ريم الجهمى
عضو مساهم
- البلد/ المدينة :
- الرياض
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 103
- نقاط التميز :
- 396
- التَـــسْجِيلْ :
- 23/01/2013
مهما مدحنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم لا نجد أعظم ولا أكبر ولا أفضل من ثناء الله ومدح الله لحبيبه ومصطفاه في كتاب الله فإنَّ الله هو الذي يعرف قدره وهو الذي سوي شأنه وهو الذي بيَّن وأظهر وأجلي نوره وهو الذي أثني عليه بما فيه لنعلمه ونعرفه فنشكر الله على هذه النعمة التامة والرحمة السابغة ومدح الله لحبيبه ومصطفاه في القرآن كل كلمة تحتاج إلى سنين وشهور ودهور حتي نتبين ما بيَّنه الله لنا من أوصاف لحبيبه ومصطفاه على قدر عقولنا وعلي قدر ما تتحمله قلوبنا لا على قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يعلمه إلا مولاه عزَّ وجلَّ
عَلَي قَدْرِي أَصُوغُ لَكَ المَدِيحَا وَمَدْحُكَ صَاغَهُ رَبِّي صَرِيحا
وَمَنْ أَنَا يَا إِمَـامَ الرُّسْلِ حَتَّي أُوَفِّي قَدْرَكَ السَّامِي شُرُوحا
وَلَكِـنِّي أُحِبُّكَ مِلءَ قَلْـبِي فَأََسْعِدْ بِالوِصَالِ فَتَيً جَرِيحا
وَدَاوِ بِالوِصَــالِ فَتَيً مُعَنَّي يَرُومُ القُرْبَ مِنْكَ لِيَسْتَرِيحا
فالله عزَّ وجلَّ عندما اختار نبيَّه لنبوته وأمره بتبليغ شريعته أنزل له خطاب التكليف وفيه تعريف بمهمات ووظائف هذا النَّبِيِّ الشريف صلوات ربي وسلامه عليه من الذي كلفه؟ ربُّ العزَّة عزَّ وجلَّ بأيِّ شئٍ كلَّفه؟ نحن جميعاً نظن أنه كلَّفه بأن يبلِّغ الرسالة ويعرفها لنا وفقط ولكن أمور التكليف كثيرة اسمعوها معي من الله وعدِّدوها معي{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ} و { إِنَّا } هنا: إشارة إلى ذات الله يعني (إِنَّا) بجمالاتنا وكمالاتنا وبهائنا وضيائنا وقدراتنا ونورنا وعظمتنا أرسلناك لنعرف أنه مؤيَّد بكل الأسماء والصفات الإلهية وبكل أنواع العظمة الربانية وبكل الأنوار الظاهرة والباطنة الإلهية لأن الذي أرسله هو الله لماذا أرسلناك؟ {أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} هذه أول وظيفة {وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} هذه الوظيفة الثانية {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} هذه الوظيفـة الثالثة {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} هذه الوظيفة الرابعة{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} هذه الوظيفة الخامسة {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}
وكل وظيفة من هذه الوظائف تحتاج منا إلى سنين لنعرف مضمون التكليف الذي كلف به الله الحبيب الشريف صلى الله عليه وسلم وكل وظيفة من هذه الوظائف للأمة جميعها - لمن قبلنا ولنا ولمن بعدنا - إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ومن أمته؟ أمته كلُّ النبيين والمرسلين وأممهم والملائكة المقربين والأنس والجن وأهل عالين وأهل الأرض وكل العوالم لأن الله قال له{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} فهو رحمة لجميع العالمين والعالمين كل ما سوى الله فكل ما سوى الله فهو من جملة العالمين كالسموات والعرش والكرسي والجنات والأرض كل هذا من جملة العالمين والكل مرحوم بسيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم
وكذلك الناس من أول آدم إلى يوم القيامة ومن أجل ذلك قال له{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ - أي لكل الناس- بَشِيرًا وَنَذِيرًا} إذاً رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل الكائنات ولجميع المخلوقات العلويات والسفليات التي خلقها بديع السموات والأرض عزَّ وجلَّ وهذا سرَّ قول الله {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} رفع الله ذكره فلا يقبل من أحد قول (لا إله إلا الله) إلا إذا كان معها (محمد رسول الله) ومن جملة الوظائف التي ساقها الله في هذه الآية لأن هناك وظائف أخري في آيات أخري وليست هذه كل وظائف النبوة
