أم رميصاء
عضو مساهم
- البلد/ المدينة :
- ورقلة
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 64
- نقاط التميز :
- 224
- التَـــسْجِيلْ :
- 06/06/2012
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فإن مسألة التقليد مما انتشر ـ خصوصا في هذا الزمان الذي قل فيه الفقهاء وكثر فيه القراء ـ القصاص ـ وكلام العلماء رحمهم الله فيه وتوجيه الجائز منه والمذموم كثير مبثوث في الكتب فجزآهم الله عن الإسلام خير الجزاء .
وممن أنتقد التقليد و شدد في ذمه شيخ الإسلام رحمه الله كما في ( مجموع الفتاوى 10 / 267 ) :
فمن جعل غير الرسول تجب طاعته في كل ما يأمر به ، وينهى عنه ، وإن خالف أمر اللّه ورسوله ، فقد جعله ندًا ، وربما صنع به كما تصنع النصارى بالمسيح ، ويدعوه ويستغيث به ، ويوالي أولياءه ، ويعادي أعداءه . مع إيجابه طاعته في كل ما يأمر به ، وينهى عنه ، ويحلله ويحرمه ، ويقيمه مقام اللّه ورسوله، فهذا من الشرك الذي يدخل أصحابه في قوله تعالى : {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ } [ البقرة : 165 ] .
وابن القيم رحمه الله كما جاء في ( إعلام الموقعين 2 / 473 دار الحديث ) في رده على المقلدين مبينا مبدأ التقليد وانه متأخر لم يكن على عهد السلف :
أن غاية هذا أن يكون عمر قد قلد أبا بكر في مسألة واحدة فهل في هذا دليل على جواز اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشارع لا يلتفت إلى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشارع إلا إذا وافقت نصوص قوله فهذا والله هو الذي أجمعت الأمة على أنه محرم في دين الله ولم يظهر في الأمة إلا بعد انقراض القرون الفاضلة .
ورد رحمه الله على من ادعى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا مقلدين لبعضهم البعض فقال رحمه الله ( الإعلام 2 /474 ) :
قولهم إن عبد الله كان يدع قوله لقول عمر وأبو موسى كان يدع قوله لقول علي وزيد يدع قوله لقول أبي بن كعب . فجوابه : أنهم لم يكونوا يدعون ما يعرفون من السنة تقليدا لهؤلاء الثلاثة كما تفعله فرقة التقليد بل من تأمل سيرة القوم رأى أنهم كانوا إذا ظهرت لهم السنة لم يكونوا يدعونها لقول أحد كائنا من كان . وكان ابن عمر يدع قول عمر إذا ظهرت له السنة وابن عباس ينكر على من يعارض ما بلغه من السنة بقوله : قال أبو بكر وعمر ويقول: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر فرحم الله ابن عباس ورضي عنه . فو الله لو شاهد خلفنا هؤلاء الذين إذا قيل لهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا قال فلان وفلان لمن لا يداني الصحابة ولا قريبا من قريب وإنما كانوا يدعون أقوالهم لأقوال هؤلاء لأنهم يقولون القول ويقول هؤلاء فيكون الدليل معهم فيرجعون إليهم ويدعون أقوالهم كما يفعل أهل العلم الذين هو أحب إليهم مما سواه وهذا عكس طريقة فرقه أهل التقليد من كل وجه وهذا هو الجواب عن قول مسروق ما كنت أدع قول ابن مسعود لقول أحد من الناس .
ولكن هل المقلد هو الأمي الذي لا يرد قول العالم فقط أم من هو ؟ قال شيخ الإسلام كما جاء في ( مجموع الفتاوى 35 / 233 ) :
فمن صار إلى قول مقلدًا لقائله لم يكن له أن ينكر على من صار إلى القول الآخر مقلدًا لقائله، لكن إن كان مع أحدهما حجة شرعية وجب الانقياد للحجج الشرعية إذا ظهرت .
ولا يجوز لأحد أن يرجح قولاً على قول بغير دليل، ولا يتعصب لقول على قول ولا قائل على قائل بغير حجة، بل من كان مقلدًا لزم حكم التقليد، فلم يرجح، ولم يزيف، ولم يصوب، ولم يخطئ : ومن كان عنده من العلم والبيان ما يقوله سمع ذلك منه، فقبل ما تبين أنه حق، ورد ما تبين أنه باطل، ووقف ما لم يتبين فيه أحد الأمرين، والله تعالى قد فآوت بين الناس في قوى الأذهان، كما فآوت بينهم في قوى الأبدان .
وهذه المسألة ونحوها فيها من أغوار الفقه وحقائقه ما لا يعرفه إلا من عرف أقاويل العلماء ومآخذهم ، فأما من لم يعرف إلا قول عالم واحد وحجته دون قول العالم الآخر وحجته فإنه من العوام المقلدين ، لا من العلماء الذين يرجحون ويزيفون ، والله تعالى يهدينا وإخواننا لما يحبه ويرضاه ، وبالله التوفيق ، والله أعلم . اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله ( الإعلام 2 /438 ) :
قال تعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً} ولا وليجة أعظم ممن جعل رجلا بعينه مختارا على كلام الله وكلام رسوله وكلام سائر الأمة يقدمه على ذلك كله ويعرض كتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأمة على قوله فما وافقه منها قبله لموافقته لقوله وما خلفه منها تلطف في رده وتطلب له وجوه الحيل فإن لم تكن هذه وليجة فلا ندري ما الوليجة وقال تعالى {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} وهذا نص في بطلان التقليد .
وإن من لطائف ما ذكر ابن القيم في هذا الباب ما قال ( الإعلام 2 /469 ) :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ" وأخبر أن العلم يقل فلا بد من وقوع ما أخبر به الصادق ومعلوم أن كتب المقلدين ـ جعل هنا كتب المذاهب كتب تقليد كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ذلك عن من عرف أقوال إمام دون باقي الأئمة ـ قد طبقت شرق الأرض وغربها ولم تكن في وقت قط أكثر منها في هذا الوقت ونحن نراها في كل عام في ازدياد وكثرة والمقلدون يحفظون منها ما يمكن حفظه بحروفه وشهرتها في الناس خلاف الغربة بل هي المعروف الذي لا يعرفون غيره فلو كانت هي العلم الذي بعث الله به رسوله لكان الدين كل وقت في ظهور وزيادة والعلم في شهرة وظهور وهو خلاف ما أخبر به الصادق .
هذا وأسأل الله علما نافعا وأعوذ به من مضلات الهوى وان يرزقنا حسن الإتباع والحمد لله أولا وأخرا ولا حول ولا قوة الا به سبحانه وتعالى والصلاة والسلام على خير الورى محمد صلى الله عليه وسلم .