chouaib vampersky
عضو جديد
- البلد/ المدينة :
- سكيكدة
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 2
- نقاط التميز :
- 6
- التَـــسْجِيلْ :
- 06/03/2015
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي
جامعة محمد خيضر بسكرة
كلية الحقوق و العلوم السياسية و العلاقات الدولية
قسم العلوم السياسية و العلاقات الدولية
مداخلة بعنوان
في ملتقي التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات
من إعداد :
جدو فؤاد
التنمية المستدامة بين متطلبات
الحكم الراشد و خصوصية
الجزائر
مقدمة
لقد عرفت الجزائر الكثير من التغيرات على مستوي البنية السياسية و ما رافقها من تغيرات في الهيكلة
الاقتصادية ، حيث كان لكل مرحلة زمنية سياستها التنموية التي اعتمدت على أساس عقيدة سياسية و
ظروف محلية و إقليمية و دولية ، فالجزائر عرفت الاشتراكية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين
ثم بدأت تخطو خطوات نحو الانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس شاذلي بن جديد ، و لكن الحركة
التنموية توقفت بشكل شبه كلي بعد دخول الجزائر في سنوات الإرهاب الذي اثر بشكل كبير على هذه
الحركية ، لكن بعد مجئ الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة تم الاعتماد على مقاربات جديدة في
التنمية الاقتصادية من منظور ليبرالي من اجل بناء اقتصاد يقوم على اقتصاد السوق و هذا ما حدث
منذ 1999 ، لكن ما يمكن مقارنته من خلال البرامج و الأهداف المسطرة و بين النتائج المحققة على
ارض الواقع.
فنجد أن خطاب رئيس الجمهورية السابق أمام إطارات الأمة صرح علانية بان هناك أخطاء ارتكبت
في بناء التوجه الاقتصادي .
و هنا نطرح الإشكالية :
ما هي أبعاد و أهداف التنمية في إطار الحكم الراشد وفق خصوصيات الجزائر ؟
طبعا للإجابة على هذه الإشكالية نركز على النقاط التالية :
-1 مفهوم التنمية و متطلباتها.
-2 علاقة التنمية بالحكم الراشد
-3 التنمية بين الحكم الراشد و خصوصية الجزائر .
-1 مفهوم التنمية و متطلباتها:
قبل هذا و ذاك فإننا يجب أن نركز على نقطة أساسية و هي أن التنمية مبنية على رهان الإنسان ضمن
التقاء البعد الزماني و المكاني ، وليس كما أصبح شائعا إلا أن التنمية مرتبطة بالتجارة الحرة التي
تحكمها المصلحة المادية ، كما أنها لا تعني فقط الوفرة المادية و إنما تؤدي إلي الشمول أي الاعتناء
بكل الظواهر المتعلقة بالبشر و تنمية المؤسسات و عدم التمييز بين الأشخاص و المؤسسات نفسها.
فهناك نوعين من التنمية التقليدية و التنمية الواسعة و لا نقول الحديثة لان التنمية ظاهرة هلامية لا
تتفتت و إنما واسعة بمفهوم الصوابية و الرشادة و هنا يتضح جليا مدي ارتباط التنمية بالحكم الراشد.
بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يستعمل هذا Development برز مفهوم التنمية
المفهوم منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني البارز "آدم سميث" في الربع الأخير من القرن
الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيل الاستثناء، فالمصطلحان اللذان اسُتخدما للدلالة
أو التقدم ،Material Progress على حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا التقدم المادي
.Progress Economic الاقتصادي
وحتى عندما ثارت مسألة تطوير بعض اقتصاديات أوروبا الشرقية في القرن التاسع عشر كانت
وقد برز ،Industrialization أو التصنيع ،Modernization الاصطلاحات المستخدمة هي التحديث
بداية في علم الاقتصاد حيث اسُتخدم للدلالة على عملية إحداث Development مفهوم التنمية
مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين؛ بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي
المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، بمعنى زيادة قدرة المجتمع على
الاستجابة للحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع
تلك الحاجات؛ عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد
ذلك الاستغلال. ثم انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينيات القرن العشرين؛ حيث ظهر كحقل
منفرد يهتم بتطوير البلدان غير الأوربية تجاه الديمقراطية. وتعرف التنمية السياسية: "بأنها عملية تغيير
اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدول الصناعية"، ويقصد بمستوى الدولة
الصناعية إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوربية تحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية
والمنافسة السياسية، وترسخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية.
ولاحًقا، تطور مفهوم التنمية ليرتبط بالعديد من الحقول المعرفية. فأصبح هناك التنمية الثقافية التي
تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان، وكذلك التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى
تطوير التفاعلات المجتمعية بين أطراف المجتمع: الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة،
المنظمات الأهلية.
بالإضافة لذلك استحدث مفهوم التنمية البشرية الذي يهتم بدعم قدرات الفرد وقياس مستوى معيشته
وتحسين أوضاعه في المجتمع.
ويلاحظ أن مجموعة المفاهيم الفرعية المنبثقة عن مفهوم التنمية ترتكز على عدة مسلمات:
أ - غلبة الطابع المادي على الحياة الإنسانية، حيث تقاس مستويات التنمية المختلفة بالمؤشرات المادية
البحتة.
ب - نفي وجود مصدر للمعرفة مستقل عن المصدر البشري المبني على الواقع المشاهد والمحسوس؛
أي بعبارة أخرى إسقاط فكرة الخالق من دائرة الاعتبارات العلمية.
ج - إن تطور المجتمعات البشرية يسير في خط متصاعد يتكون من مراحل متتابعة، كل مرحلة أعلى
من السابقة، وذلك انطلاًقا من اعتبار المجتمع الأوروبي نموذ جا للمجتمعات الأخرى ويجب عليها
. محاولة اللحاق به 1
و هناك من يري أن التنمية تبني على انتقال من مرحلة إلي أخري مثل فترة الخماسية و السداسية و
غيرها و هناك من يري بان التنمية مثل النابض أي كلما كان أكثر مرونة و سماكة كلما يكون الانتقال
اكبر أي الانتقال عبر الصدمات .
