الشعب والجمهور.

أحيانا نبخل أنفسنا بالبحث عن المعرفة، ونفضّل أن تأتينا معلّبة على صفحات وسائل الاعلام، فلا نبحث ولا نسأل، وانما نرى ونسمع، لهذا يسمّوننا الجمهور،
نعرف يوري جاجارين، الذي قام بأول رحلة الى الفضاء، ونيل أرمسترونج أول من سار على القمر( هذا اذا كنا على علم بهما)، ولكن لا نعرف الفريق العلمي الذي أعدّ الدراسات وصنع المركبة الفضائية؟
نعرف سائق السيارة ، ولا نعرف مخترع السيّارة؟ ...مثلا،
الجمهور غير الشعب، هذا الأخير حتى وان كان أميّا، فانه حتما يبدع،
أليست الأساطير والرقص والأغاني والفولكلور ابداعات شعبية أولا؟، والشعب أيضا يثور، والثورات الكبرى كلها شعبية!
والشعب يتميز بهويته، وروحه الواحدة، وقيمه المشتركة، وأحلامه الوطنية، وهو يصنع الأبطال الذين يجسّدون آماله،
أمّا الجمهور فلا يبدع ولا يثور، ..انّه الجموع التي تنفعل ولا تفكّر..!!
لهذا أسماه بعض الفلاسفة الكبار" القطيع"، وهذا الجمهور المنفعل كثيرا ما تم استخدامه ضد رجال العلم والفكر ، الاّ حماية للسائد من المعتقدات والمستبدّين من الحكام، وهو لا يتحدد بهويته بل بعدده، ولا يصنع الأبطال،
وانما يصنع المشاهير، لهذا تغيب عنه الشخصية البالحثة عن الشهرة، لأن الشهرة يصنعها المال أوالموقع كيفما تحقّق!!
ربما لسنوات طويلة بدا أن الجمهور ابتلع الشعب، مهما كانت الأنظمة التي تحكمنا، ملكية أو جمهورية أم..، فالحاكم الذي لم ينتخبه شعبه يتوجه الى الجمهور، الى الحشود التي تصفق لكل قوي، امّا خوفا أو طمعا،
فيصنع من هذا الجمهور خاصا به ، شعبا اصطناعيا يصفق ويتظاهر ويقاتل ويتصدى للناس دفاعا عن رئيس يفديه بالدم!؟
واليوم، هل نقول أن شعوبنا تحررت أخيرا وخرجت لتستعيد دورها ، لتخرج أبطالها من العتم الى النور، وتشجّع أبناءها على المشاركة في حركة زمنهم!!؟؟،
المهم...فكما قالت "نور الحكمة ".. ويبقى السؤال مطروح!؟؟     (منقول).