أَعاذِلَ ما عَلَيكِ بِأَن تَرَيني | أُباكِرُ قَهوَةً فيها اِحمِرارُ |
تَضَمَّنُها نُفوسُ الشَربِ حَتّى | يَروحوا في عُيونِهِمِ اِنكِسارُ |
تَواعَدَها التِجارُ إِلى إِناها | فَأَطلَعَها إِلى العَرَبِ التِجارُ |
فَأَعطَينا الغَلاءَ بِها وَكانَت | تَأبى أَو يَكونَ لَها يَسارُ |
أَعاذِلَ توشِكينَ بِأَن تَرَيني | صَريعاً لا أَزورُ وَلا أُزارُ |
إِذا خَفَقَت عَلَيَّ وَأَلبَسَتني | مَلامِعَ آلِها البيدُ القِفارُ |
لَعَمرُ أَبي لَئِن قَومٌ أَضاعوا | لِنِعمَ أَخو الحِفاظِ لَنا جِدارُ |
حَمانا حينَ أَعوَرنا وَخِفنا | وَأَطعَمَ حينَ يُتَّبَعُ القُتارُ |
فَأَوقَدَ نارَ مَكرُمَةٍ وَمَجدٍ | فَلَم توقَد مَعَ الجُشَمِيِّ نارُ |
وَأَطعَمَ أَشهُرَ الشَهباءِ حَتّى | تَضَرَّجَ عَن مَنابِتِهِ الحَسارُ |
فَإِذ دَرَّت بِكَفِّكَ فَاِحتَلِبها | وَلا تَكُ دِرَّةً فيها غِرارُ |
وَأَمسِك عَنكَ بِالطَرَفَينِ حَتّى | تَبَيَّنَ أَينَ يَصرِفُكَ المَغارُ |
فَإِنَّ عَواقِبَ الأَيّامِ تُخشى | دَوائِرُها وَتَنتَقِلُ الدِيارُ |
وَقَد عَلِمَ النِساءُ إِذا اِلتَقَينا | وَهُنَّ وَراءَنا أَنّا نَغارُ |
تَرَبَّعنا الجَزيرَةَ بَعدَ قَيسٍ | فَأَضحَت وَهيَ مِن قَيسٍ قِفارُ |
يُزَجّونَ الحَميرَ بِأَرضِ نَجدٍ | وَما لَهُمُ مِنَ الأَمرِ الخِيارُ |
رَأَوا ثَغراً تُحيطُ بِهِ المَنايا | وَأَكبَدَ ما تُغَيِّرُهُ الغِيارُ |
تُسامي مارِدونَ بِهِ الثُرَيّا | فَأَيدي الناسِ دونَهُما قِصارُ |
وَأَولادُ الصَريحِ مُسَوَّماتٍ | عَلَيها الأُزدُ غُضفاً وَالنِمارُ |
شَوازِبَ كَالقَنا قَد كانَ فيها | مِنَ الغاراتِ وَالغَزوِ اِقوِرارُ |
ذَوابِلَ كُلَّ سَلهَبَةٍ خَنوفٍ | وَأَجرَدَ ما يُثَبِّطُهُ الخَبارُ |
فَأَترَزَ لَحمَهُ التَعداءُ حَتّى | بَدَت مِنهُ الجَناجِنُ وَالفَقارُ |
وَقَد قَلِقَت قِلادَةُ كُلِّ غَوجٍ | يُطِفنَ بِهِ كَما قَلِقَ السِوارُ |
تَراهُ كَأَنَّهُ سِرحانُ طَلٍّ | زَهاهُ يَومَ رائِحَةٍ قِطارُ |
فَأَبقى الحَربُ وَاللَزَباتُ مِنها | صَلادِمَ ما تَخَوَّنُها المِهارُ |
أَلَم تَرَني أَجَرتُ بَني فُقَيمٍ | بِحَيثُ غَلا عَلى مُضَرَ الجِوارُ |
بِعاجِنَةِ الرَحوبِ فَلَم يَسيروا | وَسُيِّرَ غَيرُهُم مِنها فَساروا |