و هناك من يري أن التنمية لا تعني فقط الوفرة المادية و إنما التنمية تؤدي إلي الشمول أي الاهتمام
بكل الظواهر المتعلقة بالبشر و تنمية المؤسسات و عدم التمييز بين الأشخاص و المؤسسات نفسها. 2
و هنا نذهب للحدث عن نقطة أساسية و هي التنمية البشرية التي أصبحت من أهم المتطلبات فهي من
اجل الإنسان و للإنسان و بمعني أخر هي توسيع خيارات الناس للعيش بطريقة كريمة ، و أول مرة
استعملت هذا المصطلح سنة 1977 و أعلن عنه رسميا سنة 1986 في الأمم المتحدة .
و يمكن استخلاص مفهوم التنمية البشرية هنا بشكل أدق من خلال التعريف الذي جاء في تقرير التنمية
البشرية حيث يقوم المفهوم على أن البشر هم الثروة الحقيقية للأمم و أن التنمية الإنسانية هي توسيع
خيارات البشر ، أي الحق في العيش الكريم ماديا و معنويا ،جسدا ونفسا وروحا ، ويتفرع عن هذا
المنطلق نتيجتان هامتان :
* ترفض التنمية البشرية أي شكل من أشكال التمييز ضد البشر .
* لا يقتصر مفهوم الرفاه الإنساني في التنمية البشرية على التنعم المادي و إنما يتسع للجوانب المعنوية
في الحياة الإنسانية الكريمة مثل التمتع بالحرية و اكتساب المعرفة و الكرامة الإنسانية و تحقيق الذات.
بل تتعدي التنمية البشرية إلي نقاط أخري تشمل الحريات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و توفر
فرص الإنتاج و الإبداع. 3
و طبعا هناك التنمية المستدامة و هي التي تعتمد على مكوناتها الذاتية و ليس على مكونات و مقدرة
أخر و في كل المتغيرات و هي تعني القضاء على الفقر و تدعيم كرامة الإنسان و توفير فرص
2008/09/ 02 '( ر
) www.islamonline.net #$ % ذ ل
" "، م ا رف ، "
-1
. ي 2008 7 ة ، 08) .
9) :" ة أ 4
5 " ، ا
01 ، "إ ,
د ./ 2
، 2003 G ا .>H ردن : ا A ، ا B CB$D ا E0 2003 ، ). ا (=> ا ا ("? 3
متساوية أمام الجميع عن طريق الحكم الصالح و الذي يضمن عن طريقه جميع الحقوق و بالتالي هي
ضمان على حقوق الأجيال القادمة.
من خلال تطرقنا لهذه التعاريف أردنا توضيح العلاقة الترابطية بين التنمية و التنمية البشرية و التنمية
المستدامة من اجل توضح أهم الخطوط الأزمة لإحداث تنمية حقيقية.
و يمكن أن أضع تصورا شاملا حول مفهوم التنمية في نظري : فالتنمية هي اختيار ضروري لأهم
الخيارات المتاحة من خلال استغلال كل القدرات البشرية و المادية ووضعها في نسقها الملائم للبيئة
العامة المراد تنميتها وفق المتطلبات الحالية و المستقبلية .
إلي جانب هذا كله لابد من أن تحدث عملية تفاعل أفقي بين أنواع التنمية المختلفة من اجل تحقيق
الأهداف فليس من السليم الانتقال من تنمية إلي أخري بل لا بد من خلق تكامل شامل للمفاهيم و
صياغتها ضمن إطار واحد يخدم الأهداف الموضوعة.
-2 علاقة التنمية بالحكم الراشد:
يعتبر الحكم الراشد شرط من أهم الشروط التي يجب أن تتوفر لأجل تحقيق تنمية مستدامة و الاستدامة
هنا لا تعني الاستمرارية بل تعني نتائج الاستمرارية المتطورة .
إن علاقة التنمية بالحكم الصالح يمكن قراءتها من خلال ثلاثة زوايا هي:
-1 وطنية، تشمل الحضر والريف وجميع الطبقات الاجتماعية والفئات بما فيها المرأة والرجل.
-2 عالمية، أي التوزيع العادل للثروة بين الدول الغنية والدول الفقيرة وعلاقات دولية تتسم بقدر من
الاحترام والمشترك الإنساني والقواعد القانونية.
-3 زمنية، أي مراعاة مصالح الأجيال الحالية والأجيال اللاحقة.
و لا يمكن الحديث عن التنمية في ظل وجود سوء تسيير للموارد البشرية و المادية المتاحة خاصة
في المرحلة التي اعتدتها الجزائر للانطلاق في عملية التنمية و النهوض الاقتصادي .
: و لهذا سنركز على مرتكزات و معايير الحكم الراشد 1
مرتكزات و معايير الحكم الراشد :
قبل التطرق لمرتكزات و معايير الحكم الراشد لابد من الإشارة إلي نقطة أساسية و هي تعريف الحكم
الراشد و هو " عدم استبعاد أي عنصر من النشاط الإنساني في عملية التنمية "
فهو مصطلح ظهر في اللغة الفرنسية في القرن 13 كمرادف لمصطلح الحكومة ثم كمصطلح قانوني
سنة 1978 ليستعمل في نطاق واسع معبرا عن تكاليف التسيير .
أما مرتكزات الحكم الراشد فهي تعتمد على ثلاثة نقاط أساسية :
أ - الأساس الأول : يتعلق بوجود أزمة في طريقة الحكم.
ب - الأساس الثاني : هذه الأزمة تظهر عجز و فشل الأشكال التقليدية في الأداء العمومي.
ت - الأساس الثالث : يتعلق بظهور شكل جديد للحكم أكثر مواءمة للمعطيات الحالية.
فالحكم الراشد لا يمكن أن يكون إلا في كنف السلم الاجتماعي و الاستقرار السياسي و ترقية حقوق
الإنسان وسط قوة القانون.
بالنسبة لمعايير الحكم الراشد فهي :
- إقامة دولة الحق و القانون.
- ترسيخ الديمقراطية الحقة
- التعددية السياسية
- الرقابة البرلمانية
2004 J1 ا ا K05B C وJ ا C"B ا >/
ة 08) .
N C7 :" ة أ 4
5 " ، J1 ا ا K05 ت ا
>BH ، " C?
I7 1
- الشفافية في تسيير شؤون الدولة
- المحاسبة التي تقوم من خلال سلطة قضائية قوية
- حرية التعبير و حرية الرأي.
و بالتالي نجد أن هناك علاقة ترابطية بين التنمية و الحكم الراشد كيف لا وهذا مجسدا بشكل أولي في
تعريف الحكم الراشد الذي يقوم على عدم استبعاد أي عنصر من النشاط الإنساني في التنمية أي لابد
من توفير كل العناصر البشرية و المادية و استغلالها بالشكل الأمثل في تحقيق التنمية الاقتصادية ،
خاصة مسالة الفساد الإداري و السياسي الذي أصبح يشغل موقف الصدارة بما يحتم ضرورة مواجهتها
للحد من تداعياتها ، و هذا يمكن أن يجرنا إلي تصنيف أنواع الفساد الذي يصنف إلي ثلاثة أقسام
رئيسية و هي العرضي و المؤسس و المنظم أو قد يكون مؤقتا أو دائم بشكل منظم يمس كل المجتمع.
: ومن هنا نجد متطلبات التنمية في طل الحكم الراشد وهي 1
-1 أهمية تمتع النظام بشرعية تستند إلي القبول الشعبي و فاعلية الأداء.
-2 وجود منظمة قيمية تعكس شفافية سياسية تسهم في إزالة الصراعات المحتملة بين الحكام و
المحكومين و تحد من استخدام العنف .
-3 ضرورة موائمة الهياكل الاجتماعية و السياسية للتغيرات الاقتصادية بما يجنب النظام للتعرض
لمزيد من الضغوط و عدم الاستقرار.
هذا إلي جانب :
قابلية السلطة للاستجابة بمرونة و بسرعة لتطورات المجتمع. ·
الفعالية و المهارة و النوعية في المصالح و الخدمات المقدمة . ·
الاستباقية أي القيام بدراسات علمية و اقتصادية و اجتماعية للتنبؤ للأوضاع و استباق أي ·
طوارئ أو تحولات .
الأولوية للقانون في ظل الشفافية و المشاركة و المساهمة في عملية اتخاذ القرار. ·
و لهذا نخلص إلي أن للدولة دور في الدفاع عن مصالحها من اجل النفع العام كما تحفز و تشجع على
خلق جو نشيط لخدمة التنمية البشرية ، إلي جانب القطاع الخاص الذي يقوم بإنتاج السلع و توفير
خدمات و خلق الوسائل المناسبة للتنمية و كذا المناخ المناسب من خلال توفير مناصب شغل للمواطنين
و العمل في تنافسية غير صراعية و شفافة يحكمها القانون، إلي جانب المجتمع المدني فانه يقوم
بالتعبئة من اجل المساهمة في النشاطات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.
P)
/ #N ، C?
I7 1
-3 التنمية بين الحكم الراشد و خصوصية الجزائر:
ما أردت توضيحه هنا هو مسالة التنمية المستدامة هل هي شئ إن اصح القول قابل للتطبيق في أي
زمان و مكان أم أنها تراعي خصوصية كل دولة و نظام سياسي وفقا لبيئته الداخلية و متطلباته
الخاصة و تركيبته الاجتماعية.
و لهذا اعتمدت على نقطتين اساسيتن و هما :
أ- متطلبات الحكم الراشد و إسقاطاتها على الجزائر من جهة و من جهة أخري المتطلبات التنموية
للجزائر في المرحلة الراهنة.
ب- نقطة الثانية قراءة في الحركية التنموية في الجزائر منذ 1999 إلي غاية يومنا هذا إلي جانب
وضع إستراتجية التنمية المستدامة ضمن خصوصية البيئة الجزائرية الداخلية و الإقليمية .
من خلال العنصر السابق الذي تطرقنا فيها إلي متطلبات الحكم الراشد و من خلال النظر إلي
خصوصية الجزائر و إن صح القول خصوصية التجربة التنموية و الاقتصادية للجزائر منذ 1999 نجد
أن هناك بعض الاختلالات الواضحة إذا ما أسقطنا هذه المرتكزات على التجربة الجزائرية .
فلم تعد التنمية حلم أو هدف بل أصبحت ضرورة ملحة في الألفية الثالثة خاصة بعدما أقرتها الأمم
المتحدة ، إلي جانب ازدياد الانكشافية في العالم بحيث أصبح أي شخص من الدول النامية أن يري
يكفي يعيش نظيره في الدول المتقدمة و هذا ما يحتم على الدول النامية الخوض في غمار التنمية
كمسار لا مفر منه ، هذا إلي جانب موجات التحول الديمقراطي التي تلزم على الأنظمة التقيد بمجموعة
من الشروط التي تدخل في سياق مرتكزات الحكم الراشد.
بمجئ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وضع تصورا من اجل تعزيز دور الاقتصاد الوطني خاصة بعد
الفترة التي عاشتها الجزائر من طرف الإرهاب الذي خلف خسائر في الأرواح و الاقتصاد و البني
التحتية بحيث أوقف مسار التنمية لمدة تزيد عن 10 سنوات في الوقت الذي كان يسير فيه العالم
بسرعة كبيرة نحو تحقيق معدلات نمو كبيرة و تحقيق قفزات تنموية على جميع المستويات.
فكان إلي جانب برنامج رئيس الجمهورية ظروف دولية و أخري داخلية ساعدت في هذا التوجه و بناء
مقاربات تنموية وفق هذه المعطيات ، بداية من القوانين التي أصدرها الرئيس و التي تدخل في إطار
تحقيق السلم و الأمن في البلاد من الوئام المدني إلي المصالحة الوطنية ، إلي جانب أحداث 11 سبتمبر
2001 التي عرت حقيقة الإرهاب و ما كان يجري في الجزائر بالإضافة إلي ارتفاع أسعار البترول
في العالم التي ساعدت في تدعيم الموقف المالي للجزائر و كذا إعطاء ارتياح كبير في رسم خطط
تنموية إن اصابة في جزء لكن اخطاءت في جزء أخر.
و هذا من خلال ما يلي :
* ارتفاع مؤشرات النمو كل سنة بمعدل لا يقل عن 4 بالمئة.
* انخفاض مستوي البطالة .
* انجاز مشاريع ضخمة خاصة على مستوي البني التحتية و المنشاءات القاعدية.
إلي غير ذلك من الانجازات الكبرى و التي لا ينكرها إلا جاحد غير أن هذا لازم كذلك مؤشرا أخري
و ظواهر أخري منها :
ارتفاع الاحتجاجات لدي الفئات العمالية بالمطالبة بتحسين الأوضاع و المستوي المعيشي. ·
بروز مؤشرات الاختلاس و الرشوة بشكل لافت للانتباه و تبديد الأموال العمومية في صفقات ·
مشبوهة مما يعني إهدار للمال العام و عدم تحقيق البرامج التنموية كما هي.
بقاء مؤشرات النمو خارج قطاع المحروقات بعيد عن الطموحات. ·
إلي الكثير من العوامل و الظواهر الاخري.
و لهذا فإذا أردنا أن نحقق تنمية حقيقية و على جميع المستويات لا بد من وضع تصور و إستراتيجية
واضحة المعالم و الأبعاد تقف و تراعي جملة من الخصائص و هي :
-1 طبيعة المجتمع الجزائري الذي يعرف تنوعا من حيث التركيبة البشرية حتى الجغرافية.
-2 إفرازات مرحلة الأزمة الوطنية و ما خلفه الإرهاب.
-3 موقع الجزائر من أوروبا و تزايد ظاهرة الهجرة السرية.
-4 التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي و تداعياته على الجزائر.
-5 طبيعة المناطق الحدودية.
-6 عدم وجود مؤسسات اقتصادية فعالة و منافسة .
-7 عدم وجود برنامج اقتصادي داعم للمؤسسات الوطنية .
-8 طبيعة المؤسسات البنكية في الجزائر.
-9 الفساد المنتشر في المؤسسات الإدارية و كذا البيروقراطية.
-10 عدم وجود سوق مالية .
-11 عدم فعالية مؤسسات الرقابية .
و لهذا لا بد من وضع إستراتجية تقوم على العناصر التالية من اجل تحقيق تنمية حقيقية :
-1 إصلاح المنظومة البنكية و المالية في الجزائر من اجل مراعاة التطورات الحاصلة و كذا رفع
من مردودية الاقتصاد الوطني و تسهيل المعاملات المالية للمواطن و بشكل حضاري.
-2 الاعتماد على مقاربة الحكومة الالكترونية من اجل تسهيل تقديم خدمات نوعية في إطار شفاف
وواضح و ربح للوقت و الجهد و المال و كذا يحسن من علاقة المواطن بالإدارة و كذا القضاء
على البيروقراطية .
-3 لا بد من وضع مؤسسات مرافقة لدعم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة من اجل دمجها في
الاقتصاد الوطني و تحسين تنافسيتها و رفع من قيمة صادرتها.
-4 لا بد من توجيه تكوين العنصر البشري في إطار احتياجات السوق الوطنية أي وضع دراسة
استشرافية للاقتصاد الوطني من اجل رسم خطوط أولية لاحتياجات المادية و البشرية و بالتالي
تفعيل تكوين وفق هذه الإستراتجية و بهذا نكون قد خفضنا نسبة البطالة بشكل حقيقي.
-5 مراعاة خصوصية كل منطقة في الجزائر و هذا من خلال دعم اللامركزية في التسيير في
إطار تفعيل رقابة و أداء المجالس المحلية و إعطاء مجال اكبر لمشاركة المواطن في تسيير
شؤونه و حياته و الاطلاع عليها عبر المجالس المحلية.
-6 تفعيل دور المجتمع المدني في حشد و تاطير القدرات البشرية و المادية من اجل تحقيق
التنمية.
-7 وضع مؤسسات رقابية على تسيير الصفقات المالية و العمومية .
-8 مراجعة القوانين الموجهة لدعم الاستثمار في إطار دعم و مراعاة خصوصية الاقتصاد
الجزائري.
-9 ضرورة تدعيم و تسهيل عمليات التصدير للمؤسسات الجزائرية من خلق أسواق جديدة على
غرار الأسواق الإفريقية و الأمريكية و العربية.
-10 لا بد من رسم إستراتجية صناعية و زراعية تراعي احتياجات الجزائر على الصعيد
القريب و المتوسط و البعيد لضمان مستقبل الأجيال السابقة.
-11 تعزيز استثمار الأموال الجزائرية في الخارج في القطاعات الإستراتجية في الجزائر
على غرار قطاع الطاقة بالاعتماد على الطاقة البديلة و الزراعة و الصناعة الالكترونية و
العربات و الغذائية.
من خلال ما سبق أردنا التركيز على جملة من العناصر التي لا بد أن تتوفر مع بعضها البعض من
اجل خلق تصور شامل للعملية التنموية في الجزائر ضمن مرتكزات الحكم الراشد.
الخاتمة :
ما يمكن أن نحوصل به في هذه الخاتمة و هو أن التنمية المستدامة ليس أنموذج واحد بل هو مفهوم
في حد ذاته تطور و بالتالي لا بد من إعادة قراءة أساسيات الحكم الراشد و بين خصوصية الجزائر
السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الأمنية و من جهة أخري المحلية و الإقليمية و الدولية في إطار
التجارب الداخلية من خلال البرامج التنموية المعتمدة في الجزائر و كذا مشاريع الشراكة الخارجية
كنيباد .
و الأهم من هذا كله هو رسم تصور وطني للتنمية على المدى القريب و المتوسط و البعيد في ظل
تفعيل حقيقي لمرتكزات الحكم الراشد الذي يعتمد بالدرجة الأولي على الشفافية في التسيير و إقامة
دولة القانون ، و مراعاة الاحتياجات الوطنية و خصوصية الفرد الجزائري و البيئة الجزائرية و
بالتالي ننتقل من تحقيق التنمية إلي إرساء أسس التنمية المستدامة.
قائمة المراجع :
. -1 سعود( صالح )، "إشكالية التنمية" ، محاضرة ألقيت بجامعة بسكرة ، فيفري 2008
-2 تقرير التنمية البشرية العربية 2003 ، مكتب الإقليمي للتنمية ، الأردن : المطبعة الوطنية ،
2003
3 -عمر (فرحاتي) ، "متطلبات الحكم الراشد" ، محاضرة ألقيت في جامعة بسكرة مناسبة الملقي الدولي
للحكم الراشد 2004
بتاريخ www.islamonline.net -4 ناصر (عارف) ، "مفهوم التنمية "، مقال مأخوذ من موقع
2008/09/02
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي
جامعة محمد خيضر بسكرة
كلية الحقوق و العلوم السياسية و العلاقات الدولية
قسم العلوم السياسية و العلاقات الدولية
مداخلة بعنوان
في ملتقي التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات
من إعداد :
جدو فؤاد
التنمية المستدامة بين متطلبات
الحكم الراشد و خصوصية
الجزائر
مقدمة
لقد عرفت الجزائر الكثير من التغيرات على مستوي البنية السياسية و ما رافقها من تغيرات في الهيكلة
الاقتصادية ، حيث كان لكل مرحلة زمنية سياستها التنموية التي اعتمدت على أساس عقيدة سياسية و
ظروف محلية و إقليمية و دولية ، فالجزائر عرفت الاشتراكية في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين
ثم بدأت تخطو خطوات نحو الانفتاح الاقتصادي في عهد الرئيس شاذلي بن جديد ، و لكن الحركة
التنموية توقفت بشكل شبه كلي بعد دخول الجزائر في سنوات الإرهاب الذي اثر بشكل كبير على هذه
الحركية ، لكن بعد مجئ الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة تم الاعتماد على مقاربات جديدة في
التنمية الاقتصادية من منظور ليبرالي من اجل بناء اقتصاد يقوم على اقتصاد السوق و هذا ما حدث
منذ 1999 ، لكن ما يمكن مقارنته من خلال البرامج و الأهداف المسطرة و بين النتائج المحققة على
ارض الواقع.
فنجد أن خطاب رئيس الجمهورية السابق أمام إطارات الأمة صرح علانية بان هناك أخطاء ارتكبت
في بناء التوجه الاقتصادي .
و هنا نطرح الإشكالية :
ما هي أبعاد و أهداف التنمية في إطار الحكم الراشد وفق خصوصيات الجزائر ؟
طبعا للإجابة على هذه الإشكالية نركز على النقاط التالية :
-1 مفهوم التنمية و متطلباتها.
-2 علاقة التنمية بالحكم الراشد
-3 التنمية بين الحكم الراشد و خصوصية الجزائر .
-1 مفهوم التنمية و متطلباتها:
قبل هذا و ذاك فإننا يجب أن نركز على نقطة أساسية و هي أن التنمية مبنية على رهان الإنسان ضمن
التقاء البعد الزماني و المكاني ، وليس كما أصبح شائعا إلا أن التنمية مرتبطة بالتجارة الحرة التي
تحكمها المصلحة المادية ، كما أنها لا تعني فقط الوفرة المادية و إنما تؤدي إلي الشمول أي الاعتناء
بكل الظواهر المتعلقة بالبشر و تنمية المؤسسات و عدم التمييز بين الأشخاص و المؤسسات نفسها.
فهناك نوعين من التنمية التقليدية و التنمية الواسعة و لا نقول الحديثة لان التنمية ظاهرة هلامية لا
تتفتت و إنما واسعة بمفهوم الصوابية و الرشادة و هنا يتضح جليا مدي ارتباط التنمية بالحكم الراشد.
بصورة أساسية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لم يستعمل هذا Development برز مفهوم التنمية
المفهوم منذ ظهوره في عصر الاقتصادي البريطاني البارز "آدم سميث" في الربع الأخير من القرن
الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية إلا على سبيل الاستثناء، فالمصطلحان اللذان اسُتخدما للدلالة
أو التقدم ،Material Progress على حدوث التطور المشار إليه في المجتمع كانا التقدم المادي
.Progress Economic الاقتصادي
وحتى عندما ثارت مسألة تطوير بعض اقتصاديات أوروبا الشرقية في القرن التاسع عشر كانت
وقد برز ،Industrialization أو التصنيع ،Modernization الاصطلاحات المستخدمة هي التحديث
بداية في علم الاقتصاد حيث اسُتخدم للدلالة على عملية إحداث Development مفهوم التنمية
مجموعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين؛ بهدف إكساب ذلك المجتمع القدرة على التطور الذاتي
المستمر بمعدل يضمن التحسن المتزايد في نوعية الحياة لكل أفراده، بمعنى زيادة قدرة المجتمع على
الاستجابة للحاجات الأساسية والحاجات المتزايدة لأعضائه؛ بالصورة التي تكفل زيادة درجات إشباع
تلك الحاجات؛ عن طريق الترشيد المستمر لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيع عائد
ذلك الاستغلال. ثم انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينيات القرن العشرين؛ حيث ظهر كحقل
منفرد يهتم بتطوير البلدان غير الأوربية تجاه الديمقراطية. وتعرف التنمية السياسية: "بأنها عملية تغيير
اجتماعي متعدد الجوانب، غايته الوصول إلى مستوى الدول الصناعية"، ويقصد بمستوى الدولة
الصناعية إيجاد نظم تعددية على شاكلة النظم الأوربية تحقق النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية
والمنافسة السياسية، وترسخ مفاهيم الوطنية والسيادة والولاء للدولة القومية.
ولاحًقا، تطور مفهوم التنمية ليرتبط بالعديد من الحقول المعرفية. فأصبح هناك التنمية الثقافية التي
تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان، وكذلك التنمية الاجتماعية التي تهدف إلى
تطوير التفاعلات المجتمعية بين أطراف المجتمع: الفرد، الجماعة، المؤسسات الاجتماعية المختلفة،
المنظمات الأهلية.
بالإضافة لذلك استحدث مفهوم التنمية البشرية الذي يهتم بدعم قدرات الفرد وقياس مستوى معيشته
وتحسين أوضاعه في المجتمع.
ويلاحظ أن مجموعة المفاهيم الفرعية المنبثقة عن مفهوم التنمية ترتكز على عدة مسلمات:
أ - غلبة الطابع المادي على الحياة الإنسانية، حيث تقاس مستويات التنمية المختلفة بالمؤشرات المادية
البحتة.
ب - نفي وجود مصدر للمعرفة مستقل عن المصدر البشري المبني على الواقع المشاهد والمحسوس؛
أي بعبارة أخرى إسقاط فكرة الخالق من دائرة الاعتبارات العلمية.
ج - إن تطور المجتمعات البشرية يسير في خط متصاعد يتكون من مراحل متتابعة، كل مرحلة أعلى
من السابقة، وذلك انطلاًقا من اعتبار المجتمع الأوروبي نموذ جا للمجتمعات الأخرى ويجب عليها
. محاولة اللحاق به 1
و هناك من يري أن التنمية تبني على انتقال من مرحلة إلي أخري مثل فترة الخماسية و السداسية و
غيرها و هناك من يري بان التنمية مثل النابض أي كلما كان أكثر مرونة و سماكة كلما يكون الانتقال
اكبر أي الانتقال عبر الصدمات .
و هناك من يري أن التنمية لا تعني فقط الوفرة المادية و إنما التنمية تؤدي إلي الشمول أي الاهتمام
بكل الظواهر المتعلقة بالبشر و تنمية المؤسسات و عدم التمييز بين الأشخاص و المؤسسات نفسها. 2
و هنا نذهب للحدث عن نقطة أساسية و هي التنمية البشرية التي أصبحت من أهم المتطلبات فهي من
اجل الإنسان و للإنسان و بمعني أخر هي توسيع خيارات الناس للعيش بطريقة كريمة ، و أول مرة
استعملت هذا المصطلح سنة 1977 و أعلن عنه رسميا سنة 1986 في الأمم المتحدة .
و يمكن استخلاص مفهوم التنمية البشرية هنا بشكل أدق من خلال التعريف الذي جاء في تقرير التنمية
البشرية حيث يقوم المفهوم على أن البشر هم الثروة الحقيقية للأمم و أن التنمية الإنسانية هي توسيع
خيارات البشر ، أي الحق في العيش الكريم ماديا و معنويا ،جسدا ونفسا وروحا ، ويتفرع عن هذا
المنطلق نتيجتان هامتان :
* ترفض التنمية البشرية أي شكل من أشكال التمييز ضد البشر .
* لا يقتصر مفهوم الرفاه الإنساني في التنمية البشرية على التنعم المادي و إنما يتسع للجوانب المعنوية
في الحياة الإنسانية الكريمة مثل التمتع بالحرية و اكتساب المعرفة و الكرامة الإنسانية و تحقيق الذات.
بل تتعدي التنمية البشرية إلي نقاط أخري تشمل الحريات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و توفر
فرص الإنتاج و الإبداع. 3
و طبعا هناك التنمية المستدامة و هي التي تعتمد على مكوناتها الذاتية و ليس على مكونات و مقدرة
أخر و في كل المتغيرات و هي تعني القضاء على الفقر و تدعيم كرامة الإنسان و توفير فرص
2008/09/ 02 '( ر
) www.islamonline.net #$ % ذ ل
" "، م ا رف ، "
-1
. ي 2008 7 ة ، 08) .
9) :" ة أ 4
5 " ، ا
01 ، "إ ,
د ./ 2
، 2003 G ا .>H ردن : ا A ، ا B CB$D ا E0 2003 ، ). ا (=> ا ا ("? 3
متساوية أمام الجميع عن طريق الحكم الصالح و الذي يضمن عن طريقه جميع الحقوق و بالتالي هي
ضمان على حقوق الأجيال القادمة.
من خلال تطرقنا لهذه التعاريف أردنا توضيح العلاقة الترابطية بين التنمية و التنمية البشرية و التنمية
المستدامة من اجل توضح أهم الخطوط الأزمة لإحداث تنمية حقيقية.
و يمكن أن أضع تصورا شاملا حول مفهوم التنمية في نظري : فالتنمية هي اختيار ضروري لأهم
الخيارات المتاحة من خلال استغلال كل القدرات البشرية و المادية ووضعها في نسقها الملائم للبيئة
العامة المراد تنميتها وفق المتطلبات الحالية و المستقبلية .
إلي جانب هذا كله لابد من أن تحدث عملية تفاعل أفقي بين أنواع التنمية المختلفة من اجل تحقيق
الأهداف فليس من السليم الانتقال من تنمية إلي أخري بل لا بد من خلق تكامل شامل للمفاهيم و
صياغتها ضمن إطار واحد يخدم الأهداف الموضوعة.
-2 علاقة التنمية بالحكم الراشد:
يعتبر الحكم الراشد شرط من أهم الشروط التي يجب أن تتوفر لأجل تحقيق تنمية مستدامة و الاستدامة
هنا لا تعني الاستمرارية بل تعني نتائج الاستمرارية المتطورة .
إن علاقة التنمية بالحكم الصالح يمكن قراءتها من خلال ثلاثة زوايا هي:
-1 وطنية، تشمل الحضر والريف وجميع الطبقات الاجتماعية والفئات بما فيها المرأة والرجل.
-2 عالمية، أي التوزيع العادل للثروة بين الدول الغنية والدول الفقيرة وعلاقات دولية تتسم بقدر من
الاحترام والمشترك الإنساني والقواعد القانونية.
-3 زمنية، أي مراعاة مصالح الأجيال الحالية والأجيال اللاحقة.
و لا يمكن الحديث عن التنمية في ظل وجود سوء تسيير للموارد البشرية و المادية المتاحة خاصة
في المرحلة التي اعتدتها الجزائر للانطلاق في عملية التنمية و النهوض الاقتصادي .
: و لهذا سنركز على مرتكزات و معايير الحكم الراشد 1
مرتكزات و معايير الحكم الراشد :
قبل التطرق لمرتكزات و معايير الحكم الراشد لابد من الإشارة إلي نقطة أساسية و هي تعريف الحكم
الراشد و هو " عدم استبعاد أي عنصر من النشاط الإنساني في عملية التنمية "
فهو مصطلح ظهر في اللغة الفرنسية في القرن 13 كمرادف لمصطلح الحكومة ثم كمصطلح قانوني
سنة 1978 ليستعمل في نطاق واسع معبرا عن تكاليف التسيير .
أما مرتكزات الحكم الراشد فهي تعتمد على ثلاثة نقاط أساسية :
أ - الأساس الأول : يتعلق بوجود أزمة في طريقة الحكم.
ب - الأساس الثاني : هذه الأزمة تظهر عجز و فشل الأشكال التقليدية في الأداء العمومي.
ت - الأساس الثالث : يتعلق بظهور شكل جديد للحكم أكثر مواءمة للمعطيات الحالية.
فالحكم الراشد لا يمكن أن يكون إلا في كنف السلم الاجتماعي و الاستقرار السياسي و ترقية حقوق
الإنسان وسط قوة القانون.
بالنسبة لمعايير الحكم الراشد فهي :
- إقامة دولة الحق و القانون.
- ترسيخ الديمقراطية الحقة
- التعددية السياسية
- الرقابة البرلمانية
2004 J1 ا ا K05B C وJ ا C"B ا >/
ة 08) .
N C7 :" ة أ 4
5 " ، J1 ا ا K05 ت ا
>BH ، " C?
I7 1
- الشفافية في تسيير شؤون الدولة
- المحاسبة التي تقوم من خلال سلطة قضائية قوية
- حرية التعبير و حرية الرأي.
و بالتالي نجد أن هناك علاقة ترابطية بين التنمية و الحكم الراشد كيف لا وهذا مجسدا بشكل أولي في
تعريف الحكم الراشد الذي يقوم على عدم استبعاد أي عنصر من النشاط الإنساني في التنمية أي لابد
من توفير كل العناصر البشرية و المادية و استغلالها بالشكل الأمثل في تحقيق التنمية الاقتصادية ،
خاصة مسالة الفساد الإداري و السياسي الذي أصبح يشغل موقف الصدارة بما يحتم ضرورة مواجهتها
للحد من تداعياتها ، و هذا يمكن أن يجرنا إلي تصنيف أنواع الفساد الذي يصنف إلي ثلاثة أقسام
رئيسية و هي العرضي و المؤسس و المنظم أو قد يكون مؤقتا أو دائم بشكل منظم يمس كل المجتمع.
: ومن هنا نجد متطلبات التنمية في طل الحكم الراشد وهي 1
-1 أهمية تمتع النظام بشرعية تستند إلي القبول الشعبي و فاعلية الأداء.
-2 وجود منظمة قيمية تعكس شفافية سياسية تسهم في إزالة الصراعات المحتملة بين الحكام و
المحكومين و تحد من استخدام العنف .
-3 ضرورة موائمة الهياكل الاجتماعية و السياسية للتغيرات الاقتصادية بما يجنب النظام للتعرض
لمزيد من الضغوط و عدم الاستقرار.
هذا إلي جانب :
قابلية السلطة للاستجابة بمرونة و بسرعة لتطورات المجتمع. ·
الفعالية و المهارة و النوعية في المصالح و الخدمات المقدمة . ·
الاستباقية أي القيام بدراسات علمية و اقتصادية و اجتماعية للتنبؤ للأوضاع و استباق أي ·
طوارئ أو تحولات .
الأولوية للقانون في ظل الشفافية و المشاركة و المساهمة في عملية اتخاذ القرار. ·
و لهذا نخلص إلي أن للدولة دور في الدفاع عن مصالحها من اجل النفع العام كما تحفز و تشجع على
خلق جو نشيط لخدمة التنمية البشرية ، إلي جانب القطاع الخاص الذي يقوم بإنتاج السلع و توفير
خدمات و خلق الوسائل المناسبة للتنمية و كذا المناخ المناسب من خلال توفير مناصب شغل للمواطنين
و العمل في تنافسية غير صراعية و شفافة يحكمها القانون، إلي جانب المجتمع المدني فانه يقوم
بالتعبئة من اجل المساهمة في النشاطات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية.
P)
/ #N ، C?
I7 1
-3 التنمية بين الحكم الراشد و خصوصية الجزائر:
ما أردت توضيحه هنا هو مسالة التنمية المستدامة هل هي شئ إن اصح القول قابل للتطبيق في أي
زمان و مكان أم أنها تراعي خصوصية كل دولة و نظام سياسي وفقا لبيئته الداخلية و متطلباته
الخاصة و تركيبته الاجتماعية.
و لهذا اعتمدت على نقطتين اساسيتن و هما :
أ- متطلبات الحكم الراشد و إسقاطاتها على الجزائر من جهة و من جهة أخري المتطلبات التنموية
للجزائر في المرحلة الراهنة.
ب- نقطة الثانية قراءة في الحركية التنموية في الجزائر منذ 1999 إلي غاية يومنا هذا إلي جانب
وضع إستراتجية التنمية المستدامة ضمن خصوصية البيئة الجزائرية الداخلية و الإقليمية .
من خلال العنصر السابق الذي تطرقنا فيها إلي متطلبات الحكم الراشد و من خلال النظر إلي
خصوصية الجزائر و إن صح القول خصوصية التجربة التنموية و الاقتصادية للجزائر منذ 1999 نجد
أن هناك بعض الاختلالات الواضحة إذا ما أسقطنا هذه المرتكزات على التجربة الجزائرية .
فلم تعد التنمية حلم أو هدف بل أصبحت ضرورة ملحة في الألفية الثالثة خاصة بعدما أقرتها الأمم
المتحدة ، إلي جانب ازدياد الانكشافية في العالم بحيث أصبح أي شخص من الدول النامية أن يري
يكفي يعيش نظيره في الدول المتقدمة و هذا ما يحتم على الدول النامية الخوض في غمار التنمية
كمسار لا مفر منه ، هذا إلي جانب موجات التحول الديمقراطي التي تلزم على الأنظمة التقيد بمجموعة
من الشروط التي تدخل في سياق مرتكزات الحكم الراشد.
بمجئ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وضع تصورا من اجل تعزيز دور الاقتصاد الوطني خاصة بعد
الفترة التي عاشتها الجزائر من طرف الإرهاب الذي خلف خسائر في الأرواح و الاقتصاد و البني
التحتية بحيث أوقف مسار التنمية لمدة تزيد عن 10 سنوات في الوقت الذي كان يسير فيه العالم
بسرعة كبيرة نحو تحقيق معدلات نمو كبيرة و تحقيق قفزات تنموية على جميع المستويات.
فكان إلي جانب برنامج رئيس الجمهورية ظروف دولية و أخري داخلية ساعدت في هذا التوجه و بناء
مقاربات تنموية وفق هذه المعطيات ، بداية من القوانين التي أصدرها الرئيس و التي تدخل في إطار
تحقيق السلم و الأمن في البلاد من الوئام المدني إلي المصالحة الوطنية ، إلي جانب أحداث 11 سبتمبر
2001 التي عرت حقيقة الإرهاب و ما كان يجري في الجزائر بالإضافة إلي ارتفاع أسعار البترول
في العالم التي ساعدت في تدعيم الموقف المالي للجزائر و كذا إعطاء ارتياح كبير في رسم خطط
تنموية إن اصابة في جزء لكن اخطاءت في جزء أخر.
و هذا من خلال ما يلي :
* ارتفاع مؤشرات النمو كل سنة بمعدل لا يقل عن 4 بالمئة.
* انخفاض مستوي البطالة .
* انجاز مشاريع ضخمة خاصة على مستوي البني التحتية و المنشاءات القاعدية.
