لؤلؤة الجنوب
طاقم المتميزين
- رقم العضوية :
- 26120
- البلد/ المدينة :
- زريبة الوادي
- العَمَــــــــــلْ :
- طالبة
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 4787
- نقاط التميز :
- 4643
- التَـــسْجِيلْ :
- 23/10/2011
المبحث الأول:
دور الجامعة العربية في دعم القضية الجزائرية:
استجاب الحكام العرب لدعوة وزير خارجية بريطانيا ابرن
في 21 ماي 1941 التي أعلن فيها الترحيب بالوحدة العربية و بتاريخ 8 فيفري
1945 شكلت لجنة القاهرة ميثاقا لجامعة الدول العربية بدعوة من رئيس الوزراء
المصري وقد دخل هذا الميثاق حيز التنفيذ في 11 ماي1945 (1).
وإذا حاولنا تتبع موقف الجامعة العربية تجاه
القضية الجزائرية نجد أن بدايتها تعود إلى ما قبل الثورة الجزائرية1945 حيث
أصدر ملوك ورؤساء الدول العربية في نهاية ماي 1946 بيانا أوكلوا فيه إلى
الجامعة السعي إلي تحقيق رغبات أهل الشام وإفريقيا تونس و المغرب والجزائر(2).
وفي 19 أفريل 1951 أصدر مجلس الجامعة قرار اللجنة السداسية حول قضايا شمال إفريقيا.
و بخصوص الجزائر فقد أوصت اللجنة بإثارة القضية
أمام الأمم المتحدة كما كلفت الأمانة بإعداد دراسات وافية لمختلف شؤون
الجزائر وان تبدل مساعيها لدى لجنة حقوق الإنسان لبحث هذه القضية لتتمكن من
إثارتها أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة(3).وبعد
اندلاع الثورة الجزائرية ساند ممثلو الدول العربية في الجامعة العربية
الجزائريين متخذين من أساليب السلطات الفرنسية نحو الشعب الجزائري مبررا
للرد على أي دعاية فرنسية تهدف إلى عزل الجزائر عن محيطها العربي(4) ولكن سلبية الرأي العام الدولي إزاء القضية الجزائرية لم يمكن بعض الأطراف العربية من تحقيق أي نتائج ملموسة بل أبدت بعض
الإطراف تحفظات بفعل الضغوط كما فعل مندوب العراق فاضل الجمالي الذي رفض فكرة عرض شؤون الجزائر على الجمعية العامة للأمم المتحدة(1).
وفي نهاية ديسمبر 1954قدم وفد المملكة العربية
السعودية مذكرة إلى رئيس مجلس الأمن بشان الأوضاع الخطيرة في الجزائر بفعل
أساليب القمع و الاضطهاد الفرنسية(2)
وقد عملت الجامعة على إبراز القضية على المستوى الدولي ففي 13 جويلية
1955 بعث الأمين العام للجامعة بمذكرة إلى سكرتير الأمم المتحدة يبرز فيها
ما تمارسه فرنسا ضد الجزائريين وأيضا إلى وزارات خارجية دول مؤتمر باندونغ
وأيضا إلى الدول التي ليس لها تمثيل دبلوماسي بمصر من أجل بذل جهود لوقف
الحالة المتدهورة بالجزائر(3).
كما وقفت الجامعة العربية ضد الادعاءات الفرنسية
الرامية إلى جعل الجزائر جزءا من فرنسا، فكان اجتماع مجلس الجامعة العربية
في 29مارس1956بالقاهرة الذي عبر عن استنكاره لهذه التصريحات وأعلن عن تأيده
التام للشعب الجزائري العربي ومشاركته في محنته وما يتعرض له من اضطهاد
بسبب مطالبته بالحرية و حق تقرير المصير (1)،ففي
22أكتوبر 1956قامت السلطات الفرنسية بخطف طائرة الزعماء الجزائريين
المتوجهين من مراكش إلى تونس ،فدعا مجلس الجامعة في اجتماع طارئ في
23أكتوبر سلطان مراكش و الرئيس التونسي و الأمين العام للأمم المتحدة
لاتخاذ كافة التدابير للمحافظة على سلامة الزعماء والسعي لإطلاق سراحهم،كما
قامت الجامعة بنشاط دبلوماسي هام من خلال دعوتها وزراء خارجية الدول
الأعضاء في 30 مارس 1957 إلى القيام بزيارات إلى الدول الأجنبية خصوصا في
أمريكا اللاتينية واسكندنافيا للتعريف بعدالة القضية الجزائرية(2)
وفي 19 سبتمبر 1958 توجت الجهود الجزائرية بتأسيس أول حكومة مؤقتة
للجمهورية الجزائرية بالقاهرة فعبرت الأمانة العامة للجامعة بترحيبها بهذه
الحكومة ومساندتها من خلال كلمة عبد الحميد غالب مندوب الجمهورية العربية
المتحدة التي رحب فيها بعضوية الحكومة الجزائرية و المطالبة ببذل المزيد من
الدعم و المساندة العربيين لها،(3)والذي
تجسد خصوصا في إنشاء صندوق لمعونة الجزائر في 28أفريل 1958بمبلغ قدره
مليون جنيه إسترليني، وخلال اجتماع لجنة المندوبين في 20ماي 1958 طالب
مندوب الجزائر أحمد توفيق المدني بتخصيص اثني عشر مليون جنيه كمعونات
للمجاهدين الجزائريين عن طريق الجامعة العربية وتم إقرار ذلك في جلسة
18أكتوبر1958، وإضافة إلى المساعدات المادية كانت هناك مساعدات عسكرية
لتسهيل تطوع الموطنين العرب وفتح مكاتب لذلك .كما طالبت الجامعة العربية
خلال دورتها الثالثة و الثلاثين عام 1960بفتح تحقيق دولي لوقف الإبادات
الجماعية للسكان ووقف دعم الحلف الأطلسي لفرنسا و مطالبة الدول
الأفروآسيوية بالاعتراف بالحكومة الجزائرية،وقد تابعت الجامعة العربية سير
المفاوضات الفرنسية الجزائرية من مولان 1960الى مراحل مفاوضات أيفيان سنة
1961م ووقفت على تطوراتها من المسؤولين الجزائريين ومندوب الحكومة المؤقتة
لدى الجامعة و يبرز ذلك خصوصا أثناء بدء المفاوضات في 20 ماي 1961م و
تعثرها بسبب قضية فصل الصحراء حيث اتفق أعضاء الجامعة مع ممثلي 29 دولة
آفروآسيوية في الأمم المتحدة على تقديم مذكرة إلى الأمين العام يطالبون
فيها إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمالها مع رفض مطالب فرنسا بفصل
الصحراء و تحميلها مسؤولية فشل المفاوضات(1)
، و بعد استئناف المفاوضات من جديد والوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في
18 مارس 1962م وتوقيع اتفاقيات في 4 جويلية 1962م و الاعتراف باستقلال
الجزائر ثمن مجلس الجامعة هذا الانجاز واعتبره نصرا للشعب الجزائري و أوصى
بتقديم الدعم المالي السريع للحكومة الجزائرية ومساعدتها علميا و فنيا و
إداريا ليتوج كل ذلك بانضمام الجزائر إلى الجامعة العربية في 17 أوت 1962(2).
المبحث الثاني:
الدور المصري لدعم للقضية الجزائرية:
كانت مصر قبلة العرب ومعقل لثوار المغرب
العربي،حيث فتحت صدرها للجزائريين وناصرت قضيتهم،فاتحة لهم المجال لإسماع
صوتهم عاليا انطلاقا من الدعاية للقضايا المغربية والقضية الجزائرية إلى
جانب الملتقيات و الندوات وكذلك المؤتمرات للتعريف بهذه القضية ودعمها
ماديا ومعنويا(1)
وهكذا كانت مصر السباقة في دعم نضال الحركة الوطنية والثورة الجزائرية من
خلال الدور الفعال الذي جسده رئيسها جمال عبد الناصر الذي وقف إلى جانب
الثورة الجزائرية ودعمها بكل الوسائل و الطرق.
1-الدعم الإعلامي:إن مصر الثورة ،أكملت مشوار
النضال وقدمت كل ما في وسعها لنصرة القضايا العربية ومنها قضية الجزائر
التي كانت تصل إلى كل العرب من المحيط إلى الخليج عن طريق إذاعة صوت العرب من القاهرة، حيث قدمت دعما إعلاميا لا نظير له للثورة الجزائرية منذ الأيام الأولى لانطلاقتها فمن على منبرها الإعلامي صوت العرب
كانت إذاعة بيان أول نوفمبر و إعلان انطلاق أول رصاصة للثورة،و استمرت في
التعريف بالقضية و الثورة و أبعادها الحقيقية والتصدي للدعاية الفرنسية
المغرضة و في ذلك يقول المذيع احمد سعيد"إن جمال عبد الناصر كان يتابع
الإذاعة شخصيا و يعطي التعليمات و التوجيهات منذ اللحظات الأولى لاندلاع
الثورة و حرص عبد الناصر على توفير كافة الإمكانيات المتاحة للمقاتلين فوق
ارض الجزائر"(2).
كما كانت صحيفةle journal d’Egypte رافدا
أخر من روافد المساندة الإعلامية المصرية للجزائر فقد نشرت العديد من
المقالات كانت حول الأوضاع في الجزائر وانتصارات الثورة،كما كانت تنشر
نداءات الوفد الجزائري بالقاهرة و التي جاء
في أحدها "لقد أعلنتموها بالأمس ثورة عارمة ضد الاستعمار الفرنسي الذي زعم لمائة
عام من احتلالها أنها فرنسية"(1)
. وهنا أوضحت الصحيفة أن المعمرين حكموا البلاد مدة تزيد عن مائة عام وأن
الفرنسيين يعتبرون الجزائر من الوجهة القانونية والسياسية جزءا من فرنسا
وتنبأت كذلك الصحيفة أن حدوث الثورة كان عملا منظما وجاء هذا في مقالات تحت
عنوان "موجة من الاضطرابات في الجزائر " أبرزت فيه أن مجموعة من
الجزائريين قاموا بحوالي 30عملية في مناطق مختلفة من الجزائر(2).وهكذا
كان الدعم الإعلامي المصري من خلال منبرها إذاعة صوت العرب للتحسيس
والإعلام و التعريف بأهداف جبهة التحرير الوطني و التشهير ببشاعة الجرائم
الاستعمارية وكانت إذاعة صوت العرب قوة موازية ومدعمة السماع العمل المسلح
الجزائري ووجد الطلبة الجزائريين من هذه الإذاعة مصدرا لإذاعة بيانات
وقصائد تحميسية للشعوب العربية، وكانت هناك برامج خاصة للمغرب العربي ككل
يشارك فيها ومسئولو الحركات الوطنية بما فيها جبهة التحرير الوطني.
إن ما تعرضنا له يعتبر جزءا بسيطا من دور مصر الإعلامي لدعم القضية الوطنية و الدفع بها إلى التدويل.
1.ال
2.
2-الدعم العسكري و المادي:
لم تبخل الحكومة المصرية و لا رئيسها عبد الناصر
بتدعيم الثورة الجزائرية عسكريا و ماديا منذ انطلاقتها حيث تم صرف كميات من
الأسلحة الخفيفة(بنادق رشاشات،قنابل يدوية) كما تسلم قادة الثورة مبلغ
5000 جنيه لتوفير اكبر كمية من السلاح وإعداد أسلحة للتهريب إلى الجزائر
مباشرة،وقدرت أول شحنة أسلحة مصرية ب 8000جنيه وقد دخلت عن طريق
برقة(ليبيا)كما أن أول صفقة أسلحة من أوروبا الشرقية بتحويل مصري بحوالي
مليون دولار هذا فضلا عن مساهمات الجامعة العربية التي كانت تأتي عبر مصر(1)كما قامت الحكومة المصرية بشراء المراكب(دفاكس)
من اليونان في 20 مارس 1956م بغرض نقل الأسلحة إلى الجزائر، و بالفعل فقد
قامت هذه السفينة بنقل الشحنة التاسعة إلى منطقة الأوراس و قسنطينة عبر
تونس(2)وعقب
المؤتمر الأول للمجلس الوطني للثورة في 1957م تم إعداد دراسة كاملة للموقف
العام للثورة وتطوراتها قامت مصر بتسليم مندوب الجزائر بالقاهرة احمد سليم أربع دفعات(3) بلغت 53طن من الأسلحة و الذخيرة.
