هاشمي15
عضو مساهم
- البلد/ المدينة :
- تيزي وزو
- العَمَــــــــــلْ :
- مساعد تربوي
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 59
- نقاط التميز :
- 123
- التَـــسْجِيلْ :
- 19/09/2010
عابد شارف ،الشروق 2010.10.04
يستعد الرئيس الأكثر شعبية في العالم بعد نلسون مانديلا لمغادرة الحكم. وسيترك الرئيس البرازيلي لويز إنياصيو دا سيلفا، المعروف باسم "لولا"، سيترك كرسي السلطة بعد عهدتين استطاع خلالهما أن يحول البرازيل من عملاق نائم إلى أحد أبرز أقطاب الاقتصاد والدبلوماسية في العالم، إضافة إلى أن المشوار الذي ينتظر بلاده يحمل وعودا كبرى.
وصفق العالم كله لإنجازات هذا النقابي الذي جاء من أسفل السلم الاجتماعي، وعرف سجون الدكتاتوريات البرازيلية المتتالية، قبل أن يصل إلى السلطة حاملا مشروعا استطاع بفضله أن يغير جذريا الخارطة السياسية والاجتماعية لبلاده وللمنطقة كلها. واعترف الكل أن ما قام به "لولا" سيكون له أثر على أمريكا الجنوبية بأكملها حيث ستجد المنطقة قاطرة جديدة تدفعها للنمو ونموذجا سياسيا يختلف عما عرفت هذه المنطقة من العالم لحد الآن. ورغم أنه لم يستطع أن يقضي على العنف في المجتمع البرازيلي ولم يقلص من الفوارق الاجتماعية مثلما كان يريد، فإن الزعيم "لولا" استطاع أن يكرس الديمقراطية في بلاده، كما أعطى الفقراء دون أن يسجن الأغنياء، وجعل من بلاده قوة اقتصادية لا تقتصر على بيع لاعبي كرة القدم والصامبا، كما حولها إلى قطب دبلوماسي يمكن أن يخرج أمريكا الجنوبية من مواجهتها التاريخية مع الولايات المتحدة.
وشمل تقدم البلاد كل الميادين، مثلما تشير إليه المقاييس الاقتصادية والاجتماعية سواء منها المتعلقة بالإنتاج الخام والتطور الاجتماعي والصحة أو التعليم ومستوى الدخل الفردي وغيرها. وسنكتفي هنا بالإشارة إلى ثلاث نقاط ترمز إلى نجاح "لولا".
1- فقد ارتفع دخل المواطن البرازيلي إلى درجة أن أكثر من ثلاثين مليون برازيلي؛ أي ما يعادل مجموع سكان الجزائر، خرجوا من صنف الفقراء ليدخلوا صنف الطبقة المتوسطة خلال رئاسة "لولا". ويقول المحللون إن القطار انطلق، وأن العمل أصبح اليوم أسهل، وأن ستة وثلاثين مليون برازيلي آخرين سيقطعون هذا الحاجز خلال الأربع سنوات القادمة إذا واصل البرازيل مساره الاقتصادي والاجتماعي.
2- أنشأت حكومة الرئيس "لولا" منحة لصالح الفقراء تستفيد منها أكثر من 13 مليون عائلة، شريطة أن يواصل الأطفال دراستهم، وأن يخضعوا لمتابعة طبية دائمة. وأبرزت هذه الصيغة مدى عبقرية "لولا"، حيث استطاع بفضل هذه التدابير أن يضمن صحة أطفال الفقراء، ويضمن لهم تكوينا، ويضمن للمؤسسات الاقتصادية يدا عاملة ذات مستوى مقبول، كما استطاع أن يوسع السوق لصالح الشركات البرازيلية، إلى جانب تحسين الأمن لما أصبح الملايين من الشبان يهتمون بالدراسة والعمل بدل كرة القدم والشوارع، كما تشير إليه الصورة التقليدية للمجتمع البرازيلي. وركزت الحكومة في نفس الوقت على ضرورة إعطاء هذه المنحة للأمهات اللائي يتكفلن مباشرة بالأطفال، مع العلم أن المجتمع البرازيلي هو الأكثر ابتعادا عن الصورة التقليدية للعائلة، حيث غالبا ما تجد الأم نفسها تتكفل بعدة أطفال كل منهم جاء من أب مختلف. وقد اعترف نجم كرة القدم السابق روماريا أنه أب لأكثر من عشرة أولاد من أمهات مختلفة، ولم يمنعه ذلك من دخول البرلمان الذي تم انتخابه الأحد الماضي...