إلي غير ذلك من الانجازات الكبرى و التي لا ينكرها إلا جاحد غير أن هذا لازم كذلك مؤشرا أخري
و ظواهر أخري منها :
ارتفاع الاحتجاجات لدي الفئات العمالية بالمطالبة بتحسين الأوضاع و المستوي المعيشي. ·
بروز مؤشرات الاختلاس و الرشوة بشكل لافت للانتباه و تبديد الأموال العمومية في صفقات ·
مشبوهة مما يعني إهدار للمال العام و عدم تحقيق البرامج التنموية كما هي.
بقاء مؤشرات النمو خارج قطاع المحروقات بعيد عن الطموحات. ·
إلي الكثير من العوامل و الظواهر الاخري.
و لهذا فإذا أردنا أن نحقق تنمية حقيقية و على جميع المستويات لا بد من وضع تصور و إستراتيجية
واضحة المعالم و الأبعاد تقف و تراعي جملة من الخصائص و هي :
-1 طبيعة المجتمع الجزائري الذي يعرف تنوعا من حيث التركيبة البشرية حتى الجغرافية.
-2 إفرازات مرحلة الأزمة الوطنية و ما خلفه الإرهاب.
-3 موقع الجزائر من أوروبا و تزايد ظاهرة الهجرة السرية.
-4 التهديدات الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي و تداعياته على الجزائر.
-5 طبيعة المناطق الحدودية.
-6 عدم وجود مؤسسات اقتصادية فعالة و منافسة .
-7 عدم وجود برنامج اقتصادي داعم للمؤسسات الوطنية .
-8 طبيعة المؤسسات البنكية في الجزائر.
-9 الفساد المنتشر في المؤسسات الإدارية و كذا البيروقراطية.
-10 عدم وجود سوق مالية .
-11 عدم فعالية مؤسسات الرقابية .
و لهذا لا بد من وضع إستراتجية تقوم على العناصر التالية من اجل تحقيق تنمية حقيقية :
-1 إصلاح المنظومة البنكية و المالية في الجزائر من اجل مراعاة التطورات الحاصلة و كذا رفع
من مردودية الاقتصاد الوطني و تسهيل المعاملات المالية للمواطن و بشكل حضاري.
-2 الاعتماد على مقاربة الحكومة الالكترونية من اجل تسهيل تقديم خدمات نوعية في إطار شفاف
وواضح و ربح للوقت و الجهد و المال و كذا يحسن من علاقة المواطن بالإدارة و كذا القضاء
على البيروقراطية .
-3 لا بد من وضع مؤسسات مرافقة لدعم المؤسسات الصغيرة و المتوسطة من اجل دمجها في
الاقتصاد الوطني و تحسين تنافسيتها و رفع من قيمة صادرتها.
-4 لا بد من توجيه تكوين العنصر البشري في إطار احتياجات السوق الوطنية أي وضع دراسة
استشرافية للاقتصاد الوطني من اجل رسم خطوط أولية لاحتياجات المادية و البشرية و بالتالي
تفعيل تكوين وفق هذه الإستراتجية و بهذا نكون قد خفضنا نسبة البطالة بشكل حقيقي.
-5 مراعاة خصوصية كل منطقة في الجزائر و هذا من خلال دعم اللامركزية في التسيير في
إطار تفعيل رقابة و أداء المجالس المحلية و إعطاء مجال اكبر لمشاركة المواطن في تسيير
شؤونه و حياته و الاطلاع عليها عبر المجالس المحلية.
-6 تفعيل دور المجتمع المدني في حشد و تاطير القدرات البشرية و المادية من اجل تحقيق
التنمية.
-7 وضع مؤسسات رقابية على تسيير الصفقات المالية و العمومية .
-8 مراجعة القوانين الموجهة لدعم الاستثمار في إطار دعم و مراعاة خصوصية الاقتصاد
الجزائري.
-9 ضرورة تدعيم و تسهيل عمليات التصدير للمؤسسات الجزائرية من خلق أسواق جديدة على
غرار الأسواق الإفريقية و الأمريكية و العربية.
-10 لا بد من رسم إستراتجية صناعية و زراعية تراعي احتياجات الجزائر على الصعيد
القريب و المتوسط و البعيد لضمان مستقبل الأجيال السابقة.
-11 تعزيز استثمار الأموال الجزائرية في الخارج في القطاعات الإستراتجية في الجزائر
على غرار قطاع الطاقة بالاعتماد على الطاقة البديلة و الزراعة و الصناعة الالكترونية و
العربات و الغذائية.
من خلال ما سبق أردنا التركيز على جملة من العناصر التي لا بد أن تتوفر مع بعضها البعض من
اجل خلق تصور شامل للعملية التنموية في الجزائر ضمن مرتكزات الحكم الراشد.
الخاتمة :
ما يمكن أن نحوصل به في هذه الخاتمة و هو أن التنمية المستدامة ليس أنموذج واحد بل هو مفهوم
في حد ذاته تطور و بالتالي لا بد من إعادة قراءة أساسيات الحكم الراشد و بين خصوصية الجزائر
السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الأمنية و من جهة أخري المحلية و الإقليمية و الدولية في إطار
التجارب الداخلية من خلال البرامج التنموية المعتمدة في الجزائر و كذا مشاريع الشراكة الخارجية
كنيباد .
و الأهم من هذا كله هو رسم تصور وطني للتنمية على المدى القريب و المتوسط و البعيد في ظل
تفعيل حقيقي لمرتكزات الحكم الراشد الذي يعتمد بالدرجة الأولي على الشفافية في التسيير و إقامة
دولة القانون ، و مراعاة الاحتياجات الوطنية و خصوصية الفرد الجزائري و البيئة الجزائرية و
بالتالي ننتقل من تحقيق التنمية إلي إرساء أسس التنمية المستدامة.
قائمة المراجع :
. -1 سعود( صالح )، "إشكالية التنمية" ، محاضرة ألقيت بجامعة بسكرة ، فيفري 2008
-2 تقرير التنمية البشرية العربية 2003 ، مكتب الإقليمي للتنمية ، الأردن : المطبعة الوطنية ،
2003
3 -عمر (فرحاتي) ، "متطلبات الحكم الراشد" ، محاضرة ألقيت في جامعة بسكرة مناسبة الملقي الدولي
للحكم الراشد 2004
بتاريخ www.islamonline.net -4 ناصر (عارف) ، "مفهوم التنمية "، مقال مأخوذ من موقع
2008/09/02