هناك وظائف أخري ذكرها الله وهي وظائف الرسالة قال فيها {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ} ما عمله معكم؟ {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا} - هذه الأولي{وَيُزَكِّيكُمْ} - هذه الثانية {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ} - هذه الثالثة {وَالْحِكْمَةَ} - هذه الرابعة {وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} وظائف كثيرة لرسول الله هناك وظائف للنبوة ووظائف للرسالة فوظائف النبوة التي قلناها وهي لكل الأنبياء وأممهم والملائكة والِجنِّ والإنس ووظائف الرسالة التي ذكرناها الآن لنا نحن لأنه كُلِّفَ بالرسالة لأمته وإن كان هو في الحقيقة رسول المرسلين ونبي النبيين صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
أنه صلى الله عليه وسلم (شَاهِداً) يشهد على الأنبياء وعلي أممهم ويشهد علينا كذلك يشهد على الأنبياء جميعاً وعلي أممهم يوم القيامة {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً} إذاً من الذي يشهد على الأمم السابقة جميعاً؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يشهد لابد أن يكون قد رأي هل ينفع شاهد لم يَرَ شيئاً؟ لا لأنه يكون شاهد زور لكن من أجل أن يكون شاهداً حقًّا لابد أن يكون علم واطلع ورأي بعينيه فالله كاشفه وأطلعه على أحوال السابقين أجمعين وكلَّفه بأن يكون شاهداً على الأنبياء والمرسلين وعلي أممهم أجمعين يوم الدين والذي يشهد له رسول الله هو الذي يقبل شهادته الله والذي يشهد عليه رسول الله هذا يا حسرته على ما فرط في جنب الله يوم لقاء الله ونحن كذلك {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ َيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا}
كيف يطلع علينا ويري أعمالنا؟ هذه أحوال خاصة وهو يقول لأمثالنا العوام العاديين يقول ربنا لنا (لا يزال عبدي يتقرب إلىَّ بالنوافل حتي أحبَّه فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ورجله التي يمشي بها ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه)[1] إذا كان الذي مثلنا عندما يجتهد مع الله يري بنور الله والذي يري بنور الله ما مدي حدوده؟ ليس له حدود يري الذي بداخلك والذي بداخلي ويرى على امتداد المسافات لا يحجبه شيء كيف يري الذي بداخلي؟ سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه كان جالساً في مجلسه - وهو أمير المؤمنين - وأحد أصحاب حضرة النبي كان قادماً إليه وأثناء مشيه إليه وهو في طريقة نظرت عينه ودققت في ساق امرأة وهل لو أحدنا نظر في عين أخيه يستطيع أن يعرف أين نظر؟ هل يستطيع أن يعلم بأنه يقرأ ويكتب؟ هل يعرف بالنظر أنه يجيد الإنجليزي أو الفرنساوي؟ هل يستطيع أن يعرف أنه مهندس أو دكتور أو محاسب عندما ينظر في العين؟ لكن الصالحين عندما ينظرون - بنور الله - يعرفون كل هذه الأمور{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} فيعرف ما في صدور الناس – فسيدنا عثمان عندما دخل عليه الرجل الصحابي الجليل قال له (أما يستحي أحدكم أن يدخل على وفي عينيه أثر الزنا) سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه رأى بنور الله النظرة التي نظرها هذا العبد لامرأة وهو ماشٍ في الطريق كيف؟ هذا موضوع لا ينفع فيه كيف؟ لكن ينفع فيه أن تجد وتجتهد حتي تصل إلى هذا المقام فتتمتع بهذا النور الذي بشر به المصطفي عليه أفضل الصلاة وأتم السلام والذي ينكر ماذا نفعل له؟
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم
فالذي عنده حمي عندما نحضر له عسلاً يقول هذا مرّ هل المرارة في لسانه أم في العسل؟ المرارة من المرض الذي عنده لكن السليم عندما يتذوق العسل يجد طعمه وحلاوته وكذلك سليم القلب{ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} فسليم القلب يتذوق هذه الأنوار ويتمتع بهذه الأسرار ببركة إتباع النَّبِيِّ المختار صلى الله عليه وسلم
وكذلك سيدنا عمر عندما كان واقفاً على المنبر وجيشه يحارب وبينه وبين الجيش أربعة آلاف كيلومتراً وترك الخطبة فجأة وقال: يا سارية قال: لبيك يا أمير المؤمنين قال له: الجبل فنظر سارية خلفه - وظهره للجبل - فوجد مجموعة من الأعداء آتين من خلف الجبل حتي يقضوا على الجيش من الخلف كان من كان جالساً من المؤمنين عندما سمعوا سيدنا عمر يقول ذلك تعجبوا ولكن هيبته كانت تمنعهم من الكلام فذهبوا إلى سيدنا على وقالوا له حدث كذا وكذا من سيدنا عمر اليوم قال لهم: نسأله أولاً قبل أن نثير شائعات ونري ماذا يقول؟ انظروا إلى سلوك المسلمين الأولين كيف كان؟ هذا هو السلوك نسأله أولاً فقالوا: يا أمير المؤمنين ماذا حدث معك على المنبر؟ فقال: لا شىء فقالوا: سمعناك قطعت الخُطبة وقلت: يا سارية الجبل فقال: لقد رأيت كذا وكذا فقالوا: نسجل اليوم والتاريخ وننتظر إلى أن يأتي رسول سارية وبعد شهر جاء الرسول ومعه رسالة بأن المسلمين انتصروا في يوم الجمعة فقالوا له: كيف انتصرتم؟ فقال: سمعنا صوت عمر وهو يقول: يا سارية الجبل فنظرنا وراءنا فوجدنا العدو يحيط بالجبل ويريد أن يهجم علينا من الخلف وببركة هذا الصوت أخذنا حذرنا ونصرنا الله عزَّ وجلّ فإذا كان عمر ينظر بنور الله وينطق بلسان الله وعثمان ينظر بنور الله وغيرهم كثير من أصحاب رسول الله فكيف يكون حال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
[SIZE="3"][1] رواه البخارى عن أبى هريرة [2] البيهقى عن أبى أمامة
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C7%E1%DF%E3%C7%E1%C7%CA%20%C7%E1%E3%CD%E3%CF%ED%C9_%D82&id=91&cat=4
منقول من كتاب [الكمالات المحمدية]
عَلَي قَدْرِي أَصُوغُ لَكَ المَدِيحَا وَمَدْحُكَ صَاغَهُ رَبِّي صَرِيحا
وَمَنْ أَنَا يَا إِمَـامَ الرُّسْلِ حَتَّي أُوَفِّي قَدْرَكَ السَّامِي شُرُوحا
وَلَكِـنِّي أُحِبُّكَ مِلءَ قَلْـبِي فَأََسْعِدْ بِالوِصَالِ فَتَيً جَرِيحا
وَدَاوِ بِالوِصَــالِ فَتَيً مُعَنَّي يَرُومُ القُرْبَ مِنْكَ لِيَسْتَرِيحا
فالله عزَّ وجلَّ عندما اختار نبيَّه لنبوته وأمره بتبليغ شريعته أنزل له خطاب التكليف وفيه تعريف بمهمات ووظائف هذا النَّبِيِّ الشريف صلوات ربي وسلامه عليه من الذي كلفه؟ ربُّ العزَّة عزَّ وجلَّ بأيِّ شئٍ كلَّفه؟ نحن جميعاً نظن أنه كلَّفه بأن يبلِّغ الرسالة ويعرفها لنا وفقط ولكن أمور التكليف كثيرة اسمعوها معي من الله وعدِّدوها معي{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ} و { إِنَّا } هنا: إشارة إلى ذات الله يعني (إِنَّا) بجمالاتنا وكمالاتنا وبهائنا وضيائنا وقدراتنا ونورنا وعظمتنا أرسلناك لنعرف أنه مؤيَّد بكل الأسماء والصفات الإلهية وبكل أنواع العظمة الربانية وبكل الأنوار الظاهرة والباطنة الإلهية لأن الذي أرسله هو الله لماذا أرسلناك؟ {أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا} هذه أول وظيفة {وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} هذه الوظيفة الثانية {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} هذه الوظيفـة الثالثة {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} هذه الوظيفة الرابعة{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} هذه الوظيفة الخامسة {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}