هذا فضلا عن التظاهرات التي كانت تقام بمصر لجمع
التبرعات للثورة و الدورات التأهيلية للممرضات الجزائريات ففي أواخر جانفي
1958 استقبلت مصر الدفعة الأولى المكونة من 35 فتاة و استمر تدريبهم ستة
أشهر بمستشفى الهلال(4).
ورغم بعض الأزمات التي شهدتها العلاقة بين مصر و
الحكومة المؤقتة والتي انتقلت على إثرها الحكومة إلى تونس إلا أن الدعم
المصري تواصل وذلك من خلال لقاء الرئيس جمال عبد النار بفرحات عباس في 06
فيفري 1959م و الذي أكد فيه الرئيس المصري مواصلة الدعم للثورة وتمثل ذلك
في صورة المعدات العسكرية و مبالغ مالية بالعملة المحلية و الصعبة، وفي 04
ماي 1959م تم تسليم دفعة سلاح جديدة و بقي الأمر على حاله
إلى غاية الاستقلال مما زاد من مكانة الرئيس المصري عبد الناصر في أوساط الجزائريين حتى أن جريدة le monde تقول في احد أعدادها أن عبد الناصر قد صار يخص بنوع من التقديس في الأوساط الشعبية المناهضة للغرب(1).
3 -الدعم السياسي و الدبلوماسي:
لعبت مصر دورا هاما في تدعيم مشاركة الجزائر و تمثيلها في مؤتمر باندونغ
لنصرة الشعب الجزائري مما أعطى للقضية الجزائرية دفعا نحو التدويل حيث
تضامنت معها شعوب أسيا و إفريقيا و أوروبا وكانت كلها عوامل لاستمرار
الكفاح المسلح لاسترجاع السيادة الوطنية، كما كان لمصر دور ا هاما وفعالا
في تمكين الجزائريين من التأثير في منظمة الشعوب الآفروآسيوية منذ نشأتها
بالقاهرة ديسمبر 1957م.
وما ميز مؤتمر باندونغ هو ليس تدويل القضية
الجزائرية ومساندتها ماديا ومعنويا فقط بل أكثر من ذلك حيث التزم أعضاءه
بتقديم المساعدة المادية لحرب التحرير الجزائرية و تأييد المطالب الجزائرية
و شرعية الوسائل المستعملة (الكفاح المسلح)من اجل الحرية ،كان ذلك من بين
التزامات الدول المشاركة في باندونغ التي أكدت"تقديم مساعداتها المحسوسة
إلى الشعوب من اجل استقلالها"(1).
ولم يقتصر الدعم المصري للقضية الجزائرية على
الجانب المادي و العسكري بل إلى الجانب السياسي كذلك على اعتبار القضية
الجزائرية قضية عربية لا بد من تدعيمها خاصة وان فرنسا تشن على العرب في
جزء المغرب العربي معركة مزدوجة عسكرية و سياسية(2).
ومن هذا المنطلق رأت مصر ضرورة تقديم الدعم
السياسي للقضية الجزائرية،فكانت البداية مع الجانب الإعلامي و المؤسسات
المصرية التي لعبت دورا بارزا في الدعاية للقضية منها" جماعة الكفاح من اجل
الشعوب الإسلامية" التي كان يرأسها الشيخ الأزهري و" الشبان المسلمين "التي كان يرأسها رائدها المصلح الشيخ الشرباصي وكذلك" مؤتمر الخرجين العرب "الذي كان يرأسه الدكتور فؤاد جلال(3) ، كما
سمحت الحكومة المصرية لكل الشخصيات الوطنية من استعمال أراضيها للنشاط السياسي قصد دعم القضية الجزائرية، حيث تم تكليف الأستاذ توفيق المدني بتحضير نشرية إخبارية يومية(1)في
أواخر سبتمبر 1957م انتهت مشاورات القادة الجزائريين و المصريين بضرورة
إنشاء حكومة جزائرية مؤقتة على الأراضي المصرية رغم أنها لم تكن أول دولة
اعترفت بها لكنها ساهمت في دعمها(2)وتجسد
ذلك في دعوة القيادة المصرية للحكومات الإفريقية بالاعتراف بالحكومة
المؤقتة وكان ذلك جلي خاصة في مؤتمر أكرا الذي ضم جميع الشعوب الإفريقية
من05 إلى 13 ديسمبر 1958م،وهكذا واصلت مصر دورها في دعم الكفاح الجزائري
بنفس القدر الذي سلكته نحوها ماديا و عسكريا.
وهكذا كانت مصر دائما وراء المساعي لدعم القضية
الجزائرية والحصول على قرار تأييدها و استنكار الأعمال الفرنسية و ظل هذا
الدور بلا فتور أو ضعف طوال فترة كفاح الشعب الجزائري حتى حقق استقلاله(3).
المبحث الثالث:
دور دول المشرق في تدعيم القضية الجزائرية:
نظرا لأهمية النضال السياسي بالنسبة للثورة
الجزائرية، رأت جبهة التحرير الوطني ضرورة التركيز على هذا الجانب اعتمادا
على الدول العربية الشقيقة بالمغرب العربي و المشرق العربي باعتبار أن
القضية الجزائرية هي قضية عربية بالدرجة الأولى فكان لأقطار المشرق العربي
مواقف ايجابية مساندة دون تردد للقضية الجزائرية
معنويا و ماديا، و بالمقابل بالنسبة لجبهة التحرير الوطني يشكل المشرق
العربي المنطلق و المجال الحيوي للتدعيم السياسي و المالي و الدبلوماسي و
العسكري(1) .
و من بين هذه الدول نجد:
العراق:
يعود تاريخ هذا الدعم إلى مؤتمر باندونغ الذي
تطرق إلى قضايا المغرب العربي و قد أكد العراق في هذا المؤتمر دعمها
اللامشروط للقضية الجزائرية، و ذلك من تدخلات ممثلها السيد "فاضل الجمالي"
رئيس الوفد العراقي في المؤتمر و التي تركزت حول الأعمال الإجرامية التي
تقوم بها فرنسا اتجاه الشعب العربي و الجزائر و مما جاء ذكره بأن " هذا
البلد الذي تعتبره فرنسا من التراب الفرنسي فإن الرصاص و إلقاء القنابل على
العزل من الناس يجري يوميا......و إذا كانت الجزائر تعتبر من قبل هؤلاء
الفرنسيين جزءا من فرنسا فلماذا إذا يعاني السكان العرب المسلمون الإذلال و
التمييز في المعاملة"(2)
كما أكد رئيس الوفد العراقي من خلال تدخلاته على ضرورة تطبيق المبادئ التي
يقوم عليها المؤتمر لاسيما مقاومة الاستعمار بكل أنواعه و تحرير الشعوب و
تقرير مصيرها خاصة شعوب المغرب العربي منها الجزائر على وجه التحديد (3)
و بعد الإطاحة بالنظام الملكي في 14 جويلية 1958
كانت المرحلة الثانية من التأييد العراقي لحرب التحرير الجزائرية فقد
ميزتها الثورة العراقية في 14 جويلية 1958 و التي أطاحت بالنظام الملكي و
أقامت نظاما جمهوريا تقدميا بقيادة السيد "عبد الكريم قاسم" رئيس الوزراء
فأصبح الموقف العراقي حكومة و شعبا منسجما و أكبر فعالية بجانب الثورة
الجزائرية.
لقد كان العراق أول قطر عربي يغترف بالحكومة
الجزائرية المؤقتة و أكد السيد "توفيق المدني" وزير الشؤون الثقافية في
الحكومة الجزائرية المؤقتة بما يلي: "و ما كدت أنتهي يومئذ من قراءة النص
العربي لإعلان الحكومة المؤقتة و مناهجها ، حتى تقدم سفير العراق المحامي
فائق ألسمرائي ، الثائر الغائر، فأعلن اعتراف العراق بالحكومة الجديدة و
وعد العراق بالإعانة الكاملة للثورة الجزائرية و التأييد المطلق . كما كان
العراق في مقدمة الأقطار العربية سياسيا و دبلوماسيا في العمل على تدويل
القضية الجزائرية في خطاب له في افتتاح وزراء الأقطار العربية ببغداد (1).
لقد تميز التأييد الدبلوماسي العراقي بربطه
بالتدعيم العسكري و الدعوة لاستمراره كاختيار محتوم و ضمانه لانتصار حرب
التحرير و استعماله وسيلة ضغط دبلوماسية من أجل تعبئة الرأي العام العالمي
لصالح القضية الجزائرية و امتد إلى تفاصيل الحرب و الجرائم الاستعمارية و
التحسيس بها عالميا، كما وضعت الحكومة العراقية إمكانياتها السياسية و
الدبلوماسية بما فيها إعطاء تعليمات لسفارتها للاتصال بلجنة الصليب الأحمر
الدولي، كما كثفت الجماهير العراقية الاحتجاجات الشعبية على التراب
العراقي منددة بالمجازر الفرنسية في الجزائر.
و على مستوى العلاقات الثنائية الرسمية و صل
الموقف العراقي لدرجة النقد و الهجوم على أي إجراء يمس أو يؤثر على مسار
حرب التحرير الجزائرية، حتى و لو حدث مع دولة مثل الإتحاد السوفياتي التي
تهم المصالح الوطنية الحيوية للعراق و نجد هنا عبد الكريم
قاسم الرئيس العراقي دون تردد حذر خروتشوف الرئيس السوفياتي من زيارة حاسي مسعود (1).
لقد استطاعت القضية الجزائرية من خلال الوفود
المتوافدة على بغداد من استقطاب الشعب العربي العراقي الذي أيد الشعب
الجزائري في نضاله من أجل استقلاله و حريته مؤكدين من خلال عرائض السيد
نوري السعيد رئيس الوزراء آنذاك ضرورة مقاطعة الحكومة الفرنسية سياسيا و
اقتصاديا و ثقافيا و الضغط من أجل طرح القضية الجزائرية بكل قوة على هيئة
الأمم المتحدة.
و إثر اختطاف الزعماء الجزائريين الخمسة ، سارعت
العراق على لسان رئيس وزارتها إلى استنكار هذا العمل الشنيع الذي أقدمت
عليه فرنسا و طالبت منها إطلاق سراحهم و مع العدوان الثلاثي على مصر عام
1956 زاد الطين بلة و هو الأمر الذي وقع بمجلس الوزراء الإعلان رسميا على
قطع العلاقات الدبلوماسية بين العراق و فرنسا و تم تبليغ ذلك على يد السفير
الفرنسي في بغداد بتاريخ 09 نوفمبر 1956م.
بتاريخ 30 نوفمبر 1959 أرسلت العراق مذكرة إلى
الجامعة العربية بشأن مقاطعة فرنسا اقتصاديا و هو موقف فعلي و بناء اتجاه
الشعب الجزائري و قضيته العادلة، و عندما قامت فرنسا بتجاربها النووية في
الصحراء الجزائرية، استنكرت الحكومة العراقية هذا العمل البربري في حق
الجزائر المستقلة و مما جاء في بيان وزارة خارجيتها أنها تستنكر و بشدة
عمل فرنسا الدنيء و تحديدها للرأي العام العربي و الأفريقي بإجراء تجاربها
النووية في الصحراء الجزائرية(2)
و إلى جانب الدعم المعنوي الذي قدمته العراق للقضية الجزائرية لم تقصر
الحكومة العراقية في تقديم المساعدة المادية و قدمت 3 ملايين فرنكا فرنسيا،
بالإضافة لتنظيم العراق لأسابيع جزائرية دوريا لجمع التبرعات المالية و كل
وسائل المساندة الشعبية بما فيها التموين الطبي و الغذائي كما قدرت جامعة
الدول
العربية نسبة المساعدات العراقية للجزائر ما
قيمته 319600 جنيه إسترليني بنسبة تفوق 15.98 % من إسهامات الدول العربية
هذا إلى جانب المساعدات العسكرية رغم قلتها
حيث استفادت الجزائر بأول شحنة من الأسلحة في 16
جوان 1957 و قدرت بثلاثة أطنان هذا إلى جانب ألفين بندقية فرنسية الصنع و
خمسين ألف طلقة كانت كلها تدخل عن طريق الحدود السورية و منها إلى الجزائر
عن طريق ليبيا، إلى جانب الأسلحة التي تم شرائها من إيطاليا و قدر المبلغ
المخصص لها حوالي 7000 دينار و هذه الأرقام تعكس مدى تفاعل العراق مع
القضية الجزائرية في أحلك الظروف و قد زادت المساعدات المادية بشكل ملحوظ
حيث أصدرت الجمهورية العراقية مرسوما يقضي بتخصيص مليوني دينار سنويا
للحكومة الجزائرية المؤقتة.
سوريا:
إن باندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954 بدأ الاهتمام
السوري بها يتجلى بوضوح على غرار بعض الدول العربية الأخرى، خاصة لدى
الرأي العام الشعبي)1(
وهذا انطلاقا من هدف جبهة التحرير الوطني الرامي إلى تدويل القضية
الجزائرية و العمل على كسب التأييد المعنوي لها،في نطاقها الطبيعي الذي هو
النطاق العربي الإسلامي، ومن الطبيعي أن يتأثر الشعراء السوريون بالثورة
التحريرية منذ بدايتها لذا راحوا يسهمون بقصائدهم المؤثرة لنصرة قضية الشعب
الجزائري،واستطاعوا تعبئة الرأي العام العربي والسوري بروح الكره
للاستعمار الفرنسي وعدالة القضية الجزائرية حسب ذكرتهم هذه الثورة
بالأمجاد العربية الماضية والتاريخ المشرق للأمة العربية ،كما أعادت لهذه
الأمة الثقة بقدرتها على استعادة الحقوق العربية المسلوبة)2(
وعلى اعتبار سوريا عضو في جامعة الدول العربية،فإنها من خلال هذه الهيئة
العربية عبرت عن دعمها اللامحدود لقضية الشعب الجزائري وهو ما حمل بالجمعية
العامة للأمم المتحدة تحت الضغط العربي والدولي على
تجسيد لها في جدول أعمالها في دورة عام 1955، حيث اعتبرت مندوب سوريا أن هدف فرنسا هو عزل الجزائر عن شقيقاتها العربية(1).
لقد رأى الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني
ضرورة التركيز على سوريا في ظل الحكم الوطني ،لذا تقرر في جلسة 13جويلية
1956 بالقاهرة على القيام بزيارة دمشق تهدف إلى كسب الدعم المعنوي للقضية
الجزائرية من خلال إقامة نشاطات تدخل في إطار ما يعرف بأسابيع الجزائر،كما
كللت هذه الزيارات المتكررة بنتيجة ايجابية في فتح مكسب تمثيل للجزائر
بالعاصمة كان على رأسه عبد الحميد مهري بمساعدة الشيخ العسيري(2).
لقد تميز موقف الشعب السوري بالتأييد المطلق
للثورة الجزائرية والانتقاد لأي موقف لحكومتهم لا يرقى للأهداف والوسائل
الكاملة لحرب التحرير الجزائرية، مطالبين سواء إعلاميا أو عن طريق
المظاهرات أو في المجلس النيابي بمقاطعة فرنسا و الضغط على جامعة الدول
العربية لاتخاذ موقف فعال وواضح ومؤيد،دون تحفظ لتحرير كل الأراضي العربية
المحتلة.
الارتباط بين الشعب السوري و الجزائر ليس ناتجا
فقط عن الانتماء و البعد القومي كذلك ناتجا عن تواجد الجالية الجزائرية
بسوريا عقب نفي الاستعمار الفرنسي عام 1852 للأمير عبد القادر من الجزائر إلى سوريا،فلقد لعب الجزائريون المتواجدون بسوريا دورا فعالا بجانب إخوانهم السوريين سياسيا وإعلاميا ومعنويامن أجلالتحسيس والتعبئة لمناصرة القضية الجزائرية.
تزامن من تحول حرب التحرير الجزائرية إلى مرحلة
هامة في التنظيم والشمولية عقب مؤتمر الصومام(أوت 1956)كثف مجلس النواب
السوري من جلساته من أجل متابعة تصاعد حرب التحرير الجزائرية(3)وفي الوقت الذي احتضن الحكم الوطني في سوريا ما
بين 1956و1957القضية الجزائرية إلى غاية إتمام الوحدة بينها وبين مصر في22فبراير 1958حيث تدعم الموقف لصالح الشعب الجزائري.
لقد وجدت جبهة التحرير الوطني نفسها أمام مهمة
شاقة تتمثل في إذابة الجليد الذي يفصل الشعب الجزائري عن بقية العالم
وإنارة الرأي العام الدولي، بالقضية التي حمل الشعب السلاح من أجلها، وقد
أدركت الجبهة منذ البداية أن مساندة الدول الشقيقةالعلنيةتتوقف أولا وقبل
كل شيء على قدرات جبهة التحرير الوطني في مواجهة قوات العدو في الداخل
وباستمرار، وعليه فالقضية الجزائرية تبقى مرهونة بمدى قدرة جبهة التحرير
على توجيه الأمور بمهارة فائقة في الداخل والخارج(1).
وكرد فعل على اختطاف الأربعة أعضاء من قادة
الثورة الجزائرية من طرف الاستعمار الفرنسي تظاهرت الجماهير السورية ضد
الإجراء كما أدان النواب السوريين بشدة الاستعمار الفرنسي، مطالبين بمضاعفة
التأييد المادي في جميع المجالات من أجل إفشال خطط الاستعمار الغاشم
لإضعاف الثورة الجزائرية وقد اقترح أحد النواب موقفا سوريا موحدا يعتمد على
الأسس الآتية :
-أولا:قطع العلاقات السياسية مع فرنسا واستدعاء البعثات منها.
-ثانيا:قطع العلاقات الثقافية .
-ثالثا:توقيف جميع أعمال شركات الملاحة البحرية والجوية الفرنسية ومنع بواخرها وطائراتها من ارتياد الموانئ و المطارات العربية والمرور بأجوائها ومياهها الإقليمية.
-رابعا:مقاطعة الشركات والمؤسسات الاقتصادية والمالية الفرنسية.
-خامسا:تشكيل الحكومة الجزائرية الحرة وتمثيلها في الجامعة العربية.
-سادسا:تشكيل فصائل من المتطوعين العرب للوقوف إلى جانب جيش التحرير في الجزائر.
إن كل التيارات الحزبية داخل مجلس النواب السوري
استنكرت باستمرار الاستعمار الفرنسي وطالبت الحكومة السورية بالدعم المعنوي
و المادي المطلق للثورة الجزائرية وكان قسم اليمين الدستوري قبل أن يباشر
عملهم حسب المادة 46 من الدستور "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا لدستور
البلاد ......وأن أعمل لتحقيق وحدة الأقطار العربية ".
كما تضمن كذلك التأييد السوري الجماهيري تنظيم
تبرعات مالية وتقديم معدات طبية، سلكت لجان ذلك التأييد مع ممثلي جبهة
التحرير الوطني في سوريا يترأسهم عبد الحميد مهري، مدير مكتب دمشق، و دمشق كانت مصرفا أساسيا لجمع التبرعات المالية العربية بحكم أن سوريا كان بها حرية تصريف العملات.
إن التدعيم الحكومي السوري تضاعف أكثر بعد انتخاب سنة 1955 لشخصشكري القوتلي رئيسا،ومنذ البداية اتخذ مواقف مبدئية مؤيدة للثورة المصرية و الجزائرية)1(منددا
بكل محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية من طرف القرى
الكبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأخيرة كانت محل انتقاد
شديد من طرف الحكومة السورية،بسبب المحاولات المكثفة مع نهاية الخمسينات
للتدخل مباشرة لتدعيم الأنظمة التابعة لها.
أما إعلاميا فإن خلال أهم
المراحل الحاسمة لحرب التحرير الجزائرية، كثفت سوريا تدعيمها الواسع
والمطلق التعبوي للقضية الجزائرية بما فيها تخصيص ساعة يومية في الإذاعة
السورية.إن تأييد الحكومة السورية للجزائر كان مطلقا دون اعتبار للعلاقات
الثنائية أو مصالحها الوطنية عندما يتعلق الأمر بالقضية الجزائرية داعية
الشعب الجزائري لعدم التنازل للشروط الفرنسية.وبهدف تدعيم الوجود السياسي
الجزائري دوليا عملت
سوريا على استغلال أي حدث
وطني سوري للتحسيس بالقضية الجزائرية و إشراك الجزائر مباشرة فيه مثلما حدث
في معرض دمشق الدولي أكتوبر 1957م حيث استغل
الجزائريون هذه التظاهرة للتعريف بقضيتهم و اللقاء مع الوفود الرسمية بتشجيع و تنسيق قادة الحكومة السورية وعلى رأسهم الرئيس القوتلي و خلال زيارته لجناح الجزائر أكد وقوف حكومته دون تحفظ إلى جانب أي قضية عربية داعيا العرب حكومات وشعوبا إلى مد يد العون للجزائر .
لقد اعتبرت الحكومة السورية القضية الجزائرية
قضية سورية وبالتالي سخرت الإمكانيات المادية والمعنوية كما تضمن التأييد
السوري المادي تنظيم أسابيع جزائرية سنويا لجمع التبرعات المالية و تموينات
طبية حيث تسلم الوفد الجزائري 1800،000 ليرة سورية و 132،130،49 دولار
بصكوك موقعة من الرئيس القوتلي وعلى المستوى العسكري تضمن التأييد السوري
إرسال أسلحة ومعدات عسكرية عن طريق مصر بالإضافة إلى تدريب فرق من أعضاء
الجيش الجزائري.
السعودية:
إن جذور الدور السعودي في القضية الجزائرية يعود
إلى ما قبل قيام الثورة التحريرية من خلال تطلع بعض وجوه الإصلاح إلى دور
ما يمكن أن تؤديه جلالة الملك المؤسس عبد العزيز يرحمه الله تجاهها و هذا
ما نستخلصه من وثيقة تاريخية مهمة، هي عبارة عن مذكرة مرفوعة من جهة
الدفاع عن إفريقيا الشمالية (1)رفعه إلى ملك السعودية كل من رئيس الجبهة فضيلة الإمام الشيخ لخضر حسين رئيس الجبهة، و الشيخ الفوضيل الورتلاني(2) أمينها و ذلك بمناسبة زيارة الملك لمصر.و قد عرض فيها إلى ما
أصاب بلدان إفريقيا الشمالية من بلاء الاستعمار
الفرنسي، و ما انجر عنه من نزع السيادة و إلحاق البلد بالمستعمرات رغم
تباين الهوية و الأصل و الدين(1)
و بعد وفاة الملك عبد العزيز خلفه الملك سعود
الذي تبنى القضية الجزائرية بروح والده و نصرته للحق و يبرز لنا المؤرخ
أحمد توفيق المدني في مذكراته دور المملكة العربية السعودية على نحو يمكن
عده أقوى عامل عربي إلى جانب مصر و العراق في نصرة القضية الجزائرية. و قد
تجلى الدور السعودي في الوقوف بجانب الثورة الجزائرية في ميدانين هما
الميدان المادي و المالي و الميدان السياسي و الدبلوماسي.
