التوأم
طاقم المشرفين
- رقم العضوية :
- 56892
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- العَمَــــــــــلْ :
- موظفة
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 1564
- نقاط التميز :
- 1604
- التَـــسْجِيلْ :
- 21/08/2012
ليت الطفولة تعود يوما فأحكي لها ما فعل الشباب المتأخر اليوم
ككل يوم كعادتي أنتهج طريقي الوحيد الذي يأخذني من المنزل إلى العمل، ومن العمل إلى المنزل، كان يوما متعبا من العمل وفي نفس الوقت كان أخر يوم من أيام الأسبوع، بحيث كنت عائدة من العمل وعلامات التعب بادية علي، وفي طريقي ككل يوم أقابل أحب الناس إلى قلبي من يحملون بياضا ناصعا في قلوبهم وهم ملائكة الأرض الذين لا يعرفون الكذب أو النفاق أو الكراهية أو البغض... بل لا يحملون أدنى شيئا من ذلك هكذا خلقهم الله سبحانه وتعالى، إنها البراءة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ومن تكرار مروري في هذا الطريق جعلهم يتذكرونني ويتذكرون هذا الوجه الذي يمر يوميا تقريبا عليهم دون أن يعرفون ما هو أسمي إلا الأقلية، أحيانا كنت أمر عليهم وأكون منشغلة أجدهم يمسكون بثيابي أو ينبهونني برمي الكرة أمامي وأحيانا أخرى ينادونني من الشرفات باسمي، إنهم حقا صفحة بيضاء.
تذكرت يوما من الأيام حين كنت مارة بهم وجدتهم يحاولون الإمساك بالفراشات وهي تنتقل من مكان إلى آخر، جاءوني بفراشتان جميلتان وقالوا لي خذيهما وأطعميهما وردا حتى لا تموتان، يومها مت من الضحك عليهم ولكن كتمت ذلك وطلبت منهم ترك الفراشات وشأنها وعدم الإمساك بها لأن هذا حتما سيؤدي بها إلى الموت وهذا أمر غير مقبول.
وتذكرت يوم أن كنت مارة بمجموعة أخرى منهم في نفس الطريق وإذا بهم ينادونني: معلمة معلمة... أنظري إلى "أسامة" لقد عاقبته المعلمة
اليوم لأنه لم يحضر واجباته، وعندما وبخته لم يحترمها سوف يعاقبه الله يا معلمة أليس كذلك؟ ابتسمت من كل قلبي لمناداتهم لي معلمة وقلت في نفسي "من أين جاءني ذلك فأنا مجال عملي غير التعليم" ولكن أدركت تقديرهم واحترمهم لي، أخفيت ذلك وأدرت عيني يمينا ويسارا
وإذا بي أرى "أسامة" تحت شجرة تبدو عليه ملامح الخوف والخجل اقتربت منه ورسمت على شفتاي ابتسامة وكان الأطفال ورائي وكأنني "ولية أمره" أريد أن أعاقبه ولكن لم يكن مني ذلك بتاتا، جلست بقربه مسكت بيده ودون أن يتكلم قرأت في عينيه علامات الندم وأن ما فعله في القسم كان ليبرز لزملائه الحاضرين أنه ليس تلميذ كسول أو ضعيف وأن رده على المعلمة كان فعل غير إرادي بل زلة لسان. ولم انتظر منه أن يبرر لي موقفه بل مباشرة كلمته ونصحته وعلمته أشياء علمني إياها والدا يا لما كنت مثله من بينها احترام
النفس والمعلم لأنه كرس حياته من أجلنا ومن أجل إيصال الرسالة إلينا بكل صدق وأمانة، ودون تردد ابتسم أسامة ولم يتفوه بأية كلمة بل قرأت ذلك للمرة الثانية في عينيه اللتان كانتا دليلي.
كما أنني أتذكر يوم أن كنت مارة عليهم ووجدتهم يلعبون لعبة "الغميضة" وقمت بكشف إحداهن لصديقتها التي كانت تبحث عنها وضحكن جميعا ثم ودعتهن وانصرفت.
ويوما آخر وجدتهم يلعبون بالدراجات الصغيرة ولما اقتربت منهم قلت لهم أريد أن ألعب مثلكم (أمزح معهم) فضحكوا وقالوا لي أنت كبيرة فإذا ركبت الدراجة ستكسرينها حتما، حينها ضحكت من كل قلبي.
