نورس09
طاقم المتميزين
- رقم العضوية :
- 48517
- البلد/ المدينة :
- آفلو
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2023
- نقاط التميز :
- 1969
- التَـــسْجِيلْ :
- 12/06/2012
من روائع الخشوع في الصلاة
أين نحن من هذا؟
ذكر أن عروة بن الزبير لما خرج من المدينة متوجها الى دمشق ليجتمع بالوليد ، وقعت الأكلة فى رجله فى واد قرب المدينة ، وكان مبدؤها هناك ، فظن أنها لا يكون منها ما كان فذهب فى وجهه ذلك ، فما وصل الى دمشق إلا وهى قد أكلت نصف ساقه فذخل على الوليد فجمع له الاطباء العارفين بذلك ، فأجمعوا على أنه إن لم يقطعها وإلا أكل رجله كلها إلى وركه ، وربما ترقت إلى الجسد فأكلته ، فطابت نفسه بنشرها .
وقالوا له : ألا نسقيك مرقدا حتى يذهب عقلك منه فلا تحس بألم النشر ؟ فقال : لا ! والله ما كنت أظن أن أحدا يشرب شرابا أو يأكل شيئا يذهب عقله ، ولا يعرف ربه عز وجل ، ولكن إن كنتم لابد فاعلين فأقطعوها وأنا في الصلاة ، فأنى لا أحس بذلك ، ولا أشعر به . قال : فنشروا رجله من فوق الأكلة ، من المكان الحى ، احتياطا أنه لا يبقى منها شىء ، وهو قائم يصلى ، وهو صامت لا يتكلم فما تصور ولا اختلج ، فلما انصرف من الصلاة عزاه الوليد فى رجله ، فقال : اللهم لك الحمد ، كان لى أطراف أربعة فأخذت واحدا فلئن كنت قد أخذت فقد أبقيت ، وإن كنت قد أبليت فلطالما عافيت ، فلك الحمد على ما أخذت وعلى ما عافيت ، قال : وكان قد صحب معه بعض أولاده كم جملتهم ابنه محمد ، وكان أحبهم إليه ، فدخل دار الدواب فرفسته فرس فمات ، فأتوه فعزوه فيه . فقال : الحمد لله كانوا سبعة فأخذت منهم واحدا وأبقيت ستة ، فلئن كنت قد ابتليت فلطالما عافيت ، ولئن كنت قد أخذت فلطالما أعطيت .
فلما قضى حاجته من دمشق رجع الى المدينة ، قال : فما سمعناه ذكر رجله ولا ولده ، ولا شكا ذلك إلى أحد حتى دخل وادى القرى ، فلما كان فى المكان الذى أصابته الأكلة فيه قال : " لقد لقينا من سفرنا هذا نصباُ " فلما دخل المدينة أتاه الناس يسلمون عليه ويعزونه فى رجله وولده ، فبلغه أن بعض الناس قال : إنما أصابه هذا بذنب عظيم أحدثه ، فأنشد عروة في ذلك والابيات لمعن بن أوس :
لعمرك ما أهويت كفى لريبة ولا حملتنى نحو فاحشة رجلى
ولا قادني سمعى ولا بصرى لها ولا دلنى رأيى عليها ولا عقلي
ولست بماشى ما حييت لمنكر من الامر لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤتر نفسى على ذى قرابة وأوثر ضيفي ما أقان على أهلي
وأعلم أنى لم تصبنى مصيبة من الدهر إلا قد أصابت فتى مثلي
وقال الاوزاعى : لما نشرت رجل عروة قال : اللهم إنك تعلم أنى لم أمش بها إلى سوء قط وأنشد : ـ لعمرك ما أهويت كفى لريبة ولا حملتنى نحو فاحشة رجلى ولا قادني سمعى ولا بصرى لها ولا دلنى رأيى عليها ولا عقلي
المصدر " كتاب البداية والنهاية " الجزء التاسع الصفحة رقم 101 + 102 "