لقد ولد الشيخ (الإبراهيمي) سنة 1889 في قبيلة (أولاد إبراهيم) بولاية (سطيف) وانتقل إلى (الحجاز) فأقام مع والده في المدينة المنوّرة، ثم انتقل إلى دمشق (1916) وعاد إلى (الجزائر) في (1920) حيث استقرّ وأسهم في الحركة الإصلاحية، وكان نائبا لرئيس (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) (عبد الحميد بن باديس) حين تأسست في (1931) ورئيساً لها بعده حتى (1952) ثم انتقل إلى (القاهرة) في رحلة، سنة (1952) ليزور عدّة أقطار عربية وإسلامية، حتى اندلعت ثورة التحرير الجزائرية (نوفمبر 1954) فأقام في القاهرة مؤازرا للثورة، وبعد الاستقلال سنة (1962) عاد إلى (الجزائر) حيث اندلع الخلاف بينه وبين النظام الذي لاحظ فيه الشيخ انحرافا على الإسلام في نهجه السياسي والاجتماعي حتى كانت وفاته في (19 ماي 1965) مخلّفاً وراءه عدة آثار.. وبعض الأثر الأدبي والفكري.
كما ذكر صاحب التصدير في المناسبة بطبعة بيان (أول نوفمبر 1954) الذي أعلن الثورة، حيث يلاحظ غيابا "لمبادئ" جمعية العلماء التي رسمتها الجزائر ماضيا ومستقبلاً، كما يلاحظ أن البيان لا يجيب على بعض النقاط بوضوح كالهوية والإسلام والعروبة، وأنه ليس ميثاقاً أو عريضة مرجعية ذات فلسفة وتصورات حضارية، وإنما هو وثيقة سياسية صحفية"(1) كتبت على عجل، ليس من اليسير أن يبادر فورا أمثال (الإبراهيمي) لتبنّيها، وهو كلام ينبّه إلى ما يردّد عن تقاعس ينسب للجمعية التي لم تبادر بإعلان الانضمام إلى الثورة المسلحة حين اندلعت (فجر 1نوفمبر 1954م).
أما على المستوى السياسي فإن بيانات (الإبراهيمي) و(الورتلاني) في إعلان المؤازرة للثورة (54-62) باسم (جمعية العلماء) واضحة، تتصدّر صفحات الكتاب، وهي بيانات تنطلق ابتداء من (الثاني نوفمبر 1954) نشرتها صحف وبثّتها إذاعات، كلها تبارك الثورة المسلحة التي انطلقت في وجه الاستعمار الفرنسي بالجزائر في الفاتح من نوفمبر (1954).
هذا الهاجس بقي في ذهن (الإبراهيمي) بعد اندلاع الثورة المسلحة في (الجزائر) فقال في الخامس من (جوان 1955) من إذاعة (صوت العرب) بالقاهرة مخاطباً العيد: كأنك يا عيد تقول لنا: "لو أحسنا الإصغاء: لا أملك لكم نفعاً ولا ضراً، ولا خيراً ولا شراً، ولا أسوق إليكم نحساً ولا سعدا، ولا برقاً ولا رعداً، فأصلحوا أنفسكم واتقوا ربّكم، واعملوا صالحاً، واجمعوا كلمتكم، وصحّحوا عقائدكم وعزائمكم، وتحابوا في الله، وتآخوا على الحق، وتعاونوا على البر والتقوى.. ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا تنازعوا فتفشلوا، وتذهب ريحكم".