سفيان خروبي
عضو مساهم
- البلد/ المدينة :
- alger
- العَمَــــــــــلْ :
- موظف
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 268
- نقاط التميز :
- 407
- التَـــسْجِيلْ :
- 14/01/2014
فاستعظم ذلك أبو الأسود و قال :عز وجهه أن يبرأمن رسوله ! ثم رجع من فوره إلى زياد فقال : يا هذا قد أجبتك إلى ما سألت و رأيت أن أبدأ بإعراب القرآن الكريم فابعث إلي ثلاثين رجلا فأحضرهم زياد ، فاختار منهم أبو الأسود عشرة ثم لم يزل يختار منهم حتى اختار رجلا من عبد قيس فقال : خذ المصحف و صبغا يخالف لون المداد فإذا فتحت شفتي فأنقط واحدة فوق الحرف و إذا ضممتها فاجعل النقطة إلى جانب الحرف و إذا كسرتها فاجعل النقطة من أسفله ، فإذا أتبعت شيئا من هذه الحروف غنة فانقط نقطتين .
فنستنتج من هذه الرواية أن وضع التنقيط كان متقدما على وضع أبواب النحو، لكن ما السبب في تقديم عملية التنقيط التي تدل على الإعراب على وضع القواعد النحوية ؟
فالجواب أن اتساع الرقعة الجغرافية للبلاد الإسلامية بعد الفتوحات الإسلامية و دخول الأمم غير العربية في هذه الرقعة أدى إلى اختلاط الجنس مرة و اختلاف في الألسنة و الثقافة مرة أخرى ، و قد حملت هذه الأجناس كثيرا من عاداتها و ثقافتها و أجرتها على ألسنتها ، هذا الاختلاط الألسني فسح مجالا واسعا للتحريف كما فسح للحن و شيوعه مجالا آخر .
كما أن العرب في الأمصار الإسلامية أخذت سلائقهم تضعف لبعدهم عن ينابيع اللغة الفصيحة حتى عند خطبائهم المفوهين ، و مع عموم هذا البلاء كثر اللحن في القرآن الكريم ما أدى إلى استنفار كبير لدى الأوساط الحاكمة من الخلفاء و الوزراء .
فأمر زياد أبا الأسود أن يضع شيئا في النحو ، ما استدعى ذلك إلى وضع التنقيط على أواخر المصحف كمرحلة أولية لكف نزيف اللحن خاصة في القرآن الكريم ، و هذا الفعل عبارة عن علاج أولي وقائي مهد لوضع القواعد النحوية لعامة الناس و إن كانوا لا يعرفون النحو و يلحنون في كلامهم ، لكنهم إذا واجهوا القرآن الكريم منقوطا معربا لا يلحنون .
الأستاذ: س. خروبي
.......................يتبع