العدل, فان
هذاالأخير يستحق أجرة مقابل عمله(1) و على الدائن المرتهن أن يبادر بإخطار
الراهن بكل ما يقتضيه تدخله, كإصلاح العقار و ترميمه, كعدم صلاحية العقار
للاستثمار أو هلاكه أو نقص قيمته و غير ذلك. و لا يجوز للدائن المرتهن أن
ينتفع بالعقار المرهون دون مقابل بل أن انتفاعه به يجب أن يكون له مقابل
يخصم على الوجه الذي سنبنيه لاحقا, حيث يحرم على المرتهن الانتفاع بالعقار
المرهون بدون مقابل و إن كان هذا الانتفاع صادرا عن رضا الراهن و لا يجوز
الاتفاق على غير ذلك و يقع باطلا لأن انتفاع الدائن بالشيء المرهون دون
مقابل يعني حصول الدائن على فائدة ربوية مستترة لدينه هي مقابل هذا
الانتفاع و هو ما ينسجم مع تشريعنا الذي يحرم الفوائد بين الأفراد.
2- صفة المرتهن عند القيام باستثمار العقار المرهون:
اختلف الفقه و القضاء في صفة الدائن المرتهن عند قيامه باستثمار العقار
المرهون, إذ ذهب القضاء المصري(2) و بعض الفقهاء(3) إلى القول بأن الدائن
المرتهن يستثمر العقار المرهون باعتباره وكيلا, و من الفقهاء من ذهب
لاعتباره نائبا قانونيا, إلا أنه يعاب على هذين الرأيين وجوب ظهور نية
التوكيل أو الإنابة عند إبرام عقد الرهن و هذه النية لم تدر في ذهن الدائن
عند التعاقد إطلاقا.
لذلك هناك فريق ثالث من الفقهاء و منهم الأستاذ الدكتور عبد الرزاق أحمد
السنهوري ويشكل هذا الرأي الأغلبية حيث يذهبون للقول بأن الدائن المرتهن
يباشر سلطانه في استثمار العين المرهونة باعتباره أصيلا عن نفسه لا نائبا
عن الراهن, و هو الرأي الأرجح لأن عدم قبول فكرة الوكالة أو النيابة كانت
نتيجة إمكانية رجوع العقار المرهون إلى الراهن عن طريق الإيجار طبقا لما
نصت عليه المادة 967 من القانون المدني.
إذن فالدائن المرتهن يستثمر العقار المرهون لحساب الراهن باعتباره أصيلا عن نفسه حيث يحتفظ بالثمار يخصمها من الدين الذي على المدين.
3- خصم المصاريف و الدين من إنتاج الاستثمار:
إن القاعدة العامة تقضي بأن المقاصة لا تجوز إلا في مجال النقود, أو كان
الشيء مثليا متحد النوع و الجودة, و كان الدينان محققين, و مستحقين فان
تخلف شرط من هذه الشروط فلا يكون للمدين إجراء المقاصة بين ما هو مستحق
عليه لدائنه و ما هو مستحق له تجاهه طبقا للمادة 297 من القانون المدني.
(1) أ/حسن عبد اللطيف حمدان- بند 151- ص 214.
(2) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- ص 813.
(3) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس المرجع السابق- ص 378.
و خروجا عن هذه القاعدة العامة فان الدائن المرتهن الذي هو في نفس الوقت
مدين بثماره الناتجة عن الشيء المرهون قبل الراهن اقتطاع المصاريف و أصل
الدين من الغلة التي حصلها من الثمار بواسطة إجراء مقاصة طبقا للمادة 256
من القانون المدني.
فباعتبار أن الراهن لا يفقد ملكية العقار المرهون و لاحقه في غلة هذا
العقار باعتبارها من ثمار الملكية, إلا أن ذلك لا يمنع الراهن من الاحتفاظ
بالغلة بخصمها من الدين المضمون حتى قبل استحقاقه.
و يقصد بالغلة التي تكون محلا لاستنزال المصاريف و الدين, الغلة الصافية
بعد اقتطاع منها تكاليف تحصيلها, و هو ما اصطلح عليه المشرع الجزائري" صافي
الريع"(1) أي ما حصل عليه الدائن من صافي الريع بعد خصم مصروفات الاستثمار
و ما استفاده من استعمال العقار كسكناه أو جنا ثماره و غلته يخصم من
المبلغ المضمون بالرهن و لو قبل حلول أجله لأن الدائن المرتهن قد استوفاه
أو استفاد به.
و تجرى عملية الخصم بحسب الترتيب الذي نص عليه القانون في المادتين 956 و 968 من القانون المدني.
-أ- نفقات الصيانة للمحافظة على العقار المرهون: لأن لولا هذه المصاريف
للحق بالعقار المرهون الهلاك أو التلف و يدخل في مضمون هذه المصاريف تلك
التي أنفقت في إصلاحه و كذلك ما دفع من الضرائب و الرسوم المستحقة سنويا
على العقار المرهون طبقا لما نصت عليه المادة 968 من القانون المدني, و
جدير بالملاحظة أن القضاء الفرنسي يستند في تحديد مصاريف المحافظة و يعرفها
على أنها تلك التي أنفقت من أجل حفظ شيء من الهلاك الكلي أو الجزئي بأن
يصبح غير صالح للاستعمال فيما أعدله, و كمثال على ذلك الحكم(2) الصادر عن
محكمة RENNES بتاريخ 28/03/1979 حيث اشترط في المصاريف توفر أحد العنصرين:
أن يكون الهلاك و شيك الوقوع أو أن يكون ظرف استعجالي.
-ب- سداد ملحقات الدين من مصروفات: و يبدأ بالمصروفات فما صرفه الدائن
المرتهن في الدين من أتعاب محاماة و قيد وتجديده و غير ذلك يستوفيه الدائن
من الغلة لأن له الرجوع بما على المدين و هو مضمون بالرهن.
-ج- سداد أصل الدين: إن بقي شيء من الغلة بعد كل ما تقدم فانه يذهب لسداد
الدين كله أو بعضه و إن كان هذا الدين لم يحل أجله, و يلاحظ أن الدين الذي
لم يحدد أجله لا يمكن استيفاؤه إلا بطريقتين:
الأولى: أن يستوفي عن طريق استنزاله من قيمة الثمار دون إخلال بحق المدين
في الوفاء بالدين متى شاء طبقا للمادة 957 من القانون المدني.
(1) على عكس المشرع اللبناني الذي اصطلح عليها في المادة 11" بالغلة".
(2) أشار لهذا الحكم الأستاذ لعربي بن قسمية – المرجع السابق- ص 85 هامش رقم 1.
الثانية: إما أن يطلب الدائن المرتهن من القاضي بأن يحدد له ميعاد حلول أجل
الدين كي ينمكن بعد ذلك من التنفيذ على الشيء المرهون عند حلول هذا الأجل.
و إن أخل الدائن المرتهن بواجب العناية في الاستثمار كان للمدين الراهن أن
يطلب وضع العقار تحت الحراسة, كما يجوز له أن يرد الدين فيسترد الرهن و
ينقضي الرهن على هذا النحو(1)
ثالثا: إدارة العقار المرهون:
و هو التزام يقع على عاتق الدائن المرتهن بموجب المادة 958 من القانون
المدني التي تنص على أنه" يجب على الدائن المرتهن إدارة الشيء المرهون و
عليه أن يبذل في ذلك من العناية ما يبذله الرجل المعتاد, و ليس له أن يغير
من طريقة استغلال الشيء المرهون إلا برضاء الراهن, و يجب عليه أن يبادر
بإخطار الراهن عن كل أمر بمقتضى تدخله(2).
فإذا أساء الدائن استعمال هذا الحق أو أدار الشيء المرهون إدارة سيئة أو
ارتكب في ذلك إهمالا جسيما, كان للراهن الحق في أن يطلب وضع الشيء تحت
الحراسة أو أن يسترده مقابل دفع ما عليه".
فالالتزام بالاستثمار يقتضي القيام بإدارة العقار المرهون إدارة حسنة, حيث يقع على الدائن المرتهن التزام
القيام بنفسه أو بواسطة الغير بالاستثمار لكن تحت إشرافه كالتأجير مثلا, بمجرد أن يتسلم الدائن المرتهن
العقار المرهون و يصير في حيازته.
حيث يقوم بإدارته إدارة معتادة مألوفة, و كما كان يديره الراهن قبل أن
يسلمه للدائن المرتهن, فان أحدث تغيير في هذه الإدارة, وجب أن يتفق على ذلك
مع الراهن(3).
و يتقيد الدائن المرتهن في إدارة العقار المرهون بقيدين:
-أ- ليس له أن يغير من طريقة استغلال العقار المرهون إلا برضا الراهن.
-ب- عليه بالمبادرة بإخطار الراهن عن كل أمر يقتضي تدخله.
و إذا استغل الدائن المرتهن العقار المرهون بتأجيره للغير فلا يجوز له أن
يعقد الإيجار لمدة تزيد على 3 سنوات لأنه لا يملك إلا حق الإدارة و إلا كان
الإيجار غير نافذا فيما يزيد على 3 سنوات ما لم يجز الراهن ذلك و إذا نفذ
الإيجار فانه ينفذ على الراهن و على الدائنين التاليين في المرتبة, حتى لو
انقضى الرهن قبل انقضاء مدة الإيجار النافذ(4)
(1) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرجع السابق- بند 567- ص 950.
(2) الأصح " يقتضي تدخله"- خطأ مطبعي.Qui exige son intervention
(3) قد أشار الدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري في الهامش رقم 1 صفحة 958
لقرار صادر عن محكمة النقض المصرية بأن« للدائن المرتهن متى انتقلت إليه
حيازة الأرض المرهونة أن يستغلها لحساب الراهن الاستغلال المعتاد على الوجه
الذي تصلح له, أما بزراعتها أو تأجيرها إلى من يقوم بذلك».
(4) د/ عبد الناصر توفيق العطار- نفس المرجع السابق- بند 122- ص 235.
هذا و يبذل الدائن المرتهن في إدارته للعقار المرهون عناية الرجل المعتاد, و
تتحدد مسؤولية الدائن المرتهن عن سوء إدارة العقار بما تقرر في القواعد
العامة لقيام المسؤولية و على الراهن إثبات عناصرها فان ثبتت يكون الخيار
بين أمرين:
-أ- إما أن يطلب من القاضي بأن يضع العقار تحت عهدة حارس يعنى به العناية اللائقة و قد يستمر ذلك إلى أن ينقضي الرهن.
-ب- إذا كان الجزاء الأول غير كاف و كان الراهن مستعد لدفع ما عليه من
الدين فله أن يدفع الدين فينقضي الرهن و من ثمة يسترد الراهن العقار
المرهون(1)
رابعا: رد العقار المرهون:
حيازة الدائن المرتهن العقار المرهون هي حيازة عرضية مؤقتة في مواجهة
المالك و لذلك فهو يلتزم برد العقار المرهون عند انقضاء حقه في الرهن.
و التزام المرتهن بالرد هو التزام تعاقدي ينشأ عن عقد الرهن ذاته, إلا أنه التزم معلق على شرط استيفاء الدائن حقه قبل المدين(2).
و في هذا تنص المادة 959 من القانون المدني:" يجب على الدائن أن يرد الشيء
المرهون إلى الراهن بعد استيفاء كامل حقه و ما يتصل بالحق من ملحقات و
مصاريف و تعويضات". و بالتالي إذا دفع الراهن للدائن المرتهن حيازيا الدين
المضمون و المصروفات و التعويضات و الملحقات أو برئت ذمته من كل ذلك بسبب
من أسباب انقضاء الديون, فانه يجب على الدائن المرتهن أن يرد الشيء المرهون
و ملحقاته إلى الراهن.
أما إذا بقي شيء من ذلك, مهما قل فان الرهن لا يتجزأ بقي الرهن قائما حتى
يوفي ما بقي و يكون للدائن المرتهن في هذه الحالة التنفيذ بما بقي من حقه
فله إبقاء العقار المرهون في يده محبوسا في مواجهة الراهن حتى يستوفي كل
حقه.
لكن من المعلوم أن المرتهن قد يجبر على الرد قبل حلول أجل الدين و ذلك إذا
أدار العقار إدارة سيئة أو ارتكب في ذلك إهمالا جسيما, و يترتب على الرد
إما وضع العقار تحت الحراسة كما سبقت الاشارة. و في هذه الحالة لا ينقضي
الرهن, و إما أن يسترد الراهن العقار مقابل دفع ما عليه و في هذه الحالة
ينقضي الرهن و الدين معا, طبقا للمادة 958 في فقرتها الثانية من القانون
المدني الجزائري(3).
أما في حالة هلاك العقار المرهون أو تلفه بخطأ من الدائن المرتهن عند ذلك يجب عليه دفع تعويض للراهن عن الهلاك أو التلف
(1) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرجع السابق- بند 574- ص 961
(2) د/ سمير عبد السيد تناغو-* نفس المرجع السابق- بند 140- ص 381- نقلا عن بلانيول و ريبر و بيكيه ج12 فقرة 111.
(3) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري- نفس المرجع السابق- ص 967.
و يعد حق الراهن في استرداد العقار المرهون حقا شخصيا ينشأ من عقد الرهن و
يتقادم بمضي 15 سنة و هي مدة التقادم العادي بالنسبة للالتزامات, و تبدأ
هذه المدة في السريان من وقت انقضاء الرهن و هو الوقت الذي يستطيع فيه
الراهن المطالبة بالاسترداد(1).
كما أن للراهن دعوى أخرى عينية هي دعوى للاسترداد المقررة لكل مالك و هي لا
تسقط بالتقادم و لذا يعوق استعمالها ما للمرتهن من حيازة, لأن حيازته عرضة
في مواجهة الراهن, و لن تؤدي بذاتها لاكتساب المرتهن الملكية بالتقادم بل
لابد أن يقوم بتغيير سند حيازته بعمل ايجابي فيه معنى المنازعة في حق
المالك باتخاذ إجراءات قضائية أو القيام أعمال مادية في هذا المعنى(2).
المطلب الثاني: آثار الرهن الحيازي العقاري بالنسبة للغير.
المقصود بالغير هو" كل شخص له حق يضار من وجود الرهن الحيازي فيشمل:
1- كل شخص له حق عيني تبعي على المال المرهون, دائن له حق رهن رسمي(3), أو حق اختصاص(4). أو حق رهن حيازة, أو حق امتياز(5).
2- الدائن العادي.
3- كل شخص له حق عيني أصلي على المال المرهون, كما إذا انتقلت ملكية المال
المرهون إلى مالك آخر فان هذا المالك الآخر يعتبر غيرا"(6).
(1) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس المرجع السابق- بند 140- ص 381- نقلا عن بلانيول و ريبر و بيكيه ج12 فقرة 111.
(2) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس الموضع
(3) يعرف الرهن الرسمي بالمادة 882 من القانون المدني«الرهن الرسمي عقد
يكسب به الدائن حقا عينيا ،على عقار لوفاء دينه ،يكون له بمقتضاه أن يتقدم
على الدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في
أي يد كان»
(4) نص المشرع على حق بالتخصيص بالمادة 937/1 من القانون المدني«يجوز لكل
دائن بيده حكم واجب التنفيد صادر في أصل الدعوى يلزم المدين بشيء معين ،أن
يحصل على حق التخصيص بعقارات مدينه ضمانا لأصل الدين و المصاريف»
(5) يعرف حق الامتياز بالمادة 982 من القانون المدني«الامتياز أولوية
يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لقضيته ولا يمكن للدين امتياز إلا
بمقتضى نص قانوني»
(6) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري - نفس المرجع السابق - بند 586 - ص 975
و من آثار الرهن الحيازي العقاري بالنسبة للغير أنه ينشىء حقا عينيا هذا
الأخير الذي لا ينفذ في مواجهة الغير إلا بانتقال حيازة العقار المرهون من
الراهن إلى المرتهن و بقيده, حيث يخوله امتيازات يحتج بها على الغير و هي
حبس العقار في مواجهة الغير الذي يكسب حقا عليه أو الدائن المرتهن رهنا
تأمينيا إذا كان قد أشهر حقه قبلهما و بالأولى في مواجهة الدائنين
العاديين, كما يثبت حقه في مواجهة إجراءات التطهير(1) ذلك أنه و إن كان لمن
يكتسب ملكية العقار المرهون رهنا تأمينيا أن يتخلص من الدائنين المرتهنين
رهنا تأمينيا و ذلك بواسطة التطهير بأن يعرض عليهم الثمن الذي اشترى به,
إلا أنه ليس لمشتري العقار المرهون هذا الحق في مواجهة الدائن المرتهن رهن
حيازي عقاري لأن للدائن المرتهن رهن حيازة حق الحبس على العقار المرهون, و
له أيضا حق الأفضلية على الثمن المتحصل من بيع العقار المرهون, كما له حق
التتبع فهو يستفيد من دعاوى وضع اليد Les actions possesoires للمحافظة
على حقه في الحبس و ما يتفرع عنه من مزايا(2)
و لمزيد من التوضيح نتناول كل حق من هذه الحقوق في الفروع التالية:
الفرع الأول: الحق في الحبس.
