كنزة16
عضو نشيط
- رقم العضوية :
- 33
- العَمَــــــــــلْ :
- طالبة في الثانوية
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 325
- نقاط التميز :
- 16
- التَـــسْجِيلْ :
- 24/07/2008
اضطراب الوجدان ثنائي القطب Bipolar Affective Disorder إعداد: د. سحر إبراهيم خليل العبيات | ||||||||||||||||||||||||||
مايكل أنجلو ، أشهر المرضى النفسيين في التاريخ قد يعتقد الكثيرون أن المرض النفسي حكر على فئة معينة من الناس دون غيرهم، ولكن الحقيقة أن كل شخص وأي شخص معرض في أي وقت وتحت ظل ظروف معينة لأن يصاب بمرض نفسي، بغض النظر عن مدى ذكائه و فطنته، وأحيانا قدرته على الإبداع. ورغم اعتقاد البعض بأن الإصابة بمرض نفسي قد تنشأ نتيجة البعد عن الدين، إلا أنه للأسف الأمراض النفسية و العقلية لا تختلف كثيرا عن الأمراض العضوية الأخرى مثل مرض ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري و الالتهاب الكبدي وغيرها. مرض اضطراب الوجدان ثنائي القطب Bipolar Affective Disorder هو مرض نفسي يتميز بنوبات متكررة من اضطراب المزاج واختلاف مستوى نشاط الشخص المريض بشكل ملحوظ مما يؤثر على حياة المريض. جاءت تسمية هذا الاضطراب بالوجداني ثنائي القطب، حيث أحد القطبين هو ارتفاع في المزاج والنشاط الزائد والحيوية فوق العادية وهو (الهوس)، والقطب الثاني هو الانخفاض في المزاج وقلة النشاط وانخفاض الطاقة العامة و الإحساس بالإجهاد عند القيام حتى بأبسط الأعمال وهو (الاكتئاب). نوبة الهوس يسودها الإحساس بالنشوة ( شعور الشخص بأنه مسرور و سعيد بشكل غير طبيعي ) وزيادة في الطاقة و النشاط و الثقة الزائدة في النفس مع الشعور بالأهمية وأحياناً الشعور بالعظمة. وقد تكون حالة الهوس هذه مصحوبة بأعراض ذهانية ( يكون هناك تفخيم للذات، وأفكار مضللة – delusions - بالعظمة يتمسك بها المريض ويعتقد بأنها حقيقية رغم أنها تتعارض مع واقعه ولا تتفق مع ظروفه الاجتماعية أو خلفيته الثقافية أو حتى مع التقاليد و العادات الاجتماعية السائدة في محيطه وهي بالنسبة إليه غير قابلة للنقاش أو التشكيك )، مثل أن يعتقد المريض بأنه نبي مرسل (ضلالات العظمة). و المشكلة هنا أن المرضى يصرون على التمسك بمثل هذه الاعتقادات المضللة مهما كلفهم ذلك من مشاكل مع المجتمع و السلطات القانونية قبل أن يكتشف أمرهم و يحولوا إلى مستشفى الطب النفسي للكشف عليهم. ومن أعراض النشاط الزائد كذلك كثرة الكلام و تجاوز حدود اللياقة الاجتماعية مما يسبب مشاكل كبيرة للمريض وعائلته. ومن الضلالات أيضا أن يعاني بعض المرضى من سماع أصوات Hallucination غالباً ما تتفق مع المزاج العام للمريض، فتعزز مشاعر العظمة لديه و تغذيها، كأن يؤكد له الصوت أنه نبي أو رسول أو شخصية مهمة. و الخطير في الأمر أن بعض المرضى يصابون بزيادة الرغبة الجنسية (الشبق الجنسي)، و يجاهرون بالأمور الجنسية دون استحياء، خاصة أمام الجنس الآخر دون أي تقدير للعواقب، فيقيم المريض أو المريضة علاقة جنسية دون وعي مما يسبب مشاكل جمة. لذلك يجب على أهل المريض أو المريضة ملاحظة هذه النقطة تماما. و نوبة الهوس هذه قد تمتد لفترة زمنية تقارب الستة أشهر إذا لم تعالج، يكون فيها المريض مرتفع المزاج كثير الحركة و قليل النوم، يشعر بأهمية كبيرة لنفسه. و حالات الهوس تنقسم إلى نوبات هوس مصحوبة بأعراض ذهانية أو بدونها. تتميز نوبة الهوس الغير مصحوبة بأعراض ذهانية بكل ما تتميز به نوبة الهوس المصحوبة بتلك الأعراض، فالمريض منتشي المزاج بدرجة كبيرة قد لا تتناسب مع ظروفه، وهو قلق غير مستقر، كثير الحركة لا يشعر بحاجة للنوم، وقد يقوم بفعل فاضح أو خادش للحياء مما يحرج أهله، وهو مشتت الأفكار يرغب بعمل أشياء عديدة وكثيرة في نفس الوقت و يشعر بأن لديه القدرة على القيام بأي عمل وقد يشعر بأنه يتمتع بقدرات خارقة دون الآخرين. ومن ذلك أيضا أن المريض قد يقوم بالإنفاق المفرط والغير رشيد مما يترتب عليه التزامات مالية مسؤولة، وقد يقوم بمشاريع متهورة وغير مدروسة. تكون نوبة الهوس مرضية بحيث تشكل عائقا في حياة المريض إذا استمرت لمدة أسبوع على الأقل، على أن تكون الأعراض المميزة لها والتي ذكرناها موجودة و ظاهرة بوضوح. إن الشخص المريض بهذا المرض النفسي لا يدرك أنه مريض، وأحيانا قد يصبح عدوانيا، لذلك يجب مراعاة الحكمة و الدبلوماسية في التعامل معه، و عدم مواجهته و تحديه مباشرة لأن ذلك قد يؤدي إلى عواقب غير حميدة. ومن المهم أن يستطيع الطبيب المختص المعالج التمييز بين مرض اضطراب الوجدان ثنائي القطب هذا وبين أمراض مشابهة أخرى مثل مرض الفصام Schizophrenia وأن يتأكد من عدم وقوع المريض تحت تأثير المخدرات، وإن الدقة في تحري التاريخ المرضي خاصة من الأشخاص القريبين من المريض و المحيطين به، و فحص الحالة العقلية للمريض لهي حجر أساس في التوصل للتشخيص الصحيح لهذا المرض رغم صعوبة هذا الأمر. ومن أشهر المرضى النفسيين عبر التاريخ بهذا المرض، ممن تركوا بصمات مميزة خلال حياتهم وما بعدها، من خلال أعمال إبداعية خالدة فنية أو أدبية أو علمية أو سياسية، الفنان العظيم مايكل أنجلو.
تمثال مايكل أنجلو على مشارف مدينة أوفيزي في فلورنسا مايكل أنجلو بوناروتي رسام و نحات و مهندس و شاعر إيطالي كان لإنجازاته الفنية الأثر الأكبر على محور الفنون ضمن عصره وخلال المراحل الفنية الأوروبية اللاحقة. ولد مايكل أنجلو لعائلة إيطالية فقيرة في بلدة كابريس، في جمهورية فلورنس بتاريخ السادس من شهر مارس 1475م، وتوفي بتاريخ الثامن عشر من فبراير عام 1564م. وقد أثر تأثيراً بالغاً في فن الرسم الغربي، حيث يعتبر واحداً من أهم الفنانين الذين تأثر بهم الفنانون الذين أتوا بعدهم. في عام 1496م رحل مايكل انجلو إلى روما حتى عام 1501م، وفي هذه الفترة قام بإنجاز بعض من أهم أعماله الإبداعية في الرسم مثل «بياتا» (Pieta) والتي توجد الآن في كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان. بعد عام 1501م عاد مايكل انجلو إلى فلورنس، وبدأ في واحد من أعظم أعماله وهو تمثال رخامي حمل اسم «ديفيد» وأنهي هذا العمل عام 1504م. ولكنه عاد عام 1505م وعمل في قبر البابا يوليس الثاني، والذي عينه كمسؤول عن عمل الرسومات لقبة الكنيسة الداخلية في الفاتيكان. بالإضافة إلى أعماله في الرسم وهي التي أشهرته، وجعلت منه واحداً من أهم وأشهر الفنانين في تاريخ الفن، فإن مايكل انجلو أيضاً كان شاعراً وكاتباً وترك أكثر من 300 قصيدة. كان مايكل انجلو يعاني من مرض اضطراب الوجدان ثنائي القطب Bipolar Affective Disorder، ولقد عانى هذا الفنان العظيم الكثير من الصعوبات في حياته بسبب هذا المرض، فمّرة تهوي به أحاسيسه بالكآبة المطلقة إلى الحضيض، مما جعله يعيش وحيداً، دون رفيق أو أشخاص مقربين، وجعله غير قادر على أن يتعامل مع النساء ويهرب منهن، ويكتب بأن حياته وحيداً هي أعظم شيء في هذه الحياة التي عاشها ! كان مايكل انجلو يتهرب من النساء، لكنه كتب قصيدة واحدة في أرملة، بيّن فيها رأيه في الحياة، وتحدث عن حياة الوحدة التي يعيشها بأنها أروع شيء في الحياة وتحدث في قصائده وكتاباته النثرية والتي ربما يكون قد كتبها في نوبات هوس أو كآبة، عن الجنون الذي يعيشه طوال حياته. أما نوبات الهوس التي كانت تنتابه، فهي بالتأكيد جعلته يعمل بلا كلل ولا ملل في أهم أعماله الفنية الرائعة والتي ظلت خالدة حتى الآن، خاصة أعماله في كنيسة القديس بطرس في الفاتيكان. هذا الارتفاع في المزاج الذي كان يصيبه جعله يتخيل أشياء غريبة في نظرته للحياة وللدين، وظهرت هذه واضحة جلية في جميع أعماله تقريباً، خاصة الأعمال التي قام بإنجازها في عمره المتقدم، إن أعماله في الفاتيكان تنم عن إبداع فائق في المنحوتات التي قام بها، والتي تكاد تكون مطابقة تماماً للجسد البشري، لأنه رأي ودرس التشريح للجسد البشري، فخرجت أعماله غاية في الروعة والواقعية، ولقد كان له تصور غريب للإنسان وللعالم الآخر، فالعضلات تتناسق بغاية في الدقة في جميع منحوتاته وتماثيله، وربما قام بعمل بعض منها أثناء نوبات الهوس وارتفاع مزاجه، فخلط عليه مرضه النفسي الذي يعاني منه ما هو حقيقي وما يتصوره، فالمعروف أن مرضى الهوس، لهم نظرة مختلفة في رؤية الأشياء، ويستطيعون الإبداع بشكل غير معقول. إن هذا المرض والذي يجعل المبدع يتفوق كثيراً في أعماله الإبداعية، كان له ضريبته على المبدع وعلى من يحيطون به، فرغم أن هذا الفنان العظيم كان يصارع مرضا نفسيا مربكا، إلا أنه استطاع أن يبدع وينتج للبشرية أعمالا فنية خالدة في غاية التميز. لقد كان مايكل أنجلو يقول أن الجنون مفتاح الإبداع ! لم يبق من لوحات الفنان العظيم مايكل أنجلو إلا عدة لوحات ومنها لوحة بإسم دراسة لجذع الذكر التي أكملها آنجلو عام 1550 والتي بيعت في صالة مزادات كريستي بنحو أربعة ملايين دولار وكانت هذه اللوحة واحدة من عدة رسومات قليلة للأعمال الأخيرة لمايكل انجلو الذي توفي عام 1564، والتي تبدو أنها تمت بصلة إلى شخصية المسيح. وهناك اثنان من أعظم أعماله النحتية، تمثال داوود و تمثال بيتتا، العذراء تنتحب قام بإنجازهما وهو دون سن الثلاثين. ولقد تمكن آنجلو من رسم لوحات جدارية عملاقة أثرت بصورة كبيرة على منحى الفن التشكيلي الأوروبي مثل تصوير قصة سفر التكوين في العهد القديم على سقف كنيسة سيستاين ولوحة يوم القيامة على منبر كنيسة سيستايت في روما. الحدث الفريد بالنسبة لفناني عصر النهضة أن مايكل أنجلو كان الفنان الوحيد الذي تمت كتابة سيرته على يد مؤرخين أثناء حياته حيث قام المؤرخ جورجيو فاساري بكتابة سيرته وهو على قيد الحياة ووصف فاساري أنجيلو بذروة فناني عصر النهضة.
غرفة المقدسات (1519 – 1534) تضمنت خطط لتصميم قبور لعائلة ميتشي. انتهت إلى جدارين تابعين لقبرين مقابل بعضهم البعض ضمن غرفة ضخمة مقببة. إحداهما صمم لجيوليانو دي ميتشي ابن لورينزو العظيم حاكم فلورنسا السابق والآخر لإبن الأخ/الأخت جيوليانو لورينزو دي بيرو دي ميتشي . وقد تصور مايكل أنجلو القبرين كممثلين لمتناقضين متكاملين. حيث مثل جيوليانو الشخصية الفعالة المرنة أما لورينزو فمثله كمتصوف متأمل ، وقد وضع أجساد عارية مثلت النهار والليل أسفل جيوليانو أما لورينزو فقد وضع له أجساد عارية تمثل الفجر والفسق. كاتدرائية القديس بطرس التي تم تكليف مايكل أنجلو بإكمال التصاميم المتعلقة بها . البابا يوليوس الثاني في البدء كان قد كلف بهذا العمل منافس مايكل في ذلك الوقت دوناتو برامانتي سنة 1506 Donato Bramante بوفاة برامانتي سنة 1514 كانت الدعائم فقط قد أنجزت بعد ذلك توالى عدد من المعماريين على بناء هذه الكاتدرائية وفي النهاية وصلت إلى مايكل أنجلو الذي عاد إلى تصاميم برامانتي فقام بتعديل التصاميم وهكذا يكون مايكل أنجلو قد وضع بصماته الأخيرة على بناء يعطيك مظهراً معقداً يوحي بالقوة والمرونة بذات الوقت. يوم القيامة: القديس برثلماوس يحمل سكينه بيد وجلده المسلوخ باليد الأخرى تم استدعاء مايكل أنجلو للعمل في كنيسة سيستاين سنة 1534 حيث كلف بمهمة زخرفة الحائط فوق المذبح ( يوم القيامة 1536-1541 ). قام مايكل أنجلو بإنجاز رسومات تتحدث عن نبوءة عودة المسيح قبل نهاية العالم ضمن مشهد صوره وهو المسيح يقوم بتوجيه ضربة للشيطان ) بينما يده اليسرى وبرقة تطلب الرحمة والمغفرة له, وبجانب السيد المسيح كانت مريم العذراء وهي تنظر إلى الحشود الغفيرة المنبثقة من القبور جميعهم من الكهنة والصالحين صاعدين نحو الجنة صورهم مايكل أنجلو عراة وبكميات ضخمة ربما ليؤكد النبوءة التي تقول بأنهم سيعودون صحيحي الجسد والروح. مايكل أنجلو اقتبس مقتطفات من القصة الأسطورية (الكوميديا الإلهية) للكاتب الإيطالي المشهور دانتي أليغييري وبعد أن قام مايكل أنجلو برفع الغطاء عن لوحته الجدارية هذه تعرض لموجة ضخمة من النقد بسبب الرسوم العارية خصوصاً وأصبحت حديث كل لسان ولهذا السبب ربما أصبحت هذه اللوحة أحد أشهر أعمال مايكل أنجلو خلال القرن السادس عشر. استغرق العمل ست سنوات كاملة كانت اللوحة تعبيرا عن المجيء الثاني للمسيح و نهاية العالم. نظم الكاردينال كارافا حملة ضد آنجلو بسبب الصور العارية في تلك اللوحة الضخمة وعرفت الحملة بحملة ورقة التين وتم اتهام آنجلو بتهمة إهانة الكنيسة وفي مفاجئة مذهلة قرر البابا إبقاء الصور كما هي وقال عبارته المشهورة : محكمة الفاتيكان لا صلاحيات لها في منطقة الجحيم. ليس حتما أن تشكل الإصابة بأي مرض عائقا عن أن نحيا حياتنا بصورة طبيعية ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ولكن المتميزين المثابرين هم الذين يتفوقون ويبدعون رغم إصابتهم بالمرض. وليس العيب أن يكون المرء مصاباً بمرض نفسي، ولكن العيب ألا يدرك مرضه وألا يطلب العلاج، وألا يحاول أن يعمل ويواصل حياته للتغلب على مرضه، والعيب كل العيب في أن يستسلم الإنسان ويعلن الهزيمة قبل أن يبذل قصارى جهده في محاولة الانتصار. وبالتأكيد ليس مطلوبا من كل مريض نفسي أن يكون في مستوى مايكل أنجلو |