3- كان البرازيل معروفا بالثورات التي يقوم بها الفلاحون الفقراء في الشمال الشرقي للبلاد، حيث يدفعهم الجوع إلى احتلال أراضي تملكها شركات كبرى، ليأتي البوليس بعد ذلك ويقمعهم بأقسى الوسائل، لتخلف العملية كثيرا من القتلى. ورغم أن "لولا" لم يقم يإعادة توزيع الأراضي مثلما كان يطالب الفلاحون، إلا أنه اتخذ تدابير واقعية سمحت لهم بتحسين مدخولهم بصفة واضحة، إلى أن تخلوا نهائيا عن عملية احتلال الأراضي.
لكن الحصيلة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، إنها تشمل نظرة جديدة للممارسة السياسية، ومثلما فعل نلسون مانديلا، استطاع "لولا" أن يخرج بلاده من عالم الفقر وعدم الاستقرار والفشل ليدفعه إلى عالم آخر، عالم التقدم والحريات واحترام الضعفاء. ومثل نلسون مانديلا، كان "لولا" يعرف أن مشروعه سيتطلب وقتا طويلا، فوضع المؤسسات التي ستواصل المسيرة، وغادر السلطة بعد عهدتين، مثلما ينص عليه الدستور، ليترك أجيالا جديدة تواصل المسيرة. ويؤكد تصرف الرئيس البرازيلي أن القواعد الديمقراطية واحترام القانون والدستور تشكل عوامل أساسية لعملية النمو.
وأكبر ما صنع "لولا" هو أنه استعمل السلطة ليخدم شعبه، والضعفاء منهم بالدرجة الأولى، عكس بعض القادة الآخرين مثل هوغو شافيز Hugo Chavez الذي استعمل الشعب ليصل إلى السلطة ويبقى فيها. ولعل هذا ما يفرق بين القادة الذي يصنعون التاريخ والقادة الذين يكتفون بالخطب حول التاريخ.
يستعد الرئيس الأكثر شعبية في العالم بعد نلسون مانديلا لمغادرة الحكم. وسيترك الرئيس البرازيلي لويز إنياصيو دا سيلفا، المعروف باسم "لولا"، سيترك كرسي السلطة بعد عهدتين استطاع خلالهما أن يحول البرازيل من عملاق نائم إلى أحد أبرز أقطاب الاقتصاد والدبلوماسية في العالم، إضافة إلى أن المشوار الذي ينتظر بلاده يحمل وعودا كبرى.
وصفق العالم كله لإنجازات هذا النقابي الذي جاء من أسفل السلم الاجتماعي، وعرف سجون الدكتاتوريات البرازيلية المتتالية، قبل أن يصل إلى السلطة حاملا مشروعا استطاع بفضله أن يغير جذريا الخارطة السياسية والاجتماعية لبلاده وللمنطقة كلها. واعترف الكل أن ما قام به "لولا" سيكون له أثر على أمريكا الجنوبية بأكملها حيث ستجد المنطقة قاطرة جديدة تدفعها للنمو ونموذجا سياسيا يختلف عما عرفت هذه المنطقة من العالم لحد الآن. ورغم أنه لم يستطع أن يقضي على العنف في المجتمع البرازيلي ولم يقلص من الفوارق الاجتماعية مثلما كان يريد، فإن الزعيم "لولا" استطاع أن يكرس الديمقراطية في بلاده، كما أعطى الفقراء دون أن يسجن الأغنياء، وجعل من بلاده قوة اقتصادية لا تقتصر على بيع لاعبي كرة القدم والصامبا، كما حولها إلى قطب دبلوماسي يمكن أن يخرج أمريكا الجنوبية من مواجهتها التاريخية مع الولايات المتحدة.
