![avatar](https://www.ouadilarab.com/users/3412/45/42/53/avatars/gallery/unknow10.gif)
الفارس الملثم
طاقم الكتاب الحصريين
- البلد/ المدينة :
- barika
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3599
- نقاط التميز :
- 7496
- التَـــسْجِيلْ :
- 01/01/2013
هذه فراشتي وأنا أعرفها....
لم أكن متعودا على شرب المستخلص من نقيع العلقم المزين ظاهره, السموم باطنه,لكن يبدو لي الآن أنني تعودت ... وتراني لا ارتوي أبدا....
طويت ألاف الأمتار , أشق الطريق المؤدي إلى حقلي – حقلي أنا البدوي – هذا الحقل الذي أحطته
بأسلاك صنعتها له خصيصا من أصدق أمعائي , صونا له ولي و حماية من أيادي العابثين
قلت: ونحو حقلي اتجهت وقفت رهبة ووجلا مما أبصرت .
ما هذا الذي حل بحقلي؟
أوراق أشجاره بين اصفرار واندثار .. وما هذا الذي يحيط بالأشجار..؟ إني لا أسمع زقزقة العصافير ولا لمائه من خرير؟ ...أين فراشتي؟ أين فراشتي ؟ أين فراشتي الصغيرة....؟؟؟؟؟شخصت ببصري بحثا عنها , رحت أتحسس مكانها , أين هي؟ لا فوق ولا تحت ولا بين الأغصان
أين هي الآن...؟
أتكون هاجرت بعد طول انتظار..؟ أم هي نائمة في أحد الأوكار؟ أم على السطوح تناجي الأقمار؟ألست فارسها المختار....؟
لا... فراشتي أعرفها وأعرفها جيدا, لا بد من خطب جلل ..أكيدلكن هي عودتني .. هي تربت على كتفي حين ألج تربة الحقل , وأحيانا قبل الوصول إليه
أين أنت يا فراشتي....؟
ونزغني شيطان من شياطين الوسواس , زين لي القبيح وقبح لي الحسن الجميل, أزني لتركها وعدم الاكتراث بها وبحالها, وكدت أركن لذلك مستندا لبعض عظاتها , وما كانت عظاتها إلا من براءة ودماثة خُلُقها؟ وصدق لسانها ونقاوة أسنانها وطيبة أصلها ومعدنهافقلت له بعد ما استنفرت جنود فكري وشحذت عقلي : تبا لك أيها الموسوس .. غُر غيري؟ أما أنا وهي توأمان , ألا تعلم وتدري أننا زهرة العمر والحياة؟
وبينما كنت بين مخض وزبد إذ بلمسة أرق من الحرير وأنعم من غطاء سرير الأمير الأثير إذ بوجه صبوح ينير..........
إنها هي ... عادت فراشتي.. فاهتزت طربا مهجتي ... أين كنتِ يا صغيرتي...؟
طال صمتها واشتدت طولا وفتلا حبال سكوتها فازدادت في نظري بهاء وسمتا فازددت لها لوعة ووفاء...
هيا ..هيا تكلمي فراشتي؟ لما أنت هكذا صوما عن الكلام؟ أنذرت ذلك؟
وراحت مني غير بعيد ترفرف بجناحي العقل والقلب وتمتعض أحيانا... حقُ لها ذلك
أليست هي كباقي الفراشات تحس وتشعر...؟
علمت منها ذلك وقد اشتد عصف الرياح فجأة فخفت عليها ففتحت زر ثوبي وبسطت لها راحة يدي فارتمت عليها واطمأنت نفسها...نعم هي لا تتكلم كثيرا وكأنها ابنة أمير .. لا هي ابنة فقير وأنا مثلها .. إني بها لسعيد
تأملتها وهي نائمة على راحة يدي , رأيت بين جفونها أمرا , رأيت وجهها وكأنه القمر
رأيت في سويدائها حبا منهمرا.....
رفعتها عليا بعد ما هدأت وخفت حركة الرياح , وإذا بها تنتفض فزعة تنظر يمينا وشمالا , أعلى وأسفل وكأنها تفتقد شيئا أو تهاب منه .. ثم رفرفت وكانت مني على مرمى حجر ترمقني بمقلتيها
فهم قلبي معانيها.. إنها تتألم ومن شدة الألم اصطنعت ابتسامة حروفها واحدة ..
هذه فراشتي وأنا أعرفها.
إبراهيم تايحي