badoo
طاقم المشرفين
- رقم العضوية :
- 8379
- البلد/ المدينة :
- باتنة
- العَمَــــــــــلْ :
- طالب
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3574
- نقاط التميز :
- 4206
- التَـــسْجِيلْ :
- 26/12/2010
ولن ينكرالمجد إلا الجبان ** ولن يحجد الفضل إلا العتل
وقالوا انحرفت بإلياذة **تلوم الشباب و مثلك يعلو
هوميروس ازخ ..لم ينتقد **و شهامة الفرس بالوصف تغلو
فقلت و شعر الخرافات يفنى **وشعر البطولات لا يضمحل
وقالوا انحرفت بإلياذة **تلوم الشباب و مثلك يعلو
هوميروس ازخ ..لم ينتقد **و شهامة الفرس بالوصف تغلو
فقلت و شعر الخرافات يفنى **وشعر البطولات لا يضمحل
راودتني هذه الفكرة عن الشاعر مفدي زكريا بحكم كونه في عداد شهداء الثورة ,و إيمانا مني و جدة نفسي أمام مناضل مجاهد يقرض الشعر الذي يتجاوب مع ألوان النضال , و سخر موهبته لتمجيد الجزائر
جزائر يا مطلع المعجزات *** و يا حجة الله في الكائنات
و يا بسمة الرب في أرضه *** و يا وجهه الضاحك القسمات
و يا لوحة في سجل الخلود *** تموج بها الصور الحالمات
و يا قصة بث فيها الوجود *** معاني السمو بروع الحياة
حياته النضالية و حياته الأدبية لم تعرف الانفصام , فهي متصلة اتصالا وثيقا , فلقد نشر أول قصيدة له و هو لا يتجاوز سن الثانية عشرة سنة من عمر , و كانت متفاعلة مع أحداث شعبه و أوضاع هذا الشعب الأبي و عاداته , وثاني قصيدة كانت في تمجيد جهاد الريف بقيادة عبد الكريم الخطابي , و نظم أناشيد بعدها في النضال التونسي و لعل بعده المغاربي و القومي هو الذي جعله من أوائل الذين انخرطوا في حركة – نجم شمال إفريقيا .
و هذا ليس بغريب أيضا عن ابن ينحدر من أسرة بني رستم الذين أسسوا –تيهرت- أذكرها لأنها أول دولة جزائرية ذات سيادة كاملة .حياته مليئة بالمواقف النضالية عبر عنها بشعر لا يحتمل الرمز و لا الإيحاء , عبر مراحل الحركة الوطنية , أليس هو منشد القصيدة الشهير التي أقلقت أصحاب مشروع – بلوم فيوليت - لدرجة متابعته , و مطلعها .
فلسنا نرضى الإندماج ** ولسنا نرضى التجنيسا
و لسنا نرضى الإمتزاج **ولانريد فرنسيسا
وحين أندلعت ثورة نوفمبر , ارتمة بين أحضانها بكل ما يملك من شجاعة و إقدام و موهبة و إلهام إلى أن اعتقل , و من أعماق السجون التي كانوا ينقلونه إليها , كان يرسل خفية ملاحمه الثورية , و يقوم مع إخوان له في الجهاد بتعليم المساجين
و يا و مضة الحب في خاطري **و إشرقة الوحي للشاعري
ويا ثورة حارفيها الزمان ** وفي شعبها الهادئ الثائر
ويا ثورة حارفيها الزمان ** وفي شعبها الهادئ الثائر
ان أشعاره و أناشيده كانت الزاد المعنوي للمجاهدين , ينتظرون ذلك الصوت المتسلل عبر الأثير يرتل الأناشيد , كان المجاهدين في كل الفيالق والكتائب يحفظون * تسابيح الخلود* و أناشيد من أعماق بربروس , لشاعر الثورة ابن تومرت وهي الأسماء المستعارة التي كان يتستر ورائها شاعرنا منذ فترتة الحركة الوطنية مثل : فتى الوادي و فتى ميزاب, ديك الجن, فتي المغرب .
كانت أناشيده تدوي في الجبال و التلال و الوهاد و السهول , دون معرفة من هو قائلها
لاجل بلادي عصرت النجوم ** واترعت كأسي وصغت الشوادي
و ارسلت شعري ..يسوق الخطى ** بساح الفدا ..يوم نادى المنادي
و ارسلت شعري ..يسوق الخطى ** بساح الفدا ..يوم نادى المنادي
كان شعره يصور بإخلاص عميق قضية الجزائر و بطولات ابنائها ...شعر أصيل به صلة الرحم بين المعاني و الألفاظ و المقاطع , لدرجة انه أصبح جزءا لا يتجزء من الثورة و ولسانه الناطق بأسلوب بليغ , فحين يصف المجاهدين و يتحدث عن مآثرهم و أعمالهم و بطولاتهم يشيد بسجايا و مميزات تجعلهم فوق كل البشر .
و الجزائر عنده , قطعة قدسية و قصيدة أزلية مطلع هذه القصيدة نوفمبر العظيم الذي أحنت له الجبابرة رؤوسها خاشعة راكعة و ارتقى بحبها لدرجة الهيام و العبادة و العبودية و ارتبطة شعره بالثورة فكان لهبه المقدس المرآة العاكسة لأهم الأحداثها و سيرة رجالها الصناديد , فاستحق لقب شاعر الثورة عن جدارة و استحقاق . و لعل ذلك التميز يرجع إلى كون مفدي أحب و طنه لدرجة العبادة و سبح بحمده و شكره و أطنب في النهل من لغة الوحي فارتقى شعره إلى مرتبه دماء الشهداء الذين امتزجت دمائهم الزكية بحبر أقلامهم الطاهرة
بلادي بلادي الأمام الامان ** أغني علاك باي لسان
جلالك تقصر عنه اللغى ** ويعجز في سحر البيان
جلالك تقصر عنه اللغى ** ويعجز في سحر البيان
الشهداء الذين بقوا في كتمان التاريخ أمانة في أعناق الباحثين لينفضوا غبار التعتيم عليها , حتى تظل الجذور متواصله و فروع حب الوطن مورقة .
