أبو أسامة
طاقم المشرفين
- رقم العضوية :
- 62084
- البلد/ المدينة :
- دائرة سبدو -تلمسان
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 931
- نقاط التميز :
- 1332
- التَـــسْجِيلْ :
- 29/09/2012
ما توقف مطلب أنت طالبه بربك، ولا تيسر مطلب أنت طالبه بنفسك...".
عندما خاض المسلمون معركة بدر كانوا يحسون أن القتال فرض عليهم دون أن يأخذوا له أهبته الواجبة فكان اعتمادهم على الله شديدا، والتماسهم عونه بالغا وتضاءل شعورهم بأنفسهم حتى استخفى، وتضاعف ذكرهم لله حتى لكأن الله هو الذى يدير المعركة، وكأن خيلهم ورجلهم أدوات المشيئة العليا. من أجل ذلك جاءت نتيجة المعركة نصرا باهرا للذين خاضوها باسم الله، وجاء فى وصف أدوارها (فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى). والحق أن المرء يكون قوة غالبة عندما يعمل، وهو يستمد من الله العزم والجهد والتوفيق والنجاح.
وقد كان رسول الله يلقى الأعداء بهذا الروح المستظهر ببأس الله وحده، فكان يقول: " اللهم بك أصول وبك أجول وبك أقاتل اللهم إنا نجعلك فى نحورهم ونعوذ بك من شرورهم ". أما إذا شمخ الإنسان بحوله وطوله، وأنس بما أعد، وذهل عن الله الذى تصير إليه الأمور، المهيمن على زمام الحياة، فإن النتائج تفجؤه بما لا يتوقع.
استراح المسلمون لكثرتهم فى معركة حنين وقالوا: لن نغلب اليوم عن قلة ونظر بعضهم إلى بعض فلم يروا إلا كتائب معبأة لايثبت لسطوتها أحد. فتبخر اعتمادهم على السماء، ولم يرتقبوا النصر إلا
من عند أنفسهم. شتان بين هذا الشعور الذاهل الكليل وبين الشعور الذى غمر سرائرهم فى معركة بدر. فماذا كانت النتيجة؟.
يقول الله فى كتابه: (.. و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين).
هذه عقبى الاغترار بالنفس والذهول عن الله. وهى العقبى التى ذاق المسلمون مرارتها عند جبل أحد :
(أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم).
إن التعويل على النفس مهما أحكمت الأمور واستكملت الأسباب لا يفتح أبواب الخير فما اكثر الثغرات فى جهد الإنسان ورأيه إذا أراد القدر خذلانه. والواجب أن يستعين بالله فى كل شىء. فإن عونه إذا تخلف لم يغن عنه شىء. بل سيكون الأمر على حد قول القائل: إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجنى عليه اجتهاده...
ومعنى طلبك الشىء بالله أن تضم " سببه القوى إلى ما بيديك من أسباب، لا أن تكسل أو تفرط فإن الكسل والتفريط ليسا طلبا من الله، بل هما عصيان لله وخروج
على سننه الكونية المقررة.
الشيخ الغزالى ...