أحمد بوبيدي
طاقم المشرفين
- رقم العضوية :
- 38633
- البلد/ المدينة :
- اولاد حملة
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 7513
- نقاط التميز :
- 9326
- التَـــسْجِيلْ :
- 18/03/2012
في غرفة أحد المستشفيات كان هناك مريضان متقدمان في العمر، كلاهما يُعاني من مرض عضال في ظهره يلزمهما البقاء في السرير طوال الوقت، و كان يُسمح لأحدهما بالجلوس في سريره لمدة ساعة يومياً بعد العصر، و لحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة في الغرفة، أما الآخر فكان عليه أن يبقى مستلقياً على ظهره طوال الوقت.
كان المريضان يقضيان وقتهما في الكلام و هما مستلقيان على ظهريهما محدقين في سقف الغرفة، تحدثا عن أهليهما، و عن بيتيهما، و عن حياتهما، و عن كل شيء.
و في كل يوم بعد العصر، كانت الممرضة ترفع سرير الأول و تساعده على الجلوس في سريره حسب أوامر الطبيب، ثم يأخذ بالنظر من خلال النافذة، و يصف لصاحبه العالم خارج المستشفى، و كان صاحبه يتلهف لهذه الساعة، لأنها كانت تربطه بالحياة من خلال وصف الأول لتفاصيل الحياة في الخارج: فهناك حديقة رائعة الجمال، تتوسطها بحيرة كبيرة يسبح فيها البط، و يلهو حولها الأطفال، و منهم من صنع نماذج زوارق صغيرة يسيرونها على ضفاف البحيرة، و هناك رجل يؤجِّر المراكب الصغيرة للناس كي يبحروا بها في البحيرة، و هناك امرأة جميلة تسير متأبطةً ذراع زوجها، و هناك من يتمشى حول حافة البحيرة، و هناك من جلس تحت ظلال الأشجار الوارفة أو بجانب الأزهار ذات الألوان الجذابة، و أما السماء فهي زرقاء صافية، تزركشها بعض الغيمات العابرة و بعض الطيور الجميلة.
و فيما كان يقوم الأول بعملية الوصف هذه ينصت الآخر في ذهول لهذا الوصف الدقيق الرائع، ثم يغمض عينيه و يبدأ في تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج المستشفى، و في أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً رائع التنظيم، و رغم أنه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية إلا أنه كان يراها بعيني عقله من خلال وصف صاحبه لها.
و مرت الأيام و كلٌ منهما سعيد بصاحبه، يُعينان بعضهما لتمضية الوقت.
و في أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها، فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد تُوُفِي خلال الليل، و لم يعلم رفيقه بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف و هي تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة، فحزن عليه أشد الحزن.
و بعد عدة أيام من الحزن، اشتاق إلى رُؤية العالم الخارجي الذي كان يراه من خلال وصف رفيقه الذي رحل، فطلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة، فقامت بتلبية طلبه، ثم طلب منها أن تساعده على رفع رأسه للحظات ليأخذ نظرة علي العالم خلف تلك النافذة، ولكنها اعترضت في البداية، و لكن مع إلحاحه المتواصل لم تجد بُدّاً من مساعدته على ذلك، و بعد صراع عنيف مع الألم استطاع رفع رأسه لوهلة و استراق نظرة سريعة من خلال النافذة لِيُصعق مما رأى، فلم ير أمام النافذة سوى جداراً أصم من جدران المستشفى، فقد كانت النافذة تُطل على ساحة داخلية صغيرة.
رأت الممرضة الألم و خيبة الأمل على وجه المريض، فسألته إن أصابه ضرر من جراء رفع رأسه، فأجاب بالنفي و سألها إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها، فأكدت له ذلك فالغرفة ليس فيها سوى هذه النافذة، ثم سألته عن سبب كل هذا، فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة و ما كان يصفه له من جمال الحياة خلف تلك النافذة.