فماديا كان التدعيم هام و محسوسا، فخلال زيارة
الوفد الحكومي الجزائري للسعودية يوم 06 مارس 1959 سلم للوفد مليار فرنك
فرنسي تعهدوا بتدعيم مالي آخر كضريبة مالية (سعودية) مقابل ضريبة الدم التي
يدفعها الجزائريون كما خصصت السعودية 250 ألف جنيه سنويا لحرب التحرير
الجزائرية سلمت عن طريق جامعة الدول العربية بالإضافة إلى ذلك حدد الملك
يوم 15 شعبان يوم الجزائر لجمع التبرعات المالية في مناسبة 05 شعبان 1958
وكان الملك أول المتبرعين بمليون ريال سعودي بالإضافة إلى مليونين و نصف
المليون من الحكومة و من بين المساعدات المالية الخاصة التي كانت تقدمها
السعودية هو تقديم مليون جنيه إسترليني للحكومة الجزائرية المؤقتة جويلية
1961 و بهذه المناسبة وجه السيد فرحات عباس، رئيس الحكومة المؤقتة رسالة
الملك مؤكدا فيها أنه :
" لا يسعني يا صاحب الجلالة إلا أن أرفع إلى
جلالتكم شكري الصادق و اعتراف و تقدير حكومتي و شعب الجزائر لما بذلتم و
تبذلونه في سبيل نصرة قضيتنا التي هي قضية الأمة العربية التي باعتزازها
يعز الإسلام ، إن حكومة و شعب صاحب الجلالة الذي
ناصر قضيتنا و لا يزال يناصرها منذ البدء لا يستغرب منه أن يظل النصير الأول لقضيتنا العادلة"(1).
و لم يتوقف الدعم السعودي للثورة عند حدود نهاية الاستعمار بل تعد ذلك بعد إعلان الاستقلال. توجه وفد الحكومة الجزائرية إلى الجامعة العربية ليهنئ الأمة العربية بالنصر و
يشكر الدول العربية على المدد و لا شك أن هذا
الدعم المالي المتواصل كان له إسهام كبير في منح الثورة الجزائرية وسائل
الاستمرار في المقاومة و الكفاح المسلح.
أما سياسيا و دبلوماسيا فقد قامت الحكومة
السعودية في المحافل الدولية من دعاية مضادة لما تبرزه فرنسا و حلفائها على
أن القضية شأن داخلي، بل أكدت و أبرزت صورة الشعب الذي يحمل قضية تصفية
استعمار بشع و بغيض.
فبعد شهرين من اندلاع الثورة الجزائرية ، بادرت
السعودية دوليا، حتى صارت قضية مطروحة لدى مجلس الأمن، ثم انتقل بها إلى
الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث أورد الأستاذ أحمد طالب الإبراهيمي في
تعقيب له على محاضرة ألقاها الأستاذ الحجيلان الأمين العام لدول تعاون
الخليجي في نوفمبر 1954(2)
"إننا في الجزائر لا ننسى أن الأمير فيصل بن عبد
العزيز أول من طالب بتسجيل القضية الجزائرية في مجلس الأمن برسالة مؤرخة في
05 جانفي 1955م. و يمكن تقديم دعم السعودية للقضية الجزائرية من خلال
مخاطبة ملك السعودية عند استقباله يوم 06 مارس 1959 الوفد الحكومي الجزائري
برئاسة السيد فرحات عباس، رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة بقوله "بأنكم
لستم جزائريين أكثر مني و أن قضية مقدسة و بذلك هي فوق القانون و تشريع
الدولة و بذلك تعطل القوانين إذا هي وقفت في وجه ما تتطلبه من الجهاد في
الجزائر".
اعتبرت "المجاهد" الاستقبال الخاص للوفد
الجزائري من طرف الملك و رجال دولته عطف صادق للقضية الجزائرية"، كما وصف
فرحات عباس تدعيم السعوديين هذا بأنه "
استمرارية لما بذلوه و ما زالوا يبذلونه من
مساهمة فعالة في معركة التحرير الجزائرية التي هي معركة العروبة جمعاء". لم
تبد السعودية تحفظا في تأييدها للقضية الجزائرية و حتى و لو أدى ذلك
التأثير السلبي على علاقاتها الودية مع الغرب ذلك ما يمكن إبرازه من خلال
مثلا: تأكيد الملك سعود خلال استقباله الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة
السيد هامد
شولد:"إن علاقتنا السياسية مع فرنسا متوقفة على حل القضية الجزائرية حلا يعيد لأهلها العرب حريتهم و استقلالهم".
لقد كرر الملك سعود ذلك باستمرار احتفالا بالذكرى
السابعة 1961 لثورة نوفمبر وجه الملك خطابا في إذاعة السعودية أكد فيه أن
"المملكة العربية السعودية لن تعيد علاقتها الدبلوماسية مع فرنسا إلا بعد
استقلال الجزائر و أكد أنه سيبقى دائما السند المتين للثورة الجزائرية".
كانت السعودية سباقة في العمل على تدويل القضية
الجزائرية. فبعد شهرين 05 جانفي 1955 من بداية ثورة أول نوفمبر طالبت
بإدراج القضية الجزائرية في منظمة الأمم المتحدة. كما عملت السعودية منذ
بداية حرب التحرير الجزائرية على استغلال فرص نشاطها الدبلوماسي و علاقاتها
الثنائية لتدعيم القضية الجزائرية، بالإضافة إلى ذلك التنسيق يبن
الحكومتين الجزائرية و السعودية كان مستمرا داخل و خارج المملكة و خاصة مع
سفراء المملكة السعودية في الوطن العربي. في هذا الإطار مثلا، كان لقاء
كريم بلقاسم، نائب رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة و وزير القوات المسلحة
مع السفير السعودي بالمغرب أو من خلال الاهتمام المتميز و الاعتبار الخاص
الذي أعطاه الملك أثناء زيارته إلى سوريا في أكتوبر 1957 إلى ممثلي حزب
جبهة التحرير الوطني هناك مؤكد على مساندته
المستمرة للقضية الجزائرية و مبرزا عمله المشترك مع الرئيس السوري شكري
القوتلي من أجل نصرة الجزائر و تأكيد المملكة هذا برز كذلك في مساندتها (1)
المطلقة لكل مطالب جبهة التحرير الوطني و الحكومة الجزائرية المؤقتة في مفاوضاتها مع الفرنسيين في ايفيان 20 مارس 1961 (1).
إن هذه الأرضية و المساندة التي قامت بها
السعودية للقضية الجزائرية ساعدت على إخراج القضية الجزائرية من الإطار
الضيق الذي حاول الاستعمار الفرنسي أن يضعها فيه كما ساعد على امتدادها على
المستوى الخارجي في تدويل القضية الجزائرية و جعلها
قضية عربية ذات بعد قومي تنساب إلى أعماق وجدان
الشعب العربي الذي راح يدعمها و يؤازرها و يقف لنصرتها بكل ما يملك من
إمكانيات مادية و معنوية و سياسية.
المبحث الرابع
الدعم لمغاربي للثورة الجزائرية
المغرب:
رغم الخلافات الحدودية بين الجزائر و المغرب و
التي ارتبطت بالطموح الملكي للتوسع إلا أن هدا لا ينفي أن المغرب ظل يساند
القضية الجزائرية سياسيا و عسكريا و دبلوماسيا.(1)
أولا الدعم السياسي: عملت المملكة المغربية و
إنما على مساندة الثورة الجزائرية منذ انطلاقتها و راحت تعمل من د اخل
الأمم المتحدة للسعي نحو تدويل القضية و الشواهد التاريخية تثبت دلك فقد
كان مؤتمر طنجة 27-30 أفريل خطوة حاسمة في دعم حقوق الشعب الجزائري الثابتة
كما كان من أهم توصياته إقامة حكومة تمثل الشعب الجزائري وهي الحكومة
المؤقتة التي ولدت في 19 سبتمبر 1958م وكان اعتراف المغرب بها بعد يوم واحد
فقط.(2)
من مظاهر الدعم المغربي و الموقف الايجابي السماح
بالنشاطات السياسية و الدبلوماسية لجبهة التحرير الوطني داخل التراب
المغربي و التنسيق معها ،ثم جاء تصريح الأمير حسن في الدورة الخامسة عشر
للأمم المتحدة سنة 1960 حين قال "لا يجوز للجمعية العامة أن تسمح بمواصلة
الحرب في الجزائر.....وان الحكومة المؤقتة هي الناطق الوحيد باسم الشعب
الجزائري".(3)
ثانيا الدعم العسكري:شكل المغرب قاعدة خلفية
للثورة الجزائرية حيث عمل قادة الثورة على إنشاء معسكرات تدريبية به مثل
معسكر خميسات ،العرايش ،ملوية، وجده،وقد كان أفراد الجيش الوطني يتلقون
تدريبات حول فنون القتال و الأسلحة والقنابل كما تم تكوين الفدائيين الدين
نقلوا الثورة إلى قلب فرنسا من خلال تنفيذ عمليات للمنشات
الحيوية في مرسيليا وغيرها هده العمليات جعلت فرنسا تضرب طوقا على الحدود الجزائرية المغربية واستطاعت إفشال عدة عمليات للتهريب الأسلحة كحجز باخرة اتوس
في 06 أكتوبر 1956م و الباخرة الألمانية بيلياق
02 نوفمبر 1959م وغيرها ،هدا الأمر الذي دفع بقيادة الثورة إلى إنشاء
مصانع و ورشات صنع الأسلحة بالتعاون مع المغاربة بمعدات كانت تأتي في
الغالب تحت اسم الحكومة المغربية و ملكها محمد الخامس(1)
ثالثا الدعم الإعلامي: ساهمت الصحف المغربية
زيادة على الدعم السياسي و العسكري بدعم إعلامي تجلى في حشد الرأي العام
المحلي و العالمي للوقوف مع القضية الجزائرية وتحقيق الاستقلال الذي يساهم
حتما في توحيد المغرب العربي ،وقد جاء في جريدة "العلم"لسان حال حزب
الاستقلال المراكشي بتاريخ 23 أفريل 1956م"إذا لم تحرر الجزائر سنجد أنفسنا
في عزلة تامة عن تونس و عن العالم العربي ومعنى دلك أننا سنعيش في صحراء
قاحلة تحدها الجزائر من جهة و الصحراء من جهة أخرى و المحيط الأطلسي من جهة
ثالثة و هدا لا يمكن أن نقبله أبدا(2).
تونس:
تميز موقف الحكومة التونسية تجاه حرب التحرير
الجزائرية من خلال السنتين الأوليتين بعد استقلال تونس(1956-1958) بالليونة
مع فرنسا،ويرجع دلك أساسا لتجربة حركة الاستقلال التونسية بقيادة الرئيس بورقيبة ،و التي تميزت بأسلوب المفاوضات و الليونة.
هده المقاربة قد تعتبر وسيلة مقبولة لاستقلال
تونس غير مشجعة للأهداف التي رسمتها جبهة التحرير الوطني، و خاصة إبرام
تونس في جوان 1958 لاتفاقية مع فرنسا لتحويل البترول الجزائري عبر أنبوب
نفط من أبار أيجلي (جنوب الجزائر) مرورا بالأراضي التونسية لتصديره عن طريق
ميناء الصخيرة بقابس في تونس .
إن سلوك تونس كان إخلالا بالتزاماتها في مؤتمر طنجة
حول وحدة المغرب العربي ،هد
دور الجامعة العربية في دعم القضية الجزائرية:
استجاب الحكام العرب لدعوة وزير خارجية بريطانيا ابرن
في 21 ماي 1941 التي أعلن فيها الترحيب بالوحدة العربية و بتاريخ 8 فيفري
1945 شكلت لجنة القاهرة ميثاقا لجامعة الدول العربية بدعوة من رئيس الوزراء
المصري وقد دخل هذا الميثاق حيز التنفيذ في 11 ماي1945 (1).
وإذا حاولنا تتبع موقف الجامعة العربية تجاه
القضية الجزائرية نجد أن بدايتها تعود إلى ما قبل الثورة الجزائرية1945 حيث
أصدر ملوك ورؤساء الدول العربية في نهاية ماي 1946 بيانا أوكلوا فيه إلى
الجامعة السعي إلي تحقيق رغبات أهل الشام وإفريقيا تونس و المغرب والجزائر(2).
وفي 19 أفريل 1951 أصدر مجلس الجامعة قرار اللجنة السداسية حول قضايا شمال إفريقيا.
و بخصوص الجزائر فقد أوصت اللجنة بإثارة القضية
أمام الأمم المتحدة كما كلفت الأمانة بإعداد دراسات وافية لمختلف شؤون
الجزائر وان تبدل مساعيها لدى لجنة حقوق الإنسان لبحث هذه القضية لتتمكن من
إثارتها أمام اللجنة الثالثة للأمم المتحدة(3).وبعد
اندلاع الثورة الجزائرية ساند ممثلو الدول العربية في الجامعة العربية
الجزائريين متخذين من أساليب السلطات الفرنسية نحو الشعب الجزائري مبررا
للرد على أي دعاية فرنسية تهدف إلى عزل الجزائر عن محيطها العربي(4) ولكن سلبية الرأي العام الدولي إزاء القضية الجزائرية لم يمكن بعض الأطراف العربية من تحقيق أي نتائج ملموسة بل أبدت بعض
الإطراف تحفظات بفعل الضغوط كما فعل مندوب العراق فاضل الجمالي الذي رفض فكرة عرض شؤون الجزائر على الجمعية العامة للأمم المتحدة(1).
وفي نهاية ديسمبر 1954قدم وفد المملكة العربية
السعودية مذكرة إلى رئيس مجلس الأمن بشان الأوضاع الخطيرة في الجزائر بفعل
أساليب القمع و الاضطهاد الفرنسية(2)
وقد عملت الجامعة على إبراز القضية على المستوى الدولي ففي 13 جويلية
1955 بعث الأمين العام للجامعة بمذكرة إلى سكرتير الأمم المتحدة يبرز فيها
ما تمارسه فرنسا ضد الجزائريين وأيضا إلى وزارات خارجية دول مؤتمر باندونغ
وأيضا إلى الدول التي ليس لها تمثيل دبلوماسي بمصر من أجل بذل جهود لوقف
الحالة المتدهورة بالجزائر(3).
كما وقفت الجامعة العربية ضد الادعاءات الفرنسية
الرامية إلى جعل الجزائر جزءا من فرنسا، فكان اجتماع مجلس الجامعة العربية
في 29مارس1956بالقاهرة الذي عبر عن استنكاره لهذه التصريحات وأعلن عن تأيده
التام للشعب الجزائري العربي ومشاركته في محنته وما يتعرض له من اضطهاد
بسبب مطالبته بالحرية و حق تقرير المصير (1)،ففي
22أكتوبر 1956قامت السلطات الفرنسية بخطف طائرة الزعماء الجزائريين
المتوجهين من مراكش إلى تونس ،فدعا مجلس الجامعة في اجتماع طارئ في
23أكتوبر سلطان مراكش و الرئيس التونسي و الأمين العام للأمم المتحدة
لاتخاذ كافة التدابير للمحافظة على سلامة الزعماء والسعي لإطلاق سراحهم،كما
قامت الجامعة بنشاط دبلوماسي هام من خلال دعوتها وزراء خارجية الدول
الأعضاء في 30 مارس 1957 إلى القيام بزيارات إلى الدول الأجنبية خصوصا في
أمريكا اللاتينية واسكندنافيا للتعريف بعدالة القضية الجزائرية(2)
وفي 19 سبتمبر 1958 توجت الجهود الجزائرية بتأسيس أول حكومة مؤقتة
للجمهورية الجزائرية بالقاهرة فعبرت الأمانة العامة للجامعة بترحيبها بهذه
الحكومة ومساندتها من خلال كلمة عبد الحميد غالب مندوب الجمهورية العربية
المتحدة التي رحب فيها بعضوية الحكومة الجزائرية و المطالبة ببذل المزيد من
الدعم و المساندة العربيين لها،(3)والذي
تجسد خصوصا في إنشاء صندوق لمعونة الجزائر في 28أفريل 1958بمبلغ قدره
مليون جنيه إسترليني، وخلال اجتماع لجنة المندوبين في 20ماي 1958 طالب
مندوب الجزائر أحمد توفيق المدني بتخصيص اثني عشر مليون جنيه كمعونات
للمجاهدين الجزائريين عن طريق الجامعة العربية وتم إقرار ذلك في جلسة
18أكتوبر1958، وإضافة إلى المساعدات المادية كانت هناك مساعدات عسكرية
لتسهيل تطوع الموطنين العرب وفتح مكاتب لذلك .كما طالبت الجامعة العربية
خلال دورتها الثالثة و الثلاثين عام 1960بفتح تحقيق دولي لوقف الإبادات
الجماعية للسكان ووقف دعم الحلف الأطلسي لفرنسا و مطالبة الدول
الأفروآسيوية بالاعتراف بالحكومة الجزائرية،وقد تابعت الجامعة العربية سير
المفاوضات الفرنسية الجزائرية من مولان 1960الى مراحل مفاوضات أيفيان سنة
1961م ووقفت على تطوراتها من المسؤولين الجزائريين ومندوب الحكومة المؤقتة
لدى الجامعة و يبرز ذلك خصوصا أثناء بدء المفاوضات في 20 ماي 1961م و
تعثرها بسبب قضية فصل الصحراء حيث اتفق أعضاء الجامعة مع ممثلي 29 دولة
آفروآسيوية في الأمم المتحدة على تقديم مذكرة إلى الأمين العام يطالبون
فيها إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمالها مع رفض مطالب فرنسا بفصل
الصحراء و تحميلها مسؤولية فشل المفاوضات(1)
، و بعد استئناف المفاوضات من جديد والوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في
18 مارس 1962م وتوقيع اتفاقيات في 4 جويلية 1962م و الاعتراف باستقلال
الجزائر ثمن مجلس الجامعة هذا الانجاز واعتبره نصرا للشعب الجزائري و أوصى
بتقديم الدعم المالي السريع للحكومة الجزائرية ومساعدتها علميا و فنيا و
إداريا ليتوج كل ذلك بانضمام الجزائر إلى الجامعة العربية في 17 أوت 1962(2).
المبحث الثاني:
الدور المصري لدعم للقضية الجزائرية:
كانت مصر قبلة العرب ومعقل لثوار المغرب
العربي،حيث فتحت صدرها للجزائريين وناصرت قضيتهم،فاتحة لهم المجال لإسماع
صوتهم عاليا انطلاقا من الدعاية للقضايا المغربية والقضية الجزائرية إلى
جانب الملتقيات و الندوات وكذلك المؤتمرات للتعريف بهذه القضية ودعمها
ماديا ومعنويا(1)
وهكذا كانت مصر السباقة في دعم نضال الحركة الوطنية والثورة الجزائرية من
خلال الدور الفعال الذي جسده رئيسها جمال عبد الناصر الذي وقف إلى جانب
الثورة الجزائرية ودعمها بكل الوسائل و الطرق.
1-الدعم الإعلامي:إن مصر الثورة ،أكملت مشوار
النضال وقدمت كل ما في وسعها لنصرة القضايا العربية ومنها قضية الجزائر
التي كانت تصل إلى كل العرب من المحيط إلى الخليج عن طريق إذاعة صوت العرب من القاهرة، حيث قدمت دعما إعلاميا لا نظير له للثورة الجزائرية منذ الأيام الأولى لانطلاقتها فمن على منبرها الإعلامي صوت العرب
كانت إذاعة بيان أول نوفمبر و إعلان انطلاق أول رصاصة للثورة،و استمرت في
التعريف بالقضية و الثورة و أبعادها الحقيقية والتصدي للدعاية الفرنسية
المغرضة و في ذلك يقول المذيع احمد سعيد"إن جمال عبد الناصر كان يتابع
الإذاعة شخصيا و يعطي التعليمات و التوجيهات منذ اللحظات الأولى لاندلاع
الثورة و حرص عبد الناصر على توفير كافة الإمكانيات المتاحة للمقاتلين فوق
ارض الجزائر"(2).
كما كانت صحيفةle journal d’Egypte رافدا
أخر من روافد المساندة الإعلامية المصرية للجزائر فقد نشرت العديد من
المقالات كانت حول الأوضاع في الجزائر وانتصارات الثورة،كما كانت تنشر
نداءات الوفد الجزائري بالقاهرة و التي جاء
في أحدها "لقد أعلنتموها بالأمس ثورة عارمة ضد الاستعمار الفرنسي الذي زعم لمائة
عام من احتلالها أنها فرنسية"(1)
. وهنا أوضحت الصحيفة أن المعمرين حكموا البلاد مدة تزيد عن مائة عام وأن
الفرنسيين يعتبرون الجزائر من الوجهة القانونية والسياسية جزءا من فرنسا
وتنبأت كذلك الصحيفة أن حدوث الثورة كان عملا منظما وجاء هذا في مقالات تحت
عنوان "موجة من الاضطرابات في الجزائر " أبرزت فيه أن مجموعة من
الجزائريين قاموا بحوالي 30عملية في مناطق مختلفة من الجزائر(2).وهكذا
كان الدعم الإعلامي المصري من خلال منبرها إذاعة صوت العرب للتحسيس
والإعلام و التعريف بأهداف جبهة التحرير الوطني و التشهير ببشاعة الجرائم
الاستعمارية وكانت إذاعة صوت العرب قوة موازية ومدعمة السماع العمل المسلح
الجزائري ووجد الطلبة الجزائريين من هذه الإذاعة مصدرا لإذاعة بيانات
وقصائد تحميسية للشعوب العربية، وكانت هناك برامج خاصة للمغرب العربي ككل
يشارك فيها ومسئولو الحركات الوطنية بما فيها جبهة التحرير الوطني.
إن ما تعرضنا له يعتبر جزءا بسيطا من دور مصر الإعلامي لدعم القضية الوطنية و الدفع بها إلى التدويل.
1.ال
2.
2-الدعم العسكري و المادي:
لم تبخل الحكومة المصرية و لا رئيسها عبد الناصر
بتدعيم الثورة الجزائرية عسكريا و ماديا منذ انطلاقتها حيث تم صرف كميات من
الأسلحة الخفيفة(بنادق رشاشات،قنابل يدوية) كما تسلم قادة الثورة مبلغ
5000 جنيه لتوفير اكبر كمية من السلاح وإعداد أسلحة للتهريب إلى الجزائر
مباشرة،وقدرت أول شحنة أسلحة مصرية ب 8000جنيه وقد دخلت عن طريق
برقة(ليبيا)كما أن أول صفقة أسلحة من أوروبا الشرقية بتحويل مصري بحوالي
مليون دولار هذا فضلا عن مساهمات الجامعة العربية التي كانت تأتي عبر مصر(1)كما قامت الحكومة المصرية بشراء المراكب(دفاكس)
من اليونان في 20 مارس 1956م بغرض نقل الأسلحة إلى الجزائر، و بالفعل فقد
قامت هذه السفينة بنقل الشحنة التاسعة إلى منطقة الأوراس و قسنطينة عبر
تونس(2)وعقب
المؤتمر الأول للمجلس الوطني للثورة في 1957م تم إعداد دراسة كاملة للموقف
العام للثورة وتطوراتها قامت مصر بتسليم مندوب الجزائر بالقاهرة احمد سليم أربع دفعات(3) بلغت 53طن من الأسلحة و الذخيرة.