كنت كلما مررت عليهم يشرد ذهني وتغمرني سعادة داخلية لا تقاس وأجد نفسي أسترجع أيام طفولتي التي كانت "أيام ولا أروع"، فقد كنت حينها أنا وأختي فقط والباقي لم ينجبوا بعد وكنا مدللتان من طرف والدينا ولكن كانت الوالدة أحيانا تقسوا علينا بإجبارنا على ضبط وقت الخروج والدخول للعب وحرصها على تعليمنا فنون الطبخ المبدئية وحرصها الأكبر على حسن التصرف أثناء حضور الضيوف إلى المنزل وعدم إزعاجهم تماما ولكن كنا أحيانا نمل من ذلك الانضباط ونفعل ما يمليه علينا عقلنا ولكن في الأخير يكون جزاءنا التنبيه والعقاب.
في ذلك الوقت كنا نقولا لماذا هذه القساوة ولكن عندما كبرنا على خطاهم عرفنا ما معنى ذلك وأن ما فعلاه ليست قساوة بل عكس ذلك وأنهما أرادا منا أن نكون خير خلف لخير سلف وأن نكونا خير مثال في التربية والوقار والاحترام ....
أتذكر يوم أن كسرنا المرأة، أتذكر يوما أن أهدينا بعضا من لباسنا لأحدى بنات الجيران كونها فقيرة ولما سألتنا أمي عن هذه الأخيرة أخبرناها بأننا تصدقنا بها لها بحكم أن المعنية لا تملك شيئا ويومها كان التوبيخ والتحذير بعدم القيام بذلك مرة أخرى حتى نأخذ الإذن منها.
وأتذكر ... وأتذكر...
والله كانت أيام بريئة لا يحمل القلب غير الصفاء والشفافية فإذا كنا نقول أننا نحب فلان فذاك هو الكلام بدون مجاملة أو مديح وإذا قلنا العكس فلا أحد يغير من ذلك لأن ما في القلب على اللسان مباشرة دون خوف أو تردد حتى ولو كان نظير ذلك العقاب فلا يهم مادام القلب أفصح على ما بداخله.
تذكرت أيام طفولتي لحظة بلحظة وكأنني أتابع فيلم شيق حتى وصلت إلى يومي هذا وهو عمر أو عقد الثلاثينات و لم أجد غير كلمة: "شتان مابين الأمس واليوم" "فيا ليت الطفولة تعود يوما فأحكي لها ما فعل الشباب المتأخر اليوم"
أختكم "التوأم" حفظها الله.
ككل يوم كعادتي أنتهج طريقي الوحيد الذي يأخذني من المنزل إلى العمل، ومن العمل إلى المنزل، كان يوما متعبا من العمل وفي نفس الوقت كان أخر يوم من أيام الأسبوع، بحيث كنت عائدة من العمل وعلامات التعب بادية علي، وفي طريقي ككل يوم أقابل أحب الناس إلى قلبي من يحملون بياضا ناصعا في قلوبهم وهم ملائكة الأرض الذين لا يعرفون الكذب أو النفاق أو الكراهية أو البغض... بل لا يحملون أدنى شيئا من ذلك هكذا خلقهم الله سبحانه وتعالى، إنها البراءة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ومن تكرار مروري في هذا الطريق جعلهم يتذكرونني ويتذكرون هذا الوجه الذي يمر يوميا تقريبا عليهم دون أن يعرفون ما هو أسمي إلا الأقلية، أحيانا كنت أمر عليهم وأكون منشغلة أجدهم يمسكون بثيابي أو ينبهونني برمي الكرة أمامي وأحيانا أخرى ينادونني من الشرفات باسمي، إنهم حقا صفحة بيضاء.
تذكرت يوما من الأيام حين كنت مارة بهم وجدتهم يحاولون الإمساك بالفراشات وهي تنتقل من مكان إلى آخر، جاءوني بفراشتان جميلتان وقالوا لي خذيهما وأطعميهما وردا حتى لا تموتان، يومها مت من الضحك عليهم ولكن كتمت ذلك وطلبت منهم ترك الفراشات وشأنها وعدم الإمساك بها لأن هذا حتما سيؤدي بها إلى الموت وهذا أمر غير مقبول.
