شبهة تكفير الحاكم
إن حكم التكفير من الأمور العظيمة لما يترتب عليه من أحكام في الدنيا قبل الآخرة ،من حيث كونه تسقط ولايته ولا يرث ولا يُورث ولا يُدفن في مقابر المسلمين ولا يُصلى عليه ،وإسقاط ولايته والخروج عليه وقتاله وعزله إن كان حاكمًا للمسلمين وخلوده في النار يوم القيامة وهو أعظمها، لذلك كان التكفير كقتله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من رمى مؤمنًا بكفر فهو كقتله" (1)
لذلك كان الحاكم بأن هذا الاعتقاد أو القول أو الفعل من الأمور الكفرية أو لا ، إنما هو من اختصاص أهل العلم من أهل السنة على منهاج النبوة، وليس اختصاص هؤلاء الجهال بالمنهج السلفي من الحزبيين والقطبيين الذين هم في الحقيقة من خوارج العصر .
قال شيخ الإسلام رحمه الله-:
" ولا ينبغي أن يُظنّ أن التكفير ونفيه ينبغي أن يدرك قطعًا في كل مقام ؛بل التكفير حكم شرعي يرجع إلى إباحة المال ، وسفك الدماء ، والحكم بالخلود في النار؛ فمأخذه كمأخذ سائر الأحكام الشرعية ، فتارة يدرك بيقين ، وتارة يدرك بظن غالب ، وتارة يتردد فيه ، ومهما حصل تردد فالتوقف عن التكفير أولى ، والمبادرة إلى التكفير إنما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل "(2)
فلقد خرجت الخوارج في الصدر الأول من الإسلام على الصحابة فكفروهم وقاتلوهم ، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ،وحكموا على مرتكب الكبيرة بالكفر؛فكفروا المسلمين بالمعاصي ، وكفروا أئمتهم بالجور والفسق ، ثم عمدوا إلى آيات نزلت في الكافرين فجعلوها في المسلمين ،وعمدوا إلى آيات هي في المعاصي فجعلوها في الكفر .
ولا يزال هذا المذهب الردئ يتوارثه جيل عن جيل حتى جاء سيد قطب الذي هو مصدر تكفير المجتمعات الإسلامية –حكاما ومحكومين –في العصر الحديث؛ فصنف الكتب المشبوهة ،وقعد القواعد المبتدعة ، وأصل الأصول المنحرفة التي تخدم فكرة التكفير واعتقاد الخوارج ؛فكر المجتمعات ، وحكم عليها بالردة ، ووصفها بالجاهلية العامة المطبقة ،كالجاهلية الأولى ،ووصف المساجد بأنها معابد جاهلية ، وجعل الذين يرفعون الآذان أشد الناس كفرًا ، وقال بالعزلة الشعورية عن المجتمعات الإسلامية التي هي عنده مجتمعات جاهلية؛ حتى وصل به الأمر في آخر حياته أن ترك الجمعة ؛لأن المجتمع عنده مجتمع جاهلي كما سبق النقل عنه.
ولقد قامت الجماعات المعاصرة على فكر سيد قطب حذو النعل بالنعل ن وقاموا بالثناء عليه في عداد العلماء المجددين المجاهدين؛فلذلك كان تكفير الحكام هو القاسم المشترك بين جميع الجماعات المعاصرة كجماعة(الإخوان) وجماعة (التكفير والهجرة) وجماعة(الجهاد)و(الجماعة الإسلامية)و(القطبيين)و(الحز بية السكندرية) وغيرهم ممن نشر هذه الأفكار المنحرفة؛ لذلك نجد أغلب ما يكفرون به الحكام هو في الأصل ليس من الأمور المكفرة ؛بل هو من جنس المعاصي ومع ذلك يكفرون به على طريقة الخوارج في التكفير بالمعاصي.
ومن هذه الأمور التي جعلوها من المكفرات وهي في أصلها من المعاصي:
أن الحاكم حكم بغير ما أنزل الله.
واستعان بالكفار ووالاهم وأعانهم على المسلمين
وأمات الجهاد
وسجن الدعاة
وأذن بالربا وحماه
وفرض المكوس والضرائب
وأضاع أموال الدولة... وغيرها من الشبهات