وكل وظيفة من هذه الوظائف تحتاج منا إلى سنين لنعرف مضمون التكليف الذي كلف به الله الحبيب الشريف صلى الله عليه وسلم وكل وظيفة من هذه الوظائف للأمة جميعها - لمن قبلنا ولنا ولمن بعدنا - إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ومن أمته؟ أمته كلُّ النبيين والمرسلين وأممهم والملائكة المقربين والأنس والجن وأهل عالين وأهل الأرض وكل العوالم لأن الله قال له{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} فهو رحمة لجميع العالمين والعالمين كل ما سوى الله فكل ما سوى الله فهو من جملة العالمين كالسموات والعرش والكرسي والجنات والأرض كل هذا من جملة العالمين والكل مرحوم بسيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم
وكذلك الناس من أول آدم إلى يوم القيامة ومن أجل ذلك قال له{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ - أي لكل الناس- بَشِيرًا وَنَذِيرًا} إذاً رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل الكائنات ولجميع المخلوقات العلويات والسفليات التي خلقها بديع السموات والأرض عزَّ وجلَّ وهذا سرَّ قول الله {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} رفع الله ذكره فلا يقبل من أحد قول (لا إله إلا الله) إلا إذا كان معها (محمد رسول الله) ومن جملة الوظائف التي ساقها الله في هذه الآية لأن هناك وظائف أخري في آيات أخري وليست هذه كل وظائف النبوة
هناك وظائف أخري ذكرها الله وهي وظائف الرسالة قال فيها {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ} ما عمله معكم؟ {يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا} - هذه الأولي{وَيُزَكِّيكُمْ} - هذه الثانية {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ} - هذه الثالثة {وَالْحِكْمَةَ} - هذه الرابعة {وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} وظائف كثيرة لرسول الله هناك وظائف للنبوة ووظائف للرسالة فوظائف النبوة التي قلناها وهي لكل الأنبياء وأممهم والملائكة والِجنِّ والإنس ووظائف الرسالة التي ذكرناها الآن لنا نحن لأنه كُلِّفَ بالرسالة لأمته وإن كان هو في الحقيقة رسول المرسلين ونبي النبيين صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين
أنه صلى الله عليه وسلم (شَاهِداً) يشهد على الأنبياء وعلي أممهم ويشهد علينا كذلك يشهد على الأنبياء جميعاً وعلي أممهم يوم القيامة {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً} إذاً من الذي يشهد على الأمم السابقة جميعاً؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يشهد لابد أن يكون قد رأي هل ينفع شاهد لم يَرَ شيئاً؟ لا لأنه يكون شاهد زور لكن من أجل أن يكون شاهداً حقًّا لابد أن يكون علم واطلع ورأي بعينيه فالله كاشفه وأطلعه على أحوال السابقين أجمعين وكلَّفه بأن يكون شاهداً على الأنبياء والمرسلين وعلي أممهم أجمعين يوم الدين والذي يشهد له رسول الله هو الذي يقبل شهادته الله والذي يشهد عليه رسول الله هذا يا حسرته على ما فرط في جنب الله يوم لقاء الله ونحن كذلك {لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ َيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا}