الفرع الثاني: حق الأفضلية.
الفرع الثالث: حق التتبع.
الفرع الأول: الحق في الحبس(3)
تنص المادة 962 من القانون المدني:" يخول الرهن الدائن المرتهن الحق في حبس
الشيء المرهون على الناس كافة دون إخلال بما للغير من حقوق تم حفظها. و
إذا خرج الشيء من يد الدائن دون إرادته أو دون علمه كان له الحق في استرداد
حيازته من الغير وفقا لأحكام الحيازة".
وحتى يتمكن الدائن المرتهن حيازيا من حبس العقار المرهون يجب انتقال
الحيازة إليه أو إلى الأجنبي الذي عينه المتعاقدان و الذي يباشر الحبس
لمصلحة الدائن و يسأل أمامه عن أي إخلال بذلك(4) .
(1) M.Planiol et G.Ripert – Traité pratique de droit civil Français –
Sûreté réelles 2eme partie – Tome XIII – Paris 1953 - P 206
(2) د / محمد حسنين - نفس المرجع السابق - ص 106 و ما بعدها
(3) يجب عدم الخلط في حق الحبس بين أمرين الأول ما يكون للدائن المرتهن
حيازيا من حق عيني و الذي يثبت للدائن المرتهن ما بقي له حق الرهن الحيازي
إلى أن يستوفي المبالغ التي يضمنها الرهن بأكملها .و الثاني هو حق الحبس
الذي يثبت للدائن بموجب المادة 200 من القانون المدني وهو حق شخصي لا حق
عيني يثبت للدائن إذا توفرت فيه الشروط المستلزمة قانونا.
(4) د/ سمير عبد السيد تناغو- نفس المرجع السابق صفحة
أولا: مضمون حق الحبس:
هو حق يمنحه القانون للدائن في أن يمتنع عن رد الشيء لمدينه و أن يحتفظ بحيازته طالما أنه لم يوف له بحقه.
و للدائن المرتهن حيازيا حق حبس العين المرهونة عن الناس كافة من راهن و
غيره حتى يستوفي كل حقه من مصروفات و تعويضات و فوائد و ملحقات أخرى و أصل
الدين, و يصبح خالصا بكل ما يستحقه من ذلك, و من خصائص هذا الحق:
1- حق الحبس الناشئ عن عقد الرهن: هو حق متفرع عن حق عيني: و من ثمة يكون
هو نفسه حقا عينيا و ينتج عنه حق الأفضلية و التتبع و بالتالي هو يختلف عن
الحق في الحبس المقرر في القواعد العامة الذي هو عبارة عن حق شخصي يثبت
للدائن متى توافرت الشروط التي يستلزمها القانون في المادة 200 من القانون
المدني و ليس لهذا الأخير حق الأفضلية و لا حق التتبع.
2- حق غير قابل للتجزئة: حيث يكون للدائن حق الحبس ما دام لم يؤد بتمامه
سواء كان هذا الدين قابلا للتجزئة أم لا, ذلك أن الرهن يبقى حتى يوف الدين
كله لأن الرهن نفسه غير قابل للتجزئة فأي جزء من العقار المرهون ضامن لكل
الدين و كل جزء من الدين مضمون بكل العقار و على ذلك يجوز للمرتهن الاحتجاج
بحق الحبس تجاه ورثة المدين و الدائن معا, فلا يجوز لأحد من ورثة المدين
الذي وفى بحصته من الدين الادعاء بحق سحب حصته من المرهون و لو كان العقار
قابلا للانقسام. كما لا يجوز لأحد ورثة الدائن المرتهن الذي حصل الوفاء له
بحقه من الدين على سبيل الميراث أن يرد العقار المرهون أو جزء منه إلى
الراهن أو الموفي إضرار بالدائنين الآخرين(1)
إلا أن قاعدة عدم تجزئة الرهن قائمة على ما قصده المتعاقدان فلها الاتفاق
صراحة على خلاف ذلك, كأن يتفقا على أن كل ما سدد جزء معين من الدين حرر من
العقار المرهون ما يقابل ما سدد من الدين فعدم تجزئة الرهن من طبيعة الرهن
لا من مستلزمات.
