نزيف المشاعر
عضو نشيط
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- العَمَــــــــــلْ :
- 2 ثانوي
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 465
- نقاط التميز :
- 364
- التَـــسْجِيلْ :
- 20/07/2013
وليحملن اثقالهم و اثقالا مع اثقالهم
لحظة المواجهة بما اقترفت أيدينا من الذنوب والمعاصي ليست هينة فأحمالنا قد تكون ثقيلة، ولكن المؤلم حقا أن تكتشف بأنك ستتكفل كذلك بأحمال الآخرين!إن الإنسان يعجز عن حمل أوزار نفسه، فكيف به وقد أتى يوم القيامة يجر أوزاره وأوزار خلق كثير غيرههذا ما يحذرنا منه القرآن الكريم في الآية رقم (13) من سورة العنكبوت: [وليحملنا ثقالهم وأثقالا مع أثقالهم] ويفسرها ابن كثير بأن فيها إخبارا عن الدعاة إلي الكفر والضلالة، وأنهم يوم القيامة يحملون أوزار أنفسهم، وأوزارا أخري بسبب من أضلوا من الناس، من غير أن ينقص من أوزار أولئك شيئا، ويستشهد كذلك بقوله تعالي في سورة النحل: [ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون] ولهذا المعني ما يؤيده من الحديث الصحيح: "من دعا إلي هدي كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه إلي يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن دعا إلي ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه إلي يوم القيامة، من غير أن ينقص من آثامهم شيئا"
أما تكملة الآية: [وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون] أي: يكذبون ويختلقون من البهتان.
كم من كلمة نطقنا بها في مجلس من المجالس وقلنا فيها على الله بغير علم، فتأثر بها أحد الجالسين فتجرأ على المعصية، فصارت خطيئته في صحائفنا ونحن لانعلم.. وكلما كرر معصيته .. تكررت في صحائفنا..
كم من مقالة أثار فيها كاتب من الكتّاب شبهة شوشت على آلاف القراء فتساهلوا في ذلك الحكم الشرعي، ونقلوا هم بدورهم تلك الشبهة إلى آلاف آخرين .. فيأتي ذلك الكاتب يوم القيامة يجرجر في صحيفته خطايا آلاف وآلاف من الناس لايعرفهم.. الإسهام في القنوات الفضائية الفاسدة ودعمها بأي صورة من الصور ودلالة الناس عليه.....
كم نسمع بفضائح واخبار تنشر فنتداولها ونرددها دون اليقين بصحتها فنتحمل وزر كل من قام بنشر هذة الاخبار بسبب التساهل فى الخوض فى اعراض المسلمين
فكم من إنسان أهلك نفسه وحمَّل كاهله سيئات الآخرين بالإضافة الى سيئاته عندما نصَّب نفسه ناشراً إلى المنكر بين اوساط الناس
كم من المواقف التي سطرها التأريخ عن اناس ماتوا ومازال ذلك الكم الهائل من السيئات يصل اليهم وهم في عداد الأموات وقد عجز احب الناس اليهم من إيقاف تلك السيئات التي يصل لظاها الي المتوفى وهو في قبره
من شَرَع لمنكرٍ ، أو شارك فيه، أو أعان عليه، أو رَضِيَه فى الفضائيات او الصحافة-او فى جالسات فإنَّه يبوء بإثمه، وآثامِ مَن تبعوه في هذا المنكر، ولو امتدَّ مئاتِ السِّنين إلى أن ينتهيَ المنكر ويضمحل، وهذا الحُكم قاعدة مُحكمة مقرَّرة في القرآن وفي السُّنَّة؛ قال الله - تعالى -: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25]، وقال - تعالى -: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [العنكبوت: 13]،
وفي تفسير الإمام الشعراوي نجد الإشارة لأهمية مصاحبة من يقودنا إلي الخير والابتعاد عمن يقودنا للمعاصي ويصور لنا كيف كانت العلاقة بينهما في الدنيا وكيف ستكون في الآخرة: يقول تعالي: [إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب.] [البقرة: 166] فهنا أصبحت العلاقة تبرؤا، ويقول التابعون: [ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين] [فصلت: 29] أما في سورة الزخرف نجدها تصل للعداء [الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين] فالمودة التي كانت بينهم في الدنيا تحولت إلي عداوة، لأنهم اجتمعوا في الدنيا علي الضلال، فتفرقوا في الآخرة، فالمتقي ساعة يري المتقي في الآخرة يشكره، ويعترف له بالجميل، لأنه أخذ علي يديه في الدنيا، ومنعه من أسباب الهلاك، فيحبه ويثني عليه، وربما اعتبره عدوه في الدنيا، أما أهل الضلال فيعلن بعضهم بعضا، ويتبرأ بعضهم من بعض.
لذا فإن الواجب على المسلم الفطن لا ينظر إلى هوان المعصية، بل ينظر إلى عظمة من عصى، فإن العبد إن جعل هذا هو منهجه في الحذر من فعل المعصية، صار أبعد ما يكون عن ارتكابها، فضلاً عن الدعوة إليها أو الرضا بها أو السكوت عنها.