معلقة الشعر العربي إلياذة الجزائر التي تفرض نفسها عند الحديث عن مفدي , بل و عند الحديث عن أجناس الأدب أو الشعر المعاصر باعتبارها ملحمة , و الملاحم تعد على الأصابع عبر ثقافات و آداب الحضارات المتلاحقة فمن منا لا يردد
شغلنا الورى و ملأنا الدنا
بشعر نرتله كالصلاة
تسابيحة من حينايا الجزائر
بشعر نرتله كالصلاة
تسابيحة من حينايا الجزائر
لقد قيل الكثير حول الإلياذة و اتفق الجميع حول كونها ملحمة شعرية تروي مآثر الجزائر و تاريخها النضالي و البطولي و تسجل أمجادها و تصف طبيعتها و أروع ثيابها بأسلوب يتميز بالخيال الواسع و المسيقى التعبيرية العذبة المشحونة بشعاليل نورانية و بالفعل فالإليادة سجل لك المقاومات التي عشنها و سجل لحاضرنا و مستقبلنا في مساعينا لاستعادة شخصيتنا و حصانتها لبناء مجد جديد و سجل للتغني بجمال الطبيعة بجمال الجزائر .
جزائر يا بدعة الفاطر ** وياروعة الصانع القادر
و يا بابل السحر من و حيها **تلقب هاروت بالساحر
و ياجنة غار منها الجنان * و اشعلة الغيب بالحاضر
ويا لجة يستحم الجمال ** ويسبح في موجها الكافر
و يا بابل السحر من و حيها **تلقب هاروت بالساحر
و ياجنة غار منها الجنان * و اشعلة الغيب بالحاضر
ويا لجة يستحم الجمال ** ويسبح في موجها الكافر
أعتقاد صادق أنها تضاهي الإلياذات التي عرفتها آداب و ثقافات حضارت الأمم عبر الأزمنة تضاهي إلالياذة اليونانية لهوميروس و تضاهي الإلياذة الرومانية للشاعر *فرجيل * بل و أكثر من هذا فإلياذة هوميروس تروي الأساطير في النهاية بينما إلياذة مفدي تروي تاريخا و أحداثا من روائع معجزات العصر من صنع الإنسان الجزائري .
إلياذة مفدي قد انجبها في الشعر العربي فلا بد أن ننصف هذا الشهر الذي كان سجل العرب فالمعلقات السبعة و إن كانت ليست من جنس الملحمة فإني أعتبرها شخصيا ملحمة بالتعبير الحديث .
حين أنمعن في مطلع إلياذة مفدي الذي يقول
جزائر يا مطلع المعجزات** و يا حجة الله في الكائنات
ويا بسمة الرب في أرضه** و يا وجهه الضاحك القسمات
ويا بسمة الرب في أرضه** و يا وجهه الضاحك القسمات
التمعن في هذه المعاني السامية أهيم بخيالي و استحضر ما يكمن استحضاره بذاكرتي بحثا عن مثل هذه المعاني و التي وصفها بعض علماء الإسلام أنها تقترب من الكفر و ليست بالكفر
و توقفني أيضا رائعة أخرى حين يقول
أوقفت ركب الزمان طويلا** أسائله عن ثمود و عاد
وعن قصة المجد من عهد نوح **و هل إرم هي ذات العماد؟
فأقسم هذا الزمان يمينا ** وقال الجزائر دون عناد!
وعن قصة المجد من عهد نوح **و هل إرم هي ذات العماد؟
فأقسم هذا الزمان يمينا ** وقال الجزائر دون عناد!
إنها قمة الوطنية الخالصة و المعاني السامية و الألفاظ ذات النغم الذي لا يمكن للآذن أن تصغي لها بما تملك من أعضاء الحاسة ,و يقول في نوفمبر الذي يحس به المجاهدون إحساسا خاصا لعله ليس كإحساس من لم يعشه
نوفمبر جل جلاله فينا***الست الذي بث فينا اليقينا
لقد خلدت إلياذة الجزائر آل الشيخ زكريا عقل الأمة الجزائرية و كما يقول الفيلسوف الألماني *شوبنهاور * التاريخ للأمم هو كالعقل للأفراد و عقول الأمة الجزائرية تسجله إلياذة زكريا.
و بعد هذا كله أليس من حق مفدي على الباحثين و النقاد أن يجمعوا كافة إنتاجاته و كتاباته في مختلف القضايا الوطنية و المغاربية و العربية ؟ إنه فعلا مدرسة يمكن أن يستقي منها شباب اليوم مثل الروح الوطنية إنه فعلا المدرسة التي أثرت و ستبقى تؤثر في شعرائنا الين هم بذرة من بذور نوفمبر قد اينعت إنه فعلا مدرسة في صناعة الشعر الوطني . و تبقى لمفدي في النهاية كلمات و ألفاظ خالدة , لسمو صياغتها و نبل معانيها , أود أن أختم بإحداها – لقد سمى ليلة إندلاع الثورة التحريرية ** ليلة القدر الكبرى **
و صدقت نبؤاته
* من وحي نوفمبر
* إلياذة الجزائر