و لكن الممرضة فاجأته أكثر عندما أخبرته أن المتوفى كان أعمى، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العبرة:
إذا جعلت الناس سعداء فستتضاعف سعادتك، ولكن إذا وزعت الأسى عليهم
فسيزداد حزنك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان المريضان يقضيان وقتهما في الكلام و هما مستلقيان على ظهريهما محدقين في سقف الغرفة، تحدثا عن أهليهما، و عن بيتيهما، و عن حياتهما، و عن كل شيء.
و في كل يوم بعد العصر، كانت الممرضة ترفع سرير الأول و تساعده على الجلوس في سريره حسب أوامر الطبيب، ثم يأخذ بالنظر من خلال النافذة، و يصف لصاحبه العالم خارج المستشفى، و كان صاحبه يتلهف لهذه الساعة، لأنها كانت تربطه بالحياة من خلال وصف الأول لتفاصيل الحياة في الخارج: فهناك حديقة رائعة الجمال، تتوسطها بحيرة كبيرة يسبح فيها البط، و يلهو حولها الأطفال، و منهم من صنع نماذج زوارق صغيرة يسيرونها على ضفاف البحيرة، و هناك رجل يؤجِّر المراكب الصغيرة للناس كي يبحروا بها في البحيرة، و هناك امرأة جميلة تسير متأبطةً ذراع زوجها، و هناك من يتمشى حول حافة البحيرة، و هناك من جلس تحت ظلال الأشجار الوارفة أو بجانب الأزهار ذات الألوان الجذابة، و أما السماء فهي زرقاء صافية، تزركشها بعض الغيمات العابرة و بعض الطيور الجميلة.
و فيما كان يقوم الأول بعملية الوصف هذه ينصت الآخر في ذهول لهذا الوصف الدقيق الرائع، ثم يغمض عينيه و يبدأ في تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج المستشفى، و في أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً رائع التنظيم، و رغم أنه لم يسمع عزف الفرقة الموسيقية إلا أنه كان يراها بعيني عقله من خلال وصف صاحبه لها.
و مرت الأيام و كلٌ منهما سعيد بصاحبه، يُعينان بعضهما لتمضية الوقت.
و في أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها، فوجدت المريض الذي بجانب النافذة قد تُوُفِي خلال الليل، و لم يعلم رفيقه بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف و هي تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة، فحزن عليه أشد الحزن.
و بعد عدة أيام من الحزن، اشتاق إلى رُؤية العالم الخارجي الذي كان يراه من خلال وصف رفيقه الذي رحل، فطلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة، فقامت بتلبية طلبه، ثم طلب منها أن تساعده على رفع رأسه للحظات ليأخذ نظرة علي العالم خلف تلك النافذة، ولكنها اعترضت في البداية، و لكن مع إلحاحه المتواصل لم تجد بُدّاً من مساعدته على ذلك، و بعد صراع عنيف مع الألم استطاع رفع رأسه لوهلة و استراق نظرة سريعة من خلال النافذة لِيُصعق مما رأى، فلم ير أمام النافذة سوى جداراً أصم من جدران المستشفى، فقد كانت النافذة تُطل على ساحة داخلية صغيرة.
رأت الممرضة الألم و خيبة الأمل على وجه المريض، فسألته إن أصابه ضرر من جراء رفع رأسه، فأجاب بالنفي و سألها إن كانت هذه هي النافذة التي كان صاحبه ينظر من خلالها، فأكدت له ذلك فالغرفة ليس فيها سوى هذه النافذة، ثم سألته عن سبب كل هذا، فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة و ما كان يصفه له من جمال الحياة خلف تلك النافذة.
و لكن الممرضة فاجأته أكثر عندما أخبرته أن المتوفى كان أعمى، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العبرة:
إذا جعلت الناس سعداء فستتضاعف سعادتك، ولكن إذا وزعت الأسى عليهم
فسيزداد حزنك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