منتدى وادي العرب الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الرحبة

الرحبة

طاقم المتميزين
رقم العضوية :
548
البلد/ المدينة :
الجزائر
العَمَــــــــــلْ :
استاذ
المُسَــاهَمَـاتْ :
8556
نقاط التميز :
25056
التَـــسْجِيلْ :
14/04/2010
قراءة‮ ‬في‮ ‬موقف‮ ‬المملكة‮ ‬السّعودية‮ ‬من‮ ‬الأحداث‮ ‬في‮ ‬مصر Font_enlarge
قراءة‮ ‬في‮ ‬موقف‮ ‬المملكة‮ ‬السّعودية‮ ‬من‮ ‬الأحداث‮ ‬في‮ ‬مصر

لا يُستغرب موقف عصابة المخالفين للتيّار الإسلامي في مصر، وإمعانهم في الحقد والتّزييف وكيل التّهم له وتحويل ذلك كلّه، أمام أنظار الجميع، إلى دفاع عن الوطن وتحذير من التطرّف والإرهاب، فإنّ كلّ ذلك غير غريب ولا جديد على من عرف الاحتكاك مع الزّمرة الجائرة في مصر‭.‬
 ولنا نحن الجزائريّين أكبر العبرة في ذلك أثناء أحداث سابقة، عندما كنّا نقف مشدوهين أمام ما تبثّه القنوات المصرية من تزييف للأخبار وتدليسها، وكيف كانت تُصوِّر الجاني في صورة الضحيّة و تقدّمه في صورة الشّهم النّبيل، وتقدّم الخصم في صورة الجاني الخالي من كلّ قيم إنسانية، فإنّ كلّ ذلك لا يُعدّ غريبًا ولا مفاجئًا ولا صادمًا بعد الدّرس الّذي تلقّيناه والحقيقة الّتي وقفنا عليها، وكون ذلك مجرّد صناعة سينمائية أبطالُها أشخاص مأجورون باعوا ضمائرهم أو بلا ضمير إنساني، إنّهم ممثّلون سينمائيّون يتقمّصون الأدوار المطلوبة‮ ‬منهم‮ ‬لمن‮ ‬يدفع‮ ‬أكثر‮.‬
 
 لكنّ الغريب والمفاجئ والصّادم هو الموقف الّذي اتّخذته بعضُ الأطراف الإقليمية من الأحداث الجارية في مصر، وكيف وقفت إلى جانب الجلاّد دون الوقوف إلى جانب الضحيّة، إنّه لموقف مؤلم ويحزّ في الأنفس أن ينطق مَن كان يُنتظر منهم الاحتكام إلى صوت الحكمة والعقل بالخُلف من القول، وينحاز إلى الفئة القاتلة الظّالمة أمام الفئة المظلومة المقتولة، في الوقت الّذي كان الجميع ينتظر أن يسمع تشديدًا في موضوع الدّماء والتحلّي بضبط النّفس كما جاء في التّقارير الدّولية. ألهذا المستوى وصلت ردود الأفعال الإقليمية وتورّطت هي الأخرى في‮ ‬حمأة‮ ‬الحقد‮ ‬والكراهية‮ ‬للتيّار‮ ‬الإسلامي‮ ‬النّاشئ‮ ‬في‮ ‬مصر،‮ ‬مع‮ ‬ما‮ ‬كان‮ ‬يُنتظر‮ ‬منها‮ ‬من‮ ‬تشجيعه‮ ‬وتقديم‮ ‬المساعدة‮ ‬له،‮ ‬على‮ ‬نحو‮ ‬ما‮ ‬تفعل‮ ‬مع‮ ‬نضال‮ ‬الشّعب‮ ‬السّوري‮ ‬ضدّ‮ ‬تطرّف‮ ‬قيادته‮ ‬القائمة
أليس من استغباء الشّعوب العربية المسلمة، أن تحمل هذه الأطراف الإقليمية راية مناصرة الشّعب السّوري وتنشئ قنوات إعلامية تدعّمه، في الوقت الّذي لا تحرّك فيه ساكنًا لنصرة الشّعب المصري أمام الفئة الظّالمة وتدعو فيه إلى على الأقلّ إلى الجلوس إلى طاولة الحوار؟.
وإذا كانت هذه الأطراف الإقليمية تبرّر موقفها الشاذّ من الأحداث في مصر، بما وقع فيها من تأييد شعبي للقيادة الجديدة، من خلال ما بثّته القنوات السّينمائية من مسيرة حاشدة جمعت ما يزيد على العشرين مليونًا، على ما قيل في صناعة هذا الرّقم وموقف شرائح عديدة منه موقفًا مغايرًا، على النّحو الّذي ذكرته حركة 6 أبريل، فإنّ ذلك لا يعدو أن يكون موقف شريحة من الشّعب في مقابل شرائح أخرى منه بقيت مع الشّرعية الانتخابية، مثلما هو الحال في سوريا؛ فإنّ الرّئيس بشّار الأسد ليس وحده في مواجهة حركة المعارضة بل معه أطراف عديدة من القاعدة‮ ‬الشّعبية،‮ ‬فما‮ ‬بالكم‮ ‬كيف‮ ‬تحكمون‮ ‬وإلى‮ ‬أيّ‮ ‬مبدإ‮ ‬تتحاكمون؟‮.‬
 ليس موقف هذه الأطراف الإقليمية من الأحداث في سوريا، مع تأييدنا لموقف الشّعب السّوري في استرداد حقوقه المهضومة بما تراه المجموعة السّورية ملائمًا، نابعًا من قاعدة إنسانية ولا أساس ديني كما تصوّره الآلة الإعلامية، بل هو نابع من الأمن القومي والمصلحة السّياسية لهذه الأطراف لا غير، وهو المبرّر نفسه من الأحداث الجارية في مصر، فإنّ هذه الأطراف الّتي نتحدّث عنها آلمها وأخافها شديد الخوف ما صارت إليه الأمور في أرض الكنانة، ووقفت منه في البداية موقف المتوجّس الحذر، عملاً منها فيما يبدو بمبدإ عدم التدخّل في الشّؤون الدّاخلية للآخرين، لكنّها لمّا رأت الأحداث قد اتّجهت إلى الكفّة الّتي كانت تؤمّلها وقفت منها موقف التّأييد والمؤازرة، بل جعلت منها قضيّتها الخاصّة، وهي على أتمّ الاستعداد لمواجهة الطّوارئ المتوقّعة فيها مهما كلّفها ذلك من خسارة، أهو حبّ مصر وشعبها أو هو التودّد لحكّامها الجدد، فإذا كان ذلك كذلك، فلِمَ لم يكن الموقف مماثلاً في الوضع السّوري، أم أنّ وراء الأكمة أطرافًا لا ترضاها هذه الأطراف الإقليمية وتسعى بكلّ جُهد وجَهد أن تقطع الطّريق عنها، موظِّفةً الخلاف الدّيني في ذلك، مستغفلةً العقل العربي لإثارة عواطفه الدّينية اتّجاه عقيدة الآخَر، مع أنّ هذا الخلاف ليس هو المربط الحقيقي للخلاف بين هذه الأطراف الإقليمية وتلك الدّول المخالفة لها، وإلاّ فما هو تقييم الموقف في مصر من طرف هذه الأطراف الإقليمية؟.
أجيبونا أيّها الإخوانُ في حقّ إخوان مصر، أأصبحوا خوارج العصر فلهذا نَكَلْتم عنهم ولم ترتاحوا لهم، كما كان أولئك رافضة ونصيرية؟. إنّ التّوظيف الدّيني أصبح أمرًا مفضوحًا ومكشوفًا، وليس كون المرء مع ذلك الطّرف يوجب عليه بالضّرورة أن يكون مع الطّرف الآخَر، فكونك دينيًا مع ذلك الطّرف لا يوجب أن تكون سياسيًا معه، فإنّ المواقف تفرضها المصالح، والمصالح أعمّ من أن تكون ماديّة فحسب بل هي معنوية أيضًا ترتبط بشخصيّة كلّ أمّة. ومصلحتنا المعنوية في انتمائنا القومي للعروبة والإسلام السنيّ، وهذا الانتماء قاسم مشترك بين مصر وسوريا والأطراف الإقليمية الّتي نتحدّث عنها، لكن هناك عوامل دينية أخرى إلى جانب أحد مكوّنات القومية، وهو الإسلام السنيّ التّقليديّ في مقابل السنيّة السّلفيّة، وإذا كانت السنيّة السّورية المتحالفة مع الشّيعة الإيراينة، بحكم التّقاطع الموجود بين الشّيعة والإسماعيلية النّصيرية الحاكمة في سوريا، فإنّ السنّة السّعودية متحالفة مع اللّيبرالية الأمريكية، وهو ما يجعلها قريبةً من التيّارات اللّيبرالية في مصر أكثر من قربها من الإخوان المسلمين المتخندقين في السنّة التّقليدية، وهي على علم مسبق بعدم قدرتها على احتواء الإخوان‭.‬
 ولهذا تعمد إلى التّشويش عليهم كلّما سنحت الفرصة بذلك، على النّحو الّذي فعلته مع زيارة الرّئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى مصر، حيث حرّكت الآلة الإعلامية للتّشكيك في هذه الزّيارة، موظِّفةً الخلاف الدّيني بين مصر السنّة وإيران الشّيعة لتستغلّه في منع إقامة أيّ علاقة سياسية بعيدة عنها، لا خوفًا على مصر السنّة من شيعة إيران لكن خوفًا من استقلال مصر السنّة عن السنّة السّعودية للاختلاف الموجود بين السنّتين، ولكون السنّة التّقليدية في الحالة المصرية سنّةٌ شعبيةٌ مستقلّةٌ عن أيّ انتماء سياسي، لا إلى إيران ولا إلى الولايات المتّحدة الأمريكية، وهو ما جعل المؤامرات تُحاك عليها لأنّها لا تدخل في نفوذ دولي يحميها، وهو ما يجعل أمد الصّراع بينها وبين الآخَر طويل الفصول؛ لأنّه صراع حول التموقع والتّخندق، مرّ منه فصل أحسن ما فيه، على مرارته وضراوته، أنّه قد تبيّنت فيه أطرافُه الكاملةُ‮ ‬وعناوينه‮ ‬الحقيقية،‮ ‬وأحالنا‮ ‬على‮ ‬أطراف‮ ‬الصّراع‮ ‬القديم،‮ ‬بين‮ ‬أنصار‮ ‬الموالاة‮ ‬للدّاخل‮ ‬وأنصار‮ ‬الموالاة‮ ‬للخارج‮.‬
***********الكاتب محمد الحاج همال********الشروق اون لاين********
 

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:

لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى