الفارس الملثم
طاقم الكتاب الحصريين
- البلد/ المدينة :
- barika
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 3599
- نقاط التميز :
- 7496
- التَـــسْجِيلْ :
- 01/01/2013
دعني أمسح دموعك أبتي...؟
سأل القادم – بعد أن سال لعابه – ثلة من بني البادية :لما خلق الله الليل والنهار والجنة والنار...؟وكأن على رؤوسهم الطير... صمت رهيب ..حيرة تشيب.. ما أمر هذا الغريب...؟
*- دعني أمسح دموعك أبتي؟ حسبك ما لقيت وما تلاقي
*- حتى لو فعلتِ بنيتي , فإن سيلانها لا يتوقف إلى حين يجف الكبد
*- بهذا تهلك نفسك وأهلك
*- نفسي..!!!!!!..؟ أما نفسي فقد هلكت منذ أحقاب , وأما أهلي.!!!
ويلوذ بالصمت فيغرق في أعماق الأعماق .
*- أبتي ؟ هل بدا شيئ فيه معصية مني لك؟
ويرفع الأب رأسه فيتزحزح قليلا , يمسك بمعصمها ’ يجلسها إلى جانبه
ناشرا طرف برنوسه عليها , ثم يضمها لصدره بشدة , وكانت تنهيداته أشد وقعا عليها وعليه ’ يمسح براحة يده على شعرها المبلل المضرج بقطرات دموعه ويقول:
*- إن محدثك بنيتي كان يُعد من الرجال- حين كان الرجال رجالا- حتى غابت شمسه ولم يطلع قمره
*- لا زلت أبتي رجلا , رجل فذ به نحتمي بعد الله وبه نعتز ونفتخر, خسئ من قال غير ذلك . وتبا لمن ظن بك سوءا
*- إيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه
*- ألست جائعا أبتي..
أومأ برأسة دلالة على أنه ليس به جوع
*- أأحضر لك فنجان قهوتك..؟
*- لا
*- لِمـــــا أبتي..؟
*- كنت قد تعودت على شربها حين.....!!!!
*- حين.. !!!؟ ماذا؟
*- دعي عنك هذا ولا تشغلي بالك بحالي..؟
*-ومن غيري بك يهتم أبتي..؟
حدق في وجهها مليا ثم ابتسم .. جذبها إليه.قبّل جبينها وقال:
*- إعلمي صغيرتي أن من فاتت أيامه لا يطمع في أيام الآخرين
*- لم أفهم..؟
*- على رسلك.؟ الأيام لها أسنان’ والشمس والقمر لا تلتقيان ’ كلاهما في فلك واحد يسبحان.. بنيتي أحيانا أرى نفسي أنه يضيق بها المكان على كل بنيتي فأنا إنسان له قلب ووجدان
*- كلام كبير على عقلي.. أبتي هلا نزلت إليه وأوضحت البيان؟
*- ألمثلي يُقال هذا الكلام؟
*- عذرا ..عذرا أبتي ما قصدت النقصان
*- طيب وما تقصدين إذن يا زهرة البستان؟
*- لا شيئ ..لا شيئ أدعك الآن...
*- إلى أين تذهبين وهذه الوحشة التي تلفني وتسود المكان..؟
*-لن أدعك طويلا فإني في غرفتي أستخير الرحمان
*- فيما إن شاء الله بنيتي..؟
طاطأت رأسها والحياء استعبدها ثم غادرت ..
ساعات مرت والبنت في سجودها والأب في خلوته , وفجأة طلعت الشمس في ليل فأضاءت وبزغ القمر في نهار وأنار...
عادت .. عادت البنت إلى غرفة أبيها , شيئ في صدرها يؤزها ’ هلع يهزها. فزع يطحنها
*- أبتي... أبتي.. يا ويلاه
اقتربت منه أكثر مدت يديها إليه , حركته .. صرخت : أيا مصيبتاه ’ ما الذي حل به؟ ..
عاد الأب إلى أصله وسره معه وتركها وحيدة بين فكي الزمان..
وينصرم الشهر الأول فالثاني فالثالث والبنت لا زالت ماسكة متمسكة بإطار لمنظر طبيعي كتب عليه(( إنا لله وإنا إليه راجعون)).
رحل هو ورحل معه صوته ذو النبرات الرجولية ’ هل الحزن إغتصبه
وأين هي إبتساماته الدافئة التي كانت على ثغره تؤنس؟ وأين هو بريق عينيه الذي كان يَعِدُ باللقاء؟
ذهب الكل ولم يبق على صدر الوحيدة إلا ركام من الشجون وتنهيدات تزلزل..
رحل من كان يحاول دوما كتم أنفاسه لئلا يؤذيها .
إبراهيم تايحي