هذا فضلا عن التظاهرات التي كانت تقام بمصر لجمع
التبرعات للثورة و الدورات التأهيلية للممرضات الجزائريات ففي أواخر جانفي
1958 استقبلت مصر الدفعة الأولى المكونة من 35 فتاة و استمر تدريبهم ستة
أشهر بمستشفى الهلال(4).
ورغم بعض الأزمات التي شهدتها العلاقة بين مصر و
الحكومة المؤقتة والتي انتقلت على إثرها الحكومة إلى تونس إلا أن الدعم
المصري تواصل وذلك من خلال لقاء الرئيس جمال عبد النار بفرحات عباس في 06
فيفري 1959م و الذي أكد فيه الرئيس المصري مواصلة الدعم للثورة وتمثل ذلك
في صورة المعدات العسكرية و مبالغ مالية بالعملة المحلية و الصعبة، وفي 04
ماي 1959م تم تسليم دفعة سلاح جديدة و بقي الأمر على حاله
إلى غاية الاستقلال مما زاد من مكانة الرئيس المصري عبد الناصر في أوساط الجزائريين حتى أن جريدة le monde تقول في احد أعدادها أن عبد الناصر قد صار يخص بنوع من التقديس في الأوساط الشعبية المناهضة للغرب(1).
3 -الدعم السياسي و الدبلوماسي:
لعبت مصر دورا هاما في تدعيم مشاركة الجزائر و تمثيلها في مؤتمر باندونغ
لنصرة الشعب الجزائري مما أعطى للقضية الجزائرية دفعا نحو التدويل حيث
تضامنت معها شعوب أسيا و إفريقيا و أوروبا وكانت كلها عوامل لاستمرار
الكفاح المسلح لاسترجاع السيادة الوطنية، كما كان لمصر دور ا هاما وفعالا
في تمكين الجزائريين من التأثير في منظمة الشعوب الآفروآسيوية منذ نشأتها
بالقاهرة ديسمبر 1957م.
وما ميز مؤتمر باندونغ هو ليس تدويل القضية
الجزائرية ومساندتها ماديا ومعنويا فقط بل أكثر من ذلك حيث التزم أعضاءه
بتقديم المساعدة المادية لحرب التحرير الجزائرية و تأييد المطالب الجزائرية
و شرعية الوسائل المستعملة (الكفاح المسلح)من اجل الحرية ،كان ذلك من بين
التزامات الدول المشاركة في باندونغ التي أكدت"تقديم مساعداتها المحسوسة
إلى الشعوب من اجل استقلالها"(1).
ولم يقتصر الدعم المصري للقضية الجزائرية على
الجانب المادي و العسكري بل إلى الجانب السياسي كذلك على اعتبار القضية
الجزائرية قضية عربية لا بد من تدعيمها خاصة وان فرنسا تشن على العرب في
جزء المغرب العربي معركة مزدوجة عسكرية و سياسية(2).
ومن هذا المنطلق رأت مصر ضرورة تقديم الدعم
السياسي للقضية الجزائرية،فكانت البداية مع الجانب الإعلامي و المؤسسات
المصرية التي لعبت دورا بارزا في الدعاية للقضية منها" جماعة الكفاح من اجل
الشعوب الإسلامية" التي كان يرأسها الشيخ الأزهري و" الشبان المسلمين "التي كان يرأسها رائدها المصلح الشيخ الشرباصي وكذلك" مؤتمر الخرجين العرب "الذي كان يرأسه الدكتور فؤاد جلال(3) ، كما
سمحت الحكومة المصرية لكل الشخصيات الوطنية من استعمال أراضيها للنشاط السياسي قصد دعم القضية الجزائرية، حيث تم تكليف الأستاذ توفيق المدني بتحضير نشرية إخبارية يومية(1)في
أواخر سبتمبر 1957م انتهت مشاورات القادة الجزائريين و المصريين بضرورة
إنشاء حكومة جزائرية مؤقتة على الأراضي المصرية رغم أنها لم تكن أول دولة
اعترفت بها لكنها ساهمت في دعمها(2)وتجسد
ذلك في دعوة القيادة المصرية للحكومات الإفريقية بالاعتراف بالحكومة
المؤقتة وكان ذلك جلي خاصة في مؤتمر أكرا الذي ضم جميع الشعوب الإفريقية
من05 إلى 13 ديسمبر 1958م،وهكذا واصلت مصر دورها في دعم الكفاح الجزائري
بنفس القدر الذي سلكته نحوها ماديا و عسكريا.
وهكذا كانت مصر دائما وراء المساعي لدعم القضية
الجزائرية والحصول على قرار تأييدها و استنكار الأعمال الفرنسية و ظل هذا
الدور بلا فتور أو ضعف طوال فترة كفاح الشعب الجزائري حتى حقق استقلاله(3).
المبحث الثالث:
دور دول المشرق في تدعيم القضية الجزائرية:
نظرا لأهمية النضال السياسي بالنسبة للثورة
الجزائرية، رأت جبهة التحرير الوطني ضرورة التركيز على هذا الجانب اعتمادا
على الدول العربية الشقيقة بالمغرب العربي و المشرق العربي باعتبار أن
القضية الجزائرية هي قضية عربية بالدرجة الأولى فكان لأقطار المشرق العربي
مواقف ايجابية مساندة دون تردد للقضية الجزائرية
معنويا و ماديا، و بالمقابل بالنسبة لجبهة التحرير الوطني يشكل المشرق
العربي المنطلق و المجال الحيوي للتدعيم السياسي و المالي و الدبلوماسي و
العسكري(1) .
و من بين هذه الدول نجد:
العراق:
يعود تاريخ هذا الدعم إلى مؤتمر باندونغ الذي
تطرق إلى قضايا المغرب العربي و قد أكد العراق في هذا المؤتمر دعمها
اللامشروط للقضية الجزائرية، و ذلك من تدخلات ممثلها السيد "فاضل الجمالي"
رئيس الوفد العراقي في المؤتمر و التي تركزت حول الأعمال الإجرامية التي
تقوم بها فرنسا اتجاه الشعب العربي و الجزائر و مما جاء ذكره بأن " هذا
البلد الذي تعتبره فرنسا من التراب الفرنسي فإن الرصاص و إلقاء القنابل على
العزل من الناس يجري يوميا......و إذا كانت الجزائر تعتبر من قبل هؤلاء
الفرنسيين جزءا من فرنسا فلماذا إذا يعاني السكان العرب المسلمون الإذلال و
التمييز في المعاملة"(2)
كما أكد رئيس الوفد العراقي من خلال تدخلاته على ضرورة تطبيق المبادئ التي
يقوم عليها المؤتمر لاسيما مقاومة الاستعمار بكل أنواعه و تحرير الشعوب و
تقرير مصيرها خاصة شعوب المغرب العربي منها الجزائر على وجه التحديد (3)
و بعد الإطاحة بالنظام الملكي في 14 جويلية 1958
كانت المرحلة الثانية من التأييد العراقي لحرب التحرير الجزائرية فقد
ميزتها الثورة العراقية في 14 جويلية 1958 و التي أطاحت بالنظام الملكي و
أقامت نظاما جمهوريا تقدميا بقيادة السيد "عبد الكريم قاسم" رئيس الوزراء
فأصبح الموقف العراقي حكومة و شعبا منسجما و أكبر فعالية بجانب الثورة
الجزائرية.
لقد كان العراق أول قطر عربي يغترف بالحكومة
الجزائرية المؤقتة و أكد السيد "توفيق المدني" وزير الشؤون الثقافية في
الحكومة الجزائرية المؤقتة بما يلي: "و ما كدت أنتهي يومئذ من قراءة النص
العربي لإعلان الحكومة المؤقتة و مناهجها ، حتى تقدم سفير العراق المحامي
فائق ألسمرائي ، الثائر الغائر، فأعلن اعتراف العراق بالحكومة الجديدة و
وعد العراق بالإعانة الكاملة للثورة الجزائرية و التأييد المطلق . كما كان
العراق في مقدمة الأقطار العربية سياسيا و دبلوماسيا في العمل على تدويل
القضية الجزائرية في خطاب له في افتتاح وزراء الأقطار العربية ببغداد (1).
لقد تميز التأييد الدبلوماسي العراقي بربطه
بالتدعيم العسكري و الدعوة لاستمراره كاختيار محتوم و ضمانه لانتصار حرب
التحرير و استعماله وسيلة ضغط دبلوماسية من أجل تعبئة الرأي العام العالمي
لصالح القضية الجزائرية و امتد إلى تفاصيل الحرب و الجرائم الاستعمارية و
التحسيس بها عالميا، كما وضعت الحكومة العراقية إمكانياتها السياسية و
الدبلوماسية بما فيها إعطاء تعليمات لسفارتها للاتصال بلجنة الصليب الأحمر
الدولي، كما كثفت الجماهير العراقية الاحتجاجات الشعبية على التراب
العراقي منددة بالمجازر الفرنسية في الجزائر.
و على مستوى العلاقات الثنائية الرسمية و صل
الموقف العراقي لدرجة النقد و الهجوم على أي إجراء يمس أو يؤثر على مسار
حرب التحرير الجزائرية، حتى و لو حدث مع دولة مثل الإتحاد السوفياتي التي
تهم المصالح الوطنية الحيوية للعراق و نجد هنا عبد الكريم
قاسم الرئيس العراقي دون تردد حذر خروتشوف الرئيس السوفياتي من زيارة حاسي مسعود (1).
لقد استطاعت القضية الجزائرية من خلال الوفود
المتوافدة على بغداد من استقطاب الشعب العربي العراقي الذي أيد الشعب
الجزائري في نضاله من أجل استقلاله و حريته مؤكدين من خلال عرائض السيد
نوري السعيد رئيس الوزراء آنذاك ضرورة مقاطعة الحكومة الفرنسية سياسيا و
اقتصاديا و ثقافيا و الضغط من أجل طرح القضية الجزائرية بكل قوة على هيئة
الأمم المتحدة.
و إثر اختطاف الزعماء الجزائريين الخمسة ، سارعت
العراق على لسان رئيس وزارتها إلى استنكار هذا العمل الشنيع الذي أقدمت
عليه فرنسا و طالبت منها إطلاق سراحهم و مع العدوان الثلاثي على مصر عام
1956 زاد الطين بلة و هو الأمر الذي وقع بمجلس الوزراء الإعلان رسميا على
قطع العلاقات الدبلوماسية بين العراق و فرنسا و تم تبليغ ذلك على يد السفير
الفرنسي في بغداد بتاريخ 09 نوفمبر 1956م.