وتذكرت يوم أن كنت مارة بمجموعة أخرى منهم في نفس الطريق وإذا بهم ينادونني: معلمة معلمة... أنظري إلى "أسامة" لقد عاقبته المعلمة
اليوم لأنه لم يحضر واجباته، وعندما وبخته لم يحترمها سوف يعاقبه الله يا معلمة أليس كذلك؟ ابتسمت من كل قلبي لمناداتهم لي معلمة وقلت في نفسي "من أين جاءني ذلك فأنا مجال عملي غير التعليم" ولكن أدركت تقديرهم واحترمهم لي، أخفيت ذلك وأدرت عيني يمينا ويسارا
وإذا بي أرى "أسامة" تحت شجرة تبدو عليه ملامح الخوف والخجل اقتربت منه ورسمت على شفتاي ابتسامة وكان الأطفال ورائي وكأنني "ولية أمره" أريد أن أعاقبه ولكن لم يكن مني ذلك بتاتا، جلست بقربه مسكت بيده ودون أن يتكلم قرأت في عينيه علامات الندم وأن ما فعله في القسم كان ليبرز لزملائه الحاضرين أنه ليس تلميذ كسول أو ضعيف وأن رده على المعلمة كان فعل غير إرادي بل زلة لسان. ولم انتظر منه أن يبرر لي موقفه بل مباشرة كلمته ونصحته وعلمته أشياء علمني إياها والدا يا لما كنت مثله من بينها احترام
النفس والمعلم لأنه كرس حياته من أجلنا ومن أجل إيصال الرسالة إلينا بكل صدق وأمانة، ودون تردد ابتسم أسامة ولم يتفوه بأية كلمة بل قرأت ذلك للمرة الثانية في عينيه اللتان كانتا دليلي.
كما أنني أتذكر يوم أن كنت مارة عليهم ووجدتهم يلعبون لعبة "الغميضة" وقمت بكشف إحداهن لصديقتها التي كانت تبحث عنها وضحكن جميعا ثم ودعتهن وانصرفت.
ويوما آخر وجدتهم يلعبون بالدراجات الصغيرة ولما اقتربت منهم قلت لهم أريد أن ألعب مثلكم (أمزح معهم) فضحكوا وقالوا لي أنت كبيرة فإذا ركبت الدراجة ستكسرينها حتما، حينها ضحكت من كل قلبي.
كنت كلما مررت عليهم يشرد ذهني وتغمرني سعادة داخلية لا تقاس وأجد نفسي أسترجع أيام طفولتي التي كانت "أيام ولا أروع"، فقد كنت حينها أنا وأختي فقط والباقي لم ينجبوا بعد وكنا مدللتان من طرف والدينا ولكن كانت الوالدة أحيانا تقسوا علينا بإجبارنا على ضبط وقت الخروج والدخول للعب وحرصها على تعليمنا فنون الطبخ المبدئية وحرصها الأكبر على حسن التصرف أثناء حضور الضيوف إلى المنزل وعدم إزعاجهم تماما ولكن كنا أحيانا نمل من ذلك الانضباط ونفعل ما يمليه علينا عقلنا ولكن في الأخير يكون جزاءنا التنبيه والعقاب.
في ذلك الوقت كنا نقولا لماذا هذه القساوة ولكن عندما كبرنا على خطاهم عرفنا ما معنى ذلك وأن ما فعلاه ليست قساوة بل عكس ذلك وأنهما أرادا منا أن نكون خير خلف لخير سلف وأن نكونا خير مثال في التربية والوقار والاحترام ....
أتذكر يوم أن كسرنا المرأة، أتذكر يوما أن أهدينا بعضا من لباسنا لأحدى بنات الجيران كونها فقيرة ولما سألتنا أمي عن هذه الأخيرة أخبرناها بأننا تصدقنا بها لها بحكم أن المعنية لا تملك شيئا ويومها كان التوبيخ والتحذير بعدم القيام بذلك مرة أخرى حتى نأخذ الإذن منها.
وأتذكر ... وأتذكر...
والله كانت أيام بريئة لا يحمل القلب غير الصفاء والشفافية فإذا كنا نقول أننا نحب فلان فذاك هو الكلام بدون مجاملة أو مديح وإذا قلنا العكس فلا أحد يغير من ذلك لأن ما في القلب على اللسان مباشرة دون خوف أو تردد حتى ولو كان نظير ذلك العقاب فلا يهم مادام القلب أفصح على ما بداخله.
تذكرت أيام طفولتي لحظة بلحظة وكأنني أتابع فيلم شيق حتى وصلت إلى يومي هذا وهو عمر أو عقد الثلاثينات و لم أجد غير كلمة: "شتان مابين الأمس واليوم" "فيا ليت الطفولة تعود يوما فأحكي لها ما فعل الشباب المتأخر اليوم"
أختكم "التوأم" حفظها الله.
عدل سابقا من قبل التوأم في الجمعة 28 ديسمبر - 18:35 عدل 1 مرات