كيف يطلع علينا ويري أعمالنا؟ هذه أحوال خاصة وهو يقول لأمثالنا العوام العاديين يقول ربنا لنا (لا يزال عبدي يتقرب إلىَّ بالنوافل حتي أحبَّه فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ورجله التي يمشي بها ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه)[1] إذا كان الذي مثلنا عندما يجتهد مع الله يري بنور الله والذي يري بنور الله ما مدي حدوده؟ ليس له حدود يري الذي بداخلك والذي بداخلي ويرى على امتداد المسافات لا يحجبه شيء كيف يري الذي بداخلي؟ سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه كان جالساً في مجلسه - وهو أمير المؤمنين - وأحد أصحاب حضرة النبي كان قادماً إليه وأثناء مشيه إليه وهو في طريقة نظرت عينه ودققت في ساق امرأة وهل لو أحدنا نظر في عين أخيه يستطيع أن يعرف أين نظر؟ هل يستطيع أن يعلم بأنه يقرأ ويكتب؟ هل يعرف بالنظر أنه يجيد الإنجليزي أو الفرنساوي؟ هل يستطيع أن يعرف أنه مهندس أو دكتور أو محاسب عندما ينظر في العين؟ لكن الصالحين عندما ينظرون - بنور الله - يعرفون كل هذه الأمور{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} فيعرف ما في صدور الناس – فسيدنا عثمان عندما دخل عليه الرجل الصحابي الجليل قال له (أما يستحي أحدكم أن يدخل على وفي عينيه أثر الزنا) سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه رأى بنور الله النظرة التي نظرها هذا العبد لامرأة وهو ماشٍ في الطريق كيف؟ هذا موضوع لا ينفع فيه كيف؟ لكن ينفع فيه أن تجد وتجتهد حتي تصل إلى هذا المقام فتتمتع بهذا النور الذي بشر به المصطفي عليه أفضل الصلاة وأتم السلام والذي ينكر ماذا نفعل له؟
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم
فالذي عنده حمي عندما نحضر له عسلاً يقول هذا مرّ هل المرارة في لسانه أم في العسل؟ المرارة من المرض الذي عنده لكن السليم عندما يتذوق العسل يجد طعمه وحلاوته وكذلك سليم القلب{ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} فسليم القلب يتذوق هذه الأنوار ويتمتع بهذه الأسرار ببركة إتباع النَّبِيِّ المختار صلى الله عليه وسلم
وكذلك سيدنا عمر عندما كان واقفاً على المنبر وجيشه يحارب وبينه وبين الجيش أربعة آلاف كيلومتراً وترك الخطبة فجأة وقال: يا سارية قال: لبيك يا أمير المؤمنين قال له: الجبل فنظر سارية خلفه - وظهره للجبل - فوجد مجموعة من الأعداء آتين من خلف الجبل حتي يقضوا على الجيش من الخلف كان من كان جالساً من المؤمنين عندما سمعوا سيدنا عمر يقول ذلك تعجبوا ولكن هيبته كانت تمنعهم من الكلام فذهبوا إلى سيدنا على وقالوا له حدث كذا وكذا من سيدنا عمر اليوم قال لهم: نسأله أولاً قبل أن نثير شائعات ونري ماذا يقول؟ انظروا إلى سلوك المسلمين الأولين كيف كان؟ هذا هو السلوك نسأله أولاً فقالوا: يا أمير المؤمنين ماذا حدث معك على المنبر؟ فقال: لا شىء فقالوا: سمعناك قطعت الخُطبة وقلت: يا سارية الجبل فقال: لقد رأيت كذا وكذا فقالوا: نسجل اليوم والتاريخ وننتظر إلى أن يأتي رسول سارية وبعد شهر جاء الرسول ومعه رسالة بأن المسلمين انتصروا في يوم الجمعة فقالوا له: كيف انتصرتم؟ فقال: سمعنا صوت عمر وهو يقول: يا سارية الجبل فنظرنا وراءنا فوجدنا العدو يحيط بالجبل ويريد أن يهجم علينا من الخلف وببركة هذا الصوت أخذنا حذرنا ونصرنا الله عزَّ وجلّ فإذا كان عمر ينظر بنور الله وينطق بلسان الله وعثمان ينظر بنور الله وغيرهم كثير من أصحاب رسول الله فكيف يكون حال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
[SIZE="3"][1] رواه البخارى عن أبى هريرة [2] البيهقى عن أبى أمامة
http://www.fawzyabuzeid.com/table_books.php?name=%C7%E1%DF%E3%C7%E1%C7%CA%20%C7%E1%E3%CD%E3%CF%ED%C9_%D82&id=91&cat=4
منقول من كتاب [الكمالات المحمدية]