ضو الجبين
عضو نشيط
- رقم العضوية :
- 35793
- العَمَــــــــــلْ :
- فلاح و مربي مواشي
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 511
- نقاط التميز :
- 1107
- التَـــسْجِيلْ :
- 21/02/2012
قصة كاملة نقلتها لكم من كتاب "الإمام أحمد بن حنبل" لمؤلفه الدكتور مصطفى الشكعة، وهي رواية عن سليمان بن عبدالله السجزي، وهو أحد الذين عايشوا فتنة خلق القرآن بكل تفاصيلها.
وبعد قراءتها أصابني ذهول عظيم، وسارت بجسدي قشعريرة مخيفة!
رحم الله أحمد بن حنبل، وغفر للمعتصم!
أتيت إلى باب المعتصم وإذا الناس قد ازدحموا على بابه كيوم العيد، فدخلتُ الدار فرأيت بساطا مبسوطا وكرسيا مطروحا، فوقفت بإزاء الكرسي. فبينما أنا قائم فإذا المعتصم قد أقبل، فجلس على الكرسي، ونزع نعله من رجله، ووضع رجلا على رجل. ثم قال: يحضر أحمد بن حنبل. فأحضر، فلما وقف بين يديه وسلم عليه، قال له المعتصم: يا أحمد تكلم ولا تخف. فقال أحمد: والله يا أمير المؤمنين، لقد دخلت عليك وما في قلبي مثقال حبة من الفزع. فقال له المعتصم: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام الله، قديم غير مخلوق، قال الله عز وجل: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله).
فقال له المعتصم: عندك جحة غير هذا؟ فقال أحمد: نعم يا أمير المؤمنين. قول الله عز وجل: (الرحمن علم القرآن) ولم يقل: الرحمن خلق القرآن، وقوله عز وجل: (يس والقرآن الحكيم). ولم يقل: يس والقرآن المخلوق، فقال المعتصم: احبسوه. فجلس وتفرق الناس.
فلما أصبحتُ قصدتُ الباب، فأدخل الناس. فدخلت معهم. فأقبل المعتصم وجلس على كرسيه، فقال: هاتوا أحمد بن حنبل، فجيء به. فلما أن وقف بين يديه قال له المعتصم: كيف كنت يا أحمد في محبسك البارحة؟ فقال الإمام أحمد: بخير والحمدلله، إلا إني رأيت يا أمير المؤمنين في محبسك أمرا عجبا، قال له المعتصم: وما رأيت؟ قال: قمت في نصف الليل فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين. فقرأت في ركعة (الحمدلله) و (قل أعوذ برب الناس) وفي الثانية (الحمدلله) و (وقل أعوذ برب الفلق) ثم جلست وتشهدت وسلمت. ثم قمت فكبرت وقرأت (الحمدلله) وأردت أن أقرأ (قل هو الله أحد) فلم أقدر. ثم اجتهدت أن أقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر. فمددتُ عيني في زاوية السجن، فإذا القرآن مُسجّى ميتا، فغسلته وكفنته، وصليت عليه ودفنته. فقال له المعتصم: ويلك يا أحمد، والقرآن يموت؟ فقال له أحمد: فأنت كذا تقول: إنه مخلوق، وكل مخلوق يموت. فقال المعتصم: قهرنا أحمد، قهرنا أحمد. فقال ابن أبي دؤاد وبشر المريسى (وزيرا المعتصم): اقتله حتى نستريح منه. فقال المعتصم: إني قد عاهدت الله ألا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف. فقال له ابن أبي دؤاد: اضربه بالسياط، فقال المعتصم: نعم. ثم قال: أحضروا الجلادين. فحضروا. فقال المعتصم لواحد منهم: بكم سوط تقتله؟ فقال الجلاد: بعشرة يا أمير المؤمنين. فقال: خذه إليك. فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه. وائتزر بمئزر من الصوف، وشُد في يديه حبلان جديدان. وأخذ الجلاد السوط في يده. وقال: أأضربه يا أمير المؤمنين. فقال المعتصم: اضرب. فضربه سوطا. فقال أحمد: الحمدلله. وضربه ثانيا. فقال: ما شاء الله كان. فضربه ثالثا، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فلما أراد أن يضربه السوط الرابع. نظرت إلى مئزر الإمام أحمد من وسطه قد انحل. ويريد أن يسقط. فرفع رأسه نحو السماء وحرك شفتيه. وإذا الأرض انشقت. وخرج منها يدان فوزرتاه بقدرة الله عز وجل. فلما أن نظر المعتصم إلى ذلك قال: خلوه. فتقدم إليه ابن أبي داؤد وقال له: يا أحمد، قل في أذني: إن القرآن مخلوق، حتى أخلصك من يد الخليفة. فقال له أحمد: يا ابن أبي داؤد، قل في أذني: إن القرآن كلام الله غير مخلوق حتى أخلصك من عذاب الله عز وجل. فقال المعتصم: أدخلوه الحبس. فدخل الحبس، وانصرف الناس، وانصرفت معهم.
