منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


avatar

الفارس الملثم

طاقم الكتاب الحصريين
البلد/ المدينة :
barika
المُسَــاهَمَـاتْ :
3599
نقاط التميز :
7496
التَـــسْجِيلْ :
01/01/2013
عمر وكليته اليسرى [ الجزء السابع الأخير]
....وطال الانتظار ....تربص بالنهار وسهاد يعانق النجوم لعل خبرا يكشف الأسرار
تجوب آمنة مع ابنتيها أرضية الحديقة , والتي اكتست حلة صفراء مزركشة ...
وتبرأت أغصان الأشجار من جل من أوراقها ..فهي شبه عارية ...لكنها صامدة
في وجه الرياح والأمطار .........
كانت آمنة تتأمل تلكم المناظر ...تبتسم تارة وتارة أخرى تداعب ابنتيها .
*- ماما / وسام
*- نعم حبيبتي ماذا ؟
*- لما هكذا تتهاوى أوراق أشجار حديقتنا ؟
*- كما تتهاوى شيئا فشيئا صاحبة الحديقة...
*- نعم ماما ما ذا قلت؟ لم أسمعك جيدا...
*- لا شيء حبيبتي ..قلت فقط نحن في فصل الخريف .. ألم ترسمي بالأمس منظرا كما طلبت منك المعلمة ؟
*- بلى رسمت ماما .أأحضره لك لترينه ..إنه في محفظتي..
*- لا داعي له الآن يا وسام ...سنراه فيما بعد ...تأملي تلك الشجيرة ؟
*- أية شجيرة ماما ؟
*- تلك – وأشارت لها بيدها-
*- آه شجيرة الياسمين ...ما بها ماما ؟
*- الذي بي يا وسام
*- وما بك ماما...؟
زفرات لا يرسمها جهاز تخطيط ولو دقت تفاصيله ....ولا يحس بكيها إلا من بها اكتوى
*- ماما ..معلمتنا كثيرة المكالمات , فهي تكتب لنا على السبورة ثم تقف أمام الباب تتكلم
مع من تتكلم ماما؟
*- ابتسمت آمنة في وجه وسام كعادتها وقالت: لعلها مع أطفالها مثل ما أنا معكما أتكلم
*- لكن ..ماما هي لديها هاتف وأنت لا .
الهاتف ..الجوال.. أنت لا.... كلمات تتصارع على صفحة فؤاد آمنة , وحتى إن كان لي هاتف مع من أتكلم ...مع عمر ..هل يسمعني ...؟ هل يرد علي ....؟لكن صحيح أين هي أمتعته ...
أغراضه ..حقيبته.. ساعة يده.. جواله.. لم استلمها منهم يوم أتوا بجثمانه ..... دبلته ..عندها أدارت الدبلة التي على بنصرها في يدها اليسرى ...
*- ماما تبكين ..؟ ما هذه الدموع...؟
*- نعم حبيبتي دموع هي هكذا تنساب منهمرة دون سابق إشعار *- ماما السماء ملبدة بالسحب ...أظنها ستمطر ...
*- إن شاء الله ...غيثا نافعا يغسل الأدران وما بنا من غم ...
لأول مرة ومنذ وفاة عمر تنتبه آمنة لأمر حاجاته .كيف أنهم لم يسلموها إلها ؟ أليس من حقها؟
أين هي ...؟ إن في الأمر سرا ....وحديث خالتها ...عمر في الطريق... عمر قادم ...
أحست آمنة وهي تغربل أفكارها وكأن نورا سطع أمام عينيها ...انشرح صدرها ..ضحكت ..اجل ضحكت .... ابنتها وسام مبهوتة ...
*- ما يضحكك ماما ؟
*- إنه في الطريق قادم ... عمر حبيبي ...
*- أنت مثل معلمتنا هي أيضا تقول كلاما يشبه كلامك ....
لم تكن آمنة في حاجة لسماع ما تقول وسام ابنتها ....إنها في غمرتها السعيدة ...عمر قادم
نامي حبيبتي ...تدثري جيدا ... وتوسدت وسام ذراع أمها حبيبتها , وهي تنظر إليها فقالت...
*- ماما ..ما أجملك .ما أجمل سواد عينيك.؟وشعرك وهو مسترسل على كتفيك ...كلك ماما جمال .
انتبهت آمنة لها وقالت : وما أجملكما أنتما ...
وحل فصل الشتاء بقسوته وقرسه .تجمدت مياه الصنابير في قنواتها , والجداول ثقل جريان مائها فقد علا سطحها الجليد .. الجبال قممها بيضاء ...الحركة تكاد تنعدم صبحا وما بعد المغرب ....
أين الطارق المبشر ؟ لم يظهر له طيف منذ ذلك اليوم ... أين هؤلاء المبشرين الذين أتوا وقتها بخبر لم يبدو له أثر....؟
استسلمت للنوم وفيه غاصت ....
*- آمنة ابنتي اشتقت إليك .. انهضي أين فنجان قهوتي ..إنني متعبة ..
*- أنا أيضا إليك مشتاقة والدتي ..أنا هنا وحيدة لولا بنتاي هاتان يؤنساني ويفكان عني ما أنا فيه..
*- ما بك آمنة ؟ أراك على غير ما تركتك عليه أمن وحشتي ....؟
*- الوحشة إليكم جميعا يا أمي
*- ألم تتصلي بالسيدة الطيبة أو هي اتصلت بك , فإن حدث ذلك بلغيها تحياتي وذكريها بأيام تلك التي قضيناها عندهم ....
*- السيدة الطيبة ...؟؟؟ آه نعم من حين لآخر ..إنها فعلا طيبة يا والدتي ..
*- وهل من أخبار عن عمر ..كيف هو ؟. إنه هو الآخر صاحب اليد البيضاء علينا يا آمنة
إنه وديع .. لا تخجلي منه إذا أنت احتجت .... ؟ إنه نادر المعدن ..إنه...
*- أعلم ذلك يا أمي ..أعلم.. إلى أين أنت ذاهبة يا والدتي أراك في عجلة من أمرك ..
*- أعود لمكاني قبل أن يغلق الحراس الأبواب
-* انتظري ؟... انتظري؟... انتظري ....؟
استفاقت آمنة على صدى هاته الكلمات ... بدنها يرتجف ...يداها ترتعشان .. بصرها شاخص
وارتفع صوت المؤذن ..قامت ... توضأت.. بسطت الحسير .. استقبلت قبلتها ..سجدت ..
وما ذا بعد السجود ....؟
*- إنها في حاجة إلى عملية فبصرها ذهب كلية / الدكتور
*- ما العمل دكتور/ والد عمر
*- وعلى عجل ولكن ؟
*- ولكن ماذا دكتور ألا تعملونها هنا
*- إنه البصر يا سيد / الدكتور
*- أحمد ..أحمد والد عمر
*- رحمه الله إنه شهم نبيل / الدكتور
ساعدن دكتور فضلا إنها قطعة من كبدي ..إنها زوجة ولدي عمر ...
نقلت آمنة إلى خارج الوطن . تكفلت زوجة والد عمر بالبنتين ....
شهر ونصف بالتمام والكمال منذ الحادثة ... ست ساعات مدة سفر ......
وعادت آمنة سليمة معافاة تبصر وتنظر وتقدر والفرحة منها تتطاير ....
تنط ... توزع الورود ..تلقي بها هكذا ... حشود وحشود في استقبالها ...
*- هيا آمنة ابنتي سلمي على أهلك وأحبائك .... انظري ابنتي عدت وكأنك ملكة ونحن الرعية...
نعم إنها ملكة وحق لها أن تعتلي عرش الملك ..فهي جديرة, قمينة بذلك ولما لا وملكها يقف غير بعيد عنها ... لكن بزي متنكر ..
إنه عمر ... إنه الدكتور عمر ...
هنا يعجز عقل الإنسان عن الوصف وتقف الشمس في كبد السماء تؤدي التحية ... وتخر الأقلام ذليلة ....
هنا موقف لم يسجله تاريخ البشرية ولم يحدثنا عنه مطلقا ...
هنا موقف اختلط ذكوره بإناثه .. موقف بين دموع من العيون والأنوف ... حركات تكاد تكون أقرب منها إلى البهلوانية .. تحميد وشكر لله رب العالمين ..
إنه الموقف المعجزة .. موقف تجلت فيه ومن خلاله قدرة السميع العليم ..
موقف حق له أن ترسم معالمه على صفحات الوجود بحروف من دقات القلب وهمسات القدر
إنه يوم عود ة الدكتور عمر.
إبراهيم تايحي
 
ziba1111

ziba1111

عضو نشيط
رقم العضوية :
44085
البلد/ المدينة :
ارض الله الواسعة
العَمَــــــــــلْ :
موظفة
المُسَــاهَمَـاتْ :
1392
نقاط التميز :
1106
التَـــسْجِيلْ :
06/05/2012
و الله قصة رائعة من اجمل ما قرات
شكرا سيدي المحترم
 
avatar

الفارس الملثم

طاقم الكتاب الحصريين
البلد/ المدينة :
barika
المُسَــاهَمَـاتْ :
3599
نقاط التميز :
7496
التَـــسْجِيلْ :
01/01/2013
ولكي أكون منصفا ومقدرا أقول لك سيدتي الفاضلة , تقبلي مني أسمى آيات التقدير والاحترام

شكرا على حسن المرور والتزكية
 
melissa

melissa

طاقم المشرفين
رقم العضوية :
12924
البلد/ المدينة :
jijel
العَمَــــــــــلْ :
طالبة جامعية
المُسَــاهَمَـاتْ :
6768
نقاط التميز :
6286
التَـــسْجِيلْ :
27/02/2011
وبعد أن تمعنت وقرأت الأجزاء السبع

قرأت هذا الجزء والذي هو الاخير وتمعنت وحقا احترت فلم أرد منذ مدة طويلة

نعم أنا في حيرة من أمري كما كانت آمنة تفعل
هل عاد عمر حقا ..أم أن آمنة رحلت..نعم حرت وفي كل الكلمات تمعنت

وأنا التي ظننت نفسي سباحة تمهر الغوص في بحور الحرف والصرف
أجد نفسي هاهنا غريقة بحرك ..جذبتني عذوبته ونقاوة امواجه

فما أجد الا أن احييك أيها المحترم أرق التحايا وأزكى التسليم
دمت ودام قلمك النبيل أيها الفارس الأصيل
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى