الفارس الملثم
طاقم الكتاب الحصريين
- البلد/ المدينة :
- barika
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3599
- نقاط التميز :
- 7496
- التَـــسْجِيلْ :
- 01/01/2013
...قد سقطت الأقنعة...
استدعي لها خصيصا الأثرياء ..الأغنياء ..والمترفون ومن هم في فلكم سابحونوحرم منها عامة الفقراء والمحتاجين البائسين أمثالي أنا , نعم أمثالي أنا .......
ومن هم برداء الكرامة متمسكين ...............
حضر الجميع الجمع .. تفرد هذا بتلك.... قرعت الكؤوس .. اقترب المر من النفوس
تهاوت الهياكل ميلا وميولا ...كشرت الرذيلة عن أنيابها ... ترنح التيس المستعار
انحنت الجثث المصطنعة ... امتزج رذاذ أفواههم ومرج ...خيوط من الدخان.......... تنسج
أبهى لوحة لفنان ... أضواء لا يضاهيها منظر قوس قزح... مناخ ملطخ بنعيق ونهيق .. سموه في عرفهم المستورد : الموسيقى العاطفية الهادئة ....
مرحبا السيد...... مرحبا سيدتي .........
تفضل من هنا......؟ هذا المكان أنسب سيدتي...........
أيها النادل اهتم بالسادة....... لا عليك سيدتي .........
قهقهة.. ضحكات صارخة مستصرخة.... يد على الخاصرة وأخرى تسند الظهر.....
أما ما يدعى بالرجال ترى وجوههم قد زينت بأجمل ما أنتجته مصانع الغرب ومخابره
من أفضل المساحيق فلا تكاد تميز هذا عن تلك لولا الأقنعة.... لولا الأقنعة.....؟
ناهيك عما فاح من عطر مبتاع من وراء البحر ومن أجود الروائح .
أما الوجوه الدافئة كما يسمونها فهي تحت القناع .يعجز خيال المرء الخصب أن يصف ملامحها وتحديد سنها... ولا شكل أنفها.. ولا فمها وهل هو مكتنز بالاثنين والثلاثين , أم هو غار استوطنته الحشرات والثعابين .............؟ أما ذلك الذي ينبعث من العيون ففيه ريب ولهب
العدسات أخفت حقيقتها ......
الساعة الآن كما تلمس الضرير عقاربها أشارت إلى أن المؤشر الكبير قد غطى المؤشر الصغير ................................................................فكم هي الساعة الآن؟
وما ذا سطر لهذه الليلة كبرنامج ...؟ ومن هو يا ترى البطل والمخرج.....؟
وأي نوع من الأدوار أسند لكل مهرج.....؟ و لو كشف الستار وبان ساق الأعرج؟
وكنت أنا وصاحبي على قرب من الساحة , وأخذنا الفضول أخذا وأزنا أزا لنلج..
يدي بيد صاحبي ملتحمة ... تجرأنا على اقتحام وكر المترفين الساهين , لنقف على حقيقة
هؤلاء واللواتي........وكان المنظر المهول ..
لا ترى على تلكم الأرائك المبسوطة . والزرابي المنتشرة .. والنمارق المبعثرة .. والوسائد
المكورة .. إلا أجسادا مائلة مملة ... مضرجة... نائمة... شبه متحركة... جسد ملقى على الآخر
بجانب الآخر ..هنا وهناك . وكأنهم في حالهم هذا في ساحة معركة شديدة حامية الوطيس ...
قتيل إلى جانب جريح .... كاسيات عاريات ... صدور مكشوفة مفضوحة .و..........
أشباه من استأسد علينا نحن الضعفاء وقادوا مركبنا ..هاهم أرضا يغطون ...يمخرون...
ومنهم من تبلل سرواله ؟...ومنهم من أضاع طقم أسنانه .... ومنهم الكثير الكثير من بعثر ماله
ومنهم.................
ورحت أنا وصاحبي نبحث عن عقد افتقدناه منذ أمد .. اقتربنا قليلا من ذاك الجسد , الذي يبدو أنه بالنهار علينا يتنمر ويستأسد ....... ثم ماذا بعد .....؟
قال لي صاحبي هل لك في الفراسة باع.....؟
قلت: شبر وذراع ... فأنا المشتري لا يبدل القول لدي ولا يباع......
تناثرت أشعة البصر ...تشابكت النجوم المصطنعة متمسكة بأذناب البقر ....
إنه فلان...... إنها فلانة ....... إنه.......... إنها.....
وحان وضع النقاط على الحروف .... قضيت صلاة العيد فأين الخروف ......؟
هذا لي وذاك لك ....خذ النائي عن المرعى ودع عنك هذا فإن جوفه محشو ملفوف ...
ونزع القناع الأول ثم الثاني ثم الثالث ثم ............. كومة من الأقنعة ...وجوه مهطعة
مصفرة خادعة.... فقد سقطت الأقنعة وبان هذا من ذاك وهذه من تلك ......
لطفك رب ورحماك...........
وتمسك صاحبي بيدي لما لاحظ علي إرهاقا شديدا كاد أن يضمني جسدا مثلهم, وهمس
في أذني بكبد حكاية مطلعها [ لا ترحل عمر الكون دمع بينزل لا ترحل] تسربت إيقاعاتها
في العروق وكأن لمسة حريرية من يد حورية من حور العين ودا سكبت علي....
فقلت لصاحبي: أنغادر المكان ونترك الساحة للعابثين ؟ أم ماذا ترى؟
فأشار بحركة من رأسه رسمت موجات على أعلى جبينه ....فهمت..أدركت... وعيت ..
كبلت يداي... صفدت رجلاي... ألجم لساني... ومن مقلتي صدقا سالت عبرات أناتي
وحسراتي .. وهل كانت الحشرات الآدمية هذه إلا لاسعة ..قابعة ... متربصة . متلصصة
ولكن على ما هذا .....؟ ألا يكفيها ما على الموائد من رفث وتفث , ومن الكؤوس ما تعلق بحوافيها من أحمر الشفاه ......؟
لا أعرف....؟ لا أعرف..؟ فما أنا في هذا الوسط بفاعل..........؟
إبراهيم تايحي