فلما كان الغد أقبل الناس وأقبلت معهم. فوقفت بإزاء الكرسي، فخرج المعتصم، وجلس على الكرسي ثم قال: هاتوا أحمد بن حنبل. فجيء به. فلما وقف بين يديه. قال له المعتصم: كيف كنت في محبسك الليلة يا ابن حنبل؟ قال أحمد: كنت بخير والحمدلله. فقال المعتصم: يا أحمد، إني رأيت البارحة رؤيا. قال له الإمام أحمد: وما رأيت يا أمير المؤمنين؟ قال المعتصم: رأيت في منامي كأن اسدين قد أقبلا إلي وأرادا أن يفترساني، وإذا ملكان قد أقبلا ودفعاهما عني، ودفعا إلي كتابا. وقالا لي: هذا المكتوب رؤيا رآها أحمد بن حنبل في محبسه. فما الذي رأيت يا ابن حنبل؟ فأقبل الإمام أحمد بن حنبل على المعتصم فقال له: يا أمير المؤمنين، رأيت كأن القيامة قد قامت، وكأن الله جمع الأولين والآخرين في صعيد واحد. وهو يحاسبهم. فينما أنا قائم إذ نودي بي. فقدمت حتى وقفت بين يدي الله عز وجل. فقال لي: يا أحمد. فيم ضُربت؟ فقلت: من جهة القرآن. فقال لي: وما القرآن؟ فقلت: كلامك اللهم لك. فقال لي: من أين قلت هذا؟ فقلت: يا رب حدثني عبدالرزاق. فنودي بعبدالرزاق. فجيء به حتى أقيم بين يدي الله عز وجل. فقال له: ما تقول في القرآن يا عبدالرزاق؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال الله عز وجل: من أين قلت هذا؟ فقال: حدثني معمر. فنودي بمعمر. فجيء به حتى أوقف بين يدي الله عز وجل. فقال له الله عز وجل: ما تقول في القرآن يا معمر؟ فقال معمر: كلامك اللهم لك. فقال له: من أين قلت هذا؟ فقال معمر: حدثني الزهري. فنودي بالزهري فجيء به حتى أوقف بين يدي الله عز وجل. فقال له الله عز وجل: يا زهري، ما تقول في القرآن؟ فقال الزهري: كلامك اللهم لك. فقال: يا زهري من أين لك هذا؟ قال: حدثني عروة. فجيء به. فقال: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال له: يا عروة، من أين لك هذا؟ فقال: حدثتني عائشة بنت أبي بكر الصديق. فنوديت عائشة، فجيء بها، فوقفت بين يدي الله عز وجل، فقال الله عز وجل لها: يا عائشة، ما تقولين في القرآن؟ فقالت: كلامك اللهم لك. فقال الله عز وجل لها: من أين لك هذا؟ قالت: حدثني نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. فنودي بمحمد صلى الله عليه وسلم. فجيء به، فوقف بين يدي الله عز وجل. فقال الله عز وجل له: يا محمد، ما تقول في القرآن؟ فقال له: كلامك اللهم لك. فقال الله له: من أين لك هذا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حدثني به جبريل. فنودي بجبريل فجيء به. حتى وقف بين يدي الله عز وجل فقال له: يا جبريل، ما تقول في القرآن؟ قال: كلامك اللهم لك. فقال الله تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال: هكذا حدثنا إسرافيل. فنودي بإسرافيل فجيء به حتى وقف بين يدي الله عز وجل. فقال الله سبحانه: يا إسرافيل، ما تقول في القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال الله له: ومن أين لك هذا؟ فقال إسرافيل: رأيت ذلك في اللوح المحفوظ. فجيء باللوح، فوقف بين يدي الله عز وجل. فقال له: أيها اللوح، ما تقول في القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال الله تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال اللوح: كذا جرى القلم علي. فأتى بالقلم حتى وقف بين يدي الله عز وجل. فقال له الله: يا قلم، ما تقول في القرآن؟ فقال القلم: كلامك اللهم لك. فقال الله: من أين لك هذا؟ فقال القلم: أنت نطقت وأنا جريت. فقال الله عز وجل: صدق القلم، صدق اللوح، صدق إسرافيل، صدق جبريل، صدق محمد، صدقت عائشة، صدق عروة، صدق الزهري، صدق معمر، صدق عبدالرزاق، صدق أحمد بن حنبل: القرآن كلامي غير مخلوق.
