منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أبو أسامة

أبو أسامة

طاقم المشرفين
رقم العضوية :
62084
البلد/ المدينة :
دائرة سبدو -تلمسان
المُسَــاهَمَـاتْ :
931
نقاط التميز :
1332
التَـــسْجِيلْ :
29/09/2012
بقلم : الشيخ محمد أحمد الراشد





إن أراد الداعية أن يغبط نفسه ، فإنه يغبطها على قانون
تجارته الفذ . حقا، إنه قانون مربح، خال من الغموض.
فتجارة الدعاة مع الله ليست كتجارة غيرهم، ليس فيها قلق من تخفيض سعر الدولار، ولا
مخاطر مضاربات البورصة، ولا تعقيدات التحويل الخارجي.



سعر أسهم الداعية ثابت، بل يزيد، ولا ينقص، والوضوح في
معادلات تجارته هو أعظم ضمانا من التأمين.
تعب أكبر = رضوان من الله أكبر، بفائدة ربانية، أدناها 900% ، تسعمائة بالمائة ،
كما في الآية الكريمة : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } [الأنعام: 160] ،
وليست مجرد 7% كما عند تجار الدنيا، إلى 69900% ، تسع وستين ألفا وتسعمائة بالمائة
، كما في الحديث الشريف: " يضاعفها الله إلى سبع مائة ضعف " .



ورضوان الله= أفراح الآخرة ..


هذه هي معادلاته، وقوانينه التجارية، ويا لها من إغراءات ما
بعدها إغراء !! ومن هنا لا تجد أحدا يفهم قوانين التجارة الإيمانية، إلا وتراه
مشمرا مع المشمرين، مسرعا نحو أفراح الآخرة .



ويا لها من أفراح تتنوع لك كما تشتهي، تشتهيها نظرا إلى ربك
الجميل - عز وجل - ، أو ملاقاة لأنبياء ربك ورسله، أو رفقة للصديقين والشهداء ،
ومن سلف من الأمة من العلماء ، كل ذلك لك .



أو تشتهيها كئوس خمر، على سرير موضون، يطوف بهن عليك ولدان
مخلدون، هذا وعشرة أمثاله لك.
أو تشتهيها قاصرة طرف، عذراء ناهدة، تحت أشجار نخل ورمان، خاليا عند شاطئ نهير،
على أنغام تغريد طير .. هي وأخواتها لك.



فاختر ما تحب من سرعة سير، فإن يحيى بن معاذ قد نظر إلى
القافلة ، فوجد فيها الماشي، والمهرول، والراكض، ثم نظر إلى درجات الجنة ، فوجد
أنهم : (( إنما ينشطون إليه على قدر منازلهم لديه )) ، فلكل درجة نشاط في السير
إلى الله، درجة من الجنة لدى الله.






درجات طبقات :


فادفع ثمن الواطئ، أو العالي، إن لك الخيار، إنما نذكرك أنه
ملك، وما هو- والله- باستئجار ، ولكنا نعلم اختيارك، وما أنت بالذي يرضى الواطئ من
الجنة.



أنى لصاحب
الاستعلاء في الدنيا أن لا يطمع بعليِّين في الآخرة ؟! لكنها جسيمة مطامعك هذه،
مثلما هي جسيمة أهدافك في الدنيا.
فاعلم بأنك لن تنال جسيمة ******* حتى تجشم نفسك الأهوالا
 
أبو أسامة

أبو أسامة

طاقم المشرفين
رقم العضوية :
62084
البلد/ المدينة :
دائرة سبدو -تلمسان
المُسَــاهَمَـاتْ :
931
نقاط التميز :
1332
التَـــسْجِيلْ :
29/09/2012
فمن عرف جمال العاقبة ولذتها، سار .. ومن سار سافر ، ومن سافر جاب ، ومن جاب تغبر،
فمن ثم لا يصدق اصطلاح (الداعية) إلا على من كان أشعث، وتلك هي ملامح صورته التي
رسمها الشاعر، فمن نظر إلى داعية مسلم وجده :


أخا سفر
جواب أرض تقاذفت ******* به فلوات فهو أشعث أغبر


فهو غير قاعد، فضلا أن يكون راقدا، وإنما يصرف ساعات نهاره
وليله في التجول، داعيا، آمرا، ناهيا مربيا، حاشدا ، فإذا رجع إلى بيته عند منتصف
الليل، ورأى الغبار يعلوه ، ابتسم فمه، وضحك قلبه، وقال لنفسه: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : "من اغبرت قدماه في سبيل الله ، حرمه الله على النار"
، فينام مسرورا بما جمع من هذا الغبار، وينام غيره مسرورا بما رصد في البنوك من
دولار، ودينار.



ولو شاء أن يجمع غباره يوما بعد يوم، ليرش في كفنه إذا مات،
لكان ذلك سائغا، لو عصم نفسه من الغرور، والله أعلم، وله سلف فعل ما فعل، وبه
يقتدي، هو ملك الأندلس العادل البطل: المنصور ، أبو عامر ، محمد بن أبي عامر.



قالوا : " كان طول أيام مملكته مواصلا لغزو الروم،
مفرطا في ذلك، لا يشغله عنه شيء ، وبلغ من إفراط حبه للغزو أنه ربما خرج للمصلى
لوم العيد، فحدثت له نية في ذلك ، فلا يرجع إلى قصره، بل يخرج بعد انصرافه من
المصلى - كما هو من فوره - إلى الجهاد ، فتتبعه عساكره، وتلحق به أولا فأول، فلا
يصل إلى أوائل بلاد الروم ، إلا وقد لحقه كل من أراده من العساكر " .



غزا في أيام مملكته نيفا وخمسين غزوة ، ذكرها أبو مروان بن
حيان كلها في كتابه الذي سماه "المآثر العامرية" ، واستقصاها كلها
بأوقاتها، وذكر آثاره فيها، وفتح فتوحا كثيرة، ووصل إلى معاقل، كانت قد امتنعت على
من كان قبله، وملأ الأندلس غنائم.



وكان في أكثر زمانه لا يبخل بأن يغزو غزوتين في السنة، وكان
كلما انصرف من قتال العدو إلى سرادقه يأمر بأن ينفض غبار ثيابه التي حضر فيها
معمعة القتال ، وأن يجمع ويحتفظ به .. فلما حضرته المنية، أمر بما اجتمع من ذلك أن
ينثر على كفنه إذا وضع في قبره.



وأتت وفاته بأقصى ثغور المسلمين ، بموضع يعرف بـ "
مدينة سالم " ، مبطونا ، فصحت له الشهادة، وتاريخ وفاته سنة 393 هـ.



وإنما هو غبار واحد، غبار معارك أبي عامر، وغبار سفر، و
تجواب ، وتجول الداعية، الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر.
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى