سراج الاسلام
عضو نشيط
- رقم العضوية :
- 42658
- البلد/ المدينة :
- الجزائر
- العَمَــــــــــلْ :
- استاذ التعليم الثانوي
- المُسَــاهَمَـاتْ :
- 849
- نقاط التميز :
- 2484
- التَـــسْجِيلْ :
- 24/04/2012
من الصفات الذميمة التي ذمها الله ورسوله السخرية بالناس واحتقارهم، قال تعالى: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ [الهمزة: 1]، والويل: كلمة تهديد ووعيد لمن كانت هذه صفاته، قال المعلمي رحمه الله: الهمز هو السخرية من الناس بالإشارة؛ كتحريك اليد قرب الرأس إشارة إلى الوصف بالجنون، أو الإشارة بالعين رمزاً للاستخفاف أو نحو ذلك.
واللمز: هو السخرية من الناس بالقول، كتسمية الشخص باسم يدل على عاهة فيه أو مرض، أو اتهامه بخليقة سيئة، أو التعريض بذلك.ا هـ[1].
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ [الحجرات: 11].
قال الطبري رحمه الله: «إن الله عمَّ بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض بجميع معاني السخرية، فلا يحل لمؤمن أن يسخر من مؤمن لا لفقره ولا لذنب ركبه ولا لغير ذلك»[2]، وقال أيضاً في قوله تعالى: ﴿ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ [الحجرات: 11]: «أولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله - تعالى ذكره - نهى المؤمنين أن يتنابزوا بالألقاب، والتنابز بالألقاب هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو صفة، وعمَّ الله بنهيه ذلك ولم يخصص به بعض الألقاب دون بعض، فغير جائز لأحد من المسلمين أن ينبز أخاه باسم يكرهه أو صفة يكرهها»[3].
روى أبو داود في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا- قال غير مسدد: تعني قصيرة- فقال:«لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته» قالت: وحكيت له إنساناً فقال: «ما أحب أني حكيت إنساناً، وأن لي كذا وكذا»[4].
وروى البخاري في صحيحه من حديث المعرور قال: لقيت أبا ذر بالربذة وعليه حلة وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلاً فعيرته بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم»[5]، والسخرية بالناس من سمات الكفار والمنافقين، وقد نهينا عن التشبه بهم، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 79].
قال ابن كثير رحمه الله: «هذه أيضاً من صفات المنافقين لا يسلم أحد من عيبهم ولمزهم في جميع الأحوال، حتى المتصدقون لا يسلمون منهم، إن جاء أحدهم بمالٍ كثير قالوا: مُراءٍ، وإن جاء بقليل قالوا: إن الله لغني عن صدقة هذا»[6].اهـ.
والسخرية تميت القلب وتورثه الغفلة، حتى إذا كان يوم القيامة ندم الساخر وتحسر على فعله، قال تعالى: ﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 56].