وشمل تقدم البلاد كل الميادين، مثلما تشير إليه المقاييس الاقتصادية والاجتماعية سواء منها المتعلقة بالإنتاج الخام والتطور الاجتماعي والصحة أو التعليم ومستوى الدخل الفردي وغيرها. وسنكتفي هنا بالإشارة إلى ثلاث نقاط ترمز إلى نجاح "لولا".
1- فقد ارتفع دخل المواطن البرازيلي إلى درجة أن أكثر من ثلاثين مليون برازيلي؛ أي ما يعادل مجموع سكان الجزائر، خرجوا من صنف الفقراء ليدخلوا صنف الطبقة المتوسطة خلال رئاسة "لولا". ويقول المحللون إن القطار انطلق، وأن العمل أصبح اليوم أسهل، وأن ستة وثلاثين مليون برازيلي آخرين سيقطعون هذا الحاجز خلال الأربع سنوات القادمة إذا واصل البرازيل مساره الاقتصادي والاجتماعي.
2- أنشأت حكومة الرئيس "لولا" منحة لصالح الفقراء تستفيد منها أكثر من 13 مليون عائلة، شريطة أن يواصل الأطفال دراستهم، وأن يخضعوا لمتابعة طبية دائمة. وأبرزت هذه الصيغة مدى عبقرية "لولا"، حيث استطاع بفضل هذه التدابير أن يضمن صحة أطفال الفقراء، ويضمن لهم تكوينا، ويضمن للمؤسسات الاقتصادية يدا عاملة ذات مستوى مقبول، كما استطاع أن يوسع السوق لصالح الشركات البرازيلية، إلى جانب تحسين الأمن لما أصبح الملايين من الشبان يهتمون بالدراسة والعمل بدل كرة القدم والشوارع، كما تشير إليه الصورة التقليدية للمجتمع البرازيلي. وركزت الحكومة في نفس الوقت على ضرورة إعطاء هذه المنحة للأمهات اللائي يتكفلن مباشرة بالأطفال، مع العلم أن المجتمع البرازيلي هو الأكثر ابتعادا عن الصورة التقليدية للعائلة، حيث غالبا ما تجد الأم نفسها تتكفل بعدة أطفال كل منهم جاء من أب مختلف. وقد اعترف نجم كرة القدم السابق روماريا أنه أب لأكثر من عشرة أولاد من أمهات مختلفة، ولم يمنعه ذلك من دخول البرلمان الذي تم انتخابه الأحد الماضي...
3- كان البرازيل معروفا بالثورات التي يقوم بها الفلاحون الفقراء في الشمال الشرقي للبلاد، حيث يدفعهم الجوع إلى احتلال أراضي تملكها شركات كبرى، ليأتي البوليس بعد ذلك ويقمعهم بأقسى الوسائل، لتخلف العملية كثيرا من القتلى. ورغم أن "لولا" لم يقم يإعادة توزيع الأراضي مثلما كان يطالب الفلاحون، إلا أنه اتخذ تدابير واقعية سمحت لهم بتحسين مدخولهم بصفة واضحة، إلى أن تخلوا نهائيا عن عملية احتلال الأراضي.
لكن الحصيلة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي، إنها تشمل نظرة جديدة للممارسة السياسية، ومثلما فعل نلسون مانديلا، استطاع "لولا" أن يخرج بلاده من عالم الفقر وعدم الاستقرار والفشل ليدفعه إلى عالم آخر، عالم التقدم والحريات واحترام الضعفاء. ومثل نلسون مانديلا، كان "لولا" يعرف أن مشروعه سيتطلب وقتا طويلا، فوضع المؤسسات التي ستواصل المسيرة، وغادر السلطة بعد عهدتين، مثلما ينص عليه الدستور، ليترك أجيالا جديدة تواصل المسيرة. ويؤكد تصرف الرئيس البرازيلي أن القواعد الديمقراطية واحترام القانون والدستور تشكل عوامل أساسية لعملية النمو.
وأكبر ما صنع "لولا" هو أنه استعمل السلطة ليخدم شعبه، والضعفاء منهم بالدرجة الأولى، عكس بعض القادة الآخرين مثل هوغو شافيز Hugo Chavez الذي استعمل الشعب ليصل إلى السلطة ويبقى فيها. ولعل هذا ما يفرق بين القادة الذي يصنعون التاريخ والقادة الذين يكتفون بالخطب حول التاريخ.