3- حق الحبس يتقرر للدائن المرتهن منذ انتقال الحيازة إليه أو إلى العدل
الذي يحوز لصالحه و يبقى له حتى الوفاء بالدين كاملا ببقاء الحيازة بيده,
بخلاف حق التنفيذ على العقار المرهون لا يتقرر له إلا بحلول أجل الدين
المضمون بالرهن.
4- حق الحبس يعتبر وسيلة منحها القانون للمرتهن الحائز ليواجه بها الراهن
نفسه سواء كان مدينا أو كفيلا عينيا و الدائن العادي و الدائن المرتهن
للعقار رهنا رسميا المتأخر في المرتبة عن الدائن المرتهن, كما يستعمله ضد
الغير كالمشتري للعقار المرهون الذي أشهر البيع بعد قيد الرهن حيازيا
فللمرتهن حيازيا حق حبس العقار عنهم جميعا.
(1) أ/ العربي بن قسمية - نفس المرجع السابق - ص 100
5- حق الحبس يناط بالحيازة وجودا و عدما و على ذلك يجب على المرتهن
الاحتفاظ بالحيازة لكي يحافظ على حق الحبس و لا يهم فيما إذا كانت الحيازة
تحت يد المرتهن نفسه أو تحت يد وسيط يحوز لحسابه كل العقار المرهون من أصل و
ملحقات كعقار بالتخصيص و حقوق ارتفاق حتى يؤدى الدين المطلوب.
6- حق الحبس الثابت للدائن المرتهن لا يكون إلا بضمان الدين المضمون بالرهن
و لا يكون بالنسبة للديون الأخرى التي قد يكون المدين الراهن ملزما بها
للدائن المرتهن قبل الرهن أو بعده, لذلك يجب على الدائن رد العقار المرهون
للراهن إذا استوفى كل حقه المضمون بالرهن كاملا, هذا بالنسبة لتشريعنا.
أما المشرع الفرنسي في نص المادة 2072 من القانون المدني الفرنسي نص على
الرهن الضمني و ذلك بأنه إذا وجد على نفس المدين لنفس الدائن دين آخر, اتفق
عليه بعد الرهن و صار مستحقا قبل الدين المضمون بالرهن, فلا يتخلى الدائن
عن الرهن قبل أن يدفع له الدينان الأول و الثاني بأكملهما, حتى لو لم يحصل
اتفاق بتخصيص الرهن لأداء الدين الثاني و يشترط فيها:
1- أن يكون الدين الثاني متفقا عليه بين نفس المدين و نفس الدائن.
2- أن يكون هذا الاتفاق قد عقد بعد الرهن.
3- أن يحل الدين الثاني قبل حلول الدين الأول.
و ربط الدين الثاني بالرهن مبني على الإرادة الضمنية للمتعاقدين و يرى بعض
الفقهاء أمثال بلانيول و ريبر و بيكيه أنه كان على المشرع الفرنسي عدم النص
على هذا الرهن الضمني و يوجد اختلاف حتى بين الشراح بالنسبة إلى حقوق
الدائن في هذا الرهن الضمني فيقول البعض أن الدائن له من الحقوق بالنسبة
للدين الثاني ما له في الدين الأول و يرى آخرون أن ليس للدائن كل هذه
الحقوق بل له حق الحبس فقط و ليس له حق الأفضلية و لا يمكن إعماله على رهن
قدمه كفيل عيني(1).
و تنص المادة 962 في فقرتها الأولى من القانون المدني:" يخول الرهن الدائن
المرتهن الحق في حبس الشيء المرهون على الناس كافة دون إخلال بما للغير من
حقوق تم حفظها" فما المقصود بهذا النص؟
قد يكون للغير على العقار المرهون حقوقا تم حفظها وفقا للقانون كحقوق
إرتفاق سجلها المرتفق قبل أن يقيد الدائن المرتهن رهنه أو حق رهن أو تخصيص
قيده صاحب الحق قبل أن يقيد الدائن المرتهن رهنه, فهذه الحقوق التي تم
حفظها وفقا للقانون تبقى خارجة عن حق الحبس(2).
(1) أ/ العربي بن قسمية - نفس المرجع السابق -هامش 1 - ص 89
(2) د/ عبد الرزاق أحمد السنهوري - نفس المرجع السابق - ص 993 و ما بعدها