بتاريخ 30 نوفمبر 1959 أرسلت العراق مذكرة إلى
الجامعة العربية بشأن مقاطعة فرنسا اقتصاديا و هو موقف فعلي و بناء اتجاه
الشعب الجزائري و قضيته العادلة، و عندما قامت فرنسا بتجاربها النووية في
الصحراء الجزائرية، استنكرت الحكومة العراقية هذا العمل البربري في حق
الجزائر المستقلة و مما جاء في بيان وزارة خارجيتها أنها تستنكر و بشدة
عمل فرنسا الدنيء و تحديدها للرأي العام العربي و الأفريقي بإجراء تجاربها
النووية في الصحراء الجزائرية(2)
و إلى جانب الدعم المعنوي الذي قدمته العراق للقضية الجزائرية لم تقصر
الحكومة العراقية في تقديم المساعدة المادية و قدمت 3 ملايين فرنكا فرنسيا،
بالإضافة لتنظيم العراق لأسابيع جزائرية دوريا لجمع التبرعات المالية و كل
وسائل المساندة الشعبية بما فيها التموين الطبي و الغذائي كما قدرت جامعة
الدول
العربية نسبة المساعدات العراقية للجزائر ما
قيمته 319600 جنيه إسترليني بنسبة تفوق 15.98 % من إسهامات الدول العربية
هذا إلى جانب المساعدات العسكرية رغم قلتها
حيث استفادت الجزائر بأول شحنة من الأسلحة في 16
جوان 1957 و قدرت بثلاثة أطنان هذا إلى جانب ألفين بندقية فرنسية الصنع و
خمسين ألف طلقة كانت كلها تدخل عن طريق الحدود السورية و منها إلى الجزائر
عن طريق ليبيا، إلى جانب الأسلحة التي تم شرائها من إيطاليا و قدر المبلغ
المخصص لها حوالي 7000 دينار و هذه الأرقام تعكس مدى تفاعل العراق مع
القضية الجزائرية في أحلك الظروف و قد زادت المساعدات المادية بشكل ملحوظ
حيث أصدرت الجمهورية العراقية مرسوما يقضي بتخصيص مليوني دينار سنويا
للحكومة الجزائرية المؤقتة.
سوريا:
إن باندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954 بدأ الاهتمام
السوري بها يتجلى بوضوح على غرار بعض الدول العربية الأخرى، خاصة لدى
الرأي العام الشعبي)1(
وهذا انطلاقا من هدف جبهة التحرير الوطني الرامي إلى تدويل القضية
الجزائرية و العمل على كسب التأييد المعنوي لها،في نطاقها الطبيعي الذي هو
النطاق العربي الإسلامي، ومن الطبيعي أن يتأثر الشعراء السوريون بالثورة
التحريرية منذ بدايتها لذا راحوا يسهمون بقصائدهم المؤثرة لنصرة قضية الشعب
الجزائري،واستطاعوا تعبئة الرأي العام العربي والسوري بروح الكره
للاستعمار الفرنسي وعدالة القضية الجزائرية حسب ذكرتهم هذه الثورة
بالأمجاد العربية الماضية والتاريخ المشرق للأمة العربية ،كما أعادت لهذه
الأمة الثقة بقدرتها على استعادة الحقوق العربية المسلوبة)2(
وعلى اعتبار سوريا عضو في جامعة الدول العربية،فإنها من خلال هذه الهيئة
العربية عبرت عن دعمها اللامحدود لقضية الشعب الجزائري وهو ما حمل بالجمعية
العامة للأمم المتحدة تحت الضغط العربي والدولي على
تجسيد لها في جدول أعمالها في دورة عام 1955، حيث اعتبرت مندوب سوريا أن هدف فرنسا هو عزل الجزائر عن شقيقاتها العربية(1).
لقد رأى الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني
ضرورة التركيز على سوريا في ظل الحكم الوطني ،لذا تقرر في جلسة 13جويلية
1956 بالقاهرة على القيام بزيارة دمشق تهدف إلى كسب الدعم المعنوي للقضية
الجزائرية من خلال إقامة نشاطات تدخل في إطار ما يعرف بأسابيع الجزائر،كما
كللت هذه الزيارات المتكررة بنتيجة ايجابية في فتح مكسب تمثيل للجزائر
بالعاصمة كان على رأسه عبد الحميد مهري بمساعدة الشيخ العسيري(2).
لقد تميز موقف الشعب السوري بالتأييد المطلق
للثورة الجزائرية والانتقاد لأي موقف لحكومتهم لا يرقى للأهداف والوسائل
الكاملة لحرب التحرير الجزائرية، مطالبين سواء إعلاميا أو عن طريق
المظاهرات أو في المجلس النيابي بمقاطعة فرنسا و الضغط على جامعة الدول
العربية لاتخاذ موقف فعال وواضح ومؤيد،دون تحفظ لتحرير كل الأراضي العربية
المحتلة.
الارتباط بين الشعب السوري و الجزائر ليس ناتجا
فقط عن الانتماء و البعد القومي كذلك ناتجا عن تواجد الجالية الجزائرية
بسوريا عقب نفي الاستعمار الفرنسي عام 1852 للأمير عبد القادر من الجزائر إلى سوريا،فلقد لعب الجزائريون المتواجدون بسوريا دورا فعالا بجانب إخوانهم السوريين سياسيا وإعلاميا ومعنويامن أجلالتحسيس والتعبئة لمناصرة القضية الجزائرية.
تزامن من تحول حرب التحرير الجزائرية إلى مرحلة
هامة في التنظيم والشمولية عقب مؤتمر الصومام(أوت 1956)كثف مجلس النواب
السوري من جلساته من أجل متابعة تصاعد حرب التحرير الجزائرية(3)وفي الوقت الذي احتضن الحكم الوطني في سوريا ما
بين 1956و1957القضية الجزائرية إلى غاية إتمام الوحدة بينها وبين مصر في22فبراير 1958حيث تدعم الموقف لصالح الشعب الجزائري.
لقد وجدت جبهة التحرير الوطني نفسها أمام مهمة
شاقة تتمثل في إذابة الجليد الذي يفصل الشعب الجزائري عن بقية العالم
وإنارة الرأي العام الدولي، بالقضية التي حمل الشعب السلاح من أجلها، وقد
أدركت الجبهة منذ البداية أن مساندة الدول الشقيقةالعلنيةتتوقف أولا وقبل
كل شيء على قدرات جبهة التحرير الوطني في مواجهة قوات العدو في الداخل
وباستمرار، وعليه فالقضية الجزائرية تبقى مرهونة بمدى قدرة جبهة التحرير
على توجيه الأمور بمهارة فائقة في الداخل والخارج(1).
وكرد فعل على اختطاف الأربعة أعضاء من قادة
الثورة الجزائرية من طرف الاستعمار الفرنسي تظاهرت الجماهير السورية ضد
الإجراء كما أدان النواب السوريين بشدة الاستعمار الفرنسي، مطالبين بمضاعفة
التأييد المادي في جميع المجالات من أجل إفشال خطط الاستعمار الغاشم
لإضعاف الثورة الجزائرية وقد اقترح أحد النواب موقفا سوريا موحدا يعتمد على
الأسس الآتية :
-أولا:قطع العلاقات السياسية مع فرنسا واستدعاء البعثات منها.
-ثانيا:قطع العلاقات الثقافية .
-ثالثا:توقيف جميع أعمال شركات الملاحة البحرية والجوية الفرنسية ومنع بواخرها وطائراتها من ارتياد الموانئ و المطارات العربية والمرور بأجوائها ومياهها الإقليمية.
-رابعا:مقاطعة الشركات والمؤسسات الاقتصادية والمالية الفرنسية.
-خامسا:تشكيل الحكومة الجزائرية الحرة وتمثيلها في الجامعة العربية.
-سادسا:تشكيل فصائل من المتطوعين العرب للوقوف إلى جانب جيش التحرير في الجزائر.
إن كل التيارات الحزبية داخل مجلس النواب السوري
استنكرت باستمرار الاستعمار الفرنسي وطالبت الحكومة السورية بالدعم المعنوي
و المادي المطلق للثورة الجزائرية وكان قسم اليمين الدستوري قبل أن يباشر
عملهم حسب المادة 46 من الدستور "أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا لدستور
البلاد ......وأن أعمل لتحقيق وحدة الأقطار العربية ".
كما تضمن كذلك التأييد السوري الجماهيري تنظيم
تبرعات مالية وتقديم معدات طبية، سلكت لجان ذلك التأييد مع ممثلي جبهة
التحرير الوطني في سوريا يترأسهم عبد الحميد مهري، مدير مكتب دمشق، و دمشق كانت مصرفا أساسيا لجمع التبرعات المالية العربية بحكم أن سوريا كان بها حرية تصريف العملات.
إن التدعيم الحكومي السوري تضاعف أكثر بعد انتخاب سنة 1955 لشخصشكري القوتلي رئيسا،ومنذ البداية اتخذ مواقف مبدئية مؤيدة للثورة المصرية و الجزائرية)1(منددا
بكل محاولات التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية من طرف القرى
الكبرى وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأخيرة كانت محل انتقاد
شديد من طرف الحكومة السورية،بسبب المحاولات المكثفة مع نهاية الخمسينات
للتدخل مباشرة لتدعيم الأنظمة التابعة لها.
أما إعلاميا فإن خلال أهم
المراحل الحاسمة لحرب التحرير الجزائرية، كثفت سوريا تدعيمها الواسع
والمطلق التعبوي للقضية الجزائرية بما فيها تخصيص ساعة يومية في الإذاعة
السورية.إن تأييد الحكومة السورية للجزائر كان مطلقا دون اعتبار للعلاقات
الثنائية أو مصالحها الوطنية عندما يتعلق الأمر بالقضية الجزائرية داعية
الشعب الجزائري لعدم التنازل للشروط الفرنسية.وبهدف تدعيم الوجود السياسي
الجزائري دوليا عملت
سوريا على استغلال أي حدث
وطني سوري للتحسيس بالقضية الجزائرية و إشراك الجزائر مباشرة فيه مثلما حدث
في معرض دمشق الدولي أكتوبر 1957م حيث استغل
الجزائريون هذه التظاهرة للتعريف بقضيتهم و اللقاء مع الوفود الرسمية بتشجيع و تنسيق قادة الحكومة السورية وعلى رأسهم الرئيس القوتلي و خلال زيارته لجناح الجزائر أكد وقوف حكومته دون تحفظ إلى جانب أي قضية عربية داعيا العرب حكومات وشعوبا إلى مد يد العون للجزائر .
لقد اعتبرت الحكومة السورية القضية الجزائرية
قضية سورية وبالتالي سخرت الإمكانيات المادية والمعنوية كما تضمن التأييد
السوري المادي تنظيم أسابيع جزائرية سنويا لجمع التبرعات المالية و تموينات
طبية حيث تسلم الوفد الجزائري 1800،000 ليرة سورية و 132،130،49 دولار
بصكوك موقعة من الرئيس القوتلي وعلى المستوى العسكري تضمن التأييد السوري
إرسال أسلحة ومعدات عسكرية عن طريق مصر بالإضافة إلى تدريب فرق من أعضاء
الجيش الجزائري.
السعودية:
إن جذور الدور السعودي في القضية الجزائرية يعود
إلى ما قبل قيام الثورة التحريرية من خلال تطلع بعض وجوه الإصلاح إلى دور
ما يمكن أن تؤديه جلالة الملك المؤسس عبد العزيز يرحمه الله تجاهها و هذا
ما نستخلصه من وثيقة تاريخية مهمة، هي عبارة عن مذكرة مرفوعة من جهة
الدفاع عن إفريقيا الشمالية (1)رفعه إلى ملك السعودية كل من رئيس الجبهة فضيلة الإمام الشيخ لخضر حسين رئيس الجبهة، و الشيخ الفوضيل الورتلاني(2) أمينها و ذلك بمناسبة زيارة الملك لمصر.و قد عرض فيها إلى ما
أصاب بلدان إفريقيا الشمالية من بلاء الاستعمار
الفرنسي، و ما انجر عنه من نزع السيادة و إلحاق البلد بالمستعمرات رغم
تباين الهوية و الأصل و الدين(1)
و بعد وفاة الملك عبد العزيز خلفه الملك سعود
الذي تبنى القضية الجزائرية بروح والده و نصرته للحق و يبرز لنا المؤرخ
أحمد توفيق المدني في مذكراته دور المملكة العربية السعودية على نحو يمكن
عده أقوى عامل عربي إلى جانب مصر و العراق في نصرة القضية الجزائرية. و قد
تجلى الدور السعودي في الوقوف بجانب الثورة الجزائرية في ميدانين هما
الميدان المادي و المالي و الميدان السياسي و الدبلوماسي.
فماديا كان التدعيم هام و محسوسا، فخلال زيارة
الوفد الحكومي الجزائري للسعودية يوم 06 مارس 1959 سلم للوفد مليار فرنك
فرنسي تعهدوا بتدعيم مالي آخر كضريبة مالية (سعودية) مقابل ضريبة الدم التي
يدفعها الجزائريون كما خصصت السعودية 250 ألف جنيه سنويا لحرب التحرير
الجزائرية سلمت عن طريق جامعة الدول العربية بالإضافة إلى ذلك حدد الملك
يوم 15 شعبان يوم الجزائر لجمع التبرعات المالية في مناسبة 05 شعبان 1958
وكان الملك أول المتبرعين بمليون ريال سعودي بالإضافة إلى مليونين و نصف
المليون من الحكومة و من بين المساعدات المالية الخاصة التي كانت تقدمها
السعودية هو تقديم مليون جنيه إسترليني للحكومة الجزائرية المؤقتة جويلية
1961 و بهذه المناسبة وجه السيد فرحات عباس، رئيس الحكومة المؤقتة رسالة
الملك مؤكدا فيها أنه :
" لا يسعني يا صاحب الجلالة إلا أن أرفع إلى
جلالتكم شكري الصادق و اعتراف و تقدير حكومتي و شعب الجزائر لما بذلتم و
تبذلونه في سبيل نصرة قضيتنا التي هي قضية الأمة العربية التي باعتزازها
يعز الإسلام ، إن حكومة و شعب صاحب الجلالة الذي
ناصر قضيتنا و لا يزال يناصرها منذ البدء لا يستغرب منه أن يظل النصير الأول لقضيتنا العادلة"(1).
و لم يتوقف الدعم السعودي للثورة عند حدود نهاية الاستعمار بل تعد ذلك بعد إعلان الاستقلال. توجه وفد الحكومة الجزائرية إلى الجامعة العربية ليهنئ الأمة العربية بالنصر و
يشكر الدول العربية على المدد و لا شك أن هذا
الدعم المالي المتواصل كان له إسهام كبير في منح الثورة الجزائرية وسائل
الاستمرار في المقاومة و الكفاح المسلح.
أما سياسيا و دبلوماسيا فقد قامت الحكومة
السعودية في المحافل الدولية من دعاية مضادة لما تبرزه فرنسا و حلفائها على
أن القضية شأن داخلي، بل أكدت و أبرزت صورة الشعب الذي يحمل قضية تصفية
استعمار بشع و بغيض.
فبعد شهرين من اندلاع الثورة الجزائرية ، بادرت
السعودية دوليا، حتى صارت قضية مطروحة لدى مجلس الأمن، ثم انتقل بها إلى
الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث أورد الأستاذ أحمد طالب الإبراهيمي في
تعقيب له على محاضرة ألقاها الأستاذ الحجيلان الأمين العام لدول تعاون
الخليجي في نوفمبر 1954(2)
"إننا في الجزائر لا ننسى أن الأمير فيصل بن عبد
العزيز أول من طالب بتسجيل القضية الجزائرية في مجلس الأمن برسالة مؤرخة في
05 جانفي 1955م. و يمكن تقديم دعم السعودية للقضية الجزائرية من خلال
مخاطبة ملك السعودية عند استقباله يوم 06 مارس 1959 الوفد الحكومي الجزائري
برئاسة السيد فرحات عباس، رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة بقوله "بأنكم
لستم جزائريين أكثر مني و أن قضية مقدسة و بذلك هي فوق القانون و تشريع
الدولة و بذلك تعطل القوانين إذا هي وقفت في وجه ما تتطلبه من الجهاد في
الجزائر".
اعتبرت "المجاهد" الاستقبال الخاص للوفد
الجزائري من طرف الملك و رجال دولته عطف صادق للقضية الجزائرية"، كما وصف
فرحات عباس تدعيم السعوديين هذا بأنه "
استمرارية لما بذلوه و ما زالوا يبذلونه من
مساهمة فعالة في معركة التحرير الجزائرية التي هي معركة العروبة جمعاء". لم
تبد السعودية تحفظا في تأييدها للقضية الجزائرية و حتى و لو أدى ذلك
التأثير السلبي على علاقاتها الودية مع الغرب ذلك ما يمكن إبرازه من خلال
مثلا: تأكيد الملك سعود خلال استقباله الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة
السيد هامد
شولد:"إن علاقتنا السياسية مع فرنسا متوقفة على حل القضية الجزائرية حلا يعيد لأهلها العرب حريتهم و استقلالهم".
لقد كرر الملك سعود ذلك باستمرار احتفالا بالذكرى
السابعة 1961 لثورة نوفمبر وجه الملك خطابا في إذاعة السعودية أكد فيه أن
"المملكة العربية السعودية لن تعيد علاقتها الدبلوماسية مع فرنسا إلا بعد
استقلال الجزائر و أكد أنه سيبقى دائما السند المتين للثورة الجزائرية".
كانت السعودية سباقة في العمل على تدويل القضية
الجزائرية. فبعد شهرين 05 جانفي 1955 من بداية ثورة أول نوفمبر طالبت
بإدراج القضية الجزائرية في منظمة الأمم المتحدة. كما عملت السعودية منذ
بداية حرب التحرير الجزائرية على استغلال فرص نشاطها الدبلوماسي و علاقاتها
الثنائية لتدعيم القضية الجزائرية، بالإضافة إلى ذلك التنسيق يبن
الحكومتين الجزائرية و السعودية كان مستمرا داخل و خارج المملكة و خاصة مع
سفراء المملكة السعودية في الوطن العربي. في هذا الإطار مثلا، كان لقاء
كريم بلقاسم، نائب رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة و وزير القوات المسلحة
مع السفير السعودي بالمغرب أو من خلال الاهتمام المتميز و الاعتبار الخاص
الذي أعطاه الملك أثناء زيارته إلى سوريا في أكتوبر 1957 إلى ممثلي حزب
جبهة التحرير الوطني هناك مؤكد على مساندته
المستمرة للقضية الجزائرية و مبرزا عمله المشترك مع الرئيس السوري شكري
القوتلي من أجل نصرة الجزائر و تأكيد المملكة هذا برز كذلك في مساندتها (1)
المطلقة لكل مطالب جبهة التحرير الوطني و الحكومة الجزائرية المؤقتة في مفاوضاتها مع الفرنسيين في ايفيان 20 مارس 1961 (1).
إن هذه الأرضية و المساندة التي قامت بها
السعودية للقضية الجزائرية ساعدت على إخراج القضية الجزائرية من الإطار
الضيق الذي حاول الاستعمار الفرنسي أن يضعها فيه كما ساعد على امتدادها على
المستوى الخارجي في تدويل القضية الجزائرية و جعلها
قضية عربية ذات بعد قومي تنساب إلى أعماق وجدان
الشعب العربي الذي راح يدعمها و يؤازرها و يقف لنصرتها بكل ما يملك من
إمكانيات مادية و معنوية و سياسية.
المبحث الرابع
الدعم لمغاربي للثورة الجزائرية
المغرب:
رغم الخلافات الحدودية بين الجزائر و المغرب و
التي ارتبطت بالطموح الملكي للتوسع إلا أن هدا لا ينفي أن المغرب ظل يساند
القضية الجزائرية سياسيا و عسكريا و دبلوماسيا.(1)
أولا الدعم السياسي: عملت المملكة المغربية و
إنما على مساندة الثورة الجزائرية منذ انطلاقتها و راحت تعمل من د اخل
الأمم المتحدة للسعي نحو تدويل القضية و الشواهد التاريخية تثبت دلك فقد
كان مؤتمر طنجة 27-30 أفريل خطوة حاسمة في دعم حقوق الشعب الجزائري الثابتة
كما كان من أهم توصياته إقامة حكومة تمثل الشعب الجزائري وهي الحكومة
المؤقتة التي ولدت في 19 سبتمبر 1958م وكان اعتراف المغرب بها بعد يوم واحد
فقط.(2)
من مظاهر الدعم المغربي و الموقف الايجابي السماح
بالنشاطات السياسية و الدبلوماسية لجبهة التحرير الوطني داخل التراب
المغربي و التنسيق معها ،ثم جاء تصريح الأمير حسن في الدورة الخامسة عشر
للأمم المتحدة سنة 1960 حين قال "لا يجوز للجمعية العامة أن تسمح بمواصلة
الحرب في الجزائر.....وان الحكومة المؤقتة هي الناطق الوحيد باسم الشعب
الجزائري".(3)
ثانيا الدعم العسكري:شكل المغرب قاعدة خلفية
للثورة الجزائرية حيث عمل قادة الثورة على إنشاء معسكرات تدريبية به مثل
معسكر خميسات ،العرايش ،ملوية، وجده،وقد كان أفراد الجيش الوطني يتلقون
تدريبات حول فنون القتال و الأسلحة والقنابل كما تم تكوين الفدائيين الدين
نقلوا الثورة إلى قلب فرنسا من خلال تنفيذ عمليات للمنشات
الحيوية في مرسيليا وغيرها هده العمليات جعلت فرنسا تضرب طوقا على الحدود الجزائرية المغربية واستطاعت إفشال عدة عمليات للتهريب الأسلحة كحجز باخرة اتوس
في 06 أكتوبر 1956م و الباخرة الألمانية بيلياق
02 نوفمبر 1959م وغيرها ،هدا الأمر الذي دفع بقيادة الثورة إلى إنشاء
مصانع و ورشات صنع الأسلحة بالتعاون مع المغاربة بمعدات كانت تأتي في
الغالب تحت اسم الحكومة المغربية و ملكها محمد الخامس(1)
ثالثا الدعم الإعلامي: ساهمت الصحف المغربية
زيادة على الدعم السياسي و العسكري بدعم إعلامي تجلى في حشد الرأي العام
المحلي و العالمي للوقوف مع القضية الجزائرية وتحقيق الاستقلال الذي يساهم
حتما في توحيد المغرب العربي ،وقد جاء في جريدة "العلم"لسان حال حزب
الاستقلال المراكشي بتاريخ 23 أفريل 1956م"إذا لم تحرر الجزائر سنجد أنفسنا
في عزلة تامة عن تونس و عن العالم العربي ومعنى دلك أننا سنعيش في صحراء
قاحلة تحدها الجزائر من جهة و الصحراء من جهة أخرى و المحيط الأطلسي من جهة
ثالثة و هدا لا يمكن أن نقبله أبدا(2).
تونس:
تميز موقف الحكومة التونسية تجاه حرب التحرير
الجزائرية من خلال السنتين الأوليتين بعد استقلال تونس(1956-1958) بالليونة
مع فرنسا،ويرجع دلك أساسا لتجربة حركة الاستقلال التونسية بقيادة الرئيس بورقيبة ،و التي تميزت بأسلوب المفاوضات و الليونة.
هده المقاربة قد تعتبر وسيلة مقبولة لاستقلال
تونس غير مشجعة للأهداف التي رسمتها جبهة التحرير الوطني، و خاصة إبرام
تونس في جوان 1958 لاتفاقية مع فرنسا لتحويل البترول الجزائري عبر أنبوب
نفط من أبار أيجلي (جنوب الجزائر) مرورا بالأراضي التونسية لتصديره عن طريق
ميناء الصخيرة بقابس في تونس .
إن سلوك تونس كان إخلالا بالتزاماتها في مؤتمر طنجة
حول وحدة المغرب العربي ،هد