فوثب عند ذلك المعتصم، فقال: صدقت يا ابن حنبل، وتاب المعتصم، وأمر بضرب رقبة بشر المريسى وابن ابي داؤد، وأكرم الإمام أحمد بن حنبل. وخلع عليه. فامتنع عن ذلك. فأمر به فحمل إلى بيته.
وبعد قراءتها أصابني ذهول عظيم، وسارت بجسدي قشعريرة مخيفة!
رحم الله أحمد بن حنبل، وغفر للمعتصم!
أتيت إلى باب المعتصم وإذا الناس قد ازدحموا على بابه كيوم العيد، فدخلتُ الدار فرأيت بساطا مبسوطا وكرسيا مطروحا، فوقفت بإزاء الكرسي. فبينما أنا قائم فإذا المعتصم قد أقبل، فجلس على الكرسي، ونزع نعله من رجله، ووضع رجلا على رجل. ثم قال: يحضر أحمد بن حنبل. فأحضر، فلما وقف بين يديه وسلم عليه، قال له المعتصم: يا أحمد تكلم ولا تخف. فقال أحمد: والله يا أمير المؤمنين، لقد دخلت عليك وما في قلبي مثقال حبة من الفزع. فقال له المعتصم: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام الله، قديم غير مخلوق، قال الله عز وجل: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله).
فقال له المعتصم: عندك جحة غير هذا؟ فقال أحمد: نعم يا أمير المؤمنين. قول الله عز وجل: (الرحمن علم القرآن) ولم يقل: الرحمن خلق القرآن، وقوله عز وجل: (يس والقرآن الحكيم). ولم يقل: يس والقرآن المخلوق، فقال المعتصم: احبسوه. فجلس وتفرق الناس.
فلما أصبحتُ قصدتُ الباب، فأدخل الناس. فدخلت معهم. فأقبل المعتصم وجلس على كرسيه، فقال: هاتوا أحمد بن حنبل، فجيء به. فلما أن وقف بين يديه قال له المعتصم: كيف كنت يا أحمد في محبسك البارحة؟ فقال الإمام أحمد: بخير والحمدلله، إلا إني رأيت يا أمير المؤمنين في محبسك أمرا عجبا، قال له المعتصم: وما رأيت؟ قال: قمت في نصف الليل فتوضأت للصلاة، وصليت ركعتين. فقرأت في ركعة (الحمدلله) و (قل أعوذ برب الناس) وفي الثانية (الحمدلله) و (وقل أعوذ برب الفلق) ثم جلست وتشهدت وسلمت. ثم قمت فكبرت وقرأت (الحمدلله) وأردت أن أقرأ (قل هو الله أحد) فلم أقدر. ثم اجتهدت أن أقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر. فمددتُ عيني في زاوية السجن، فإذا القرآن مُسجّى ميتا، فغسلته وكفنته، وصليت عليه ودفنته. فقال له المعتصم: ويلك يا أحمد، والقرآن يموت؟ فقال له أحمد: فأنت كذا تقول: إنه مخلوق، وكل مخلوق يموت. فقال المعتصم: قهرنا أحمد، قهرنا أحمد. فقال ابن أبي دؤاد وبشر المريسى (وزيرا المعتصم): اقتله حتى نستريح منه. فقال المعتصم: إني قد عاهدت الله ألا أقتله بسيف ولا آمر بقتله بسيف. فقال له ابن أبي دؤاد: اضربه بالسياط، فقال المعتصم: نعم. ثم قال: أحضروا الجلادين. فحضروا. فقال المعتصم لواحد منهم: بكم سوط تقتله؟ فقال الجلاد: بعشرة يا أمير المؤمنين. فقال: خذه إليك. فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه. وائتزر بمئزر من الصوف، وشُد في يديه حبلان جديدان. وأخذ الجلاد السوط في يده. وقال: أأضربه يا أمير المؤمنين. فقال المعتصم: اضرب. فضربه سوطا. فقال أحمد: الحمدلله. وضربه ثانيا. فقال: ما شاء الله كان. فضربه ثالثا، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فلما أراد أن يضربه السوط الرابع. نظرت إلى مئزر الإمام أحمد من وسطه قد انحل. ويريد أن يسقط. فرفع رأسه نحو السماء وحرك شفتيه. وإذا الأرض انشقت. وخرج منها يدان فوزرتاه بقدرة الله عز وجل. فلما أن نظر المعتصم إلى ذلك قال: خلوه. فتقدم إليه ابن أبي داؤد وقال له: يا أحمد، قل في أذني: إن القرآن مخلوق، حتى أخلصك من يد الخليفة. فقال له أحمد: يا ابن أبي داؤد، قل في أذني: إن القرآن كلام الله غير مخلوق حتى أخلصك من عذاب الله عز وجل. فقال المعتصم: أدخلوه الحبس. فدخل الحبس، وانصرف الناس، وانصرفت معهم.
فلما كان الغد أقبل الناس وأقبلت معهم. فوقفت بإزاء الكرسي، فخرج المعتصم، وجلس على الكرسي ثم قال: هاتوا أحمد بن حنبل. فجيء به. فلما وقف بين يديه. قال له المعتصم: كيف كنت في محبسك الليلة يا ابن حنبل؟ قال أحمد: كنت بخير والحمدلله. فقال المعتصم: يا أحمد، إني رأيت البارحة رؤيا. قال له الإمام أحمد: وما رأيت يا أمير المؤمنين؟ قال المعتصم: رأيت في منامي كأن اسدين قد أقبلا إلي وأرادا أن يفترساني، وإذا ملكان قد أقبلا ودفعاهما عني، ودفعا إلي كتابا. وقالا لي: هذا المكتوب رؤيا رآها أحمد بن حنبل في محبسه. فما الذي رأيت يا ابن حنبل؟ فأقبل الإمام أحمد بن حنبل على المعتصم فقال له: يا أمير المؤمنين، رأيت كأن القيامة قد قامت، وكأن الله جمع الأولين والآخرين في صعيد واحد. وهو يحاسبهم. فينما أنا قائم إذ نودي بي. فقدمت حتى وقفت بين يدي الله عز وجل. فقال لي: يا أحمد. فيم ضُربت؟ فقلت: من جهة القرآن. فقال لي: وما القرآن؟ فقلت: كلامك اللهم لك. فقال لي: من أين قلت هذا؟ فقلت: يا رب حدثني عبدالرزاق. فنودي بعبدالرزاق. فجيء به حتى أقيم بين يدي الله عز وجل. فقال له: ما تقول في القرآن يا عبدالرزاق؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال الله عز وجل: من أين قلت هذا؟ فقال: حدثني معمر. فنودي بمعمر. فجيء به حتى أوقف بين يدي الله عز وجل. فقال له الله عز وجل: ما تقول في القرآن يا معمر؟ فقال معمر: كلامك اللهم لك. فقال له: من أين قلت هذا؟ فقال معمر: حدثني الزهري. فنودي بالزهري فجيء به حتى أوقف بين يدي الله عز وجل. فقال له الله عز وجل: يا زهري، ما تقول في القرآن؟ فقال الزهري: كلامك اللهم لك. فقال: يا زهري من أين لك هذا؟ قال: حدثني عروة. فجيء به. فقال: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال له: يا عروة، من أين لك هذا؟ فقال: حدثتني عائشة بنت أبي بكر الصديق. فنوديت عائشة، فجيء بها، فوقفت بين يدي الله عز وجل، فقال الله عز وجل لها: يا عائشة، ما تقولين في القرآن؟ فقالت: كلامك اللهم لك. فقال الله عز وجل لها: من أين لك هذا؟ قالت: حدثني نبيك محمد صلى الله عليه وسلم. فنودي بمحمد صلى الله عليه وسلم. فجيء به، فوقف بين يدي الله عز وجل. فقال الله عز وجل له: يا محمد، ما تقول في القرآن؟ فقال له: كلامك اللهم لك. فقال الله له: من أين لك هذا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حدثني به جبريل. فنودي بجبريل فجيء به. حتى وقف بين يدي الله عز وجل فقال له: يا جبريل، ما تقول في القرآن؟ قال: كلامك اللهم لك. فقال الله تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال: هكذا حدثنا إسرافيل. فنودي بإسرافيل فجيء به حتى وقف بين يدي الله عز وجل. فقال الله سبحانه: يا إسرافيل، ما تقول في القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال الله له: ومن أين لك هذا؟ فقال إسرافيل: رأيت ذلك في اللوح المحفوظ. فجيء باللوح، فوقف بين يدي الله عز وجل. فقال له: أيها اللوح، ما تقول في القرآن؟ فقال: كلامك اللهم لك. فقال الله تعالى له: من أين لك هذا؟ فقال اللوح: كذا جرى القلم علي. فأتى بالقلم حتى وقف بين يدي الله عز وجل. فقال له الله: يا قلم، ما تقول في القرآن؟ فقال القلم: كلامك اللهم لك. فقال الله: من أين لك هذا؟ فقال القلم: أنت نطقت وأنا جريت. فقال الله عز وجل: صدق القلم، صدق اللوح، صدق إسرافيل، صدق جبريل، صدق محمد، صدقت عائشة، صدق عروة، صدق الزهري، صدق معمر، صدق عبدالرزاق، صدق أحمد بن حنبل: القرآن كلامي غير مخلوق.
فوثب عند ذلك المعتصم، فقال: صدقت يا ابن حنبل، وتاب المعتصم، وأمر بضرب رقبة بشر المريسى وابن ابي داؤد، وأكرم الإمام أحمد بن حنبل. وخلع عليه. فامتنع عن ذلك. فأمر به فحمل إلى بيته.